ظاهرة تسوس الصخور

Template-new5

||||

ظاهرة تسوس الصخور أو ظاهرات الكارست العضوية وأخطارها الجيومورفولوجية (Natural Cavities, Borings)

التعريف بالظاهرة:

تتمثل هذه الظاهرة الطبيعية الجيومورفولوجية في تكهف الصخور الجيرية وتجويتها وتفريغها من الداخل؛ بفعل عمليات الكربنة الكيميائية التي تحدث للصخور بفعل غاز ثاني أكسيد الكربون المذاب في الماء، أثناء تساقط الأمطار، وعند إحتكاكها بذرات الغبار العالقة في الغلاف الجوي.

نظريات توضح نشأة هذه الظاهرة:


بالنسبة للنظريات التي وضعت لتفسير نشأة هذه الظاهرات، فقد تعددت ووضعت نماذج معملية لهذا الأمر؛ إلا أن ذلك لم يزيد الأمر إلا غموضًا و تداخلًا بين عوامل نشأة هذه الأقراص الصخرية. ومن هذه النظريات ما يرجعها إلى عامل الاختلافات في درجات التمدد الحراري (Johannessen at all. ,1982 )، والذي أرجع تلك الظاهرة إلى عوامل التجوية الكيميائية بفعل غاز ثاني أكسيد الكربون المذاب في الماء أثناء اختلاطه بماء الأمطار عند إحتكاكه بذرات الغبار العالقة في الغلاف الجوي. و من الباحثين أيضًا من أرجعها إلى عمليات الإذابة بفعل قوى الضغط الجوي على مدار ملايين السنين.

ومن الباحثين من ذكر أن أسباب نشأة هذه الظاهرات راجعة إلى فعل التجوية الملحية(Bartrum ,et all , 1936)، ومنهم من أرجعها إلى فعل الرياح وتخللها عبر الشقوق والفواصل وقدرتها على تحريك بخار المياة بعد ذلك في إتجاهات متباينة داخل الحفر الموجودة على السطح ( Bird et al., 1960 )، ومن الدراسات الأخرى نجد منها ما أرجعت هذه الظاهرات إلى فعل تفكك الصخور بسبب قوى الضغط التي تحدثها جذور النباتات عند نموها بالتربة والتي أعطتها اسم (Phytokarst) للدلالة على هذه الظاهرة، و من الدراسات الحديثة التي توصلت إلى أن عوامل نشأة هذه الثقوب ترجع إلى نوعية معينة من البكتيريا الموجودة بالإرسابات البحرية تدعى (cyanobacteria, fungi, algal coating and lichens)، وخاصة أنه يوجد منها أشكال ذات أبعاد مورفومترية متعددة وتتموضع في أماكن مختلفة على الأسطح، كتلك الموجودة بوادي سنور الرئيسي بالصحراء الشرقية شرق بني سويف والتي توضحها الصور المرفقة.

الأبعاد المورفولوجية لهذه الظاهرة الطبيعية:

تتمثل في فجوات متناهية الصغر داخل الصخر الجيري، تصل أقطارها إلى ما بين 1ملليمتر إلى 5 سم في بعض الأحيان، ولا تزيد أعماقها عن 20 سم في أقصى التقديرات. ومنها ما هو دائري ومنها ما هو مضلع ومنها ما هو مثلث الشكل ومنها ما هو غير منتظم الحواف، وتقترب أشكالها من أشكال خلايا أقراص عسل النحل أو قطع عسل النحل الشمعية. وتنتشر هذه الظاهرات في المناطق الصحراوية والنطاقات المدارية والجافة من العالم، وفي المناطق الساحلية وعلى جدران المباني التاريخية، ومن أكثر البيئات انتشارًا بها هي البيئات الساحلية أو بيئة الإرسابات البحرية. إن هذه الظاهرة تنتشر بكثافة في مناطق الحجر الجيري المدارية، على عكس مناطق الحجر الجيري المعتدلة، ويشيع انتشار هذه الظاهرة في الأراضي المصرية في منخفض الفرافرة في الصحراء الغربية، وعلى حواف منخفض الفيوم وقيعانه، والهضبة الوسطى بصحراء مصر الغربية، وسواحل إقليم مطروح الساحلي، وعلى حواف وأسطح هضبة المعازة الجيرية بصحراء مصر الشرقية.

ومن حيث التباينات المورفولوجية لظاهرات تسوس الصخور أو أقراص العسل كما تسميها بعض الدراسات، نجد أن منها ما يمتاز بالحواف المستديرة الأكثر حدة وارتفاعًا، كتلك الموجودة عند أقدام المدرجات بوادي الفقيرة الصحراء الشرقية شرق بني سويف، ومنها ما تميزه الحواف الناعمة المستديرة، وكذلك نجد من هذه الثقوب ما مُلِئَ بالإرسابات والتربة مما يدلل على صقلها، أو تغطيتها بالتربة والإرسابات في البداية. وعملت عوامل التعرية على مر الأعوام على إظهار هذه الأقراص على سطح الصخور بعد أن كانت مغطاه بالإرسابات، ومنها ما نشأ على السطح من البداية بفعل عمليات التقشر وتملح الصخور بفعل مياة الأمطار والرياح والإرسابات البحرية والكائنات البحرية البكتيرية والطحلبية الدقيقة.

الأبعاد المورفومترية لهذه الظاهرة في الأراضي المصرية:

ومن حيث التباينات المورفولوجية لهذه الظاهرة في الأراضي المصرية، نجد في جنوب شرق وادي سنور وبالتحديد عند موضع إلتقاء وادي الفقيرة بوادي سنور، تتموضع أشكال الصخور المجوفة (nature cavities) عند أقدام السفوح والمدرجات الفيضية بوادي الفقيرة الصحراء الشرقية شرق بني سويفوتمتاز بالاتساع والعمق، حيث يصل متوسط العرض إلى الطول 1.2 سم، هذا يدلل على استدارة حوافها وإن كانت أكثر تصلبًا وحدةً عن تلك الموجودة على سفوح الأعمدة الكارستية والتلال الكارستيةأي الجيريةبمجرى وادي سنور الرئيسي، ويصل أقصى عرض لها 15 سم وأقصى طول 17 سم، وبالنسبة للحفر المنتشرة على أسطح الفانجلومرات والمدملكاتالكتل الصخرية كبيرة الحجم؛ نجدها هي الأكثر عمقًا واتساعًا وطولًا بالمنطقة إذا قورنت بالأنماط السائدة عند أقدام المدرجات وسفوح الأعمدة الكارستية والتلال المصقولة بمنطقة الدرّاسة، حيث يتراوح إتساعها ما بين 15 – 20 سم وطولها ما بين 8 – 10 سم، ويصل أقصى عمق لها 15 سم وتوجد في مصر أماكن كثيرة في الهضبة الجيرية الشرقية بالتحديد لانتشار هذه الظاهرة.

الخطر الجيمورفولوجي لهذه الظاهرة:

تعد هذه الثقوب الصخرية النواة، الأولى لنشأة الكهوف حول العالم. و إن وجدوها في مكان تعد دلالات ظاهرية على تكهف صخور المنطقة وإمتلاءها بالفجوات الداخلية، التي قد لا تكون ظاهرة على السطح؛ لأنها تحدث تحت الطبقة السطحية. وتعد مدينة المنيا الجديدة في إقليم شمال الصعيد بمصر من المدن التي نشأت على هضبة جيرية مليئة بالفجوات الداخلية في صخورها، مما يهدد سلامة مبانيها في حال تعرض الصخر لمياة الصرف الصحي المتسربة من المواسير أو غيرها من المياة المحملة بعناصر كيميائية أخرى، أو في حال الإهمال في عمل دراسات جسية متقدمة للكشف عن وجود الفجوات الداخلية من عدمه.

شكل 1 أقراص عسل النحل المصقولة عند سفوح التلال الكارستية
شكل 1
أقراص عسل النحل المصقولة عند سفوح التلال الكارستية

 

شكل 2 أقراص عسل النحل عند أقدام المنحدرات
شكل 2
أقراص عسل النحل عند أقدام المنحدرات

 

شكل 3 أقراص عسل النحل على أسطح المدملكات الصخرية والفانجلومرات
شكل 3 أقراص عسل النحل على أسطح المدملكات الصخرية والفانجلومرات
أقراص عسل النحل على حوائط جانبي وادي الفقيرة بمنطقة الدراسة
أقراص عسل النحل على حوائط جانبي وادي الفقيرة بمنطقة الدراسة


إعداد : Awad Badeny

مراجعة علمية وتصميم : Amr Ghaleb

مراجعة لغوية: Omnea Abd El-Aleem

المصدر:

  1. Mustoe, G.E., (1982), The Origin of Honeycomb Weathering, Geological Society of America Bulletin, v.93, p. 108-115.
  2. Paradise, T.R., 2013, Assessment of Tafoni Distribution and Environmental Factors on a Sandstone Djinn Block above Petra, Jordan, Applied Geography, v.42: p. 176-185.
شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي