هناك عدد قليل من الموضوعات التي يمكن أن تثير تساؤلات عدة بين الأطباء، والعلماء، والباحثين، وكذلك صانعي السياسات، والجمهور عامة، منها الماريجوانا الطبيّة (بالإنجليزيَّة: Medical marijuana). هل هو عقار آمن؟ هل هو قانوني؟ جريمة؟ هل ثبتت فعاليته؟ ما هي الحالات التي يستخدم فيها؟ هل هو إدمان؟ كيف نبقيه بعيداً عن أيدي المراهقين؟ هل هو حقا “الدواء العجيب” الذي يزعم الناس أنه كذلك؟ هل الماريجوانا الطبية مجرد حيلة لجعل الماريجوانا قانونيّة بشكل عام؟
هذه ليست سوى عدد قليل من الأسئلة الجيّدة حول هذا الموضوع، ولكننا خلال إجابتنا سنركز على سؤالين اثنين: لماذا يجد المرضى الماريجوانا الطبيّة مفيدة؟ وكيف يمكنهم مناقشة أطبائهم حولها؟
إن الماريجوانا قانونيّة حاليًا في الولايات المتحدة -في 29 ولاية- وفي العاصمة واشنطن، لكنها لا تزال غير قانونيّة من وجهة نظر الحكومة الفيدراليّة. لم تُعطِ إدارة أوباما محاكمة الماريجوانا الطبيّة أولوية على الإطلاق، بينما وعد الرئيس دونالد ترامب بعدم التدخل مع الأشخاص الذين يستخدمون الماريجوانا الطبيّة، على الرغم من أن إدارته تهدد حاليًا بتغيير هذه السياسة. حوالي 85 ٪ من الأمريكيين يؤيدون جعل الماريجوانا الطبيّة قانونيّة، ويقدر أن عدة ملايين من الأمريكيين يستخدمونها حاليًا.
ماريجوانا لا تسبب النشوة
الأقل إثارة للجدل هو المقتطف الذي يستخرج من نبات القنب المعروف باسم (CBD) -والذي يشير إلى كانابيديول (بالإنجليزيَّة: Cannabidiol)-، لأن هذا المكوِّن لديه القليل من الخصائص المُسكِرة -هذا إن وجدت-.
تحتوي الماريجوانا نفسها على أكثر من 100 مكوِّن نشط، THC -والتي تشير إلى مركب: رباعي هيدرو كانابينول (بالإنجليزيَّة: Tetrahydrocannabinol)- هي المادة الكيميائيّة التي تسبب “النشوة” في الماريجوانا. يحتوي مستخرج (CBD) على القليل من مادة رباعي هيدرو كانابينول أو قد لا يحوي على الإطلاق، لذلك يذكر المرضى الذين يتعاطونه تغير طفيف في الوعي –إن وجد-.
على الرغم من ذلك، ذكر المرضى عددًا من فوائد المريجوانا الطبية، على سبيل المثال: تخفيف الأرق والقلق، وتقليل تخشُّب العضلات، والحد من الألم، كما أشادوا بدوره في علاج الحالات التي قد تهدد الحياة مثل الصرع. يكاد يكون من المستحيل السيطرة على متلازمة درافيت (بالإنجليزيَّة: Dravet syndrome) وهي شكل من أشكال الصرع يحدث في مرحلة الطفولة، ولكنه يستجيب بشكل سحري للماريجوانا الطبية CBD تحت مسمى شبكة شارلوت (بالإنجليزيَّة: Charlotte’s Web).
استخدامات الماريجوانا الطبيّة
يُعتبر التحكم في الألم هو الاستخدام الأكثر شيوعًا للماريجوانا الطبيّة في الولايات المتحدة. في حين أن الماريجوانا ليست قوية بما يكفي لتتحكم في الألم الشديد، على سبيل المثال ألم ما بعد الجراحة أو كسور العظام، فهي فعَّالة جدًا في علاج الألم المزمن الذي يعاني منه الملايين، خاصة مع التقدم في العمر. ما يجعل الماريجوانا الطبيّة مميزة أنها أكثر أمانًا من المواد الأفيونيّة (بالإنجليزيَّة: Opiates) -من المستحيل الوصول لجرعة زائدة وأقل عرضة للإدمانًا-، كما أن بإمكانها أن تحل محل مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية (بالإنجليزيّة: Non steroidal anti inflammatory drugs:K، وتُختصر: NSAIDs) والتي لا يستطيع بعض الأشخاص تناولها بسبب أمراض الكلى أو القُرح أو الارتجاع المريئي.
على ما يبدو أن الماريجوانا تخفف من آلام مرض التصلب المتعدَّد (بالإنجليزيَّة: Multiple sclerosis)، وآلام الأعصاب بشكل عام، إن الخيارات المتاحة في هذه المنطقة محدودة مثل نيرونتين (بالإنجليزيَّة: Neurontin) أو ليركا (بالإنجليزيَّة: Lyrica) أو المواد الأفيونيّة وهي مواد مخدرة للغاية. يدعي المرضى أن الماريجوانا الطبيّة تسمح لهم باستئناف أنشطتهم السابقة دون الشعور التام بالخروج أو الانفصال عن العالم.
يُقَال أيضًا أن الماريجوانا باسِطة للعضلات، ويشيد البعض بقدرتها على التخفيف من حدِّة الارتعاشات المصاحبة لمرض باركنسون (بالإنجليزيَّة: Parkinson’s disease). وقد ورد استخدامها بنجاح كبير في مرض الألم العضلي الليفي (بالإنجليزيَّة: Fibromyalgia)، وبطانة الرحم المهاجرة (بالإنجليزيَّة: Endometriosis)، والتهابات المثانة، ومعظم الحالات الأخرى التي يجمعها قاسم مشترك أخير ألا وهو الألم المزمن.
تُستخدم الماريجوانا أيضًا لعلاج الغثيان وفقدان الوزن، كما يمكن استخدامها لعلاج مياه العين الزرقاء (بالإنجليزيَّة: Glaucoma). استخدامها في علاج اضطراب ما بعد الصدمة (بالإنجليزيَّة: Post tarumatic stress disorder، وتُختصر: PTSD) مجالُ بحثٍ واعد لعلاج المحاربين العائدين من ساحات القتال. فقد أعرب العديد من المحاربين القدامى ومعالجيهم عن تحسن كبير ورغبتهم في إجراء المزيد من الأبحاث، ولتخفيف القيود التي تقرها الحكومة على دراستها.
كما ورد أن الماريجوانا الطبية تساعد المرضى الذين يعانون من متلازمة الألم والوهن المرتبطة بفيروس نقص المناعة البشريّة (بالإنجليزيَّة: Human immunodeficiency virus، وتُختصر: HIV)، وكذلك في علاج متلازمة القولون العصبي وداء كرون (بالإنجليزيَّة: Crohn’s disease).
هذا غيض من فيض، فالماريجوانا الطبية توفر الراحة للعديد من الحالات الطبيّة، وكما هو الحال مع جميع الأدوية يجب أن يتم تقييم فعاليتها بحذر وتُعامَل بحِرص.
تحدَّث مع طبيبك
يجد العديد من المرضى أنفسهم في حاجة إلى معرفة المزيد عن الماريجوانا الطبيّة لكنهم يشعرون بالحرج، ويرجع ذلك إلى نبذ المجتمع الطبيّ لها. يعمل الأطباء في الوقت الحالي على اللحاق بالركب في محاولة لإعطاء مرضاهم المعلومات الصحيحة حولها. يوجد بعض المرضى الذين يستخدمون بالفعل الماريجوانا الطبيّة، لكن لا يعرفون كيفية إخبار أطبائهم بهذا الأمر، خوفًا من تعرضهم للتوبيخ أو الانتقاد.
يجب على المرضى أن يكونوا منفتحين وصادقين تمامًا مع أطبائهم، على المريض إخبار طبيبه أنه يعتبرها جزءًا من خطته العلاجية، وعلى الطبيب أن يوجه المريض ويعطيه المعلومات التي يحتاجها حوله.
على الأطباء مهما كانت وجهة نظرهم حول الماريجوانا الطبيّة تقبل الحديث عنها، وعدم إعطاء أحكام مسبقة. نحن بحاجة إلى اكتشاف فوائد وأخطار استخدامها، وذلك لعدم وجود دراسات أكيدة تثبت ذلك. سوف يبحث المرضى عن مصادر غير موثوقة للوصول إلى معلومات حولها، سيستمر المرضى في استخدامها دون أن يخبروا أطباءهم عنها؛ مما سيؤثر على علاقة الطبيب بالمريض. يشكو بعض الأطباء من عدم وجود أدلة كافية لاستخدام الماريجوانا الطبيّة، ولكن في ذات الوقت لا داعي لتجنب الحديث عنها وإنكار وجودها.