تقنية لخفض انبعاثات الكربون وتحويلها إلى منتجات مفيدة

تقنية_لخفض_انبعاثات_الكربون_وتحويلها_إلى_منتجات_مفيدة

تقنية لخفض انبعاثات الكربون وتحويلها إلى منتجات مفيدة

انبعاثات الكربون يتم حجز غاز ثاني أكسيد الكربون بشكل مباشر عن طريق الجو أو من عادم الاحتراق بمحطات الطاقة المركبة – المحطات التي تستخدم توربينات الغاز والبخار معا- والمعتمدة على حرق الغاز، كما يمكن إحلال الغاز الضار عن طريق الكهرباء لإنتاج غاز الأكسجين إضافة إلى ألياف الكربون النانوية والتي يمكن استغلالها في صنع عدة مواد ذات قيمة1.

بالعام الماضي، قدم باحثون من جامعة جورج واشنطن مقترح لتحويل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الضارة من محطات توليد الكهرباء إلى أنابيب كربون نانوية، ستساهم هذه التكنولوجيا في الحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون إضافة إلى انتتاج عدد من المنتجات القيمة المستخدمة في تطبيقات عديدة منها البطاريات، الإلكترونيات، الطائرات وكذلك المعدات الرياضية. كما يمكن دمج هذه التكنولوجيا مع أي نوع من محطات توليد الكهرباء إلا أن علماء الجامعة قاموا بدراسة تطبيقها مع محطات توليد الكهرباء المركبة والمعتمدة على الغاز الطبيعي والتي تعتبر النوع الأكثر كفاءة في توليد الطاقة الكهربائية ولكنها لا تزال تبعث كمية مهولة من غاز ثاني أكيد الكربون.

تتلخص الفكرة في إضافة محلل مصهور كربونات الليثيوم الكهربائي إلى محطات توليد الكهرباء المركبة التقليدية مكونا مصنع لألياف الكربون النانوية. وباستخدام التحليل الكهربائي – تلك التقنية المتبعة في تحليل المياه لإنتاج الهيدروجين – يساهم فرق الجهد في تحليل ثاني أكسيد الكربون إلى غاز الأكسجين وألياف الكربون النانوية ذات الحالة الصلبة. وبإضافة كميات قليلة من النيكل تسبب تجوف ألياف الكربون النانوية مكونة ما يعرف بأنابيب الكربون النانوية.

وفي دراسة جديدة قام نفس الباحثون بعمل تقييم ديناميكي حراري للتقنية المقترحة آنفا. خلصت الدراسة إلى جدوى الفكرة اقتصادية بل ومساهمتها في تطوير كفاءة الطاقة بمحطات توليد الكهرباء.

ومن جهته صرح قائد الدراسة ستيوارت لشت بروفيسور الكيمياء بجامعة جورج واشنطن لموقع Phys.org بان هذه التكنولوجيا تدعم جهود إزالة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون عن طريق تحويل هذا الغاز والمسبب للاحتباس الحراري إلى منتج قيم مما يؤثر على التغير المناخي بشكل إيجابي. وأضاف لشت أن أنابيب الكربون النانوية تعتبر أكثر ربحا من توليد الكهرباء بالنسبة لمحطات توليد الطاقة الكهربائية مما يحفز المجتمع وينقله للاهتمام بمصادر الطاقة المتجددة والمستدامة.

تعتبر أنابيب الكربون النانوية أكثر متانة من الصلب أو الألومنيوم بنحو عشرين مرة إضافة إلى خفة وزنها. يأمل العلماء أن تقدم هذه التقنية بديل لتجارة تقدر بتريليونات الدولارات في سوق الصلب والألومنيوم. أنابيب الكربون النانوية مفيدة كذلك في مجال النانو إلكترونيات وأنظمة توصيل الدواء كما تم استخدامها بالفعل في صناعة النسيج مثل صناعة الملابس المقاومة للرصاص. 2

ومن خلال الدراسة، قدر العلماء إنتاجية محطات توليد الكهرباء التقليدية بنحو 909 دولاراً من الكهرباء إضافة إلى انبعاث 2.74 طن من غاز ثاني أكسيد الكربون وذلك لكل طن مستهلك من وقود غاز الميثان. في المقابل، وباستخدام التقنية المقترحة، ستنتج المحطة حوالي 835 دولاراً من الكهرباء، أي بمعدل أقل بحوالي 8% مقارنة بالمحطات التقليدية. إلا أن انتتاج وحدة تصنيع ألياف الكربون النانوية يبلغ 0.75 طن من ألياف الكربون النانوية والتي تقدر قيمتها المالية بـ 225 ألف دولار إضافةً إلى استبعاد انبعاثات غاز ثاني أكيد الكربون الضارة. وبعبارة أخرى، عوضت ألياف الكربون النانوية المصنعة ذات القيمة العالية الانخفاض في معدل انتتاج الكهرباء. وذلك بفضل أنابيب الكربون النانوية المستخدمة في المجالات الصناعية والتي تعتبر باهظة الثمن. حيث تبلغ كلفة تصنيعها بالأساليب المتاحة حاليا نحو 300 ألف دولار لكل طن. وباستخدام التكنولوجيا الجديدة، يقدر الباحثون انخفاض تكلفة تصنيعها إلى نحو ألفي دولار لكل طن ما يمثل أقل من 1% من تكلفة التصنيع الحالية1.

يأمل الباحثون بأن يجعل هامش الربح المحتمل من استخدام التكنولوجيا المقترحة خيارا مثاليا. حيث تعتبر أنابيب الكربون النانوية أكثر قيمة من دفع ضرائب الكربون- تقدر بـ 30 دولار لكل طن-  بنحو عشرة آلاف مرة. يتوقع الباحثون كذلك بأن إنتاج أنابيب الكربون النانوية سيقدم حافزا كبيرا لصناعة الطاقة نحو تخفيض انبعاثات الكربون بدلًا من ضريبة الكربون. حتى وان انخفضت كلفة تصنيع ألياف الكربون النانوية في المستقبل بسبب سهولة ورخص تصنيعها باستخدام التكنولوجيا الجديدة، ستعم الفائدة الاقتصادية على الصناعات الأخرى المصاحبة. يعتقد الباحثون بأن الأسعار المنخفضة لألياف الكربون النانوية ستشجع نمو سوق ألياف الكربون النانوية وستؤثر إيجابيا على عدد من الصناعات الهامة كصناعة السيارات، الطائرات وطواحين الرياح.

أوضحت دراسة العلماء كذلك منطقية استخدام التكنولوجيا الجديدة من منظور ديناميكي حراري مقارنة بمحطات توليد الكهرباء المركبة التقليدية سواء كانت المحطة التقليدية مدعومة بوحدة لحجز انبعاثات الكربون أم لا وكذلك الحال عند مقارنتها بالمحطات التقليدية لتوليد الكهرباء من الفحم. حتى وإن قلت إنتاجية الكهرباء من المحطات المعتمدة للتكنولوجيا الجديدة، سيصبح إنتاجها من الكهرباء أعلى كفاءة من المحطات التقليدية. وذلك بسبب الطاقة الحرارية المكتسبة في عدة مراحل من الإنتاج والتي يمكن إعادة استخدامها والاستفادة منها عن طريق توربينات البخار. تنتج الطاقة الحرارية المشار إليها على سبيل المثال من:

– الطاقة الناتجة عن التفاعل الكيمائي مع أكسيد الليثيوم

– الطاقة المكتسبة من تبريد نواتج الكربون والأكسجين

– الطاقة المكتسبة من حرق الغاز الطبيعي مع خليط من الهواء وغاز الأكسجين (تحليل غاز ثاني أكسيد الكربون وكذلك ألياف الكربون النانوية يطلق غاز الأكسجين النقي)

– الطاقة المتجنب استهلاكها في عملية منع انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون

– الطاقة المكتسبة من احتجاز ثاني أكسيد الكربون عند درجات حرارة عالية مقارنة بدرجات الحرارة المستخدمة في محطات توليد الكهرباء التقليدية المدعمة بوحدة لحجز انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون.

وعلى غرار التقنيات المختلفة المستخدمة في حجز ثاني أكسيد الكربون، لا حاجة لاستهلاك الطاقة في وسائل تخزين الغاز الضار طالما يمكن تحويله لمنتج قيم باستخدام التكنولوجيا الجديدة. يعكف العلماء حاليا على بناء وتنفيذ التكنولوجيا الجديدة بأسرع ما يمكن كما صرح لشت بأن فريقه يعمل على تطوير التقنية على مجال أوسع للمساهمة في تحدي خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.

المصادر:

  1. Lau J, Dey G, Licht S. Thermodynamic assessment of CO2 to carbon nanofiber transformation for carbon sequestration in a combined cycle gas or a coal power plant. Energy Conversion and Management. 2016;122:400-410.
  2. Zyga L. Researchers assess power plants that convert all of their CO2 emissions into carbon nanotubes. June 20, 2016 2016.

إعداد: فهد مصطفى محمد

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي