تسعى المجتمعات في أيامنا الحالية إلى تطوير نفسها في شتّى المجالات والعلوم لكي تصبح في مصاف من يُشار إليهم بالبنان، ولكي تحقق هذا المُبتغى؛ تسير في خطيْن مستقيميْن متوازيين لكنهما يتقابلان في نهاية الأمر مخالفين ما اُصطلح عليه علمُ الهندسة ومحققين الهدف المرجو؛ أول الخطين هو تعقُّب ما وصل إليه السابقون، ليأتي الخط الثاني يكمل ما بدؤوه.
هذه هي الحال في المجال البحثي لجميع العلوم الإنسانية بما فيها علم الموسيقى الذي يحملُ بين أوراقه القديمة أسماءً أسّست نظرياتها الخاصة، وحفرت لنفسها بحرًا نبحث عن شاطئه حين نتحسّس الضياعَ وننشد الأمان.
أسفر البحثُ بين طيَّات الأوراق عن اسمِ علمٍ من أعلام الموسيقى، هو «زكريا أحمد»، ذلك الرجل مشهور الاسم بين الناس، مجهول القيمة بينهم، رجلٌ تعجز الكلمات عن وصفه الوصف الدقيق شخصيًّا وفنيًّا، فهو للوهلةِ الأولى يبدو إنسانًا يسهُل الكتابة والبحث عنه، ولكنه للحقيقة، بحرٌ كلما اغترفت من حياته غرفة بيدك لا ترتوي، حيث تجد نفسك أمام مُعضلةٍ فنيةٍ في الإبداع ليس لها من دون الله كاشفة، وشعلة أضاءت الطريق لسائري درب الموسيقى، وجسر عبرت عليه سنون القرن التاسع عشر لتسلم رايتها إلى القرن العشرين.
لذا، أدعوك صديقي القارئ إلى تلبية مطلبي للغوص معي في مكنونات هذا الرجل، مؤكدة لك على أنك بعد تلك الكلمات ستعاود الاستماع إلى موسيقى هذا الرجل بأُذنٍ أخرى، أذن لا يمكنها الإنصات فحسب، بل أذن واعية ترى تلك الموسيقى محفورة على قسمات وجه هذا الرجل ورخامة صوته، ومترجمة لسنوات عمره، وكأنه كان يحاول أن يعقد صداقة مع كل الناس فردًا فردًا، وضمّه إلى مجموعته الخاصة التي اسماها «أهل الهوى».
نهايةُ قرنٍ وإرهاصاتُ قرنٍ جديدٍ
بدأ القرن العشرون بدايةً مأساويةً بل كارثية على الموسيقى العربيّة، فقد فقدت موسيقانا منذ بداية القرن وعلى ثلاث سنوات مٌتعاقبة، ثلاثة عمالقة كانوا يُمثلون بل يلخصون مدرسة القرن التاسع عشر، وهم مع سنوات وفاتهم:
1900: محمد عثمان زعيم مدرسة التلحين والمُجدد في شكل الموشح والدور.
1901: عبده الحامولي المطرب الكبير وزعيم مدرسة الغناء.
1902: أحمد أبو خليل القباني الدمشقي مُؤسِّس المسـرح الغنائيّ العربيّ منـذ سـتينيات القرن التاسع عشر في الإسكندرية(1).
وإن كان هذا يمثل شكليًّا نهاية مدرسة وبداية أخرى، فتطور الحضارةِ لا يسير على هذا الشكل. فالمعروف أن كلَّ مرحلةٍ من مراحل تطوُّر الحضارة الإنسانية تُولد وتنمو وتكبر إلى أن تصل إلى مرحلة الشيخوخة. وقبل آخر مرحلة، أي مرحلة الشيخوخة، تبدأ إرهاصات مرحلة جديدة نابعة منها، لكنها تحمل عناصر جديدة تنمو مع الوقت. ويستمر التعايُش بين هاتين المرحَلَتيْن إلى أن تنضج المرحلة الجديدة ، فتستقل عن المرحلة الأم القديمة لتنمو وتكبر وحدها تمامًا، كما يبقى الجنين في رحم أمه تسعة أشهرٍ قبل استقلاله عنها. وكما أن الجنينَ يحمل جينات أمه وينمو لاحقًا ككائنٍ مستقلٍ، فإن المرحلة الجديدة تنمو في رحم المرحلة السابقة، لكنها تحمل عناصر جديدة تطبع المرحلة الجديدة من هذا التطور(2).
وكان ظهور الأسطوانة في مصر سنة 1903م، أحد الأسباب المهمة جدًا في تمديد استمرار تعايش مدرسة القرن العشرين مع مدرسة القرن التاسع عشر بالرغم من وفاة زعمائها، ذلك أن المطربين المخضرمين بين القرنيْن، والذين كانوا يغنون كمذهبجية (كورس) لكبار مطربي القرن التاسع عشر، سجّلوا أغاني هؤلاء مع باقي تُراث القرن التاسع عشر على أسطواناتٍ، مما ساعد على امتداد تعايش المدرستين. وظهر في هذه الفترة ملحنون كبار كان انتماؤهم الموسيقي للمدرسة السابقة مع كونهم عاشوا في القرن العشرين، وأكبر هؤلاء بلا شك كان، زكريا أحمد(3).
ميلاد مُنتظر ونضوج فنيّ مُبكر
قَدِم الفتى «أحمد صقر» سليل قبيلة «مرزبان» العربية المُقيمة في جوار الفيوم إلى القاهرة بعدما استدعته السيدة زينب في منامه، وانصهر في الحياة القاهرية وانعجن بتفاصيل أيامها حتى لكأنه فرد أصيل منها، وأخذ يتردد على كل مكان فيها ويكوّن وجهة نظره في أمورٍ عدةٍ، من بينها ولعه الشديد بصوت الفنان «عبده الحامولي» حيث اُعتبر واحدًا من محبيه وأنصار حزبه المقابل لحزب الشيخ ندا.
ولكي يحفر اسمه أكثر وأكثر في ملامح حياة تلك المدينة، تزوج أحمد من فتاة من أسرةٍ تركيةٍ، أنجبت له بنات، فيما الذكور منها كانوا يموتون في أسبوعهم الأول. وأخذت فاطمة وزوجها يسمّيان أطفالهما الذكور على أسماء الأنبياء والخلفاء الراشدين، حتى رُزقوا بزكريا، بعد واحد وعشرين طفلًا ماتوا. كان أحمد يحب الطرب. أما فاطمة زوجته فكانت تتغنّى بالغناء التركي. وفي كنفهما وُلد زكريا في السادس من يناير 1896م، وكانت الشهور الأولى من عمره أشهر شكٍ وترقبٍ، خشيةَ أن يموت مثل إخوته، لكنه عاش(4).
وأرسله أبوه إلى كتاب الشيخ نِكْلَة قُرب منزله، ثم انتقل إلى الأزهر حيث أمضى سبع سنوات ليطرده منه بعد ذلك وهو في سن الثالثة عشر لضربه شيخه، وتبدأ ميول زكريا إلى الفن تظهر شيئًا فشيئًا؛ فأخذ يميل إلى حضور الموالد والأذكار في السرادقات، لسماع كبار الشيوخ والمقرئين والمطربين. وكان يشتري كتبَ الغناء ويغلِّفها بغلافات الكتب الجادة، مثل ألفية ابن مالك وما شاكلها(5).
بعد طرده من الأزهر، حاول والده إالحاقه بعدة مدارس، وكل هذه المحاولات كان يعترض طريقها الفشل حيث كان الطرد هو المصير الوحيد لزكريا بعد أيام قلائل من دخول المدرسة لاتهامه بالغناء، لتقرع الخصومة باب حياته مع والده، وتشتد عندما يُصارح الأخير برغبته في ترك التعليم والاشتغال كمقرئ.
غير أن الوساطات أقنعت الشيخ أحمد أخيرًا بأن مهنة المقرئ مهنة وقار فاقتنع، عندئذٍ أخذ زكريا يغشى المجتمعات والمنتديات في مرحلة انتصار الحركة الوطنية قبل الحرب الكونيَّة الأولى، وهي مرحلة أخذت تظهر فيها حركة التمثيل ونهضة المسرح الغنائي(6).
بزوغ الشخصية الفنيَّة
كانت هذه الفترة من أغنى الفترات، ليس في تاريخ زكريا أحمد فحسب، بل في تاريح مصر كلها، فقد كانت مصر تزخر عن بكرة أبيها بعظام الموسيقى التي كانت تخطو الهوينا مراحل تطورها ورسوخها في الفن العربي.
فلقد عهد أبوه إلى الشيخ «درويش الحريري» في تعليمه وتحفيظه القرآن الكريم، وظل زكريا في صحبة الشيخ درويش عشر سنوات. وحثّه درويش الحريري على الغناء في بطانة الشيخ «سيد محمود» خادم السيرة النبوية، لكنه لم يلزمها غير أشهر، وعاد إلى فرقة الحريري، الذي أجازه في حضور الحفلات وإحياء المآتم والأذكار والاعتماد على النفس(7). وأدخله الشيخ الحريري بطانة شيخ المقرئين والوشّاحين «علي محمود». علّمه الشيخ علي محمود الآذان فجرًا على نغماتٍ مختلفةٍ، إلى جانب التجويد والسيرة النبوية والتواشيح(8). وقد ساهم هذا كله في أسلوب غنائه وتلحينه لاحقًا.
وكان ذلك له من الأثر على شخصية زكريا الفنية؛ فقد كان الشيخ علي محمود تلميذ الشيخ «عبد الرحيم المسلوب» العلَّامة في تراث القرن التاسع عشر وما سبقه والذي عاش على امتداد ثلاثة قرون: أواخر القرن الثامن عشر، كل القرن التاسع عشر، والثُلث الأول من القرن العشرين، ويُقال أنه عاش حواليّ 130 سنة، وإلى جانب عبد الرحيم المسلوب، تتلمذ زكريا أحمد على «عثمان الموصلي» عالِم الموشَّحات الشاميَّة وأستاذ «سيد درويش» في مرحلته الشامية، والذي علمه في أثنائها كل التراث الشامي المشرقي(9). وفيما بعد، التحق بفرقة الشيخ «إسماعيل سُكر» للقراءة والإنشاد، وهو من خيرة المقرئين والمنشدين، وبذا كان إسماعيل سكر أستاذه الثاني بعد نسيبه الحريري(10)، الذي تزوج زكريا من شقيقته.
وقد أخذ مع الوقت يُعرض عن الغناء الدينيّ، ويُقْبل على الطرب والموسيقى، حتى يئس الشيخ درويش الحريري من تحفيظه القرآن، فحفظه آيات معلومة تناسب احتفالات بعينها. كانت رغبته تدفعه في اتجاه آخر، حتى سعى إلى «محمد القصبجي» ليتعلّم ضروب العود عليه(11).
ثورة 1919 التي أثّرت في زكريا أحمد وأثّر فيها
لقد انغمر زكريا -الشاب- في أتون الثورة ولئن كان دوره فيها غير قياديّ فقد كان في الواقع جنديًا مخلصًا للثورة، صفّى أعماله ولم يقبل الارتباط بأعمال جديدة منذ 9 مارس سنة 1919. وفي المرات التي سافر فيها إلى الأقاليم لم يكن الغرض من السفر قراءة القرآن أو قراءة قصة المولد النبوي أو الغناء، بقدر ما كان يحمل بعض الرسائل من ثوار القاهرة إلى ثوار الإقليم والعكس. وعندما كان يقرأ القرآن في القاهرة أو في الأقاليم كان يختار الآيات التي تحض على الاستبسال في الدفاع عن الأوطان والجهاد في سبيل الله. وأكثر من مرة، وفي أثناء وزارة «يوسف وهبة» باشا التي تولّت الحكم رغم أنف الساسة الوطنيين، ورغم إجماع الأمةِ على مقاطعة الحكم، كان يقرأ وسط الشبَّان الوطنيين الثائريين قول الله:
«اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ»
وكان يقرأ هذه الآية بالسبع قراءات مرة، وبالأربع عشرة قراءة مرات أخرى، وأكثر من مرة، اشترك في اجتماعات الأزهر وألقى خطبًا وأناشيد وأغاني، كانت تُقابَل من الجمهور بالتصفيق والهتاف(12).
ولحن زكريا أحمد في هذه الفترة ألحانًا سرت في الشعب مسرى النار في الهشيم، ومنها ما قد غناه «عبد اللطيف البنا»: «قال يا سعد من غيرك زعيم، ويا مصر دي أيام أنسك، ولمصر فيك يا سعد»، ومنها ما قد غنّاه «زكي مراد» ك«نشيد مصر أولادها رجال، ونار الوطنية في القلب»، وكان لزكريا أحمد نشيد اسمه «سعد زغلول»، كان يُلقَى في بداية العمل بمسرح الماجستيك حيث كان الجمهور والمنشدون والمطربون يرددونه جميعًا وقوفًا(13).
وإذا كان زكريا جنديًا مجهولًا في هذه الثورة فما أكثر ملايين الجنود المجهولين، وإذا كانت الثورة قد أضاعتها فيما بعد الانقسامات والانحرافات فحسبه أن أدى واجبه، وحسب الثورة أن ألوفًا من أمثال زكريا أحمد كانوا من صُنع هذه الثورة. لقد انطلق زكريا أحمد في أعقاب الثورة، انطلق ليرفع راية الموسيقى العربية، انطلق ليجعل من الفن أداة طيعة لخدمة الوطن في شتّى مجالاته؛ السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية(14).
سيد درويش وزكريا أحمد.. روحٌ فنيَّة واحدة في جسدين
في دنيا الموسيقى، نجد سيد درويش وزكريا أحمد بمثابة التوأمين، فبينما يفجر سيد درويش الثورة الموسيقية العربية، ينجح زكريا أحمد قرابة الأربعين عامًا في أن يكون الحارس الأمين للموسيقى العربية الأصيلة يذود عن حياتها ويدافع عنها، ويضم إلى كنوزها -بكثرة- تُحفًا من روائعه. ولم تخل جلسة من جلسات زكريا دون أن يشيد بفضل سيد درويش على الموسيقى العربية، ودون أن يؤكد ما كان يجمعهما من أخوة، وصداقة، وزمالة، وفي أحسن الحالات النفسية لزكريا أحمد كان يغني لسيد درويش الكثير من الأغاني والألحان التي كانت بالنسبة له أعذب الأغاني وأجمل الألحان(15).
سيد درويش، التقاه الشيخ زكريا وهو في العشرين تمامًا في الثالث من يناير سنة 1916م، قصد إليه في الإسكندرية واستمع إليه يغني، فأُخذ بموسيقاه، وكان الشيخ سيد آنذاك في الربعة والعشرين. وفي اليوم التالي، اشترى زكريا تذكرتي سفر بالقطار إلى القاهرة، واحدة له والثانية للشيخ سيد، لكن سيد غضب لكرامته في مسرح «محمد عمر» لأنهم أعطوه خمسة عشر جنيهًا ذهبًا أجر الليلة، حين كان «صالح عبد الحي» يتقاضى مائة جنيه، فعاد إلى الإسكندرية ليغني في مقهاه الشعبي بخمسة وسيعين قرشًا لليلة، زكريا أحمد أعاده إلى القاهرة. وتكررت لقاءات الفنانَيْن الشابَيْن (16).
لقد كان عُمر سيد درويش الفنيّ وعمره الزمنيّ يسبقان عمر زكريا أحمد ببضع سنوات، ولكن اتصالات زكريا، ووجوده في قلب العاصمة، وعدم انطوائه على نفسه أتاح لزكريا فرصًا لم تتح لسيد درويش. ثم أُتيح لسيد درويش فرصة؛ ثورة 1919 التي اشترك فيها الشعب كله، وكان تأثُر سيد درويش -لسبقه الفني والزمني- بالثورة أكثر من تأثر زكريا أحمد، ولعلّ القدر أراد أن يعدِل بين العملاقين: فمنح سيد درويش عبقرية قصيرة تلألأت دفعةً واحدةً بسرعة لفتت الأنظار، ومنح زكريا أحمد عبقرية طويلة الأجل ظلت تتلألأ شيئًا فشيئًا، إلى أن بلغت القمة بعد وفاة سيد درويش في أغسطس 1923(17).
انطلق سيد درويش -متأثرًا بالثورة- انطلاقة كبرى لفترة لا تتجاوز خمس سنوات، ثم أسلم الشُعلة لزكريا أحمد لفترة لا تقل عن ثمانية وثلاثين عامًا. وكان زكريا أحمد امتدادًا لسيد درويش، وكانت مجالات التقدم والتطور بالنسبة لزكريا أحمد أوسع منها بالنسبة لسيد درويش(18). لكن كثيرًا من أهل الفن في ذلك الوقت لم يدركوا ذلك، ولم يتوقف الأمر عند حد المعرفة المحدودة فقط، بل أن البعض منهم شاركوا مع أخرين في أعنف حملة تعرض لها زكريا أحمد في شخصه وفنه وكرامته، وكادت أن تعصف به من السجل الموسيقي العربي للأبد، فقد أصابوه في نقطة ضعفه الكبرى، سيد درويش.
سارت الأمور بالنسبة لزكريا أحمد بعد وفاة سيد درويش هينة لينة، لقد استطاع في سنوات قلائل أن يحتل المركز الذي كان يشغله بجدارة سيد درويش، واستطاع أن يشغل مكان المُلحن الأول، تنطلق أغانيه بسرعة البرق إلى جميع أرجاء البلاد، ويتهافت عليه أصحاب شركات الأسطوانات لكي يؤلف ويلحن ويغني(19). لتبدأ بعدها مجموعة من المجلات الفنية وعلى رأسها مجلة «المسرح» وصحيفة «كوكب الشرق»، وبشكل مُنظم، بالهجوم غير المبرر على شخصه وإعلان افتقاره إلى الموهبة لدرجة تصل إلى سرقة ألحان الشيخ سيد درويش، حيث زعم ابن سيد درويش، محمد البحر، أن زكريا أحمد قد سرق ألحان والده في أعماله «أدي وقت البرنيطة، وأرخي الستارة اللي في ريحنا» من ألحان سيد درويش ل«شوف كيفك، وألفين حمد الله» على الترتيب، ليطلب زكريا أحمد إظهار النوتات الموسيقية الخاصة بتلك الأعمال لتبيان اختلافها عن نوتات ألحانه لكن دون استجابة له.
واستمرت هذه الحال طويلًا، وأهل الفن منقسمون بين فريق مدافع عن زكريا وعلى رأسهم «بديع خيري» وهم قلة، وفريق يحاول إطفاء شعلة زكريا أحمد بنيران حقدهم الذي لا يمس الفن بصلة وعلى رأسهم «محمد البحر، ومحمد يونس القاضي»، وتستمر المباراة ودقائقها تمر ثقيلة على زكريا تعصف بروحه وتقطع أنفاسه، إلى أن تظهر حقيقة المؤامرة وتتكشّف خطوطها التي كان قوامها غيرة فنية تحولت إلى أشرس حملة فنية تعرض لها فنان في تاريخ مصر، وتنتهي الأزمة وزكريا قد أصبح هرمًا. ويسدل بديع خيري الستار عن تلك الحملة بكتابة مقال في مجلته «ألف صنف وصنف» في عددها الصادر 30 نوفمبر سنة 1926، عن ما يمتلكه زكريا أحمد من مخزون إبداعي مستمر في الانتشار، وعن عبقرية سيد درويش الفياضة التي لم يطل بها العمر طويلًا ليختم:
«فنعم الخلف لخير سلف، ورحمة الله على سيد درويش وسلام على زكريا أحمد(20).»
الشيخ زكريا صرح من صروح المسرح الغنائي
لم يخض زكريا غمار المسرح الغنائي قبل موت سيد درويش إلا مرة فقط، كان ذاك سنة 1916، حين اجتمع طلاب يهوون التمثيل منهم حسين رياض وحسن فايق، فشكّلوا فرقة ودعوا زكريا إلى تلحين روايتهم «فقراء نيويورك»، فلحّنها مجانًا ثم انقطع عن هذا الصنف من التلحين حتى عاد إليه سنة 1924(21).
إن الأغاني والأدوار والديالوجات في المسرح الغنائي كانت بحق محاولةٍ ناجحةٍ لتصوير أوضاعنا الاجتماعية والسياسية، لمجتمعِ ما بعد ثورة 1919، ولم يخل هذا التصوير من نقد هادئ في بعض الحالات، ونقد مُر عنيف في كثير من الحالات. وكانت الروايات المسرحية تمتاز بالاعتماد على الأغاني، فلا تُمثَل مسرحية ما دون أن تعتمد على سبعة ألحان أو ثمانية، وأحيانًا أحد عشر لحنًا، والسبب في ذلك أن الجمهور كان يُقبل على الأغاني أكثر من إقباله على التمثيل(22).
وقد أمكن إحصاء ثلاث وخمسين مسرحية غنائية لحنها زكريا، وتراوح عدد ألحانه في كل منها، من ثمانية ألحان إلى اثنى عشر لحنًا، إلا «دولة الحظ» فكان له فيها سبعة ألحان، وبلغ عدد أغنياته المسرحية خمسمائة وثمانين لحنًا(23). وتعامل زكريا أحمد مع أكبر فرق المسرح الغنائي في ذلك الوقت وألّف لها العديد من مسرحياتها مثل فرق: علي الكسار (30 مسرحية)، وزكي عكاشة (ثلاث مسرحيات)، ومنيرة المهدية (أربع مسرحيات)، وعزيز عيد وفاطمة رشدي (سبع مسرحيات)، ونجيب الريحاني (ثلاث مسرحيات)، وصالح عبد الحي (مسرحيتان)، ويوسف وهبي (مسرحية واحدة)، والفرقة القومية (مسرحيتان)، والمعهد العالي للموسيقى (مسرحية واحدة).
السينما.. ميدان إبداعٍ جديد
كان أثر ظهور السينما في المسرح الغنائي أثرًا حاسمًا، ولم يكن زكريا استثناءً في انتقاله من العمل للمسرح الغنائي إلى العمل للسينما الغنائية. وتشاء الصدف ربما أن زكريا الذي وُلد سنة 1896، أي سنة عرض أول فيلم سينمائي في مصر، هو الذي لحن أغنيات أول فيلم غنائيّ مصريّ . فيلم «أنشودة الفؤاد»، الذي غنت أغنياته المطربة «نادرة». وقد عُرض الفيلم في الرابع عشر من إبريل سنة 1932(24).
لم يُسجل فيلم أنشودة الفؤاد كأول فيلم يعمل فيه زكريا أحمد كملحنًا للأغاني السينمائية فحسب، بل أيضًا أول فيلم يؤدي فيه زكريا كمُمثلُا، حيث شارك في أحد أدوار الفيلم الذي كان «خليل مطران» صاحب قصته وحواره، مع كوكبة من نجوم الفن آنذاك من بينهم جورج أبيض، وعبد الرحمن رشدي، ودولت أبيض، ونادرة أول مطربة تظهر في السينما المصرية، ليسطِّر هذا الفيلم لنفسه مكانًا متفردًا في تاريخ السينما باعتباره من أوائل الأفلام الناطقة في مصر -يرى بعض المؤرخين أنه الأول حيث سبق فيلم أولاد الذوات- ويضم هذه الأسماء اللامعة في مجالاتها المتنوعة، وكمجال جديد يلمع فيه اسم زكريا أحمد كملحن سينمائي وممثل موهوب.وكادت كاميرا السينما أن تجذبه بعدما لفت الأنظار إليه لكنه آثر الابتعاد، وأن يكون موسيقارًا فقط.
وظل زكريا أحمد يعمل في السينما كملحنًا، راغبًا في أن يصنع لنفسه بصمة فيها كما فعل سابقًا في كل طريق سلكها، فقد كان زكريا من مُؤسسي الأغنية السينمائية، فقد اختار خط لحنيًا يصعب منافسته فيه حيث نهج في ألحانه نهج الغناء التقليدي. وقد اشترك زكريا في تلحين أغنيات سبعة وثلاثين فيلمًا، تضمنت إحدى وتسعين أغنية من ألحانه، اشتهر معظمها اشتهارًا عظيمًا(25).
ولابد في مجال تلحين الشيخ زكريا للأفلام من ذكر وراثته فن تصوير المشاهد الجماعية عن الشيخ سيد درويش، وهو فن ورثه عنه «سيد مكاوي» في «الليلة الكبيرة». وتبدو قدرة الشيخ زكريا على هذا التصوير في أوجها في أحد مشاهد فيلم «ليلى بنت الفقراء»، مشهد مولد السيدة زينب، حيث ينشد زكريا وهو مُعَّمم وحوله بطانته توشيح «الله أحد»، ثم تليه ليلى مراد بأنشودة «مدد يا سيدة»، وسط إيقاع المزاهر والطبول، وتظهر بعدئذ على الشاشة جموع بائعي الحلوى وغيرهم، وتبدأ بينهم مُحاورات في وسط أصوات المُناداة على الحلوى والنشوق وغيرها(26)، ويوجد الكثير من الأمثلة الذي تظهر براعة زكريا أحمد في التصوير التمثيلي الغنائي.
زكريا أحمد في قلعة أم كلثوم
يرى الكثيرون أنه من الصعب التحدث عن زكريا أحمد أو «أم كلثوم» دون تخصيص جزء من الحديث عن تعاونهما الفني، فكل واحد منهما نقطة من النقاط الفاصلة في حياة الآخر. كانت هي ترى فيه ملحنًا عبقريًا، وكان هو يرى فيها صوتًا لم يسمع مثيله منذ ولد، وقد انشدت له في بداية حياتها الفنية «مولاي كتبت رحمة الناس عليك» التي كان قد لحنها للشيخ علي محمود.
استطالت علاقة أم كلثوم وزكريا أحمد على نحو طبيعي ثلاثين عامًا، منذ أن قابلها المرة الأولى سنة 1918، حتى انتهائهما من فيلم فاطمة سنة 1948، لكن زكريا تأخر في التلحين لها حتى سنة 1931 في رأي معظم المراجع، حيث كان أول ما لحن لها «اللي حبك يا هناه» التي ابتكر فيها الطقطوقة ذات الأغصان المختلفة، ولم يكن زكريا عوَّادًا من الكبار، وكان في تخت أم كلثوم العواد العربي الأول محمد القصبجي، لكن زكريا لم يغب صوته عن مجموعة المذهبجية، حتى في الأغنيات التي لحنها غيره لأم كلثوم(27).
وكانت البداية بينهما مع طقطوقتين لحنهما لها، هما: «اللي حبك يا هناه» من تأليف «أحمد رامي»، و«هو ده يخلص من الله» من تأليف بديع خيري، وكان ذلك نحو سنة 1925، ثم يزيد المحصول الفني ويلحن لها أيضًا «جمالك ربنا يزيده، وقالولي آمن قلبك، والليل يطول ويكيدني، ومالك يا قلبي حزين، وأكون سعيد»، وغيرها.
من خلال صوت أم كلثوم، استطاع زكريا أحمد أن يبدعَ في كافة الأنواع التي عمل بها، فلا شك أن أهم مجموعة من الأفلام التي عمل بها من وجهة النظر الموسيقية تلك التي لحن فيها لأم كلثوم، وقد اشترك مع القصبجي والسنباطي في تلحين أغنيات جميع أفلامها الست باستثناء نشيد الأمل (1936-1937)، ولعل محاورة «قل لي ولا تخبيش يا زين» (من فيلم سلامة، لبيرم التونسي) من أهم النماذج التي تمثل إسهام الشيخ زكريا في تطوير الأغنية العربية عمومًا والسينمائية خصوصًا. فالأغنية محاورة بين المجموعة وأم كلثوم، لكن المحاورة يذكّر كثيرًا بشكل الطقطوقة الذي تتوالى فيه الأغصان (أي المقاطع) -بلحن مخصص لكل غصن- فيعود المغني عند نهاية كل غصن إلى المذهب ذاته الذي تبدأ به الأغنية وتنتهي(28).
لم يكن زكريا لأم كلثوم في بداية عهدها بالغناء ملحنًا فقط، بل كان صديقًا، وزميلًا، وأخًا(27)، ورغم طول الخلاف الذي استمر بينهما على مدار ثلاثة عشر عامًا، ورغم محاولات الكثيرين للجمع بينهما، إلا أن رجوع المياه بينهما إلى مجراها لم تأخذ إلا بضع دقائق، فالعشرة والصداقة كلن لهما أثرًا عميقًا في نفسيهما، فقد قال زكريا أحمد عن أم كلثوم في إحدى أحاديثه:
«إنها سيدة من غنّى في هذا العصر، وإنها حامية حمى الموسيقى العربية بموهبتها، وشخصيتها، وإصرارها على ألا تغني إلا اللوْن العربيّ. »
ويعود العمل الفني بينهما، لتكون أول ثماره أغنية هو «صحيح الهوى غلاب» من كلمات الشاعر والزجال «بيرم التونسي»، ويلحنها على مقام الصَبَا ذي التأثير القويّ والمجهود الكبير على ملحنه، ويبدأ في تلحين أغنية «أنساك» التي لم تمهله أيام عمره ليستكملها. ليتوقف رصيد أعماله مع أم كلثوم عند الرقم 68(29).
أسلوب زكريا أحمد التلحينيّ والغنائيّ
نجد لدى زكريا كل عناصر التلحين التي تُميّز مرحلة القرن التاسع عشر عن مرحلة التلحين في القرن العشرين حين نضجت واستقلت وذلك في أواسط الثلاثينيات من القرن العشرين:
- سيطرة الغناء الذي يُشكّل العنصر الأساسي في بناء العمل الموسيقي.
- صِغر دور الفرقة الموسيقية وقيامها بنفس الدور الذي كانت تلعبه في القرن التاسع عشر أي مصاحبة الغناء وضرب الإيقاع لغاية دخول المطرب فقط.
- عدم وجود اللوازم الموسيقية الكبيرة التي أصبحت من أهم عناصر التلحين في القرن العشرين.
- استعمال الدولاب الموسيقي بدلًا من المقامات الموسيقية بنفس الطريقة المُتبعة في القرن التاسع عشر ولنفس الأهداف: تسليم المقام وسلطنة المُطرب عليه قبل بداية الغناء.
- تسليم الكوبليهات بنفس الطريقة: دولاب بسيط كلازمة موسيقية قبل كل كوبليه(30).
وإذا انتقلنا إلى أسلوبه الغنائي، فإن عناصر صوته وطريقة أدائه تؤكد هذا الانتماء إلى القرن التاسع عشر. ويظهر هذا جليًا في أغانيه التي سجّلها بصوته مثل «أهل الهوى، الورد جميل، يا صلاة الزين، أنا في انتظارك، الأمل». كذلك يظهر هذا الانتماء في أسلوب الغناء في ترديده، مع المذهبجية، المذاهب والآهات في الأدوار والأغنيات التي لحنها لأم كلثوم كما في دور امتى الهوى وأغنية الليل يطول ويكيدني، وغيرها(31).
أما عناصر صوته فهي التالية:
- تأخير النبر الإيقاعي في الغناء.
- الخنفة في الغناء (تمرير الصوت من خلال الأنف)، والتي ترجع إلى أسلوب الإنشاد الديني في القرن التاسع عشر.
- تملُكه من السكك المقاميَّة في عملية التلوين المقاميّ الراجع إلى مدرسة التجويد القرآنيّ في مدرسة القرن التاسع عشر.
- مقدرته الفائقة على الارتجال الغنائيّ والإيقاعيّ، وهي من أهم صفات مطربي تلك المدرسة، بل هذه المقدرة على الارتجال الغنائي ساهمت مساهمة كبرى وبعيدة التأثير في الفصل بين صنعة الغناء والتلحين، وفي تحويل المطرب إلى ملحن في القرن التاسع عشر(32).
آراء زكريا أحمد في الفن والحياة
كانت المعادلة التي يؤمن فيها شيخ المُلحنين من أجل وصول الفنان إلى أعلى درجات المجد والشهرة، هي تمكُّنه من الفن الذي يقدمه، وتفهُّمه لنفسية الجماهير وما تريده، إذ ذاك فقط يكون في أعلى مراحل النجومية وتتلقّاه جماهيره بود واحترام بالغيْن.
ولأن زكريا كان رجلًا بسيطًا مثل أيام حياته التي عاشها وسط الطبقات الشعبية، كانت تشبيهاته تحمل نفس أوصافه، فقد كان يرى أن الفرق بين الموسيقى العربية والموسيقى الغربية مثل الفرق بين السَمْن البلدي والسمن الصناعي، حيث كان يتحدث عن أصالة موسيقانا التي بدأت في الجزيرة العربية قبل أن تبزَغ شمس الإسلام وكيف أبقى الإسلام على الموسيقى، وأن الموسيقى العربية أصبحت جزءًا مكملًا للحياة الاجتماعية العربية، وأن المغنين والمغنيات كانوا مُتبحرين في النحو، والشعر، والفقه، والفلسفة، والهندسة، والموسيقى، وكان يتحدث أيضًا عن الدور الخطير الذي لعبته الموسيقى العربية في الأندلس بجميع الممالك الأوروبية ولاسيما جنوب أوروبا، وكيف انتشرت الآلات الموسيقية العربية كالعود، والجيتار، والدف، والطبل، وكيف احتفظت هذه الآلات بأسمائها العربية، حيث ظلت أوروبا تحت تأثير الموسيقى الشرقية وآلاتها عدة قرون إلى أن قضى عليها ذيوع البيانو(33).
ويؤكد زكريا على وحدة الموسيقى العربية:
«إن الألحانَ المصرية، والتونسيّة، واللبنانيّة، والعراقيّة وغيرها من الألحان العربية هي فروع لعائلةٍ واحدةٍ. لا جدل أن بينها بعض الفوارق، ولكن الفنان اليقِظ يقدر بسرعة أن يلمس هذه القُربى الشديدة بين الألحان.. ولهذه العائلة النغمية أنسباء وأقرباء في الأقطار الشرقيّة المجاورة، هي الألحان الفارسيّة، والتركيّة، وبعض البلدان البلقانيّة، غير أن هناك ضابطًا واحدًا يجمعها كلها جميعًا؛ هو الوحدة الموسيقية التي يتوقف عليها ضبْط الألحان وموازينها(34).»
أعمال صاحب الألف لحن
طَرَق زكريا أحمد كل ميادين التلحين، ففي بداية حياته الفنية نراه يكثر من تلحين التواشيح والاستغاثات الدينيّة وبعدها يبرع في تلحين الطقاطيق الخفيفة، ثم نراه فيما بعد يتخصّص أكثر من ثماني سنواتٍ في تلحين الروايات المسرحية التي كانت تقدمها الفرق المسرحية المختلفة، فإذا ما ارتقت صناعة السينما في مصر وأصبح للأفلام العربية مكانتها، هرع المخرجون والمنتجون إليه يطالبونه بتلحين معظم أفلامهم ، ثم يتخصص في تلحين الأغاني العاطفية ويقدم بالاشتراك مع بيرم التونسي أجمل الألحان للفنانة أم كلثوم، وهنا يجلس زكريا على قمة المجد الفني ولا تستطيع أي قوة أن تزحزحه عن مكانه حتى الموت نفسه لا يستطيع، فستظل هذه الروائع باقية ما بقيت الموسيقى العربية(35).
لقد بلغ الإنتاج الفني الذي خلّفه الفنان الكبير زكريا أحمد 1075 أغنية مختلفة الأنواع والألوان، و56 أوبرا وأوبريت، وقال الفنان الأستاذ محمد حسن الشجاعي -رحمه الله-:
«إن هذا المحصول الموسيقيّ العظيم لم يتوافر لأي فنان في العالم العربي حتى وقتنا هذا، كما أن هذا المحصول الوفير لم يسقط منه لحنٌ واحدٌ(36).»
وفي 15 ديسمبر 1960، منح الرئيس الراحل جمال عبد الناصر الفنان زكريا أحمد وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى في عيد العلم.
وهكذا، جدد هذا التقليديّ الكبير في أشكال وقوالب الموسيقى العربية -الطقطوقة والأدوار خاصةً- وفعل ما لم يفعله كبار المجددين في القرن العشرين: محمد القصبجي، ورياض السنباطي، ومحمد عبد الوهاب، انطلاقًا من القوالب الموسيقية الغنائية التقليدية المعروفة، تمامًا كما فعل في الموسيقى الغربية الكلاسيكية «يوهان برامز» (1833-1897) الذي سكب كل تجديداته الرومانسية العظيمة في القوالب التقليدية الكلاسيكية المعروفة، ما أشعل حربًا ضده من قبل المُجددين الرومانسيين أمثال «ريتشارد فاجنر» و«فرينز ليست»، اللَذَيْن لم يريا التجديد إلا من خلال هدم الأنواع والقوالب الموسيقية القديمة الكلاسيكية التقليدية وابتكار أنواع جديدة(37). ليكون زكريا أحمد بما قدَّمه من أعمال كما قال عنه محمد عبد الوهاب، متحف الموسيقى العربية.
كان هذا الرجل إنسانًا، وفنانًا، ومطربًا، ومُلحنًا، ومُؤلفًا، ومُمثلُا. لعب كل هذه الأدوار في حياة واحدة امتدت لخمسة وستين عامًا، غُلفت أيامها بالحكمة ليكون فيلسوفًا من الدرجة الأولى، عاش مبتسمًا لا يلقي للدنيا بال والألم يعتصره من جراء انتحار ابنه، لكنه استمر واستمر، حتى أصبح أيقونة ورمزًا، وتحولت الدراسة والبحث حول حياته من مجرد رصد لحياة فنان، إلى بحث متعمق حول تطوُر الموسيقى العربية والشرقية ذاتها وما استتبعه ذلك من تغيرات في البيئة السياسية والفنية على حد سواء.
إعداد: هدير جابر
المصادر
- سليم سحاب (2018)، “زكريا أحمد: امتداد القرن التاسع عشر في القرن العشرين”، مجلة شؤون عربية، العدد 172، ص ص 112-127.
- نفس المرجع السابق، ص112.
- نفس المرجع السابق، ص113.
- فكتور سحاب. (1987). السبعة الكبار في الموسيقى العربية المعاصرة. بيروت: دار العلم للملايين.
- نفس المرجع السابق، ص94.
- نفس المرجع السابق، ص95.
- نفس المرجع السابق، ص ص 95-96.
- سليم سحاب، مرجع سابق، ص114.
- نفس المرجع السابق، ص ص 113-114.
- فكتور سحاب، مرجع سابق، ص96.
- نفس المرجع السابق، ص96.
- صبري أبو المجد. (1963). أعلام العرب: زكريا أحمد. القاهرة: مؤسسة المصرية العامة للتأليف والترجمة والطباعة والنشر.
- نفس المرجع السابق، ص160.
- نفس المرجع السابق، ص161.
- نفس المرجع السابق، ص193.
- فكتور سحاب، مرجع سابق، ص98.
- صبري أبو المجد، مرجع سابق، ص206.
- نفس المرجع السابق، ص207.
- نفس المرجع السابق، ص207.
- نفس المرجع السابق، ص226.
- فيكتور سحاب، مرجع سابق، ص100.
- صبري أبو المجد، مرجع سابق، ص ص 174-179.
- فيكتور سحاب، مرجع سابق، ص100.
- نفس المرجع السابق، ص ص 105-106.
- نفس المرجع السابق، ص106.
- نفس المرجع السابق، ص113.
- نفس المرجع السابق، ص ص 126-127.
- نفس المرجع السابق، ص109.
- إيزيس فتح الله، محمود كامل. (2001). موسوعة أعلام الموسيقى العربية: (1) أم كلثوم. القاهرة: دار الشروق.
- سليم سحاب، مرجع سابق، ص114.
- نفس المرجع السابق، ص115.
- نفس المرجع السابق، ص115.
- صبري أبو المجد، مرجع سابق، ص ص 264-265.
- نفس المرجع السابق، ص351.
- نفس المرجع السابق، ص295.
- نفس المرجع السابق، ص322.
- سليم سحاب، مرجع سابق، ص127.
.