جائزة نوبل في الكيمياء لعام 2019 تذهب إلى تطوير بطاريات الليثيوم أيون

نوبل

أُعلن اليوم عن جائزة نوبل في الكيمياء والتي تقاسمها كل من الأمريكي جون جوديناف والإنجليزي ستانلي ويتنجهام و الياباني أكيرا يوشينو، وذلك بعد مساهماتهم في تطوير بطاريات الليثيوم أيون.

نبذة تعريفية عن الفريق الفائز بالجائزة

جون جوديناف

وُلد جوديناف في مدينة يينا الألمانية عام 1922. وحصل على درجة البكالوريوس في الرياضيات من جامعة ييل عام 1943. شارك في الحرب العالمية الثانية رفقة  الجيش الأمريكي كأخصائي أرصاد جوية. عاد بعدها وحصل على درجة الماجستير عام 1951 ثم الدكتوراة عام 1952 في الفيزياء من جامعة شيكاغو. عمل جوديناف في مختبر لينكولن التابع لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في الفترة بين عامي 1952 و1976، حيث قام بتطوير مفهوم الترتيب المداري التعاوني (cooperative orbital ordering) في المركبات المعدنية، والتي تمر بمرحلة انتقالية (transition-metal compounds)، ساهم ذلك في عمل أول ذاكرة وصول عشوائي RAM  للكمبيوتر. ساهم أيضًا في صياغة قواعد جوديناف – كاناموري لتحديد إشارة التفاعلات الدورانية (ineratomic spin-spin interactions).

عمل كأستاذ ورئيس مختبر الكيمياء غير العضوية بجامعة أكسفورد في الفترة (1976-1986). تولى كرسي فرجينيا كوكريل للهندسة في جامعة تكساس في أوستن، حيث يواصل دراساته على كل من الخصائص الأساسية لأكاسيد الفلزات الانتقالية.

حصل جوديناف على العديد من الجوائز مثل جائزة اليابان وجائزة إنريكو فيرمي الرئاسية والميدالية الوطنية للعلوم. وبحصوله على جائزة نوبل في عمر السابعة والتسعين، أصبح جون أكبر الفائزين بالجائزة عمرًا عبر التاريخ.

ستانلي ويتنجهام

ولد ويتنجهام في في المملكة المتحدة عام 1941، حصل على بكالوريوس في الكيمياء من جامعة أوكسفورد عام 1964. أكمل في أكسفورد دراساته ونال درجتي الماجستير والدكتوراة في عامي 1967 و 1968 على الترتيب. يعمل حاليًا في جامعة بينغامتون أحد أعرق جامعات ولاية نيويورك الأمريكية. تهدف أبحاثه إلى إيجاد مواد جديدة لتحسين كفاءة تخزين الطاقة.

أكيرا يوشينو

  ولد أكيرا عام 1948 في اليابان ونال درجة البكالوريوس والماجستير في الهندسة من جامعة كيوتو عامي 1970 و 1972 على الترتيب. حصل على درجة الدكتوراة عام 2005 من جامعة أوساكا اليابانية. يعمل حاليًا في جامعة مييجو Meijo University بمدينة ناجويا اليابانية.

تاريخ صناعة بطارية الليثيوم أيون

بدأ تأسيس بطارية الليثيوم أيون مع ظهور مشاكل البترول في عام 1970، حيث عمل العالم ستانلي ويتنجهام على تطوير طرق تؤدي إلى الحصول على مصدر للطاقة خالي من الوقود الأحفوري، حيث بدأ بالبحث عن موصلات فائقة، واكتشف مواد غنية للغاية بالطاقة، حيث استخدم هذه المواد في صناعة كاثود مبتكر في بطارية الليثيوم أيون. 

ولكي نخدم الفكرة الأساسية في هذا الاختراع؛ كانت الفكرة من صناعة بطارية الليثيوم أيون هو توفير مصدر طاقة خالي من الوقود الأحفوري، حيث اخترع العالم الفيزيائي الأمريكي جون جوديناف عام 1980 نوع جديد من بطاريات الليثيوم، تعتمد فكرتها على هجرة الليثيوم (Li) خلال البطارية من قطب إلى آخر على صورة أيون الليثيوم (Li+). بعد ذلك تم تطوير البطارية ليشترك الليثيوم مع فلز انتقالي (مثل الكوبلت، أو النيكل، أو المنجنيز، أو الحديد) والأكسجين لتكوين الكاثود، وعند إعادة شحن البطارية عند تطبيق فرق الجهد؛ فإن أيون الليثيوم يهاجر من الكاثود إلى الآنود، ويصبح عنصر الليثيوم.

بعد ذلك، اعتمد العالم الياباني أكيرا يوشينو على أساس العالم جوديناف وصنع أول بطارية ليثيوم أيون قابلة للاستخدام التجاري في عام 1985. وعوضًا عن استخدام الليثيوم المتفاعل في الآنود، فقد استخدم العالم أكيرا الفحم البترولي، وهو مادة كربونية تشبه كاثود أكسيد الكوبلت -في عمله- الذي كان قد اخترعه العالم جوديناف. 

دور كل عالم من العلماء الثلاثة في العمل الحاصل على الجائزة

بعد أن عرفنا -إجمالًا- تاريخ تطور بطارية الليثيوم أيون ودور كل عالم في قصتها ونشأتها، لنتجه الآن إلى الدور التفصيلي لكل عالم من الثلاثة في هذا الإنجاز الكبير:

العالم ستانلي ويتنجهام

بدأت المشكلة في بطاريات الليثيوم أيون التي اخترعها العالم ويتنجهام، عندما تعرضت البطارية للانفجار، وذلك بسبب أن الليثيوم عنصر نشط وشديد التفاعل، وهذا خطر قد تخوف منه رجال الأمن والسلامة، ولذلك فقد عزم ويتنجهام على السعي إلى تطوير هذه البطارية. 

بطارية الليثيوم أيون للعالم ستانلي ويتنجهام

اكتشف ويتنجهام أن مركب ثنائي كبريتيد التيتانيوم يمكنه أن يلعب دور الكاثود جيدًا، وفي عام 1976 أسس ويتنجهام بطارية بفرق جهد 2.5 فولت، ولكن لأن هذه البطارية سوف تخضع لإعادة الشحن، يمكن أن يحدث انفجار أيضًا. وهنا استلم جون جوديناف المهمة :

العالم جون جوديناف

أدرك جوديناف أن الكاثود سوف يمتص إلكترونات أكثر إذا كان مصنوع من أكسيد الفلز بدلًا من كبريتيد الفلز، ولكن هذه المركبات كانت مصطفة على شكل طبقات أيضًا، ولا تتمدد أو تتقلص عند إطلاق أيونات الليثيوم. وقد اكتشف جون جوديناف في عام 1980 أن أكسيد الكوبلت يعمل جيدًا، وفي نفس العام، تم نشر نتائج صنع بطارية بفرق جهد 4 فولت، وهي ضعف بطارية ويتنجهام. 

بطارية الليثيوم أيون للعالم جون جوديناف

العالم أكيرا يوشينو

أما عن العمل الذي تم في اليابان على يد العالم يوشينو فقد اتجه نحو إيجاد بطاريات تعمل على إعطاء الطاقة للأجهزة اللاسلكية الصغيرة. لقد قام يوشينو بعمل كبير في هذا الإنجاز، حيث وجد طريقة لصناعة آنود ليس من الليثيوم الخالص القابل للتشعبات المتزايدة. بعد أن قام باختبار العديد من المواد لهذا الأمر، فقد وقع الاختيار على وضع أيونات الليثيوم خلال طبقات من كربون الفحم البترولي (أحد المنتجات الثانوية للصناعات البترولية). وقد اعتمدت بطارية يوشينو على فكرة عمل جوديناف ولكن كانت أكثر أمانًا، بالإضافة إلى إمكانية بقاء المئات من الدوائر المشحونة. وفي عام 1991، تم بدء بيع بطاريات الليثيوم أيون في الأسواق عن طريق شركات يابانية.

بطارية الليثيوم أيون للعالم أكيرا يوشينو

أهمية هذا التطوير الذي فعله الفريق الفائز

لقد اتجهت نوبل هذا العام إلى إحدى أكثر الاحتياجات البشرية أهمية. حيث أن هذا الاختراع سوف يخدم الحياة الحديثة، لأنه سوف يوفر الطاقة إلى الأجهزة اللاسلكية المحمولة، وما أكثر استخدام هذا النطاق هذه الأيام! فهذه الحياة تشمل هاتفك المحمول، والحاسب الشخصي، أو حتى سيارتك!

حتى السيارات الكهربائية أصبحت ذات شعبية متزايدة بفضل البطاريات عالية السعة، بطارية أيونات الليثيوم أيون. هذا النوع من البطاريات أحدث ثورة في تقنيات تخزين الطاقة من خلال إمكانياته العالية، وسعة تخزينه الكبيرة. ومع ذلك، فإن تطوير البطاريات كانت عملية شاقة للغاية وصعبة بشكل عام، وبخاصة تلك البطاريات القائمة على الليثيوم، فمنذ أن قدم أليساندرو فولتا جهازه الشهير عام 1800، والذي يعتبر أول بطارية في التاريخ، تم بذل جهد هائل في تطوير البطاريات.

العديد من العلماء والمهندسين، الذين يعملون في الأوساط الأكاديمية والصناعية، ساهموا في هذا التطور. كان التطور بطيئًا نسبيًا وقليلًا جدًا. تم تصميم تكوينات فعالة وذات كفاءة للبطارية بنجاح على مر السنين. على سبيل الذكر، فنحن ما زلنا نعتمد على بطارية الرصاص الحمضية المكتشفة في منتصف القرن التاسع عشر. إلا أن بطاريات أيونات الليثيوم غيرت عالمنا بشكل كبير.

وقد عبرت الأكاديمية عن أهمية الاختراع قائلة: «لقد حققت بطاريات الليثيوم أيون أعظم فائدة للبشرية»، فهذه البطاريات الخفيفة للغاية والمضغوطة قد وفرت قدر كبير مع السهولة المجتمعة مع الفائدة الكبيرة. 

وقد عبرت الأستاذة «سارة لينس»، أحد أعضاء مجتمع جائزة نوبل قائلة : «إن البطاريات الكهربية للسيارات لن تعد تزن 2 طن كما في السابق، فوزنها الآن سوف يكون 300 كج فقط!» وقد أردفت قائلة: «القدرة على تخزين الطاقة الشمسية، والطاقة المستمدة من قوة الرياح سوف تفتح المجال للاستخدام الدائم للطاقة».

إعداد : محمد شريف – أميرة إسماعيل

مراجعة علمية : ياسين أزناي

اقرأ أيضًا:

مقال تفصيلي عن بطارية الليثيوم أيون

المصادر:

  • Whittingham MS, Siu C, Ding J. Can Multielectron Intercalation Reactions Be the Basis of Next Generation Batteries? Acc Chem Res [Internet]. 2018 Feb 20 [cited 2019 Oct 9];51(2):258–64. Available from: https://pubs.acs.org/doi/10.1021/acs.accounts.7b005272.Stanley Whittingham M, Omenya F, Siu C. Solid State Ionics – the key to the discovery, introduction and domination of lithium batteries for portable energy storage. Solid State Ionics [Internet]. 2018 [cited 2019 Oct 9];317:60–8. Available from: https://linkinghub.elsevier.com/retrieve/pii/S01672738173109133.Siu C, Seymour ID, Britto S, Zhang H, Rana J, Feng J, et al. Enabling multi-electron reaction of ε-VOPO 4 to reach theoretical capacity for lithium-ion batteries. Chem Commun [Internet]. 2018 [cited 2019 Oct 9];54(56):7802–5. Available from: http://xlink.rsc.org/?DOI=C8CC02386G4.Ding J, Lin Y-C, Liu J, Rana J, Zhang H, Zhou H, et al. KVOPO 4 : A New High Capacity Multielectron Na-Ion Battery Cathode. Adv Energy Mater [Internet]. 2018 [cited 2019 Oct 9];8(21):1800221. Available from: http://doi.wiley.com/10.1002/aenm.201800221
شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي