سبعة أسباب تدفعك لقراءة أدب أنطون تشيخوف

سبعة أسباب تدفعك لقراءة أدب أنطون تشيخوف

لطالما ارتبط اسم الكاتب الروسيّ الكبير، أنطون تشيخوف، بالمسرح، ولكن رغم ذلِكَ فإنّ تشيخوف لم يكن بارعًا في كتابة المسرحيّات فقط إذْ كان عبقريًّا في كتابة القصص القصيرة. ولسوء الحظّ فإنّ أدب تولستوي وديستوفيسكي قد عتّم على أعماله وسرق البساط من تحتها. وإليكم سبعة أسبابٍ تدفعكم لقراءة النّتاج الأدبيّ للكاتب الكبير أنطوني تشيخوف.

يعرف جيدًا دوافع البشر

وُلِد «أنطون تشيخوف» في عام 1860 في مدينة تاجونروج الجنوبيّة بروسيا، وصار المنزل الّذي عَاشَ فيه الآن متحفًا. وفي عمر التّاسعة عشر توجّه تشيخوف إلى موسكو وسجّل في الجامعة الحكوميّة بكليّة الطّبّ. وبينما كان تشيخوف طالبًا بدأ في عمله كطبيبٍ ومارس الطّبّ طوال حياتِه.

ولأنّه رأى جميع أنواع البشر خلال حياته وأثناء عمله كطبيبٍ، تتغلغل قصصه في جوهر الرّوح البشريّة مع دمجٍ ماهرٍ للسّخرية من تفاهة المجتمع وابتذاله.

ومن بين أفضل ثلاث قصصٍ قصيرةٍ لتشيخوف:

  • العزيزة: وهي تحكي عن أولجا، السّيّدة اللّطيفة الّتي يناديها أصدقاؤها بـ«دوشيتشكا» (الّتي تعني العزيزة)، ولديها رغبةٌ عارِمةٌ في الحبّ. وعندما تتزوّج من مخرجٍ مسرحيٍّ تنخرط بعمقٍ في أمور المسرح وتحبّه. وحين يموت المخرج ثمّ تتزوّج من مديرٍ لمستودع الغابات وتبدأ في العمل معه، تظنّ أولجا أنّ الخشب هو أهمّ شيءٍ في الحياة. وسرعان ما تصير مهتمّةً به تمامًا كالمسرح. وعندما يموت زوجها… حسنًا فهمت الأمر، فالأمور تذهب في نفس الاتّجاه طوال الأحداث. فهي تشعر بالسّعادة فقط حين تهتمّ برجلٍ وتذوب تمامًا في عالمه. هذه حقيقةٌ موجودةٌ حتّى الآن، وهذا النّوع من السّيّدات يُطلق عليه «دوشيتشكا – العزيزة».
  • الرّجل المُعَلَّب: تحكي القصّة عن رجلٍ عُرِف عنه ارتداؤه للجرموق ومعطف الحشو الدّافئ وحمله للمظلّة دائمًا حتّى في أيّام الطّقس الصّحو. وكانت لدى الرّجل حقيبةٌ خاصّةٌ للمظلّة والقلم والسّكّين والسّاعات. ويغلق هذا الرّجل على نفسه باب منزله بعددٍ ضخمٍ من الأقفال، ويرغب في عزل نفسه عن العالم الخارجيّ. كما والتزم الرّجل بالأعمال الصّحيحة وكان يخاف دائمًا الخروج عن المألوف. وفي النّهاية عندما يموت الرّجل ويُغَطّى بالكفن يبدو وجهه سعيدًا كأنّه «سعيدٌ كونه وُضِع أخيرًا في الحقيبة الّتي لن يخرج منها أبدًا.»
  • السّيّدة صاحبة الكَلْب: هذه قصّةٌ عن شخصين غير سعيدين في زواجيهما، وتجمعهما الصّدفة في منتجعٍ بمدينة القرم في يالطا بروسيا. وعندما يجد بعضهما الإلهام في بعضٍ تعود الحياة إلى قلبيهما مؤقّتًا. ولكن فيما بعد يعانيان أكثر، إذْ يدركان أنّهما يتجاهلان عائلتيهما. وكان الطّلاق في القرن التّاسع عشر تصرّفًا غير دارجٍ وإجراءاته معقّدةٌ للغاية. لهذا فإنّ المحبّين يُبقيان على اللّقاء بينهما ويستمتعان بالحبّ حتّى يدركا أنّهما لم يعودا صِغارًا وأنّهما يعانيان من الطّبيعة غير الشّرعيّة لحبّهما.

حسّ عالٍ من الفكاهة ودون وعظ

لدى تشيخوف حسّ الفكاهة الذّكيّ الّذي يسمّيه الرّوسيّون «الضّحك من بين الدّموع»، ويُقصد به عندما يكون في إمكانك الضّحك بينما تقرأ عن أخطاء وذنوب الآخرين ثمّ تدرك أنّك قد ترتكب نفس أخطائهم، ففي العموم كلّ الأشخاص يتشابهون.

وواحدةٌ من خصائص تشيخوف البارزة والّتي تجعله يمتاز عن غيره من الكتّاب الرّوسيّين، أنّ قصصه ليست وعظيّةً. فيُسمح للقارئ أن يخلق استنتاجاته الخاصّة، ممّا يعني أنّ القصّة يمكنها أن تتغيّر وفقًا لقارئها.

فهناك قصّةٌ قصيرةٌ رائعةٌ تُسمّى «الحرباء» تروي قصّة رجلٍ عنيفٍ ضدّ أحد الكلاب، وحين يدرك أنّها كلبة القائد يبدأ فجأةً في العناية بها بشكلٍ استثنائيٍّ. وتتغيّر سلوكيّات الرّجل بناءً على من يقول النّاس إنّه صاحب الكلبة.

 يستكشف الروح الروسية الغَامِضَة

سَبَق وذكرنا القصّة القصيرة «العزيزة» الّتي تساعد في فهم روح امرأةٍ روسيّةٍ مع أقوى غريزةٍ لها وهي الأمومة. وبالمناسبة كان ردّ فعل ليو تولستوي سلبيًّا على كون تشيخوف يجعلنا نضحك في قصّة العزيزة، إذ تأثّر تولستوي بطبيعة المرأة البسيطة والمخلصة وقدرتها على الحُبّ.

وشخصيّات تشيخوف هم ممّن يعرفون بكونهم «البسطاء من النّاس» ويتّسمون بسخافتهم. فالكاتب لا يحاول أن يبدي أسئلةً عن معنى الوجود الإنسانيّ، ولكنّه يُظهِر فقط النّاس العاديّين مع مشكلاتهم اليوميّة.

خاطر بصحته من أجل الكتابة

أثناء مرضه بالسّلّ، أخذ تشيخوف رحلةً طويلةً حول سيبيريا وحتّى جزيرة سخالين. وفي ذلك الوقت كانت الجزيرة معروفةً بكونها أرضًا بعيدةً يُنفى إليها المسجونون، وهو مكانٌ أسوأ وأبعد من سيبيريا. ولكنّ تشيخوف ذهب إليها بكلّ شجاعةٍ، حتّى يبحث في حياة السّكّان المحلّيّين. بل إنّه أيضًا أجرى نوعًا من التّعداد السّكّانيّ، وكتب عملًا واقعيًّا يصف فيه حياة سكّان الجزيرة الّتي كان العالم الخارجيّ لا يعرف عنها الكثير.

ألهمت مسرحياته أسلوب ستانيسلافسكي في الأداء التمثيليّ

تشيخوف يقرأ مسرحيّة النّورس مع مجموعةٍ من ممثّلي المسرح.
تشيخوف يقرأ مسرحيّة «النّورس» مع مجموعةٍ من ممثّلي المسرح.

الأخوات الثّلاثة، وبستان الكرز، والخال فانيا، والنّورس؛ جميع هذه المسرحيّات لا تحتاج إلى تقديمٍ خاصٍّ. وعُرِضت كلُّ هذه المسرحيّات على مسرح موسكو الجديد والّذي صار اليوم يحمل اسم تشيخوف نفسه. وكانت البطولة النّسائيّة لكلّ هذه المسرحيّات لممثّلةٍ شابّةٍ وهي «أولجا كنيبر» الّتي أصبحت فيما بعد زوجة الكاتب الرّوسيّ.

وأحدث تشيخوف ثورةً في الدّراما، فقد جَلَب بمسرحيّاته الوقفات والحوارات المطوّلة والنّقاشات اليوميّة العاديّة إلى خشبةِ المسرح، مُضحّيًا بالأحداث الّتي كانت في السّابق عاملًا شديد الأهميّة بالنّسبة للدّراما. وكان المخرجان الأسطوريّان قسطنطين ستانيسلافسكي وفلاديمير نيميروفيتش شريكيه في هذا الفكر، إذْ جعلا التّمثيل المسرحيّ أقلّ إثارةً للشّفقة وأقرب للنّاس وجرّدوه من مستوى الفنّ الرّفيع.

«الإيجاز توأم الموهبة»

هذه الجملة من أكثر الأقوال المعروفة عن تشيخوف. وعلى كلٍّ، فقد قدّم تشيخوف الكثير من الاقتباسات البارعة الّتي دخلت إلى اللّغة الرّوسيّة كأقوالٍ مأثورة. فإن كنت لا تعرف أيّ خاطرةٍ عميقةٍ تنشرها على فيسبوك، يمكنك أن تجد الكثير من الاقتباسات لتشيخوف.

ويعدّ الإيجاز واحدًا من مزايا تيشخوف في مقابل معاصريه الآخرين (تحيّاتي إلى ليو تولستوي مجدّدًا). فمعظم قصصه القصيرة هي حقًّا قصيرةٌ، فبعضها يأخذ فقط خمس دقائق في القراءة، ولكنّها تقدّم وجبةً دسمةً من التّفكير.

بفضل كتبه بدأ الروسيون في قراءة الأدب

من بين قصص تشيخوف القصيرة، يوجد عددٌ من القصص الّتي قرأها كلّ الأطفال الرّوسيّين أثناء فترة التّعليم في المدارس الابتدائيّة ومنها على سبيل المثال؛ قصّة «كشتانكا» الّتي تحكي عن كلبةٍ تضيع وينتهي بها المطاف في منزل مهرّجٍ. ثمّ يحبّ المهرّج الكلبة ويدرك أنّها ذكيّةٌ. ويبدأ المهرّج في تقديم عروضٍ معها، ولكن في أحد العروض ترى كشتانكا مالكها الأصليّ وتجري إليه في سعادةٍ.

وأيضًا هناك القصّة الحزينة للطّفل الصّغير «فانكا» الّذي يعمل متدرّبًا لدى صانعٍ للأحذية. وفي ليلة عيد الميلاد يفتقد الطّفل منزله ويكتب خطابًا يعنونه بـ«إلى جدّي في القرية». فيما بعد أصبحت هذه الجملة قولًا مأثورًا يعني إرسال شيءٍ ما إلى وجهةٍ غير موجودةٍ.

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي