دليلك إلى مياه نظيفة

water-2825771_1920

تشعر بالعطش في ظهيرة أحد أيام أغسطس الحارقة، تتناول ذلك الكوب الكبير وتملؤه بالمياه المثلجة لتروي تروي عطشك الشديد، تبتلع المياه وتشعر بالانتعاش، ولكن تصطدم رأسك بعدة أسئلة، من أين تأتي تلك المياه؟ ولماذا هي صالحة للشرب دون غيرها؟ ما الذي يجب أن وألَّا يتواجد بها؟ حسنًا؛ ضع الكوب جانبًا وانضم إلينا علك تجد الإجابة في هذا المقال.


ما هي عمليات التنقية؟

عمليات تنقية المياه هي عبارة عن إزالة بعض المركبات الكيميائية والمواد الغير عضوية والعضوية الغير مرغوب فيها باستخدام وسائل عديدة: مثل التقطير (تحويل المياه السائلة إلى بخار وتكثفيها مرة أخرى) أو عمليات (إزالة الإيونات deionization)، وبالرغم من وجود أهداف كثيرة جدًا لعمليات تنقية المياه مثل الاستخدامات الطبية والدوائية وبعض التطبيقات في الصناعات الكيميائية؛ إلا أن الهدف الرئيسي لعمليات التنقية هو توفير مياه صالحة للشرب، تساهم عمليات التنقية أيضًا في إزالة بعض الجسيمات العالقة مثل الميكروبات والطحالب والفطريات والفيروسات المختلفة، وتتواجد عمليات التنقية على نطاقات واسعة (مثل تغطية مدينة كاملة) وعلى نطاقات أقل اتساعًا (مثل بعض العوائل الصغيرة).

مصادر المياه الخام

تعتمد معظم المجتمعات البشرية على الأشكال الطبيعية للماء كمصدر للمياه الخام القابلة للمعالجة؛ والتي يمكن تصنيفها إلى مياه جوفية ومياه سطحية (مثل الجداول والينابيع والبحيرات والأنهار)، ومع التطور التكنولوجي في مجال تنقية المياه فقد تضمنت مصادر المياه الخام مياه البحار والمحيطات المالحة والتي يمكن معالجتها لتصبح صالحة للشرب أو لأي أغراض أخرى.

ما الذي يعكر مائك؟

توجد العديد من المواد الكيميائية غير المرغوب فيها والموجودة في العديد من مصادر المياه الخام على اختلاف أنواعها، فتعال نتعرف على أحد أشهر تلك المواد:

– أيونات الفلور والزرنيخ والسيلينيوم:

تعد أيونات الفلور ومادتي الزرنيخ والسيلينيوم من المواد الموجودة في مصادر المياه الخام بشكل طبيعي (الجوفية منها خاصة)، والتي تسبب العديد من المشاكل الصحية الخطيرة في العديد من البلدان حول العالم عند تناولها، وبالرغم من انتشارها الأكثر توسعًا في المياه الجوفية؛ إلّا أن استبعاد احتمالية تواجدها في المياه السطحية هو أمر لا يمكن الاعتماد عليه.

– أيونات النترات:

تتواجد النترات بشكل طبيعي هي الأُخرى في مصادر المياه الخام كنتيجة للاستخدام المفرط للأسمدة (العضوية منها والغيرعضوية)، وتصريف المياه المشبعة بتلك الأسمدة في أماكن تلك المصادر، وتنتشر هذه النوعية من الأيونات على نطاق واسع في جميع أنحاء العالم، وتسبب أيونات النترات العديد من المشاكل الصحية خاصةً للأطفال الرضع، حيث تسبب لهم ما يسمى بـ (متلازمة الطفل الأزرق blue-baby syndrome) والتي تحدث نتيجة لزيادة تركيز أيونات في مياه الشرب لأكثر من (50 مللي غرام/لتر).

– الرصاص:

وجود الرصاص في الماء يسبب مشاكل صحية عديدة، ويُعزى وجوده فيها إلى دخوله في تركيب العديد من أدوات السباكة والمكونات المعدنية الموجودة في المباني، ويتواجد في العديد من مصادر المياه الخام أيضًا.

– عسر الماء:


يعد أشهر ملوثات الماء على الأطلاق، وهو عبارة عن تواجد أيونات الكالسيوم والماغنسيوم في الماء (على شكل كربونات أو كلوريدات أو كبريتات)، وينقسم عسر الماء بصورة رئيسية إلى قسمين:
– عسر مؤقت: وهو العسر المتكون من أيونات الكالسيوم، ويسمى كذلك لأنه يمكن إزالته عن طريق غلي الماء (تتحول بيكربونات الكالسيوم الذائبة في الماء إلى كربونات غير قابلة للذوبان حيث تترسب).
– عسر دائم: وهو العسر المتكون من أيونات الماغنسيوم، ولا يمكن إزالته إلا بطرق كيميائية، ويتسبب عسر الماء في إعاقة عمل الصابون عن طريق تفاعل أيونات الماغنسوم والكالسيوم مع الأحماض الدهنية المكونة للصابون؛ فتتكون مادة لزجة معلقة تمنع الصابن من التنظيف.

إزالة تلك المواد

– إزالة النترات:

تتم إزالة النترات من الماء في محطات التنقية بعدة طرق أشهرها عملية (التناصح العكسي-Reverse osmosis)، وهي عبارة عن وحدة يتم فيها ضغط الماء ودفعه من خلال لوح من ورق السوليفان أو السليلوز فيما يعرف بـ (الغشاء نصف المنفذ-semipermeable membrane)، وفي هذه الحالة يعمل الغشاء كالغربال؛ حيث يقوم بترسيب النترات على جهة سامحًا فقط بمرور الماء الخالي منها إلى الجهه الأخرى، وتنجح تلك العملية في إزالة (83-90)% من كمية النترات في الماء .

– إزالة الرصاص:

بإمكانك إزالة الرصاص من الماء منزليًا عن طريق تركيب وحدات تناضح عكسي بصنبور منزلك، أو عن طريق تركيب مرشحات كربون مصممة خصيصًا لإزالة الرصاص من الماء، لكن هذا الحل ليس مثاليًا عند مقارنة تكلفته بحجم الماء المُنتج، لذلك؛ فإن الحل الأمثل هو إزالة واستبدال كل أدوات السباكة المعدنية بأدوات أخرى خالية من الرصاص مثل مواسير ال (P.V.C).

– إزالة الزرنيخ:

تتم إزالة الزرنيخ بالعديد من الطرق، منها:

– الامتزاز باستخدام هيدروكسيد الحديد:

تتم إزالة الزرنيخ بتلك الطريقة عن طريق إمرار الماء في وسط مغطى بهيدروكسيد الحديد، وتعد تلك الطريقة فعالة جدًا؛ وذلك لوجود تجاذب قوي بين الزرنيخ وهيدروكسيد الحديد، بالإضافة إلى انخفاض تكلفة تلك العملية، مما يجعلها مثالية عن معالجة المياة ذات التركيز العالي من الزرنيخ.

– التبادل الأيوني (ion exchange):

يستخدم التبادل الأيوني في عمليات إزالة الزرنيخ، والتي تعد أقل الطرق استخدامًا وذلك بسبب انخفاض الاختيارية للراتينج (المادة) المستخدم لهذا الغرض؛ وذلك بسبب تفاعله مع أيونات أخرى مثل الكبريتات والنيترات؛ مما يُقلل من المساحة اللازمة للتفاعل مع الزرنيخ، بالإضافة إلى أن تلك الراتينجات باهظة الثمن.

– إزالة العسر الدائم:

تتم أزالة العسر الدائم عن طريق إضافة ماء الجير، وذلك طبقًا للمعادلة:

                              Mg(HCO3)2 + Ca(OH)2 → CaCO3 + MgCO3 + 2H2O

إعداد: أحمد فهمي
مراجعة: ولاء شعبان

تدقيق: وائل ياسر

المصادر:
1. water purification — Britannica Library [Internet]. [cited 2018 Oct 7]. Available from: https://library.eb.co.uk/levels/adult/article/water-purification/76231
http://sc.egyres.com/yOsNK
2. hard water — Britannica Library [Internet]. [cited 2018 Oct 7]. Available from: https://library.eb.co.uk/levels/adult/article/hard-water/39219
http://sc.egyres.com/VtKiL
3. Nitrates in Drinking Water [Internet]. Penn State Extension. [cited 2018 Oct 7]. Available from: https://extension.psu.edu/nitrates-in-drinking-water

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي