نبدأ في سلسلة لدراسة مؤرخي بلاد الأندلس، ذلك التاريخ الذي امتد لحوالي ثمان قرون منذ أواخر القرن الأول الهجري/ أوائل القرن الثامن الميلادي وحتى القرن التاسع الهجري وأواخر القرن الخامس عشر الميلادي، جمعت تلك الفترة التاريخية صفوة المؤرخين التي أرخوا لها سواء كانوا من أهل الأندلس أنفسهم أو من بلاد المشرق آنذاك، لذا وجدنا من الأهمية دراسة سلسلة لهؤلاء المؤرخون حسب الأسبقية الزمنية لهم .
أول مؤرخي الأندلس هو المؤرخ عبد الملك بن حبيب والذي ولد تقريبًا في عام 181هـ / 797- 798م بينما كانت وفاته في عام 283هـ / 853هـ وهو أحد المؤرخون الموسوعيين الكبار وأحد الفقهاء الذين تميزوا بإنتاجهم الموسوعي وساهم بشكل لافت في الاهتمام بعلم التاريخ في الأندلس وتطويره وهو أحد رواده فيها، تتلمذ ابن حبيب على يد شيوخ قرطبة أمثال صعصعة بن سلام والغازي بن قيس وزياد بن عبد الرحمن والإثنان الآخيرين هما تلامذة مالك بن أنس أحد أكبر الفقهاء المشرقيين.
في الفترة بين عامي 208- 218هـ / 823- 832م قضى عبد الملك بن حبيب حياته في مصر والمدينة وقام بتأليف الكثير من الرسائل العلمية والمسائل الفقهية خلال مكوثه بالفسطاط عاصمة مصر آنذاك، ثم قرر في عام 218هـ/ 832م أن يستقر في قرطبة بدعوة من أمير الأندلس في هذا الوقت وهو الأمير الأموي عبد الرحمن الثاني حيث عُين مستشارًا لقاضي القضاة وبدأ صيته يزداد في الأندلس، وكان هذا الصيت الكبير نتيجة اهتمام ابن حبيب بدراسة علم التاريخ ونقل المناهج التاريخية التي تعلمها في المشرق إلى بلاد الأندلس مثل دراسة الأنساب القبلية ودراسة السير والمغازي ودراسة طبقات العلماء .
أما عن كتابه الخاص بتاريخ الأندلس فهو بعنوان ” باب استفتاح الاندلس ” ، فهو باكورة التأريخ الأندلسي والتصنيف التاريخي لها حيث كان ابن حبيب أقدم مؤرخ لبلاد الأندلس وكانت محاولته هذه دليلًا على عمق علمه وشجاعته رغم تأثره ببعض الأساطير في تدوينه التاريخي، وتم نشر هذا الكتاب في صحيفة معهد الدراسات الإسلامية في مدريد على يد الدكتور محمود مكي في العدد الصادر عام 1975م .
مصادر المقال :
- أنور محمود زناتي : مصادر تاريخ المغرب والأندلس ، دار سحر للنشر / طـ 1، ابريل ، 2008م ، صـ 82، 83.
- ك . بويكا : المصادر التاريخية العربية في الاندلس ، نقله للعربية : نايف أبو كرم ، منشورات دار علاء الدين ، طـ 1، دمشق ، 1999م ، صـ 25- 27 .
- #الباحثون_المصريون
