شخصيّات خفيّة

katherine-g-johnson-nasa_1600jpg
شخصيات خفيّة|
Katherine Johnson, Dorothy Vaughan, Mary Jackson 
كاثرين جونسون وزميلتها دوروثي فون، وماري جاكسون

كاثرين جونسون: عالمة الرياضيات ذات الأصل الإفريقي التي تمكنت من حفر اسمها في التاريخ. 
على الرغم من كافة الصعاب التي واجهتها من عنصريّة بسبب كونها من أصول أفريقية، إلا أنها تمكنت بقوة الإرادة والعلم أن تتحدّى كل شيء، وأن تتحول إلى علامة فارقة في تاريخ وكالة ناسا الأمريكيّة وفي تاريخ العلم بشكل عام. وهي بطلة فيلم “شخصيات خفية” (Hidden Figures) الذي أُنتِج في عام 2016. [1]

Katherine Johnson

ولدت كاثرين يوم 26 أغسطس 1918 في وايت سولفور سبرينغز، ولاية فرجينيا الغربية. كانت كاثرين الصغرى بين أربعة أطفال. كانت والدتها معلمة وكان والدها حطاباً ومزارعاً وحرفياً وعمل في فندق غرين براير. حصلت على بكالوريوس في تخصص الرياضيات واللغة الفرنسية من كلية ولاية فرجينيا الغربية عام 1937. عُيّنت في مختبر لانغلي التابع للجنة الاستشارية الوطنية للملاحة الجوية والتي تغير اسمها سنه 1958 إلى ناسا (NASA) في يونيو 1953. جسدت دورها في فيلم “شخصيات خفية” الممثلة تراجي هينسون (Taraji P. Henson).

أظهرت جونسون حبها لمادة الرياضيات وقدراتها الإبداعيّة في حل المسائل والتعامل مع الأرقام في سن مبكرة، لكن لأن منطقة جرين براير (Greenbrier County) لم تكن توفر مدارس عامة للطلاب الأمريكيين الأفارقة بعد الفصل الثامن، فقد نظمت العائلة لأطفالها ارتياد مدرسة ثانوية في معهد ويست فرجينيا، كانت هذه المدرسة في الحرم الجامعي لجامعة ولاية ويست فرجينيا، والتحقت جونسون بها وهي في سن العاشرة. خرجت جونسون من المدرسة الثانوية وهي في عمر الرابعة عشرة، والتحقت بجامعة ولاية ويست فرجينيا التي كانت مخصصة للأمريكيين الأفارقة. درست جونسون جميع مناهج الرياضيات التي كانت تُدرّس في الجامعة. كان العديد من الأساتذة الجامعيين يدرّسونها، بما في ذلك الكيميائية وعالمة الرياضيات أنجي تيرنر كينج (Angie Turner King) التي كانت تدرّس جونسون أيضاً في المدرسة الثانوية، كذلك قام بتدريسها ويليام شيفلن كلايتور (William Schieffelin Claytor) ثالث أمريكي أفريقي يحصل على الدكتوراة في الرياضيات وأول أمريكيّ إفريقيّ ينشر بحثاً علميّاً في مجله علمية متخصصة في الرياضيات، وقد أضاف كلايتور مناهج رياضيات إضافيّة إلى كاثرين. حصلت كاثرين على درجة البكالوريوس في تخصص الرياضيات واللغة الفرنسية سنة 1937 وهي في عمر الثامنة عشرة [1,2]، ثم بدأت كاثرين وظيفة تدريس في مدرسة عامة للأمريكين الأفارقة في ماريون فرجينيا.

في سنة 1939 وبعد زواجها من جيمس غوبل، تركت كاثرين وظيفة التدريس، والتحقت ببرنامج رياضيات للخريجين في وقت التحاقها. كانت كاثرين أول إمريكية إفريقية تلتحق بمدرسة للخريجين في جامعة وست فرجينيا. في نفس العام قررت ولاية وست فرجينيا تخصيص كليات للدراسات العليا، وذلك بعد قرار المحكمة بأحقيّة الطلاب الأمريكيين الأفارقة في التعليم وإتاحة نفس الفرص لهم المتاحة للأمريكيين من أصل أبيض. اختار رئيس ولاية وست فرجينيا الدكتور جون وديفيس كاثرين واحدة من ثلاثة طلاب من أصول إفريقية، فكانت المرأة الوحيدة التي تم اختيارها لتأسيس مدرسة الدراسات العليا للأمريكيين الأفارقة.

بعد زواجها وإنجابها قررت ترك المدرسة بعد فترة قصيرة من عملها لبدء أسرة مع زوجها، وعادت إلى التدريس عندما أصبحت بناتها الثلاثة أكبر سناً ويستطعن الاعتماد على أنفسهم. ظلت في التدريس حتى أخبرها أحد الأقارب عام 1952 عن تعيين اختصاصيين في الرياضيات في قسم الحوسبة في مختبر لانغلي التابع للجنة الاستشارية الوطنية للملاحة الجوية التي تغير اسمها فيما بعد إلى ناسا (NASA)، وبدأت كاثرين العمل بصفة مؤقتة تحت الاختبار تحت إدارة دوروثي فوجان (Dorothy Vaughan) في صيف عام 1953. وبعد أسبوعين فقط من تولي كاثرين العمل في المكتب، عيّنتها دوروثي فوجان في مشروع في قسم المناورة للأحمال التابع لقسم أبحاث الطيران، وبعد فترة وجيزة تم تعيين كاثرين بصفة دائمة. لقد أمضت السنوات الأربعة التالية في تحليل البيانات من اختبار الطيران، وعملت على التحقيق في تحطم طائرة ناجمة عن الاضطرابات الجوية. أثناء اختتامها لهذا العمل، توفي زوجها بسبب السرطان في ديسمبر عام 1956.

ظلت كاثرين تعمل كمتخصصة في تكنولوجيا الفضاء من سنة 1958 حتى تقاعدها في سنة 1986، وانتقلت في حياتها المهنية إلى فرع التحكم في سفن الفضاء. قامت جونسون بحساب المسار في 5 مايو 1961 لرحلة الفضاء الخاصة بألان شيبارد (Alan Shepard)، وهو أول أمريكي يسافر إلى الفضاء، وفي عام 1971 مشى على سطح القمر. قامت جونسون أيضاً بحساب نافذة الإطلاق في عام 1961 لمشروع ميركوري (Mercury mission). رسمت جونسون مخططاً بيانياً للملاحة لرواد الفضاء في حالة حدوث مشاكل الكترونية. عندما استخدمت ناسا الحواسيب الإلكترونية لأول مرة لحساب مدار جون جلين (John Glenn) حول الأرض، استدعى المسؤولون جونسون للتحقق من أرقام الحاسوب، إذ طلبها جلين بالاسم ورفض الطيران إلا إذا تحققت كاثرين من الحسابات. وقد كانت هذه الحسابات معقدة للغاية، إذ احتوت على حسابات الجاذبية للأجرام السماوية. كتبت المؤلفة مارغوت لي شيترلي:

“إذاً فإن رائد الفضاء الذي كان قد أصبح بطلاً لجأ إلى هذه الفتاة السوداء في الجنوب الذي كان لا يزال تحت التأثير العنصري، كأحد الخطوات المحورية لكي يتأكد أنّ رحلته ستكون ناجحة”.

كما أضافت مارغوت إنه في الوقت الذي كان عمل الحاسب “تخصص النساء” وكانت الهندسة للرجال:

“فإننا على ما يبدو لا نقدّر العمل الذي قامت به النساء بشكل كافٍ. وقد استغرق الأمر منا تاريخاً كي نرى الأمر من هذا المنظور”. [1,2]

لاحقاً عملت كاثرين مباشرة على استخدام أجهزة الكمبيوتر الرقمية، إذ ساعدتها قدراتها وسمعتها بالدقة في تأسيس ثقتها بالتكنولوجيا الحديثة. في عام 1961 ساعد عملها على التأكد من أنّ كبسولة ألان شيبارد فريدام ميركوري يتم إيجادها بسهولة بعد الهبوط، باستخدام المسار الذي حُدّد مسبقاً. ساعدت كاثرين أيضاً في حساب مسار رحلة أبولو 11 في عام 1969 إلى القمر. أثناء الهبوط على سطح القمر، كانت جونسون في اجتماع في جبال بوكونو، اجتمعت هي وبضعة أشخاص غيرها حول شاشة تلفاز ليشاهدوا أولى الخطوات على سطح القمر. في عام 1970 عملت جونسون على مهمة أبولو 13 إلى القمر. عند إلغاء الرحلة، ساعدت مخططاتها وعملياتها البديلة على تأسيس طريق آمن لعودة الفريق إلى سطح الأرض باستخدام نظام رصد غير نجمي يسمح لرواد الفضاء بتحديد موقعهم بدقة. في مقابلة في 2010 استذكرت جونسون قائلة:

“كان الجميع قلقين بخصوص وصولهم إلى هناك، أما نحن فقد كنا قلقين بخصوص عودتهم”.

لاحقاً في حياتها المهنية عملت جونسون على برنامج مكوك الفضاء والقمر الصناعي الخاص بموارد الأرض، وعلى خطط لمهام لاستكشاف المريخ.

The Presidential Medal of Freedom was awarded to Katherine G. Johnson in 2015

ساهمت جونسون في كتابة 26 ورقة علمية. ظهر تأثيرها الاجتماعي وريادتها في علوم الفضاء والحوسبة في التكريم الذي أخذته، وفي دورها كمثال يحتذى به في الحياة العلميّة. منذ عام 1979 (قبل استقالتها من ناسا) كانت جونسون ضمن قائمة الأمريكيين الأفارقة في العلوم والتكنولوجيا. منحها باراك أوباما وسام الحرية الرئاسي لتصبح واحدة من 17 أمريكي وأمريكيّة نالوا هذا الشرف، وذلك في 24 نوفمبر 2015.

في 5 مايو 2016، أطلق على مبنى بسعة 3700 متر مربع اسم “مؤسسة كاثرين جونسون لأبحاث الحوسبة”، وأُهدى إليها رسميّاً في مركز لانغلي البحثي في هامبتون فيرجينيا.

المصادر

  1. Available from: https://www.nasa.gov/content/katherine-johnson biography
  2. Available from: Book- “Reaching for the Moon: The Autobiography of NASA Mathematician Katherine Johnson – Hardcover – July 2, 2019 .
  3. Smith, Yvette (November 24, 2015). “Katherine Johnson: The Girl Who Loved to Count”. NASA. Retrieved February 12, 2016.

إعداد: فاطمة إبراهيم
تدقيق لغوي: رؤى الزيات
تحرير: نسمة محمود

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي