الواقع الافتراضي من الخيال إلى الواقع ..

VR

سيبدأ في هذا العام عهد الواقع الافتراضي أخيراً، جهاز محاكاة للرأس لن يتم استخدامه من قبل مدمني الألعاب فقط، بل إن هناك ثورة تقنية قد أضيفت ستغيّر كل شيء. بدءاً بالحجوزات الفندقية وحتى زيارة للطبيب، الحياة في طريقها لتصبح افتراضية بشكل أكبر.

 

يتسابق مصنعو الأجهزة لإنتاج أجهزة رأس الخاصة بالواقع الافتراضي، بشكل رئيسي لهواة الألعاب. في المقدمة هناك أوكلس رفت (Oculus Rift)، والذي سيتوفر في الأسواق في ربيع العام (2016). يمكن توصيله عبر المنفذ التسلسلي العام (USB) الخاص بالحاسب بالإضافة لجهاز تحكم لاسلكي لتتبع حركة اليد. يعمل مع منصة (Xbox1)، بينما يستعدّ المُنافس الأول بلاي ستيشن (PlayStation)، لتقديم إصداره الخاص قريباً. هناك أيضاً أجهزة أخرى عالية التقنية منها، اتش تي سي (5) (HTC 5)، أفيجانت جلايف (Avegant Glyph.)، سامسونج جير (Samsung Gear VR.)، وميكروسوفت هولو لينس (Microsoft HoloLens)، وبشكل أبسط، يوجد جوجل كاردبورد (Google Cardbord) الذي يدعم الهواتف الذكية. وعلى أيه حال، فإن معظم الهواتف الحديثة تتضمن نفس التقنية التي تستخدمها شركات الواقع الافتراضي.

 

رغم كل هذا، فإن الواقع الافتراضي لا يشتمل على الألعاب فقط. يقول دافيد هاينس، المتخصص في التقنيات ثلاثية الأبعاد والواقع الافتراضي: ” الأفلام، المنافسات الرياضية، الأحداث العالمية، كل ذلك سيصبح أكثر تطوراً. سيكون أفضل حل ثاني بعد وجودك في قلب الحدث “. أوكلس مملوكة لشركة فيسبوك، والتي قامت بشرائها مقابل (2) مليار دولار في عام (2014). لكن لماذا أرادت شركة فيسبوك شرائها حينئذ؟ يرد هاينس : ” يقوم نادي مانشستر يونايتد (Manchester United) ببيع أفضل مقعد في ملعب الأولد ترافورد (Old Trafford) لكل شخص في منزله، أن تشاهد المباراة من منزلك وكأنك وسط الملعب، هذا أمر يستحق الكثير بالمقارنة مع اشتراكات التلفاز العادي، على ما أعتقد”.

 

التوجه الآن هو لمشاهدة التلفاز يوماً ما باستخدام جهاز الرأس وحده، ويمكن عندها أن تتجول بين مواقع الحفلات الموسيقية التي يمكن حضورها من أول مقعد، كالتجوّل بين مواقع الأفلام الآن.

على الرغم من هذا، فإن ما ينقص الجيل الأول من أجهزة الواقع الافتراضي هو التفاعل، فلا سبيل للمس بعد. ويعمل الباحثون من معمل التفاعل بين الحاسب والإنسان، بمعهد هاسو بلاتنر (Hasso Plattner Institute) في بوستدام (Potsdam) بألمانيا على  جهاز خاص، يسمى إيمباكتو (Impacto)، وهو متصل بعضلات خاصة يمكن ارتدائه في الأذرع للملاكمة الافتراضية أو في القدم لكرة القدم الافتراضية وهو يعطي إحساس مشابه للتعرض إلى اللكم أو القيام به، ويطلق على مجال هذه الأبحاث اسم التقنية اللمسية، أو علم التواصل عن طريق اللمس، ومن المُتوقع أن يُطلق موجة من الاهتمام بتمثيل الحركة والحرارة والرائحة.

 

كيف سيؤثر الواقع الافتراضي على حياتنا اليومية؟

التأثير الأساسي للواقع الافتراضي سيكون في المدرسة، فالتعليم في المستقبل لن يعتمد بنفس الصورة على الكتب الورقية ولكن على الوسائط المتعددة، وبالفعل فقد بدأت أجهزة الآيباد (iPad) تحل محل الفصول الدراسية. يمكن للواقع الافتراضي أيضاً أن يوفر خاصية تسمح بتواجد كل شيء من حولنا، بالضبط كإعادة خلق بيئة كل فصل يتم دراسته، فمثلاً، يقدم المتحف البريطاني في لندن عروضاً لجولة في العصر البرونزي باستخدام أجهزة الرأس مع امكانية التفاعل عن طريق اللوح الحاسوبي. ويأتي ذلك في ذكرى نفس التوقيت الموافق لعرض أول فيلم وثائقي باستخدام أجهزة الواقع الافتراضي في متحف التاريخ الطبيعي العام الماضي.

 

عند شراء منزل مثلاً، لمَ مشاهدة الصور إذا كان بالإمكان التجول فيه؟ وليس ذلك فقط بل بالإمكان رؤية المنزل الذي يتم التخطيط لبنائه وهو في مرحلة التشييد، وهو ما سيساعد المعماريين ومخططي الديكور. وقد قامت مجموعة هارودز للعقارات بتجربة هذا الأمر.

يمكن باستخدام نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) إضافة مفهوم جديد لاستخدام الخرائط ماذا لو كان بالإمكان التجول والوصول إلى الوجهة الهدف برفقة شخص يشرح معالم الطريق أو إضافة المؤثرات الصوتية وربما حيواناتك المفضلة على طول الطريق.

 

سيغير الواقع الافتراضي حتماً من فكرة السفر، فمثلاً قامت شركة طيران الإمارات بتقديم تجربة الواقع الافتراضي لطائرتها (A380) باستخدام أوكلس ريفت. وفي العام الماضي، قام توماس كوك باستخدام أوكلس ريفت لبناء رحلته قبل الإنطلاق فيها، بدءاً من ركوب طيارة هليكوبتر في جولة حول مانهاتن وحتى تناول العشاء بمنتجع في قبرص.

 

كيف سيغير الواقع الافتراضي من…. الواقع؟

في الوقت الحالي، ساعدت هذه التقنية على عمل نموذج افتراضي لمحطة قطار، وهناك مخططات أيضاً لعمل نماذج لسلوك القيادة على الطرق، وحتى السيارات نفسها يتم تطويرها باستخدام هذه التقنية ويمكن بزيارة موقع التصميم الخاص بشركة لاند روفر (Land Rover)، مشاهدة المهندسين وهم يقومون باختبار التصميم قبل التصنيع، ومن ثم يُمكن تجربة التصميمات داخل الكهف الافتراضي والذي يخلق اختبارات للسيارات بحجم العالم الحقيقي.

 

الواقع الافتراضي سيغيرنا نحن!

تكمن مشكلة معظم عمليات التجميل في أن الشكل الجديد قد لا يكون كالمرغوب، ويمكن باستخدام تقنيات الواقع الافتراضي التعرف على شكل الأنف أو الذقن أو الثدي قبل إجراء العملية؟ وهو بالفعل ما يتم تقديمه اليوم في نيويورك حيث يحظى العميل أولا على فرصة للاطلاع على العملية وخطواتها بالتفصيل بشكل مسبق.

 

وفي محاولة لكسر التفكير بشكل جنوني تماماً، قامت مختبرات كن مختلفًا (BeAnother Lab)، بوضع شخصين من جنسين مختلفين، ظهرًا لظهر وأمام كل منهم مرآة وعلى عينهم جهاز للواقع الافتراضي. إذا ما تحركوا باتساق لا يمكنهم رؤية أكثر من الجسد والإيماءات.

ولكن ورغم أن الأمر قد لا يبدو بتلك الصعوبة، فإن هناك تخوفات من أن حركة البيئة من حول المستخدم قد تسبب الدوار أو الشعور بالغثيان. وكلما أصبحت الأمور أكثر قرابة للواقع، فهناك احتمال أكبر أن تصبح الأمور أكثر سوءاً.

 

ترجمة: محمد دخيل

مراجعة وتدقيق: المهندس ميشيل نقولا بكني

Virtual Reality gets real, by Jamie Carter, BBC Focus, February 2016.

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي