تنبؤاتنا بالعواصف الشمسية وتهديداتها

10

||

ناسا تختبر كفاءة النماذج الأرضية المتطورة لتجنب تهديدات العواصف الشمسية، تعتمد وكالة ناسا على المركبات الفضائية من أجل المراقبة المستمرة للعواصف الشمسية التي تثور على سطح الشمس. ويهدف مشروع (الدرع الشمسي- Solar Shield) لوكالة الفضاء إلى تحسين المحاكاة الحاسوبية، والتي تتنبأ إذا ما كانت هذه العواصف الشمسية سوف تتسبب بمخاطر كهربائية لمحطات الطاقة وخطوط النقل أم لا.


صورة توضح التدفق الإكليلي الكتلي-coronal mass ejection, or CME الذي انفجر من الجزء الأيمن السفلي للشمس في الثاني عشر من ديسيمبر عام 2003.

ولقد ركزت المجهودات البحثية لمشروع (الدرع الشمسي) على المقارنة بين تنبؤات المحاكاة الحاسوبية والنتائج الفعلية الصادرة من المحطات الأرضية. وفي مطلع عام 2016 أعلنت وكالة ناسا أنها أضافت ستة مواقع مراقبة جديدة حول الولايات المتحدة لتوفير معلومات حقيقية يمكن مقارنتها مع المحاكاة. والباحثون في مشروع (الدرع الشمسي) يخططون أيضًا لرفع مستوى نماذج الكمبيوتر التي تحاكي (الفيزياء المفسرة للظواهر الجيومغناطيسية للأرض- Earth’s geomagnetic processes).

(مشروع الدرع الشمسي-Solar Shield: هو مشروع هدفه حماية شركات الطاقة الكهربائية من تقلبات طقس الفضاء من خلال التنبؤ بالطقس)
*(Geomagnetic أو الجيومغناطيسية: تعني شيئًا له علاقة بالمجال المغناطيسي للأرض)

أنتي بولكينن- Antti Pulkkinen الفيزيائي المختص بدراسة الشمس (Heliophysicist) بـــمركز جودارد لرحلات الفضاء التابع لوكالة ناسا – NASA’s Goddard Space Flight Center يقول «أحد تلكَ الأشياء الرئيسية الجديدة التي سوف يكشف عنها هذا المشروع خلال الأشهر القادمة سوف يكون إدراج الفيزياء في التعامل ثلاثي الأبعاد تجاه عمليات الحث الجيومغناطيسية، والتي تُعتبر المسبب الرئيسي لمخاطر العواصف الشمسية».

وتنبع التيارات الجيومغناطيسية المستحثة من الاضطرابات في المجال المغناطيسي للأرض، والتي يمكنها أن تولد تيارات كهربية في أسطح المنشآت الموصلة للكهرباء على سطح الأرض، منشآت مثل شبكات الكهرباء الحديثة. وعندما تضرب جزيئات مشحونة لعاصفة شمسية المجال المغناطيسي للأرض، فقد ينجم عن هذا الأمر بعض المشاكل الضارة. ومثل تلكَ المشاكل برغم كونها نادرة الحدوث إلا أنها تمثل تهديدات خطيرة تجاه اعتماد المجتمع على شبكات الكهرباء الضعيفة.

وقعت الحادثة الجيومغناطيسية الأكثر ضررًا في التاريخ الحديث عندما تسببت عاصفة شمسية بأضرار جسيمة في (شبكة الطاقة الكهرومائية كيبيك بكندا- (Canada’s Hydro-Quebec power grid، مما تسبب بظلام دامس لأكثر من ست ملايين شخصًا بعام 1989. وكانت تلكَ العاصفة الشمسية شيئًا لا يُقارن أمام أكبر عاصفة شمسية تم تسجيلها على الإطلاق، والتي ضربت الأرض في عام 1859. وقد سُمي هذا الحدث في عام 1859 بـ (حادثة كارينغتون- (Carrington Event، وقد عطلَت هذه الحادثة أنظمة البرقيات والتلغرافات مما تسبب في صدمة مخيفة لعملاء التليغراف. وفي دراسة بعام 2013 لــ(سوق لويدز للتأمين Lloyd’s insurance market) قدرت أنّ حادثة مماثلة سبق قد تسبب خسائر تٌقدر بـ 2.6 تريلليون دولار في أمريكا الشمالية فقط. وفي عام 2012 نجت الأرض من مصيبة كبرى عندما فشلت كتلة شمسية متوهجة تفوق تلكَ التي تسببت بحادثة كارينغتون في الاصطدام بكوكبنا بفرق تسعة أيام فقط.

إنّ نماذج الكمبيوتر المُستخدمة حاليًا من قبل الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي National Oceanic and Atmospheric Administration-NOAA والتي تقوم بالتنبأ بالعواصف الشمسية تعتمد على نموذج واحد مبسط ذي بعد واحد للتيارات الجيومغناطيسية المستحثة. ويقول بولككينن أنّ هذا النموذج ذو البعد الواحد يقوم بصورة أساسية بحساب التوصيلية الكهربائية للكرة الأرضية بناءً على العمق بدلاً من الجغرافيا. وهذا يعني أن تلكَ النماذج تقوم بحساب التغييرات في التوصيلية الكهربية للأرض بدقة كبيرة، اعتمادًا على مدى العمق الذي تصل إليه خلال طبقات الأرض، وأيضًا تقوم تلكً النماذج بحساب الفرق في التوصيلية الكهربية التي تنشأ في أماكن مختلفة على سطح الأرض ولكن بدقة أقل بكثير.


ضرر جسيم بالمحول النووي (Salem New Jersey Nuclear Plant GSU Transformer) تسببت به العاصفة الجيومغناطيسية في الثالث عشر من مارس لعام 1989.

فعلى سبيل المثال : النموذج ذو البعد الواحد لديه مشاكل في حساب تغييرات التيارات الجيومغناطيسية المستحثة بالقرب من المناطق الساحلية حيث تنحدر الأراضي فجأة تجاه المحيط. وهذه مشكلة كبيرة حيث أنّ تلكَ النماذج تواجه مشاكل في حساب تراكم الشحنات على الحدود بين البر والبحر (يُعرف أيضًا باسم ظاهرة الحدود). إنّ تراكم الشحنات يقوم بخلق مجال كهربي خاص به والذي يمكن أن يتمد إلى الأرض، ومن المحتمل أيضًا أن يؤثر على البنية التحتية للشبكات المتواجدة على الساحل.

يأمل (بولككينن- Pulkkinen) وزملائه في أن يبدئوا قريبًا باختبار النماذج ثلاثية الأبعاد، من خلال برنامج الدرع الشمسي كبديل محتمل للنماذج أحادية الأبعاد المستخدمة من خلال NOAA. ومثل تلكَ النماذج الثلاثية الأبعاد سوف تقوم بحساب التغييرات في التوصيلية الكهربية اعتمادًا على الموقع بدقة أكبر بكثير. وأيضًا سوف يصبحون قادرين ولأول مرة من صياغة (ظاهرة الحدود) للسواحل.

ويوضح بولككينن Pulkkinen «هناك علاقة مباشرة بين تأثير الحدود وبين الارتفاع والتأثير الحالي الذي تم اختباره على نظام الجيومغناطيسية«، وأضاف »أما عن أهميته بالنسبة لشبكات الطاقة فهذا لم يتم تحديده بعد».

والمقارنة بين النماذج الحاسوبية وبين البيانات الواقعية سوف تساعد وكالة ناسا NASA لمعرفة إذا ما كانت تطويرات النموذج الثلاثي الأبعاد سوف تحقق نتائج أفضل أم لا. وحتى وقت قريب، فإن (الدرع الشمسي) كان يحصل علي نتائجه من موقعين فقط، كوسيلة لتأكيد صحة نماذج المحاكاة الحاسوبية. وفي السادس عشر من فبراير أعلنت وكالة ناسا أنّ البرنامج سوف يستخدم بيانات إضافية من ست محطات كهربائية فرعية تمتد عبر الولايات المتحدة ويتم إدراتها من قبل (معهد أبحاث الطاقة الكهربائية- Electric Power Research Institute).

إنّ هذه المحطات الفرعية تقوم بتحويل الطاقة إلى جهد عالي من أجل أن يتم نقلها بصورة جيدة عبر مسافات طويلة خلال خطوط النقل، أو تقليل الجهد إلى الحد الذي يجعلها مناسبة لتوزيعها على العملاء، وفي هذه الحالة فإنّ الست محطات الفرعية والتي تساهم بالبيانات مع (الدرع الشمسي) سوف تشارك في عملية الإرسال.

إذا أثبتت تجربة ناسا جدراتها، فإن النماذج الثلاثية الأبعاد للتيارات الجيومغناطيسية المستحثة ستصبح في نهاية المطاف جزءًا من نظام مؤسسة NOAA للتنبؤ بطقس الفضاء. وفي الوقت نفسه، فإن NOAA تعمل على تحسين علوم الفضاء المتعلقة بنماذج التنبؤ، والتي تركز أكثر على الشمس وعلى أنشطة العواصف الشمسية في الفضاء. وإلى جانب هذا فإنّ نماذج المحاكاة الحاسوبية المتطورة قد تساعد على إعداد محطات طاقة كهربائية أفضل من أجل أحداث العواصف الشمسية.

يقول بولككينن Pulkkinen
«ومن وجهة نظر فيزيائية، فإنّ ما نحاول فهمه هو التفاعل بين العواصف الشمسية، وكيف أنّ العواصف الشمسية تقوم بتعديل المواقع الجيوغرافية والقريبة من الفضاء»، مضيفًا «سوف نصبح قادرين على تحديد ذلك بصورة أفضل في المستقبل».

المصدر :- http://sc.egyres.com/z3dRi

إعداد: Hatem gamal
مراجعة: Sherif M.Qamar
تصميم: Ayman Samy

#الباحثون_المصريون

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي