الجزء الرابع – شلل الأطفال
بين الحين والاَخر تجد الطبيب يطرق بابك لتعلم أنها حملة من أجل التطعيم ضد شلل الأطفال، لكن ما هو شلل الأطفال؟ وهل له وجود حقًا؟ أم أن هذه اللقاحات المتكررة غير ضرورية؟ وإن كانت العدوى موجودة فما هي وسيلة إنتقالها؟ كل هذه التساؤلات نسعى للإجابة عنها في هذا المقال من سلسلة حروب البشر مع الجيوش المجهرية فتابعونا.
على مرّ العصور، لم يختلف شللُ الأطفال كثيرًا عن أمثاله من الفيروسات الشرسة التي تجوّلت في الأراضي متخذةً من أجساد مضيفيها مرتعًا للنمو والازدهار مؤديةً إلى الشلل، صعوبة التنفس وربما الموت. القصةُ تبدأ بأول حالة تم تسجيلها في التاريخ، حيث يظهر مريض شلل الأطفال على هذه اللوح الفرعوني و قد التفت قدمه تحت تأثير الشلل لهذا الفيروس المعدي.
كفيروس يضرب ضحاياه فجاةً محولًا إياهم إلى مشلولين أو ربما قتلى، يستحق شلل الأطفال ( Polio ) هذه السُمعة التي يتحلى بها كأحد أكثر الأمراض المرعبة في العالم.
ففي طلته المخيفة يشلّ الفيروس ويقتل ما يقرب من نصف مليون ضحية كل عام في كل دولة على كوكب الأرض تقريبًا. للأسف لا يوجد شفاء لهذا الفيروس وكما تقترح الجملة فإنه قبل وجود اللقاحات كان البشر ضعفاء أمام هذا الفيروس المتوحش.
تفشى شلل الأطفال ما بين عام 1950 و 1970 في عدة دول منها كندا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة مثيرًا الذعر بين العائلات وزاحمًا المستشفيات. وعلى غرار باقي الأمراض المعدية التي تتفشى أكثر ما تتفشى في الفقراء، فإن شلل الأطفال دق الباب على كل طبقات المجتمع، الأغنياء و الفقراء، البالغين والأطفال. حتى جاء عام 1955 عندما قام دكتور (جوناس سولك (Jonas Salk – بتطوير أول لقاح للفيروس ثم تبعه الدكتور )ألبرت سابين -Albert Sabin) عام 1961 بلقاح فموي جاعلًا الإدارة والتوزيع أكثر سهولة.
هذه الأسلحة الجديدة قامت بمهتها على أكمل وجه وكان نجاحها دراميًّا؛ حتى بدأ الفيروس في الاختفاء من بلد تلو الأخرى. [1]
وعلى الصعيد الإقليمي، فإن مصر أصبحت خالية من فيروس شلل الأطفال منذ عام 2004 وذلك بفضل التطعيم الروتيني الذي صار إجباريًا منذ عام 1968. وفي عام 2000 حدث تغيير في إستراتيجية التطعيم وصارت من منزل إلى منزل وتبعتها الحكومة بإستراتيجيات منظمة أدت للقضاء على سراية الفيروس البري ومنذ ذلك الحين فإن مصر تنظم يومين للتطعيم في المتوسط من كل عام.[2]
ما هو شلل الأطفال؟
شلل الأطفال هو مرض فيروسي شديد العدوى يصيب الجهاز العصبي، وتزداد خطورة الإصابة بهذا المرض بشكل خاص بين من هم أقل من خمس سنوات. وفقًا لمنظمة الصحة العالمية WHO فإن حالة واحدة من كل مائتي إصابة سيصل بها الحال إلى الشلل الدائم. لحسن الحظ وبفضل تطوير لقاح ضد شلل الأطفال تم القضاء على حدوث العديد من الإصابات بهذا الفيروس؛ فقد أشَار آخر استطلاع قامت به منظمة الصحة العالمية عام 2010 إلى وجود 1352 حالة فقط حول العالم، كما أشارت أيْضًا إلى أن الولايات المتحدة لم تُبلِغ عن أي حالة إصابة بشلل الأطفال منذ عام 1979؛ ومع ذلك، فإن أفغانستان، باكستان، نيجيريا لا تزال لديهم موجات متكررة من هجمات ذلك الفيروس اللعين. (3)
ما هي أسباب الإصابة؟
ينتقل هذا الفيروس من شخص لاَخر في الأغلب من خلال الطريق الفموي – الشرجي (Fecal (Oral route – خاصة في المناطق التي تُعاني من قلة وسائل النظافة الشخصية كالحصول على الماء الجاري والمراحيض الصحية؛ كما يمكن للفرد أن يصاب بصورة غير مباشرة من خلال الطعام، و الماء الملوث بفضلات البشر المُصابّين. و وفقاً لــ (Mayo clinic) فإن خطر ذلك الفيروس يكمن في سرعة انتشاره لدرجة جعلته قادرًا على إصابة كل من يعيشون بالقرب من الشخص المصاب. (4)
الأعراض و أنواع الإصابة:
على الرغم من أن شلل الأطفال يمكن أن يتسبب في الشلل والموت، لكن الغالبية العُظْمَى من الناس الذين قد أصيبوا بالفيروس لا يصل الحال بهم إلى أكثر من ظهور بعض الأعراض الطفيفة، ففي بعض الأحيان لا يعلم المريض حتى بأنه قد أصيب بالفيروس فيما يسمى بالإصابة التحت سريرية (subclinical Polio)
الأعراض:-
صداع، التهاب الحلق، تقيؤ، وعدم ارتياح ولذلك فهي أعراض عامة وقد تستمر لمدة ثلاثة أيام أو أقل.
أنواع الإصابات الأخرى
غير الشللي: هذا النوع من الإصابة لا يترك الشخص عاجزًا خلفه فهو لا يسبب الشلل لكنه يترك أعراضًا عامة كمعظم أعراض الإصابات الفيروسية وقد تستمر الأعراض من يوم إلى عشرة أيام. وتشمل الأعراض:
- ارتفاع درجة الحرارة والتهاب الحلق
- تقيؤ، صداع وإعياء
- اَلام في الرقبة والظهر
- تصلب الظهر والرقبة و الأطراف
- إرهاق عضلي
- التهاب السحايا
- الشللي
هذا النوع نادر لكنه الأخطر، نظرًا لكونه قادرًا على ترك المصاب عاجزًا مشلولًا عن الحركة بشكل دائم. لهذا النوع عدة أنواع وفقًا لمنطقة الإصابة سواء كانت بجذع المخ (الشلل البصلي) أو الحبل الشوكي (الشلل الشوكي)، أو إصابة الاثنين معًا.
الأعراض الأولية تبدأ بالصداع وارتفاع درجة الحرارة كالإصابة غير الشللية لكن بعد أسبوع لا تلبث الأمور أن تزداد سوءً وتصبح أكثر وضوحًا وتمييزًا للإصابة الشللية.
تبدأ الأعراض بفقدان ردود الفعل، اَلام شديدة مصحوبة بوهن في العضلات، الإصابة بالشلل الرخو وعدم التحكم بالأطراف نتيجة إصابة الحبل الشوكي، وأحيانًا تكون الإصابة في جزء واحد فقط من الجسد. ثم تطور الحالة إلى حدوث شلل مفاجئ والذي قد يكون دائم أو غير دائم، بالإضافة إلى تشوه الأطراف خاصة في الجزء السفلي من الجسد. وفقًا لـ CDC) ) فإن 5 إلى 10 % من الحالات التي تعرضت للشلل نتيجة الإصابة بالفيروس قد يلقون مصيرهم نتيجة شلل الجهاز التنفسي ومن ثَم الوفاة. (5)
مُتَلاَزِمَة ما بعد شلل الأطفال!
هذه الحالة تمثل عودة الأعراض مرة أخرى للمصابين بعد الشفاء التام بفترة طويلة قد تصل إلى الأربعين عامًا من الإصابة الأولية، كما تعتبر واحدة من أكثر الأمراض الخاصة بالجهاز العصبي الحركي شيوعًا بالولايات المتّحدة الأمريكيّة. تصل نسبة الإصابة بهذه المتلازمة إلى ما يقرب من 25 إلى 40 شخصًا من بين كل 100 ناجٍ .
تظهر الأعراض على بعض الأشخاص في صورة بسيطة، لكنها تظهر على البعض بعنف وتكون شديدة الضراوة متمثلة في ضعف شديد بالعضلات لدرجة قد تصل إلى الضمور العضلي. هذه المتلازمة لا تهدد الحياة بشكل كبير، لكنها بالتأكيد قادرة على تدمير حياة المصاب نفسيًا ومعنويًا. (6)
كيف يقوم الأطباء بعلاج شلل الأطفال؟
للأسف لا يوجد علاج لشلل الأطفال، فكل ما يُمكن علاجه هو الأعراض فقط؛ لذلك فإن الوقاية خير من العلاج.
بعض التعليمات التي قد يقدمها الطبيب للمصاب:-
-الراحة التامة
– أدوية للقضاء على الاَلام والصداع
– أجهزة تنفس صناعية محمولة من أجل المساعدة على التنفس
– كورسات العلاج الطبيعي من أجل المساعدة على السير وعلاج اَلام العضلات (7)
التحصين ضد شلل الأطفال:
يتم إعطاء الأطفالInactivated polio vaccine (IPV) على جرعات متعددة على النحو التالي:
- يتم إعطاء الطفل الجرعة الأولى عند إتمام شهرين من العمر
- يتم إعطاء الجرعة الثانية عند إتمام الأربعة أشهر
- يتم إعطاء الجرعة الثالثة بين الشهر السادس والشهر الثامن عشر
- يتم إعطاء الجرعة الرابعة بين السنة الرابعة والسادسة من العُمر
- في بعض الأحيان يتم إعطاء جرعة خامسة تنشيطية في سن المراهقة
جرعات البالغين:
في معظم الأحوال لا يحتاج الشخص البالغ للتطعيم ضد شلل الأطفال نظرًا لحصوله عليه في الصغر. لكن في بعض الأحيان قد يحتاج الشخص لجرعة تحفيزية نظرًا لوجوده في خطر من الإصابة (الجرعة التحفيزية فقط في حالة حصول الشخص على التطعيم بشكل كامل في الصغر، على الشخص أن يكمل ما تبقى له من جرعات إذ لم يتم أخذها بصورة كاملة في الصغر، أما إذا كان الشخص لم يحصل علي التطعيم مطلقًا فغالبًا ما سيتم إعطاءه الجرعات كاملة)
من ينطبق عليهم الكلام السابق؟
- الأشخاص المسافرون إلى المناطق التي ينتشر بها فيروس شلل الأطفال
- الأطباء وأعضاء هيئة التمريض وكل أفراد الطاقم الطبي لأنهم في خطر من التعرض إلى بعض الحالات المُصابة
- كل من يعمل في المجال البحثي على تلك الفيروسات
و لكن هل يوجد من لا يجب أن يأخذوا لقاح شلل الأطفال؟
الإجابة هي نعم فبعض الأفراد يجب ألا يحصلوا على اللقاح مثال:
- من يعانون من الحساسية تجاه مكونات اللقاح
- إذا كان الشخص مصاب فعليًا
- إذا أظهر الشخص تفاعلًا خطيرًا ضد للقاح (8)
شكرًا لكم و تابعونا في الجزء القادم،،،،
إعداد:
مراجعة:Mohamed Elsafi
تدقيق لغوي: Sherif M.Qamar
تصميم: Ahmed Shalaby
تحرير:Ahmed Shalaby
المصادر:
المقدمة
الصورة الأولى : http://sc.egyres.com/Ap6uI
(1) http://sc.egyres.com/bVXUo
(2) http://sc.egyres.com/t7itz
المصادر من بعد المقدمة
(3) http://sc.egyres.com/UulyQ
(4) http://sc.egyres.com/ZHfHL
(5) http://sc.egyres.com/utNG1
(6) http://sc.egyres.com/keRs8
(7) http://sc.egyres.com/2N9oF
(8) http://sc.egyres.com/5kD16
#الباحثون_المصريون