هذا المقال هو مقدمة لسلسلة مقالات عن فيزياء سيرن. سنشرح في هذه السلسلة بشيءٍ من التبسيط ما الذي قدمته سيرن للعلم الحديث والتراث العلمي الإنساني. لكن قبل أن نبدأ في هذه السلسلة، علينا أن نعرف اولًا ما هي سيرن؟
«سيرن-CERN» هي اختصار للجملة الفرنسية «Conseil Européen pour la Recherche Nucléaire» والتي تعني بالعربية «المُنظمة الأوروبية للأبحاث النووية.»
تعد سيرن أكبر مُختبر للفيزياء في العالم وفي تاريخ الإنسانية. تم تأسيسها سنة 1954، ومكانها على حدود فرنسا وسويسرا.
فما هي وظيفة سيرن؟
سيرن تحتوي على أكثر من مُختبر وتلك المُختبرات يطلق عليها «مُعجلات جُسيمات- Particle accelerators»
تلك المُعجلات وظيفتها تحريك الذرة والجُسيمات دون الذرية [كالإلكترونات والبروتونات] بسرعاتٍ عالية جدًا تقترب من سرعة الضوء ليتم دراسة سلوك وتأثير الجُسيمات مع بعضها وعلى بعضها البعض عند تلك السرعات وعند اصطدامهم معاً.
لكن ليست كل المُختبرات لدفع الجُسيمات بسرعات عالية، فهنالك أيضاً مُختبرات للقيام بعكس هذا العمل. حيث تكون وظيفة المُختبرات الأُخرى أن تُبطيء من سرعة تلك الجُسيمات إلى سرعات بطيئة جدًا، ويطلق عليها «المُبطئات- decelerators»، وهنالك أنواع أخرى ايضًا.
إن أشهر مُعجل جُسيمات في سيرن والعالم هو مُصادم الهادرونات الكبير «Large Hadron Collider- LHC»، والذي يبلغ محيطه 27 كيلومتراً. لك أن تتخيل مدى ضخامة هذا المُعجِّل الذي وُجد لدراسة جُسيمات متناهية الصغر، لا يتعدى مُحيطها مُحيط ذرة!
ولك أن تتخيل، أنه في المُقابل، فإن دراسة تلك الجُسيمات بالغة الصغر تستطيع ان تُعطي لتراث العلم الإنساني معرفة عن ماهية وآلية عمل الطبيعة والكون بكل عظمته ككُل!
في هذه السلسلة سنتعرف على بعض أهم نظريات الفيزياء لتفسير سلوك الجُسيمات الذرية ودون الذرية. وسنتعرف على أحد أشهر تلك النظريات وهي نظرية النموذج القياسي، التي فسرت الكثير جدًا من الظواهر الطبيعية والفيزيائية والتي أثبتت جدراتها منذ صياغتها.
ولكن بالرغم من قوة تلك النظرية في التفسير إلا أنها لا تشرح كل شيءٍ عن الطبيعة، فهي الحقيقة لا تُفسر النظرية إلا 4% من الكون المعروف. لكن اعلم أن الـ4% تلك هي ما تختبره وتعيشه يومياً. فكل المادة التي تراها والتي نتكون أنا وأنت منها تندرج تحت هذه النسبة، والنسبة الباقية لا نختبرها ولا نشعر بوجودها على الإطلاق. فقط رياضيات النظريات الفيزيائية هي التي كشفتها. وبالرغم من ذلك، مازلنا لا نُدرك ماهيتها كلياً.
في هذه السلسلة سنتكلم عن الـ4% التي نعرفها وسنتعرف على كيفية اكتشاف أفكارٍ عن ماهية النسبة المُتبقية.
بشكل عام في العلم، لا توجد نظرية كاملة ومُطلقة، والنموذج القياسي ليس استثناء، لكي تتعرف على طبيعة العلم وماهيته يُمكنك قراءة هذا الموضوع: http://sc.egyres.com/bxDoK
ولكن الإنسان على عكس النظرية، لا يقف فضوله معها، ويستمر في التساؤل والبحث، وهذا ما يقوم به عُلماء سيرن.
هذه السلسلة تم إعدادها لأجل تعريفك بما وصل له العُلماء في سيرن حتى هذا اليوم، لكي تستطيع مُتابعة الاخبار العلمية الجديدة التي تظهر بخصوص مباحث سيرن وتستطيع فهمها بشكل معقول. أتمنى أن تنال السلسلة إعجابك. وبالطبع سنكون سُعداء بأي تساؤلاتٍ وأي استفسارات.
المصدر:
إعداد: Michael M. Louis
مراجعة: Ahmed Reda