عندما قام الفلكيون بإلقاء نظرة على كوكبة الطوقان، وجدوا بقايا صغيرة لانفجار نجمي تختبئ وسط السحب الملونة في مجرة قريبة، والتي رغم حجمها الصغير كانت قوية جدًا. وتعتبر تلك البقايا النجمية -الموجودة خارج مجرة درب التبانة- الأولى من نوعها بشكلٍ فريد.
فقد ترك مستعر أعظم (سوبرنوفا) -يبلغ من العمر ألفي عامٍ- ورائه خيوط من الغاز والغبار، تلمع بألوانٍ نابضةٍ بالحياة، وذلك كما يظهر في الصور الجديدة التي التقطتها التلسكوبات الفضائية والأرضية، والتي من ضمنها تليسكوب المرصد الأوروبي الكبير (ESO) في تشيلي.
بحث الفلكيون عن غيوم تقع في مجرة مجاورة تبعد 200 ألف سنة ضوئية، ووجدوا نجم نيوتروني مخفي بشكل جيد قد اشتبهوا في وجوده داخل المجرة. وأصدرت منظمة (ESO) التي تدير التليسكوب الصور المبهرة في وصف الصورة بتاريخ 5 أبريل.
ويقول الباحثون في وصف الصورة أنَّ حلقة الغاز المتوسعة ببطء داخل سحابات هذا النظام كانت بمثابة دليل مبكر على مكان وجود النجم النيوتروني.
وقاد (فريديريك فوجت – Frédéric Vogt) -زميل في منظمة ESO- فريقًا من الباحثين لتحديد موقع الجثة النجمية التي يصعب العثور عليها، والتي قد تفسر النجم (p1). عرف العلماء مصدر موجات الأشعة السينية لسنوات ولكن لم يتم تحديد موقع ذلك المصدر بعد. بالإضافة إلى ذلك، درس الفريق أشكال الغاز في مجرة قزمة قريبة تعرف باسم (سحابة ماجلان الصغيرة). ويأتي اسم تلك السحابة -الواقعة في السماء الجنوبية- من مظهرها الشبيه بالبقعة، وهي في الواقع ليست مجرد سحابة بل مجموعة من ملايين النجوم.
ماذا يعني نجم نيوتروني
تقوم النجوم بالاندماج مما ينتج عن ذلك طاقة، وتعتبر بعض النجوم أكبر من غيرها، لكن عند اقترابها من الموت تنفجر النجوم التي تزيد كتلتها عن 1.4 كتلة شمسية، تاركة خلفها ما يشبه الحلقات، وكنتيجة أخرى فإنها يمكن أيضًا أن تنهار تاركة وراءها نواة فائقة، تعرف باسم النجم النيوتروني.
ففي تلك الحالات، يكون البروتونات والإلكترونات تحت ضغط جاذبية هائلة؛ ما يؤدي إلى تشكيل نيوترونات كثيرة بشكل كثيف، ومن هنا جاءت التسمية للنجم النيوتروني.
وتمامًا مثل النجوم، فإن النجوم النيوترونية يمكن أن تتنوع في القوة، لكنَّهُ من الصعب التأكُّد من معرفة إذا كان يختبئ بعض منها في تلك الغيوم النابضة بالحياة أم لا؛ لأنَّ الملاحظات تشير إلى انخفاض قوة الحقل المغناطيسي لها، وهذا يعني أنَّ النجوم النيوترونية تشع فقط عند موجات الأشعة السينية، وليس عند أي أطوال موجية أخرى على طول الطيف الكهرومغناطيسي.
وبينما ظهر النجم (p1) في البداية ينبعث من منتصف حلقة الغاز التي كان يدرسها الفريق، لم يكن واضحًا ما إذا كان يقع هذا النجم في مركز الحلقة أو بعيدًا عنه. لكن كحلٍ ممتاز، قامت أداة تسمى (Multi Unit Spectroscopic Explorer) بمساعدة التليسكوب في التأكيد للفريق على ما تبين أنَّه اكتشاف مثير. فقد رصدت الأداة عالية الدقة مصادفة فلكية، حيث كانت الحلقة محيطة بعناية ب p1. ولكن عند اكتشاف الفريق أن النجم النيوتروني و(p1) متشابهان، قاموا عندها بمقارنة بيانات الأشعة السينية -الموجودة بمرصد تشاندرا للأشعة السينية- وأكدوا بذلك اكتشافهم.
يقول ليز بارتليت زميل في (ESO) ومشارك في تأليف دراسة جديدة تصف النتائج:
إنَّ هذا هو أول شيء من نوعه يتم تأكيده خارج درب التبانة، الأمر الذي أصبح ممكنًا باستخدام MUSE كأداة توجيه.
ويقول أيضًا في وصف الصورة:
نعتقد أنَّ هذا يُمكن أنْ يفتح أبواب جديدة لاكتشاف ودراسة تلك البقايا النجمية المُراوغَة.
المصدر
ترجمة: دينا الخطيب
مراجعة: بيير عماد
تحرير: زياد الشامي