لو قمت بتلاوة سلسلة من الأرقام جهرًا، مثلًا 1593657292759381380473، فما هو العدد الذي تظن أنك تستطيع تذكره بعدها مباشرة؟
الرقم السحرى
يقول بعض العلماء أنه يجب عليك أن تتمكن من تذكر حوالي سبعة أرقام منهم. وإذا أردنا الدقة، منذ بحث يرجع للخمسينيات من القرن الماضي وعنوانه ( الرقم السحري سبعة زائد أو ناقص اثنين) وقد اقترح البعض أن طاقة ذاكرتنا العاملة تتراوح تقليديًا ما بين تذكر خمسة إلى تسعة أشياء، وإن كان بعض العلماء يجادلون قائلين أن الطاقة التذكرية أقرب لأربعة أشياء.
وعندما أذكر أشياء فأنا أقصد وحدات أو قطع من المعلومات. ففي رقمنا السابق مثلًا من الممكن أن تتذكره كواحد، خمسة، تسعة، ثلاثة. وفي هذه الحالة كل رقم بمفرده يُعد كوحدة واحدة. وعلى أيّة حال من الممكن أن تتذكر مقدار أكبر من الرقم إذا قمت بتحليل الرقم بشكل مختلف؛ خمسةعشر، ثلاثة وتسعون، خمسة وستون، اثنان وسبعون. فيتم احتسابها كأربع وحدات، فيتم فقط تجميع المعلومات بشكل مختلف.
إذًا، عندما يقول العلماء أن باستطاعتك الاحتفاظ بعدد معين من الأشياء في ذاكرتك العاملة، هذه الأشياء المتفرقة قد تتباين في الحجم، والتعقيد، والأهمية.
الذاكرة العاملة
ما هي الذاكرة العاملة؟ الذاكرة العاملة هي لوحة قيادة عقلك. هي المكان الذي تُخزَن فيه المعلومات مؤقتًا بينما يقرر عقلك ما إذا كانت هذه المعلومات تستحق الإبقاء في مكان أكثر ديمومة – ذاكرتك طويلة الأجل – أم لا.
وكما يتبين، لكل من الحواس لوحة قيادة مختلفة في سعة الاستيعاب. وهذا يعني أن مقدار ما نستطيع تذكره يعتمد على ما إذا كان الشيء المعْني تم قوله لك أم تم عرضه عليك. ولهذا السبب، من المهم أن تتعامل مع كل نمط من أنماط الذاكرة العاملة على حدة.
ومما يزيد من تعقيد الوضع، أن لكل إنسان على حدة قدرة مختلفة على حفظ الأشياء في الذاكرة العاملة. وهذه الفروق الفردية في قدرة الذاكرة العاملة شديدة الأهمية لأنه اتضح أنها مؤشر هام على التنبؤ بأشياء مثل مقدارالذكاء؛ فقدرة الذاكرة العاملة على الاحتفاظ بكم أكبر من المعلومات على سبيل المثال يساوي مقدار أكبر من الذكاء.
ولكن، لِمَّ يتمكن بعض الناس من حفظ مقدار أكبر من المعلومات في ذاكرتهم العاملة مقارنة بغيرهم؟
تجاهل الأشياء
من حسن الحظ، ألقت دراسة حديثة قام بها فريق من العلماء في جامعة (سيمون فريزر) الضوء على الأسباب التى قد تُمكن بعض الناس من الاحتفاظ بأشياء أكثر في لوحات قيادة عقولهم مقارنة بغيرهم.
فقد قام فريق البحث الذي يرأسه البروفيسور (جون ماكدونالد) وطالب الدكتوراة جون جاسبر بمعرفة الفروق بين أوعية الذاكرة عبر تسجيل موجات عقول البشر وتتبع طرق جذب انتباههم.
وفي هذه النقطة قد تتساءل، لماذا نتحدث عن الانتباه هنا؟ حسنًا، الانتباه والذاكرة متصلان بشكل لا ينفصم. فعبر الانتباه لشيء ما نقوم بزيادة عرضه على العقل وهذا يسهل عملية التذكر.
و لكن جعل الشيء من السهل تذكره هو جانب واحد فقط من الانتباه. فالانتباه يعني أيضًا تجاهل كل عوامل التشتيت المعلوماتية في عالمنا. وهذا هو سبب اختلاف الناس بشكل ملحوظ.
ففي دراستهم يتضح أن أصحاب الذاكرة قليلة الاستيعاب لم يتمكنوا من كبح المعلومات الهامة المٌشتِتة. فيقول (جون جاسبر) «هذا يدل على أنه ربما لا يرتبط الموضوع بمقدار المعلومات المتعلقة بما تود تذكره بقدر ما هي قد تكون مرتبطة بكفاءتك في تجاهل المعلومات عديمة الصلة».
وهذا يتوافق جيدًا مع أبحاث العلماء السابقة والتي كانت قد أوضحت بالفعل أن العقل البشري يمتلك عملية متميزة لحصر الانتباه على المعلومات ذات الصلة وحجبها عن معلومات ليست ذات صلة.
فها هي النتيجة تتضح أمامنا، لا يتعلق الموضوع فقط بمقدار المعلومات التي يمكننا حشرها في ذاكرتنا في المرة الواحدة، ولكنه يتعلق أيضًا بمقدار ما يجب أن نبقيه خارجًا.
ففي المرة القادمة عندما تنسى رقم تليفون أو صورة قم بإلقاء اللوم على عقلك المشتت.
المصادر:
http://sc.egyres.com/Sa5QI
ترجمة: Magda Genena
مراجعة: Sherif M.Qamar
تصميم: Bothaina Mahmoud