تعتبر التنمية الاقتصادية والنُّمو الاقتصادي من المفاهيم الشائعة في علم الاقتصاد، إذ تعتبر الهدف الرئيسي لأغلب النظريات الاقتصادية وأكثر المواضيع التي تهم الحكومات التي تهتم بتطوير الحالة الاقتصادية والرفاهية بشكل عام، كثيراً ما سمعنا مصطلحي التنمية الاقتصادية والنمو الاقتصادي يتردد على ألسنة الخبراء والكثير من الناس، ولكن لا نعرف ماذا يعني كل مصطلح منهما، فأحياناً ما نشعر أن المصطلحين يعبران عن نفس المعنى، وأحياناً أخرى نشعر أنهما مختلفان، فهذا المقال يوضح الاختلاف بين هذين المصطلحين (النمو والتنمية) .
فالنُّمو الاقتصادي يعني حدوث زيادة في متوسط الدخل الفردي الحقيقي مع مرور الزمن، الذي يعبر عن الدخل الكلي مقسومًا على عدد السكان؛ فزيادة الدخل الكلي لا تعني بالضرورة زيادة في النُّمو الاقتصادي؛ إذ إن علاقة التناسب القائمة بين الدخل الكلي والسكان يجب أن تؤخَذَ بعين الاعتبار؛ وذلك لتأثير نمو السكان على النُّمو الاقتصادي لدولة ما.
والنمو الاقتصادي هو مفهوم أضيق من التنمية الاقتصادية فهو زيادة في مستوى الناتج القومي (الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي) التي يمكن أن تسببها زيادة في نوعية وجودة الموارد (عن طريق التعليم وما إلى ذلك)، وزيادة في كمية الموارد وتحسينات في التكنولوجيا أو بمعنى آخر هي الزيادة في قيمة السلع والخدمات التي ينتجها كل قطاع من قطاعات الاقتصاد. ويمكن قياس النمو الاقتصادي من خلال قياس الزيادة في الناتج المحلي الإجمالي لبلد ما ((GDP.
كما يلاحظ أن النُّمو الاقتصادي لا يطلق عليه حُكم الزيادة إلا إذا تحقق فيه شرط الاستمرار، (كأن نستثني مثلاً إعانة حكومية ما مقدمة لدولة فقيرة من حسابات النُّمو)، ففي تلك المدة يكون هناك زيادة في الدخل الكلي، ولكنها مؤقتة. والنمو الاقتصادي لا يأخذ في الاعتبار حجم الاقتصاد غير الرسمي. وكما هو معروف الاقتصاد غير الرسمي ويسمى أيضاً بالاقتصاد الأسود- وهو أي نشاط اقتصادي غير مسجل قانونياً.
إذًا فمفهوم النُّمو الاقتصادي يركز على التغيير الكمي الذي يحصل عليه الفرد من السلع والخدمات في المتوسط، دون أن يهتم بهيكل توزيع الدخل الحقيقي بين الأفراد، أو بنوعية السلع والخدمات المقدمة.
بينما تركز التنمية الاقتصادية على حدوث تغيير هيكلي في توزيع الدخل والإنتاج، وتهتم بنوعية وجودة السلع والخدمات المقدمة للأفراد أي أنها لا ترتكز على الكم فقط، بل تتعداه إلى النوع، وبصفة عامة تعرف التنمية بأنها العملية التي تسمح أو يتم من خلالها زيادة في الإنتاج والخدمات، وزيادة في متوسط الدخل الحقيقي مصحوبًا بتحسين الظروف المعيشية للطبقات الفقيرة، فهي تركز على تغيير النظام الاجتماعي.
فمفهوم التنمية الاقتصادية هو مفهوم معياري حيث ينطبق في سياق إدراك الناس للفضائل (الحق والباطل، الخير والشر). وقد جاء تعريف التنمية الاقتصادية كما قدمه مايكل تودارو الذي هو زيادة في مستويات المعيشة، وزيادة احترام وتقدير الذات والتحرر من الظلم والقمع وكذلك دائرة اختيار أوسع من ذي قبل. وتوجد طريقة أكثر دقة لقياس التنمية هو مؤشر التنمية البشرية ( (HDIالذي يأخذ في الاعتبار معدلات القدرة على القراءة والكتابة ومتوسط العمر المتوقع، والتي تؤثر بدورها على الإنتاجية ويمكن أيضاً أن تؤدي إلى النمو الاقتصادي. كما يؤدي أيضاً إلى خلق المزيد من الفرص في قطاعات التعليم والرعاية الصحية والعمل(التوظيف) والمحافظة على البيئة، وكل ذلك يؤدي إلى الزيادة في نصيب الفرد الواحد من الدخل. وكلما زادت نسبة مؤشر التنمية البشرية كلما زادت نسبة التنمية الاقتصادية لأنه مؤشر جيد على تحقيق معدلات التنمية الاقتصادية. وتعتبر التنمية الاقتصادية وسيلة جيدة لنقل الناس من أدنى مستويات المعيشة إلى مستوى مناسب وتحسين جودة حياتهم وتقليل فجوة عدم العدالة الاجتماعية.
والنمو الاقتصادي لا يأخذ بعين الاعتبار نضوب الموارد الطبيعية التي قد تؤدي إلى التلوث والازدحام والمرض. أما التنمية فتتعلق أكثر بالاستدامة التي تعني تلبية احتياجات الحاضر دون المساس بالاحتياجات المستقبلية للأجيال القادمة. والآن تعدت كل هذه الآثار البيئية أكثر من كونها مشكلة للحكومات، خصوصاً بعد زيادة ظاهرة الاحتباس الحراري.
فنخلص من ذلك إلى أن النمو الاقتصادي هو شرط ضروري ولكنه غير كاف للتنمية الاقتصادية، وأيضاً معظم الدول النامية تحقق معدلات نمو اقتصادي ولكن ليس معدلات تنمية، على العكس من الدول المتقدمة التي بالفعل حققت معدلات نمو وتنمية اقتصادية ولذلك أصبحت متقدمة.
إعداد: Amal Hussein
تصميم: Bothaina mahmoud
المصدر:
https://youtu.be/N8Votwxx8a0
http://sc.egyres.com/bnDDc
#الباحثون_المصريون