منذ أوائل سبعينيات القرن الماضي والعلماء في حيرةٍ من وجود مِغناطيسية للصخور التي قامت رحلات أبوللو بجلبها من القمر.
وأخيرًا قام باحثون من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بكشف النقاب عن هذا اللغز المحير. حيث قاموا بجميع التحاليل التفصيلية لأقدم الصخور التي جاءت بها رحلات أبوللو. حيث أوضحت المغناطيسية الموجودة بهذه الصخور أن القمر منذ 4 مليارات ونصف السنة كان له لبًا سائلًا مولِّدًا للمجال المغناطيسي القوي، شبيهٌ بلُب كوكب الأرض.
وهذه الصخور التي أعطت هذه النتيجة تُعتبر مُميزة جدًا، حيث أنها أقدم الصخور المعروفة، وأنها لم تتعرض للتأثيرات الخارجية التي تُزيل أي آثارٍ للمجال المغناطيسي. وما يجعلها أكثر تميزًا هو أنها أقدم من صخور المريخ والأرض أيضًا.
وهذه الصخور قد تم جمعها خلال رحلة «أبوللو 17» بواسطة الجيولوجي (هاريثون جالك شميت) وهو الجيولوجي الوحيد على الإطلاق الذي وطأت قدماه سطح القمر.
وهذه الصخور ليست فريدةً ومميزةً فقط، بل من أكثر الصخور جمالًا، حيث تُظهر بلوراتها خليطًا من اللون الأخضر البرّاق والأبيض اللبني.
ولقد قام فريق البحث العلمي بدراسة تفصيلية لبقايا المجال المغناطيسي الضعيف جدًا بهذه الصخور باستخدام مقياس المغناطيسية (الماجنوميتر) التجاري، حيث قاموا بتثبيته على روبوت آلي، مما سمح لهم بأخذ عددٍ ضخمٍ جدًا من القراءات تفوق بكثير القراءات السابقة. وذلك كان له الأثر الإيجابي الكبير في أن دراستهم كانت أكثر تفصيلًا ودقةً عن الدراسات السابقة.
وباستخدام هذه البيانات، تمكَّن الباحثون من استبعاد النتائج التي كان سببها مؤثرات أخرى خارجية. حيث أن هذه المؤثرات الخارجية عمرها قصير يمتد من عدة ثواني إلى يومٍ كامل، إلّا أن أثرها يبقى لعدة مليارات السنين. ولكن هناك قراءات توضح أن الصخور قد تعرضت لمجالٍ مغناطيسي مستمر لمدة زمنية تتعدى ملايين السنين، وأن هذا المجال المغناطيسي يجب أن يكون ناتج من مولد مغناطيسي ثابت لمدة زمنية طويلة.
وتُعتبر فكرة أن للقمر لُبًا منصهرًا ليست جديدة ولكنها من الأفكار الجدلية بين العلماء، حيث كان يعتقد العديد من العلماء البارزين أن القمر وُلِدَ باردًا وبقى باردًا، ولم يكن منصهرًا بدرجة كافية ليكون له لُبًا منصهرًا. ولكن استطاعت رحلات أبوللو أن تُثبت أنه كانت توجد تدفقات كبيرة من الحمم البركانية على سطح القمر، ولكن فكرة أن له قلب منصهر بقيت مجالًا للجدل الصاخب المثير فقط.
ويقول (ويز) أن المجال اللازم لمغنطة هذه الصخور يجب أن يكون مساوي للمجال المغناطيسي الحالي للأرض بواحد من خمسين (1/50). وهذا يتفق مع النظرية القائلة بأن القمر تَكوَّن نتيجة اصطدام جسمٍ بحجم المريخ بالأرض، مما نتج عنه انفجار جزء كبير من القشرة الأرضية إلى الفضاء حيث تجمعت وكوَّنت القمر.
وهذا الدراسة الحديثة تؤكد لنا أننا ما زلنا نجهل الكثير عن أقرب الأجرام السماوية للأرض.
ترجمة : محمد عبدالعال عبدالعزيز
مراجعة وتصميم: Mohamed Sayed Elgohary
المصدر:
http://sc.egyres.com/11XDf