ضمور المخ!
كلمة في غاية الرعب ولكنها ممكنة الحدوث عند قلة التفكير أو تعاطي المخدرات أو حتى اكتساب المعلومات بالشكل اليومي المُعتاد، وتتمثل تلك الحالة في انخفاض القدرة على التذكر أو صعوبة التفكير أو الخطأ عند تجميع القطع في لغز ما. ولكن بالقيام ببعض التمارين وتغير جوانب الحياة المعتادة يحصل المخ على فرصة أفضل تُمكنه من اجتياز حالة ضمور المخ.
لتجنب حدوث تلك الحالة، علينا اتباع بعض العادات البسيطة، ومنها إعطاء المخ فترة مناسبة للراحة وذلك بالنوم عدد محدد وكافي من الساعات ليلًا لا تقل عن ست ساعات ولا تزيد عن ثمانية. فمع مرور الوقت واتباع أساليب نوم خاطئة، تتعرض المادة الرمادية للضمور وذلك وفقًا لدراسة حديثة نُشرت في مجلة علم الأعصاب. بالتعاون مع العلماء في جامعة أكسفورد في إنجلترا وجامعة أوسلو في النرويج، تم جمع ثم مقارنة مسح الدماغ لـ 147 حالة من البالغين النرويجيين لمدة ثلاث سنوات ونصف.
طُلب من المتطوعين ملء استمارات حول جودة ونمط نومهم وشعورهم بالنعاس أثناء النهار. وكانت النتيجة أنه في المتوسط استغرق المتطوعون 20 دقيقة ليستغرقوا في النوم وسجلوا 7 ساعات من النوم ليلًا، ولكن من كان لهم عادات نوم سيئة، فقد ضمرت القشرة الأمامية للدماغ بالإضافة لضمور في ثلاث مناطق أخرى في الدماغ بما في ذلك المسؤولة عن التفكير والتذكر والتخطيط وحل المشكلات.
يتكون الدماغ من المادة الرمادية والمادة البيضاء. ومع ذلك، فإن المادة الرمادية تشكل جزءًا كبيرًا من الجهاز العصبي المركزي والذي تقع فيه معظم الخلايا العصبية في الدماغ. الخلايا العصبية تسمح لنا بالتفكير والرؤية والسمع والتحدث والشعور والتحرك. المادة البيضاء استمدت اسمها من كافة المحاور العصبية بيضاء اللون، والتي تُستخدم لزيادة سرعة الرسائل في جميع أنحاء الدماغ. المادة الرمادية، من ناحية أخرى، هي المفتاح لمعالجة المعلومات بمجرد حملها على طول الألياف العصبية حتى تصل إلى وجهتها المطلوبة.
يمكن لضمور المخ والهوس أن يسببا انخفاضًا في التفكير، وهذا ما تسببه الأدوية المضادة للهوس، وباختلاف نوع مضاد الهوس يختلف حجم المادة الرمادية الضامرة وفى النهاية خفض في كمية الرسائل المتجهة الى الدماغ. وأضاف الباحثون أن ضمور المخ قد يكون مفيدًا في حالة الهوس إذ أنه يقلل من إفراز هرمون الدوبامين أو (هرمون المتعة).
وبالنسبة للمرضى المصابين بحالات الاكتئاب، فإنهم يعانون أيضًا من القلق على مصير أدمغتهم؛ حيث وجد الباحثون أن عدد التشابكات الموجودة في الخلايا العصبية -التي تربط الخلايا العصبية معًا- تتقلص لعدم وجود المتعة والسعادة. وبنسب متساوية بين الذين يعانون من الاكتئاب والموتى حديثًا من الفئران، وجد الباحثون كميات قليلة من المادة الرمادية في المخ، وعند تقديم مضادات الاكتئاب لاحظوا إنتاج كميات أقل من البروتينات الضارة بالمخ. بالفعل، فإن الضغوط سبب رئيسي لتقلص المادة الرمادية بالمخ وذلك في القشرة قبل الجبهية، وهي الجزء المسئول عن التمثيل الغذائي والأمور العاطفية وحل المشكلات.
أما في جزء الدماغ المسئول عن التحفيز، والذي يُسمى بالمخطط striatum، يعاني هو أيضًا من التقلص وذلك بمشاهدة المواد الإباحية. وفي دراسة أجراها الباحثون الألمان، تبين نقصان المادة الرمادية عند كثير من الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 21 و45 سنة بسبب تلك المواد الإباحية. الاتصال بين المُخطط وPFC يتحكم في النبض والعلاقات الاجتماعية وكبح المشاعر والسيطرة على الرغبات الجنسية. وفي حالة مشاهدة المزيد من تلك المواد الإباحية تقل المادة الرمادية بشكل أكبر. ويؤكد الباحثون بأن هؤلاء الذين يعتمدون على تلك الإباحيات يعانون من ضعف السيطرة والقدرة على اتخاذ القرارات مقارنة بالشخص العادي.
إذًا كيف تعيد عقلك إلى الحياة مجددًا؟
-بتغيير العادة المهيمنة عليك في طريقة الكتابة؛ فإن كنت ممن يكتبون بيدهم اليمنى عليك التقاط قلمك وكتابة بعض الجمل بيدك اليسرى يوميًا، عليك بتغيير طريقة تناولك الطعام أو تنظيف أسنانك. سيتعلم عقلك طرقًا جديدة كما تعتبر وسيلة لانخراط عقلك مع الأعصاب.
-تناول جرعة يومية بمقدار 600 جم من DHA أو الحمض الدهني المُسمى بـ(أوميجا 3) لمدة 6 شهور متتالية. يعمل هذا الحمض على إعادة بناء أنسجة المخ الرئيسية، كما أنه مفيد أيضًا في معالجة الالتهابات وتراكم اللويحات البنائية.
-تحسن ممارسة الرياضة أيضًا من القدرة المعرفية وتحفز المخ على استقبال المؤثرات المختلفة، فهي تثرى عامل التغذية العصبية أو BDNF، وهي المادة التي تقوي الروابط بين خلايا المخ والأعصاب، وقد ثُبت أن ممارسة الرياضة هي طريقة لبناء خلايا جديدة في «hippocampus» وهي المسئولة عن الذاكرة وتنظيم وتخزين البيانات في المخ.
-بالتأمل يمكنك إعطاء المخ الطاقة اللازمة، وتسميها المستشفيات طريقة الاستجابة للاسترخاء، فهي تخفض ضغط الدم ومعدل ضربات القلب والقلق. باليوغا والتأمل والصلاة يمكن عكس تعبيرات بعض الجينات مع اّلية موت الخلايا.
ترجمة:DrMerhan Maged
مراجعة: Mohammed Ashraf
المصدر: – http://goo.gl/z0J3nh