على غرار فيلم الرعب الأمريكي الشهير (ليلة الموتى الأحياء – Night of the Living Dead) للمخرج جورج روميرو عام 1968، الذي يحكي عن موتى لم يموتوا بعد، هناك أبطالٌ غير البشر يمكن أن يكونوا أيضًا موتى أحياء.. لنشاهد سويًا!
تُعتبر الثقوب السوداء من بين أكثر الأشياء استعصاءً على قوانين العلم في الكون، ولكن الأبحاث الجديدة، من مختبر لورانس ليفرمور الوطني (Lawrence Livermore National Laboratory) اختصارًا (LLNL)، تُشير إلى أنَّ النُوى المُتبقية من النجوم المُحتضِرة يمكن أن تكون المفتاح للحصول على المعلومات الأولى لأكثر فئة من الثقوب السوداء مُراوغة للعلم.
وتوصَّل البحث إلى ما إذا كان النجم القزم الأبيض الخامد (Dormant white dwarf star) -الذي يُشار إليه أحيانًا بنجم “الزومبي”- يمكن أن يُعاد إشعاله إذا كان قريبًا كفاية من ثقب أسود متوسط الكتلة (Intermediate-mass black hole). ولكن في الوقت الذي تمَّ فيه تأكيد وجود ثقوب سوداء فائقة الكتلة (supermassive black holes)، لم تكن هناك ملاحظات مؤكِّدة على وجود ثقوب سوداء من الطبقة المتوسطة، والتي يتراوح حجمها من 100 إلى 100000 كتلة شمسية. وافترض فريق البحث أنَّ هذه الطبقة المتوسطة الحجم من الثقوب السوداء، قد تُوفِّر المقدار الصحيح من قوة الجاذبية لإعادة إشعال قزم أبيض قبل موته.
وقد جاء في البحث المنشور في عدد سبتمبر من مجلة الفيزياء الفلكية (Astrophysical Journal)، أنَّ فريق البحث قام بعمل نماذج محاكاة باستخدام أجهزة كمبيوتر ذات قدرات هائلة لعشرات من سيناريوهات اللقاءات القريبة المختلفة بين ثقب أسود وقزم أبيض لاختبار هذه النظرية. ولم يكتشفوا فقط أن مثل هذه اللقاءات القريبة ستُعيد إشعال النجم الذي كان ميتًا في السابق، ولكنهم رأوا أدلةً على أن العملية يمكن أن تخلق موجات كهرومغناطيسية وثقالية ذات طاقات كبيرة يمكن رؤيتها من خلال أجهزة الكشف في مدار قريب من الأرض.
يقول عالم الفيزياء بيتر أنينوس (Peter Anninos) من (LLNL)، المؤلف الرئيسي في الصحيفة:
«لقد كان من المُثير رؤية أن نجم الزومبي أعيد إشعاله في كل من السيناريوهات التي نظرنا إليها».
وأضاف:
«لكن ما استحوذ على خيالي هو فكرة أن هذه الأحداث النشطة يمكن أن تكون مرئية. إذا كانت النجوم مُصطفة، إذا جاز التعبير، يمكن أن يكون نجم الزومبي بمثابة منارة مُرشدة لفئة من الثقوب السوداء لم تكتشفها من قبل».
وأظهرت المُحاكاة أن المادة النجمية (stellar matter) تندمج في كميات متفاوتة من الكالسيوم والحديد، وهذا يتوقف على مدى قرب النجم من الثقب الأسود. وكلما اقترب القزم الأبيض من الثقب الأسود، ازدادت الكفاءة في عملية التخليق النووي النجمي (Nucleosynthesis)، وزاد إنتاج الحديد. ويقترح البحث أن الاقتراب “الأمثل” يمكن أن ينتج عنه ما يصل إلى 60٪ من المادة النجمية إلى الحديد. ويحدث هذا التحول في كتلة القزم الأبيض عندما يكون على مسافة من ضعفين إلى ثلاثة اضعاف نصف قطر الثقب الأسود.
وقال عالم الفيزياء روب هوفمان (Rob Hoffman) المؤلف المشارك في الورقة البحثية المنشورة:
«تخيل نجمًا كرويًا يقترب من الثقب الأسود، وبمجرد اقترابه، تبدأ قوى المد والجزر (tidal forces) في ضغط النجم في اتجاه عمودي على المستوى المداري، ومن ثمّ إعادة إشعاله. ولكن داخل المستوى المداري، تعمل قوى الجاذبية على تمدد هذا النجم وتمزيقه». وأضاف «يمكن أن تكون ظاهرة التمدد معقدة للغاية».
لم تكن هذه المحاكاة النظرية الأولى من نوعها؛ حيثُ قامت أبحاثٌ سابقةٌ بمحاكاة قوى المد والجزر على النجوم القزمة البيضاء، ولكن ما يٌميز المُحاكاة في (LLNL) هي الحسابات (the calculations) وهي أول محاكاة نسبية كاملة تقوم بتكوين تشكيل نووي والاستفادة منه في إعادة إشعال النجوم القزمة البيضاء.
وقال الباحث بيتر أنينوس (Peter Anninos):
« هذا المشروع بأكمله أصبح ممكنا بفضل طلاب البرامج ااتعليمية الصيفية وطلاب ما بعد الدكتوراة.» وأضاف :« نحن بصدد تدريب الجيل القادم من الفيزيائيين وهذا النوع من المشاريع يتيح للباحثين صغار السن فرصة لاستتخدام مواهبهم وتنمية قدراتهم وتشغيل بعض عمليات المحاكاة الثقيلة».
المصدر:
ترجمة : أحمد رجب رفعت
مراجعة: آية غانم