صداع قد يؤدي بصاحبه إلى الانتحار

aaaaaaaa

|

 

مقدمة:

دخل رجلٌ في الثانية والثلاثين من عمره قسم طوارئ الأسنان، يشتكي ألمًا غير مُحتمَل ومقاوِمًا لمُسكنات الآلام (analgesics) في منطقة الفك العُلوي الأيمن (the right maxillaryregion) مستمرًا منذ يومين. واشتكى ألمًا شديدًا متقطعًا يصعب تحديد موقعه في شق الوجه الأيمن تطوَّر منذ ستة أشهر. بسبب هذا الألم الشديد، تناول المريض 32 جرامًا من مادةالباراسيتامول خلال الليل فيما يعادل 12 ساعة.

أظهر الفحص الطبي ضعفًا ودوارًا وشحوبًا وتعرُّقًا وغثيانًا مع نوبات قيءٍ صفراوي في الصباح. كما كشف الفحص الخارجي عن وجود تورُّمٍ (edema) في الشق الأيمن من الوجه، وارتخاءٍ بسيطٍ في جفن العين اليمنى مصحوبٍ بدموع.

حُجز المريض في المستشفى بسبب استخدامه المفرط للباراسيتامول ولاحتمال إصابته بالصداع العنقودي (cluster headache). وقد أظهر التحليل البيولوجي أثناء فحوصات دخول المستشفى ارتفاعًا في نشاط إنزيمات الكبد (alanine transaminase, gamma-glutamylcyclotransferase and amylases).

كانت آلام نصف الوجه الأيمن تتكرر أكثر من مرة خلال اليوم، وتستمر من 15 دقيقة حتى عدة ساعات، ولا تستجيب للمُسكّنات. اشتكى المريض أيضًا من فوبيا ضوءٍ (photophobia) متوسطةٍ لمدة عامين. وقد أكدت كل هذه العناصر تشخيص الصداع العنقودي.

بدأ الأطباء بإعطاء المريض (N-acetylcysteine) لعلاج الجرعات الزائدة من الباراسيتامول، لتعود مؤشراته الحيوية إلى طبيعتها، بالإضافة إلى علاج الصداع العنقودي بالطبع.

في المتوسط تمر 3 سنوات من الألم حتى يتم تشخيص الصداع العنقودي. ويتوجّه أكثر من 30% من المرضى إلى طبيب أسنان، أو طبيب أنف وأذن وحنجرة، أو طبيب عيون، أو طبيب أعصاب قبل أن يتم تشخيص حالتهم، كما يخضع أكثر من 16% من المرضى إلى جراحات أسنان أو عيون أو جيوب أنفية دون تحسُّن. لذا يتطلب هذا النوع من الصداع وعيًا خاصًا من الأطباء الممارسين وأطباء الأسنان، لأنه في البداية قد يشتكي بعض المرضى ألمًا في الأسنان أو العينأو منتصف الوجه.

<<الصداع العنقودي – cluster headache>>:

الصداع العنقودي هو صداع نادر الحدوث، ومنهِك، ومؤلم للغاية، يحدث على هيئة مجموعات أو نوبات (Clusters). ويعاني مرضى الصداع العنقودي من نوبات صداعٍ شديد، يتمركز خلف عين واحدة، وتستمر النوبة من 15 دقيقة إلى3 ساعات أو أكثر. وغالبًا ما يظل الصداع العنقودي سنوات عديدة بدون تشخيص، أو يتم الخلط بينه وبين الصداع النصفي أو غيره من مُسبِّبات الصداع.

صداع الانتحار:

لُقِّب الصداع العنقودي باسم ” صداع الانتحار” في عام 1939م بعد أن وصفه الدكتور هورتون (B. T. Horton) طبيب الأعصاب الأمريكي،الذي اقترح نظرية عن آلية حدوث الصداع العنقودي، ووصف هذا الصداع بأنه قاسٍ جدًا (so severe). كما نصح أن يُراقَب المرضى باستمرار خوفًا من تفكيرهم في الانتحار، لأن المرضى عادةً ما يصفون ألم هذا الصداع بأنه الأسوأ على الإطلاق. تحدث نوبات هذا الصداع على جانبٍ واحدٍ من الوجه وتكون على هيئة مجموعات تتكرر على مدى أسابيع أو أشهر.

الأعراض:

نوبات الصداع كما قلنا سابقًا تستمر من 15 دقيقة إلى 3 ساعات أو أكثر. تبدأ النوبات بسرعة ويمكن أن توقظ المرضى من نومهم. لا توجد علامات تحذير، إلّا أنّ بعض المرضى لديهم أحاسيس ألم أولية (كالظلال) في مكان الصداع. تحدث أعراض مُصاحِبة على نفس الجانب من الوجه مع الصداع تشمل احمرار العين مع الدموع، ورشح الأنف، وتعرُّق الوجه، وتدلِّي جفن العين. يعاني المرضى أيضًا عدم الارتياح والأرق.

يحدث الصداع عادةً في نفس التوقيت كل يوم أو ليلة، مما يشير إلى تأثيره في منطقة تحت المهاد (جزء من المخ يتحكم في انتظام الساعة البيولوجية).وتتكرر نوبات الصداع العنقودي يوميًا لعدة أسابيع، وتفصِل بينها فتراتٌ خاليةٌ من الصداع تستمر لأسابيع أو شهور أو سنين. ويعاني10% إلى 15% من المرضى صداعًا عنقوديًا مزمنًا، حيث يتعرض هؤلاء المرضى لنوبات صداع عديدة يوميًا لعدة سنوات دون أي فترات خالية من الصداع بين الدورات.

يُعتبر هذا النوع من الصداع أقل شيوعًا من )الصداع النصفي-migraine) و(صداع التوتر-tension headache).

التشخيص:

يَعتمد التشخيص بشكل أساسي على وصف المريض للصداع، فبمجرد أن يشعر الشخص بصداع يشبه في أعراضه الصداع العنقوديعليه مراجعة الطبيب من أجل استبعاد الاضطرابات الأخرى، وإيجاد العلاج الأكثر فعالية بالنسبة له.

الأسباب:

يُصنَّف هذا النوع من الصداع كصداعٍ وعائي (vascular headache)، حيث أن سبب الألم الشديد هو تمدُّد في الأوعية الدموية، مما يؤدي إلى الضغط على العصب ثلاثي التؤام (trigeminal nerve). هذا هو السبب المباشر للألم، أما المُسبِّبات أو الأسباب الكامنة فليست مفهومة بشكلٍ كامل.

D:\باحثون\7\trigeminal.jpg

ورغم أن السبب وراء هذا الصداع غير معروف، إلا أنّ ألمه الشديد يرتبط بخلل في مراكز السيطرة على الألم في مناطق تحت المهاد وجذع المخ. ويُحتمَل أيضًا وجود عاملٍ وراثي، ولكن الجينات المسبِّبة له لم تُحدّد بعد.

تُحفَّز نوبات الصداع العنقودي من خلال بعض المواد مثل: النتروجليسرين،والكحول،والتعرضللهيدروكربونات (المذيباتالبتروليةوالعطور)،أوالحرارة.

الوقاية والعلاج:

  • تجنَّب شرب الكحول أو التدخين.
  • ربما تحتاج لأخذ هرمون الميلاتونين، حيث يُنظِّم دورات النوم واليقظة، ويعيد التوازن إلى الجسد.
  • ربما تحتاج أيضًا إلى استنشاق أكسجين نقي (100%) لمدة تترواح من 10 إلى 15 دقيقة لعلاج نوبة الصداع.
  • اسأل طبيبك عن الأدوية والوصفات الطبية المناسبة لك.
  • تشمل الأدوية المستخدمة في الصداع العنقودي: حاصرات قنوات الكالسيوم (calcium channel blockers) مثل: (Verapamil)،أو (Lithium)، أو بعض الأدوية التي تُستخدم في علاج الصداع النصفي مثل: (sumatriptan) أو(Methysergide).
  • يمكن أيضًا أن تُستخدم عائلة الكورتيزون (Corticosteroids) مثل: (prednisolone, prednisone, and dexamethasone)،وتُعتبر هذه الأدوية الأسرع والأكثر فعالية في الوقاية من الصداع العنقودي، ولكنّ استخدامها يُعرّض المريض لآثار جانبية خطيرة مُحتمَلة.
  • تبقى الجراحة هي الملاذ الأخير في الصداع العنقودي المزمن بعد استنفاد كافة الخيارات الدوائية المتاحة.

___________________________________________

المصادر:
http://sc.egyres.com/IZQtN

http://sc.egyres.com/FTUm8
http://sc.egyres.com/ssm2k

http://sc.egyres.com/EU5LZ

إعداد: Zahraa Monir
مراجعة: عمر المختار
تصميم: Zahraa Monir
#الباحثون_المصريون

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي