طوّر علماء جامعة أديلايد (University of Adelaide) طريقة جديدة بسيطة، وغير مكلفة، وسريعة، لتحليل نظائر الكبريت، والتي يمكن استخدامها للمساعدة في دراسة التغيرات الكيميائية في بعض البيئات مثل المحيطات والمياه العذبة في الأنهار والبحيرات. يفتح البحث المنشور في مجلة تالانتا (Talanta) الباب لإمكانية إيجاد تطبيقات بيئية جديدة لهذه الطريقة، مثل تتبع تأثير ارتفاع مستوى سطح البحر، ويتضمن ذلك الكشف عن تسرب مياه البحر إلى أنظمة المياه العذبة.
تقول إميلي ليدن (Emily Leyden) -المؤلفة الرئيسية للورقة البحثية وطالبة الدكتوراة في كلية العلوم البيولوجية (School of Biological Sciences) بجامعة أديلايد-: «يمكن لنظائر الكبريت أن تزودنا بالكثير من المعلومات عن دورات الأرض، في حاضرها وماضيها.»
وتضيف ليدن: «تحوي مصادر المياه المختلفة والغنية نسبًا مختلفة من نظائر الكبريت بداخلها. يمكن للعمليات التي تحدث داخل بيئة معينة، مثل تسرب مياه البحر إلى أنظمة المياه العذبة وأكسدة تربة الكبريتات الحمضية (Acid Sulfate Soil)، تغيير هذه النسب. وعن طريق تحليل نسب نظائر الكبريت، يمكننا الحصول على معلومات هامة عن التغيرات التي تحدث في البيئات.»
سلبيات الطريقة التقليدية لقياس نظائر الكبريت
تُعرف الطريقة التقليدية لقياس نظائر الكبريت باسم قياس الطيف الكُتلي (Mass Spectroscopy – MS)؛ إذ تتأين العينات (تتفكك إلى أيوناتها)، ويعتمد قياس الأيونات موضع الاهتمام في العينات على نسبة كتلتها إلى شحنتها (Mass to Charge Ratio)، والتي تختلف بين نظائر نفس العنصر الكيميائي. كانت الطريقة التقليدية بالغة الصعوبة، إذ يمكن لنسبة الكتلة إلى الشحنة أن تتوزع وتتداخل بين الأيونات،وهذا ما يجعل من الصعب التمييز بين النتائج. عادة لا يمكن قياس الكبريت قياسًا دقيقًا إلا إذا أُجريت تنقية كيميائية معقدة قبل التحليل، ويستغرق هذا الأمر وقتًا طويلاً، كما إنه صعب ومكلف.
طريقة جديدة لقياس نظائر الكبريت
كجزء من رسالة الدكتوراة التي أعدتها السيدة ليدن، عمل فريق يضم أعضاء من مجموعة نظائر المعادن (Metal Isotope Group) بجامعة أديلايد، وكلية العلوم الفيزيائية (School of Physical Sciences)، وكلية العلوم البيولوجية ومركز الميكروسكوب بجامعة أديلايد (Adelaide Microscopy)، مع علماء في جامعة فلندرز (Flinders University)، لتطوير طريقة جديدة لقياس نظائر الكبريت باستخدام جهاز المطياف الكتلي البلازمي المقترن بالحث (ICP- MS). مكّن الجهاز الجديد الفريق من حل مشكلة التداخل (المعروفة باسم التداخل الطيفي – Spectral Interference)، من خلال دمج الكبريت مع عنصر آخر -الأكسجين في هذه الحالة- لزيادة نسبة الكتلة إلى الشحنة، من أجل تقليل تبعات التداخل الطيفي. يمكن بعد ذلك قياس نظائر الكبريت بدقة دون الحاجة إلى التنقية المعقدة للعينة المستهلكة للوقت.
اختبار الطريقة الجديدة لتحليل نظائر الكبريت
في هذه الدراسة، قام علماء جامعة أديلايد بمحاكاة كيفية عمل الطريقة في العالم الواقعي، من خلال تتبع فيضانات مياه البحر في مجموعة من البيئات الساحلية المختلفة في ولاية جنوب أستراليا (South Australia). بعد الفيضان، تحول نظير الكبريت الأصلي الكائن في مياه التربة تحولاً واضحًا إلى نظيره الكائن في مياه البحر. كما أعطت نسب نظائر الكبريت في العينات معلومات عن تركيبها الخاص والفريد قبل حدوث فيضان مياه البحر. على سبيل المثال، جرى الكشف عن تأثيرات تربة الكبريتات الحمضية في تربتين، وأمكن الكشف عن دليل حدوث عملية الاستخراج التاريخية لكبريتيد الفضة من موقع في أعلى نهر أونكابارينغا (Onkaparinga River).
يوضح المؤلف المشارك والمشرف الرئيس على الدكتوراة، الأستاذ المساعد لوك موسلي (Luke Mosley) من معهد البيئة وكلية العلوم البيولوجية التابعين لجامعة أديلايد، أن الطريقة الجديدة تتيح الفرصة أمام العلماء في العديد من التخصصات المختلفة لاستخدام قياس نظائر الكبريت في مجموعة من التطبيقات البيئية الجديدة. يقول الأستاذ المساعد موسلي: «باستخدام هذه الطريقة الجديدة، يمكن للعلماء قياس نظائر الكبريت في عينات بيئية بسهولة بعد تخفيف يسير فقط للعينة المعنية.»
ويضيف: «إنه ملائم ومهم بصفة خاصة نظرًا لوجود تغير بيئي عالمي سريع، وتسهّل الطريقة اكتشاف تسرب مياه البحر إلى أنظمة المياه العذبة بسبب ارتفاع مستوى سطح البحر.»[1]