نبذة مختصرة عن طرق التواصل بين الناس في العصور الوسطى

نبذة مختصرة عن طرق التواصل بين الناس في العصور الوسطى

في عصر الاتصال الجماهيري، والأخبار لمدة 24 ساعة، ووسائل التواصل الاجتماعي، قد يبدو الناس في أوروبا الوُسطى أقل تواصلًا، وذوي أفق ضيق. لكن تواصلَ الأوروبيون في العصور الوُسطى بطرق تشبه كثيرًا طرقنا الآن؛ تكشف المؤرخة لورا كرومبي عن كيفية حدوث ذلك.

الخطاب الرسمي

في القرنين ال14 وال15 بإنجلترا، كانت القُرى والمدن تعرف أخبار حرب المائة عام التي اندلعت بفرنسا من خلال الخطاب الرسمي الذي كان القساوسة يلقونه. كانت الكنيسة تنقل انتصارات (أو انتكاسات) الملك للعامة، حيث كانوا يُطالبون الجماهير بالقيام بصلاة الشُكر في حالة الانتصار، أو بالصلاة والدعاء في بداية الحملات العسكرية أملًا في الفوز. ساعد ذلك على بناء الدعم الجماهيري للحرب مُتمثلًا في دفع الضرائب لأجلها.

كانت أخبار الدولة تُنقل خطيًّا أو شفويًّا. حكم دوقات بورغونيا (Burgundy) الأقوياء في أواخر العصور الوسطى مدن البلدان المنخفضة (حاليًا بلجيكا وهولندا). كانت المواثيق الصادرة عن الدوقات مكتوبة، وضع حقوق جديدة، أو قوانين أو ضرائب، لكنها أيضًا كانت تُعلن بشكل شفهي، حيث كانت تُقرأ في أماكن محددة بالمدن، فيما يعرف بال(breteches) (شرفة صغيرة عادةً ما تكون مبنية على بوابة وأحيانًا في زوايا جدار الحصن)، أو بالكنائس، أو بأثناء أحداث مدنية مهمة.

الشائعة ونقل المعلومات الهَدَّامة

الإبلاغ بالقوانين كان مهمًّا لحكام العصور الوسطى، لكن كما يحدث اليوم، كان الناس يتناقلون الشائعات والثرثرة. غير واضح متى بدأت الشائعات في العصور الوسطى أو الحديثة، لكن مما لا شك فيه قدرتها على الانتشار السريع.

شهدت إنجلترا في النصف الثاني من القرن ال14 انقلابًا كبيرًا وتحديات كثيرة، إذ كان وضع الحرب مع فرنسا سيئًا، وبداية انتشار الموت الأسود بالبلاد في 1348-9، مُتسببًا في مقتل ثلث تعداد السكان على الأقل. كان لدى الناجين أملٌ في أوضاع أفضل، ولكونهم قوى عاملة قليلة حاولوا طلب أجور أعلى، لكن انتهى ذلك الأمل بقرار من قانون العمال بوضع الأجور كما كانت قبل الطاعون.

تفجر ذلك عام 1381 في ثورة الفلاحين العنيفة، وقد كان يوجد بالفعل منذ 1377 العديد من علامات عدم الرضا، أسفرت عن حدوث الشائعة الكُبرى (the great rumor). انتشرت تلك الحركة الشعبية في جنوب إنجلترا شفهيًّا، والتي شهدت إضراب العمال القُرويين عن العمل، متعللين بأن كتاب دوميزدي (Domesday book) أعفاهم من خدمتهم للنظام الإقطاعي.

الرُسل والشبكات

كان الملوك في إنجلترا في القرن ال12 لا يستقرون في لندن، بل كانوا يتنقلون في جميع أنحاء البلاد. لذلك كان من الضروري وجود مِرسال منظم وفعَّال؛ لضمان وصول المراسلات للملك، وأن تصل الخطابات الملكية، والمِنح، والامتيازات والأوامر لوجهتها المطلوبة. بالتالي، أصبح الرسول بندًا أساسيًّا من النفقات الملكية، يُدفع له بانتظام ليجوب المملكة كلها لإيصال كلمة الملك.

كان النظام الإنجليزي فعَّالًا، من جهة سرعة انتقال الأخبار، ففي 1290، استدعى إدوارد الأول البرلمان لفرض ضرائب جديدة. صدر الأمر، أو المكتوب، بالضرائب في 22 سبتمبر بمنزل الصيد الخاص بإدوارد في كليبستون (Clipstone) في الميدلاندز (Midlands) (الجزء المركزي من إنجلترا). وتم إرساله إلى حامل الختم الملكي (The Privy Seal Office) ثم إلى البارونات المسؤولين عن خزانة الدولة بويستمينستر. أصدرت الخزانة مكتوبًا للعُمَد في 6 أكتوبر، تأمرهم بالبدء في الجمع بين ال18 وال29 من الشهر.

إذن، في أقل من شهر أُرسلت أوامر إدوارد إلى لندن، ثم إلى باقي المقاطعات، وقام المفوضون بمهامهم.

التواصل المرئي

استطاع الناس في العصور الوسطى رؤية الرسائل، بجانب إرسال رسائل مكتوبة، والاستماع لخطابات الكهنة، أو الاستماع للشائعات التي تنتقل من قرية لأخرى. حملت الملابس بأواخر العصور الوسطى العديد من المعاني، ويُمكن اعتبارها وسائل تواصل ذات تأثير قوي. وذلك حقيقي أيضًا في العالم الحديث، حيث الملابس السوداء في حالات الحِداد، أو الشارات وأساور المعصم لدعم قضايا مُعينة.

في ميدان المعركة، تفرق الرايات والشعارات بين الصديق والعدو، ومكنت المعايير الملكية الجنود من معرفة مكانة الملك. وكان الزي دلالة على أن الشخص ينحدر من سلالة نبيلة فيُصبح أسيرًا، فالمظهر الجيد كان له معاني أخرى غير الزهو والتباهي.

ارتداء شارات أو زي مميز –ملابس تحتوي على رمز، أو تصميم أو لون معين- يشير إلى الانتماء والجماعة. كانت شارات الحج منتشرة جدًا بالرغم من ندرتها الآن، كانت تشير للذين قاموا برحلة دينية، وهي تذكار يتم ارتداؤه لإظهار أن الشخص متدين وقد زار كانتربيري أو حتى روما.

استخدمت النقابات الحِرفية الشارات والأزياء المُميزة لتحديد أعضائها، فيستطيع أي شخص يريد شراء أي شيء في مدن العصور الوسطي التمييز بين أعضاء الحِرفة وآخرين أقل شهرة؛ أظهرت وسائل التعريف البصرية الانتماء ونقلت الهُوية والمكانة.

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي