تجربة جديدة تحول الماء إلى معدن

تجربة جديدة تحول الماء إلى معدن

في ظل الظروف العادية، تعتبر المياه النقية عازلًا مثاليًا تقريبًا. ويطور الماء خصائص معدنية تحت ضغط شديد فقط، مثل الضغط الموجود في أعماق الكواكب الكبيرة. أما الآن، فاستطاع مجموعة علماء fتعاون دولي سلوك نهجًا مختلفًا تمامًا لإنتاج الماء المعدنيّ، وقاموا بتوثيق انتقال المرحلة في أشهر مجمع بحثي في برلين، ألمانيا (BESSY II).

أشهر مختبر بحثي ببرلين، ألمانيا (BESSY II) المصدر: ويكيبديا
أشهر مختبر بحثي ببرلين، ألمانيا (BESSY II)

يعرف كل طفل أنّ الماء موصل جيد للكهرباء! وهذا صحيح ولكن الماء المُشار إليه هو الماء اليومي «العادي» التي تحتوي على الأملاح. أما من ناحية أخرى، فيعتبر الماء المقطر النقي عازلًا مثاليًا للكهرباء. يتكون من جزيئات H2O التي ترتبط بقوة ببعضها البعض عبر الروابط الهيدروجينية، فتظل إلكترونات التكافؤ مقيدة وليست حرة، ولإنشاء سير توصيل به إلكترونات تتحرك بحرية، يجب أن يتم ضغط الماء لدرجة أن مدارات الإلكترونات الخارجية تتداخل مع بعضها البعض. ومع ذلك، تظهر عمليات حسابية أن هذا الضغط موجود فقط في قلب الكواكب الكبيرة مثل كوكب المشترى.

مراحل قيام التجربة

توفير الإلكترونات

استخدم تعاون دولي مكون من 15 عالمًا من إحدى عشرة مؤسسة بحثية، نهجًا مختلفًا تمامًا لإنتاج محلول مائي بخصائص معدنية لأول مرة ووثقوا التجارب ونتائجها بهذه المرحلة. وللقيام بذلك، قاموا بتجربة الفلزات القلوية، التي تطلق إلكترونها الخارجي وتجعل منه إلكترون حر الحركة بسهولة بالغة.

 تجنب الانفجار

من المعروف أن الدمج الكيميائي بين الفلزات القلوية والماء يكَون خليطًا متفجرًا. على سبيل المثال، يبدأ الصوديوم -أو المعادن القلوية الأخرى- على الفور بالاحتراق في الماء فور اصطدامه بسطحها. لكن فريق البحث وجد طريقة لإبقاء هذه التفاعلات العنيفة تحت السيطرة: لم يلقوا بقطعة من المعدن القلوي في الماء، لكنهم فعلوا ذلك بالعكس؛ وضعوا القليل من الماء على قطرة من المعدن القلوي، مشكلين بذلك سبيكة الصوديوم والبوتاسيوم (Na-K)، وهي سائلة في درجة حرارة الغرفة.

التجربة في مختبر برلين (BESSY II)

أقام العلماء التجربة في غرفة ذات فراغ عالي من نوع (SOL³PES) في خط الأشعة (U49 / 2)، وتحتوي غرفة العينة على فوهة دقيقة تقطر منها سبيكة (Na-K) السائلة. وتنمو القطرة الفضية لمدة 10 ثوانٍ تقريبًا حتى تنفصل عن الفوهة.
مع نمو القطرة، يتدفق بعض بخار الماء إلى غرفة العينة ويشكل طبقة رقيقة للغاية على سطح القطرة، فقط بضع طبقات من جزيئات الماء. يؤدي هذا على الفور إلى ذوبان الإلكترونات، وكذلك الكاتيونات المعدنية (metal cations) من سبيكة القلويات في الماء. وبالتالي فإنه يمكننا القول أن الإلكترونات المحررة في الماء تتصرف تمامًا مثل الإلكترونات الحرة العادية.

التحول الذهبي للماء

«يمكنك أن ترى انتقال الطور إلى الماء المعدني* بالعين المجردة! تغطي سبيكة الصوديوم والبوتاسيوم الفضية نفسها بتوهج ذهبي، وهو أمر مثير للإعجاب لم نعهد رؤيته من قبل».

يقول الدكتور روبرت سايدل، المشرف على التجارب في (BESSY II).

وتظل هذه الطبقة الرقيقة من المياه المعدنية ذات اللون الذهبي مرئية لبضع ثوان. وقد تمكن هذا الفريق بقيادة البروفيسور بافيل جونغفيرث، وبالتعاون مع الأكاديمية التشيكية للعلوم (IOCB)، من إثبات أنه من خلال تحليلات الطيف الضوئي، فبالفعل يمكن للماء أن يتواجد في الحالة المعدنية.

تشكل طبقة معدنية من الماء على قطرة من سبيكة (Na-K)، بعد تحرر إلكترونات الماء من المعدن الذائب، مما يعطيها هذا اللون الذهبي اللامع.

 

خصائص المرحلة المعدنية

الخاصيتان الحاسمتان للمرحلة المعدنية هما تردد البلازما* وشرط التوصيل الكهربائي. تمكنت المجموعة البحثية من التحقق من وجود هاتين الخاصيتين باستخدام التحليل الطيفي للانعكاس البصري والتحليل الطيفي للإلكترون بالأشعة السينية السينكروترونية (synchrotron X-ray): بينما يبلغ تردد البلازما في الحالة المعدنية الذهبية للماء حوالي 2.7 فولت (أي في النطاق الأزرق للضوء المرئي)، في حين أنه يبلغ عرض نطاق التوصيل حوالي 1.1 فولت.

يقول سايدل: «لا تُظهر دراستنا أنه يمكن بالفعل إنتاج المياه المعدنية على الأرض فحسب، بل توضح أيضًا الخصائص الطيفية المرتبطة ببريقها المعدني الذهبي الجميل».

 

*الماء المعدني: المقصود في هذا المقال هو الوضع الذي تصل إليه الماء فور تحولها إلى معدن.
*تردد البلازما: هو التردد الذي أعلاه تصبح المادة العازلة معدنًا، ويبدأ المعدن في التصرف مثل الموجة الكهربية.

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي