سرطان الخلية الكبدية (Hepatocellular carcinoma (HCC يعتبر واحد من أكثر السرطانات الأولية إصابة للكبد بالإضافة لكونه واحد من أكثر السرطانات المسببة للوفاة في العالم.
سرطان الكبد هو خامس أكثر أنواع السرطان شيوعًا في الرجال والسابع في النساء [1]. حيث يقدر عدد المرضى ما بين 250،000 و1،000،000 حالة جديدة سنويًا مع نسبة الذكور والإناث من حوالي 4 أو 5: 1. سرطان الخلايا الكبدية (HCC) هو أكثر أنواع السرطان الأولية التي تصيب الكبد، حيث يمثل من 85٪ حتى 90٪ من السرطانات التي تصيب الكبد[2]. تزداد فرص الإصابة به مع تخطي عمر السبعين ويندر حدوثه في دون الأربعين. غالبية حالات سرطان الخلية الكبدية تنشأ نتيجة استهلاك الكحول بأفراط، التهاب الكبد B وC ومرض الكبد الدهني غير المتعلق بالكحول ومن الأسباب الأخرى الأقل شيوعًا هي مرض ويلسون، داء ترسب الأصبغة الدموية وراثي، ونقص الفا1 انتيتريبسين
Alpha1-antitrypsin – تليف الكبد الصفراوي الأولي والتهاب الكبد المناعي الذاتي [3].
عامة أي عامل يتسبب في إصابة كبدية مزمنة تتسبب في النهاية تليف كبدي قد تم ربطها مع حالات سرطان الخلية الكبدية.
بالرغم من تعدد الأسباب والحالات التي تؤدي في نهاية الأمر للإصابة بسرطان الخلية الكبدية، إلا انه قد تم إحراز تقدم هائل في إدراكنا للألية الجزيئية والمرضية لسرطان الكبد.
عوامل الخطر التي تسبب حدوث سرطان الخلية الكبدية
حوالي 50% من الحالات المصابة بسرطان الخلية الكبدية تكون مرتبطة مع التهاب الكبد الوبائي ب (HBV infection) و25% من الحالات تكون مرتبطة مع التهاب الكبد الوبائي ج (HCV). [4]
بالنسبة للفيروس الكبدي ب فهو يمتلك حمض نووي مزدوج الشريط (double-stranded DNA) والفيروس قادر على دمج الحمض النووي الخاص به بالحمض النووي الخاص بالخلية الكبدية، حيث يتسبب ذلك فيما يشبه الطفرة التي تؤدي إلى إعادة ترتيب الكروموسومات الثانوية وزيادة عدم الاستقرار الجيني. لهذا تزداد خطورة الإصابة بالسرطان لحوالي المئة ضعف للمصابين بالتهاب الكبد الوبائي من النوع ب مقارنة مع غير المصابين به. [5]
أما الفيروس الكبدي ج الذي يمثل السبب الأكبر في إصابات سرطان الكبد في كل من أوروبا واليابان والولايات المتحدة وأمريكا اللاتينية بمعدل سنوي يتروح ما بين 2٪ إلى 8٪ فالأمر مختلف. حيث يحتوي على حمض نووي أحادي الشريط أو (RNA) غير القادر على الاندماج مع جينوم الخلية الكبدية لذاك فهو يتسبب في سرطان الخلية الكبدية ولكن بطرق غير مباشرة كالتعديل على طرق القتل الذاتي للخلية (apoptotic pathways) وتكوين السرطانات، لذلك احتمال الإصابة بالسرطان لحاملين الفيروس الكبدي ج تمثل 17 ضعف احتمالات غير المصابين به. [5]
مؤخرًا فد تم الربط بين كل من السمنة وداء السكري والإصابة بسرطان الخلية الكبدية.
حيث تزداد احتمالية الإصابة للمصابين بالسمنة المفرطة وداء السكري حوالي الضعف مقارنة بالمعافين. أما بالنسبة للكحول فهو يعتبر واحد من أكثر الأسباب المسببة لسرطان الكبد ذلك عند زيادة التناول، الاستهلاك المفرط للكحول 40-60 غراما من الكحول يوميًا يرتبط إلى حد كبير مع زيادة احتمالية الإصابة بسرطان الكبد. [6,7]
الأفلاتوكسين (Aflatoxin) هي السموم الفطرية التي تنتجها فطريات الفلافس (flavus) والفطريات الأخرى التي تلوث الأطعمة المخزنة مثل الأرز والذرة وفول الصويا، والفول السوداني. في بعض مناطق العالم خاصة إفريقيا وأسيا يشكل ذلك عامل مهم في الإصابة بسرطان الكبد. [8]
التعرض المستمر لمادة الافلاتوكسين يشكل عامل من عوامل الإصابة بالسرطان الكبدي ذلك نتيجة لدوره في تحطيم الحمض النووي للخلية الكبدية مسببًا طفرات في الجين المانع للسرطان. (P53)
التشخيص
في العديد من المرضى، سرطان الخلية الكبدية يكون بلا أعراض وعندما تبدأ الأعراض في الظهور يكون ذلك نتيجة لتقدم المرض وإصابة الكبد المزمنة. تتمثل هذه الأعراض في
اصفرار الجلد والعينين، وآلام في الجانب البطن العلوي الأيمن، وتورم في البطن، ضعف، فقدان الوزن، الحمى.
على مر العقود القليلة الماضية قد زاد عدد المشخصين بالإصابة بسرطان الخلية الكبدية نتيجة لزيادة الوعي والمتابعة المستمرة خاصة للمشخصين بزيادة احتمالية الإصابة بالمرض، مثل المصابين بالتليف الكبدي. حيث يوصى بالتحليل عن وجود سرطان الكبد لهؤلاء كل 6 أشهر.
الطرق الأكثر استخدامًا للكشف عن المرض تتمثل في عدة وسائل أهمها
مستوى ألفا فيتو بروتين في الدم، (Alpha-fetoprotein (AFP)) التاريخ المرضى، الفحص البدني، استخدام أساليب التصوير الموسع مثل الموجات فوق الصوتية والتصوير بالرنين المغناطيسي والأشعة المقطعية. [9,10]
طرق العلاج
تحديد مرحلة السرطان يلعب دور رئيسي في اتخاذ طرق العلاج المناسبة للحالة. هناك العديد من الأنظمة المستخدمة مع المرضى الذين يعانون من سرطان الكبد لتحديد مرحلة المرض، ولكن اليوم الأكثر فعالية والأكثر استخدامًا هو تصنيف عيادات أمراض الكبد ببرشلونة (BCLC). [11]
يساعد هذا التصنيف الأطباء على تحديد المرضى في المراحل الأولى من المرض الذين قد يستفيدون من العلاج والمرضى الذين يعانون من المرض في مرحلة متقدمة الذين يحتاجون للمسكنات. للأسف غالبية المرضى بسرطان الكبد يتم تشخيصهم في مرحلة متقدمة.
بالاعتماد على مرحلة المرض هناك العديد من الخيارات للعلاج
الاستئصال الجراحي، طريق حقن الإيثانول (PEI)، العلاج الإشعاعي (radiofrequency ablation (RFA))، حقن الكيماوي الوريدي (trans arterial chemoembolization (TACE)) والحقن الإشعاعي (radio-embolization).
الخيار الأول للمرضى الذين لديهم الشروط الملائمة وفقا لنظام التدريج (BCLC) هو الاستئصال [32]. الاستئصال الجراحي هو الخيار لعلاج المرضى الذين يعانون من عقيدة واحدة، لا وجود لتليف الكبد بالإضافة لوظائف كبد سليمة.
العلاج بواسطة حقن الإيثانول والعلاج الإشعاعي هو خيار العلاج الأمثل لمرضى الأورام الصغيرة غير المرشحين للاستئصال الجراحي أو زرع الكبد. معدلات البقاء على قيد الحياة بعد هذا العلاج هي 100٪ في السنة الأولى و98٪ في السنة الثانية.
العلاج الأمثل للمرضى في المرحلة المتوسطة هو الحقن الكيماوي. المرضى الذين يعانون من تعويض وظيفة الكبد، مع عقيدة كبيرة واحدة (<5 سم) أو سرطان الكبد متعددة الحويصلات دون وجود أدلة من غزو الأوعية الدموية أو انتشار الكبد يعتبروا مرشحين لذلك العلاج. [12]
ملخص
العمل على تطوير طرق علاج أكثر فعالية وأمان لمرض سرطان الكبد يجري على قدم وساق. لكن مازال العامل الأساسي لنجاح العلاج هو التشخيص المبكر للمرض في مراحله الأولى والمتابعة المستمرة للمشخصين بحالات ترفع من احتمالية الإصابة.
المصادر
1-El-Serag HB. Hepatocellular Carcinoma. N Engl J Med. 2011;365:1118–27.
2-El-Serag HB, Rudolph KL. Hepatocellular Carcinoma: Epidemiology and Molecular Carcinogenesis. Gastroenterology. 2007;132:2557–2576.
3-Sanyal AJ, Yoon SK, Lencioni R. The Etiology of Hepatocellular Carcinoma and Consequences for Treatment. The Oncologist. 2010;15(suppl 4):14–22.
4-Gurtsevitch VE. Human oncogenic viruses: Hepatitis B and hepatitis C viruses and their role in hepatocarcinogenesis. Biochemistry (Mosc) 2008;73:504–513.
5- Szabó E, Páska C, Kaposi Novák P, et al. Similarities and differences in hepatitis B and C virus induced hepatocarcinogenesis. Pathol Oncol Res. 2004;10:5–11.
6-El-Serag HB, Hampel H, Javadi F. The association between diabetes and hepatocellular carcinoma: a systematic review of epidemiologic evidence. Clin Gastroenterol Hepatol. 2006;4:369–80.
7-Ascha MS, Hanouneh IA, Lopez R, Abu-Rajab Tamini T, Feldstein AF, Zein NN. The Incidence and Risk Factors of Hepatocellular Carcinoma in Patients with Nonalcoholic Steatohepatitis. Hepatology. 2010;51(6):1972–8.
8-Bressac B, Kew M, Wands J, Ozturk M. Selective G to T mutations of p53 gene in hepatocellular carcinoma from southern Africa. Nature. 1991;350:429.
9-Raphael SW, Yangde Z, YuXiang C. Hepatocellular Carcinoma: Focus on Different Aspects of Management ISRN Oncology. 2012 Article ID 421673: 12 pages.
10-El-Serag HB, Marrero JA, Rudolph L, Reddy KR. Diagnosis and treatment of hepatocellular carcinoma. Gastroenterology. 2008;134(6):1752–1763.
11-Pons F, Varela M, Llovet MJ. Staging systems in hepatocellular carcinoma. HPB (Oxford) 2005;7(1):35–41.
12-European Association For The Study Of The Liver, European Organisation For Research And Treatment Of Cancer. EASL-EORTC clinical practice guidelines: management of hepatocellular carcinoma. J Hepatol. 2012;56:908–943.