عازف البيانو ..فواديسلاف سبيلمان

Wladyslaw_Szpilman

باقتراب انتهاء الحرب العالمية الثانية، وفي فيلا اُحترقت في مدينة وارسو المُدمَرة، عازف البيانو البولندي (فواديسلاف سبيلمان Wladyslaw Szpilman) واجه ضابط ألماني على أنغام غير موزونة. لم يستحم سبيلمان منذ شهور حيث كان يعيش في الخردة لأكثر من سنة. استعد Szpilman وقتها إلى رصاصة. لكن بدلًا من أن يحدث ذلك، سأله الضابط على مهنته. بالرغم من أن السؤال ظهر بلا معنى، إلا أن Szpilman أجابه: «عازف بيانو». أخذه الضابط الألماني إلى بيانو في غرفة مقصوفة وطلب منه العزف عليه، ليس بالطلب السهل لرجل يموت جوعًا ولم يلمس البيانو لثلاث سنوات. بالرغم من ضعفه، إلا أن Szpilman عزف مقطوعة Nocturne in C-sharp) minor (لـ Chopin ، نفس المقطوعة التي عزفها في الراديو البولندي وقت اقتحام الألمان لمدينة وارسو. بعد لحظة صمت، سأله الضابط إذا كان يهوديًا، ثم أعطاه طعام و ملابس للبقاء حيًا لعدة أسابيع.
انقضت حياة الضابط الألماني كسجين حرب، وبقى سبيلمان حيًا.
هذه كانت بداية حياة جديدة للعازف البولندي Wladyslaw Szpilman .

سبيلمان هو عازف بيانو يهودي بولندي، كاتب مذكرات وملحن. ولد في سوسنوفيتش Sosnowiec في بولندا في 5 ديسمبر عام 1911. بدأ دراسة البيانو في مدرسة Chopin للموسيقى في مدينة وارسو في يونيو عام 1931، ومؤخرًا في أكاديمية برلين للفن بألمانيا. بعد ما استولى هتلر والحزب النازي على السلطة عام 1933، عاد سبيلمان إلى وارسو في بولندا، ليعيش مع عائلته، و التي تكونت من والديه، شقيقتين وشقيق.

بدأ سبيلمان العمل للراديو البولندي عام 1935، فهو عازف بيانو موهوب، وكثيرون يستمتعون بموسيقاه. شهرته بدأت في الانتشار أكثر فأكثر كلما عزف في الراديو البولندي. في أول سبتمبر عام 1939، غزا الجيش النازي بولندا. كان يعزف وقتها مقطوعة (Nocturne in C sharp minor) لـ Chopin. فقرته، والتي لم تكتمل أبدًا، كانت هي آخر بث حي في الراديو البولندي قبل الحرب.

واجه سبيلمان وعائلته – لكونهم يهود – مشاهد وحشية وتمييز مروع لليهود في بولندا. وفي 31 أكتوبر عام 1940، انتقل هو وعائلته إلى (وارسو غيتو (Warsaw Ghetto- ، سُكنت تقريبًا بكل يهود مدينة وارسو. و بُنيًّ حائط لمنع اليهود من الهرب، والذي حطم آمال سبيلمان من ترك وارسو غيتو سريعًا.

كانت الحياة في غيتو صعبة للغاية على السكان. آلاف يموتون من الجوع، قلة المأوى، الجرائم، و انتشار الأمراض. واصل Szpilman القدرة على العيش بالتفكير في عائلته وفي البيانو. فقد حصل على عمل في مقهى صغير، والذي امتلأ بقوات الألمان، والذين يستمتعون بموسيقاه. مؤخرًا، التقى بعدد من العازفين للحصول على مال أكثر. لسوء الحظ، حصل على مال في غيتو بالكاد يكفيه هو وأفراد عائلته.

في عام 1942، بدأ الجيش الالماني في إبادة اليهود في المدينة. حائط مدينة وارسو غيتو تهدم، ومئات الآلاف من الجياع و ضعفاء اليهود نقلهم النازيون على متن قطار متوجه إلى معسكرات الإبادة في الشرق. كان سبيلمان وعائلته في طريقهم إلى القطار للتوجه لـ Treblinka معسكر الإبادة. وفي وقت الترحيل، وحده سبيلمان جُذب عن طريق صديق للعائلة، و أخبره أن يهرب إلى غيتو ويختبئ بها. فعل سبيلمان ذلك للنجاة بحياته. لم تنج عائلته من الحرب، فلم يراهم بعد ذلك.

بمساعدة بعض الأصدقاء من الراديو البولندي، ومحبي موسيقى سبيلمان، استطاع النجاة في وارسو. عمل سبيلمان كعامل بناء مع بعض العاملين البولنديين، و دائمًا كان يهاجم من قبل البوليس الألماني. ومع ذلك، كان يقاوم من أجل موهبته في العزف على البيانو. وبمرور الوقت حصل على مكانة تسمح له بالخروج من الغيتو التي يختبئ بها ويساعد في المقاومة البولندية. كان يُهرّب الطعام، الأسلحة، الذخيرة والمعلومات عبر الخطوط. كان الانضمام إلى المقاومة البولندية يزداد، وبقى سبيلمان مختبئًا عن عيون الألمان.

في أغسطس عام 1944، بدأت انتفاضة مدينة وارسو، و اشتعلت حرب شوارع وحشية بين الثوار و المستعمرين الألمان. لم يكن سبيلمان من ضمن المقاتلين، ظل يختبئ في سكن له طوال القتال. بعد هزيمة المقاومة البولندية، أخلى الجيش الألماني مدينة وارسو من المدنيين، و بحثوا عن أي مساند للثوار. وفي النهاية اكتشفوا وجود سبيلمان ، قاوم للهرب من السكن دون طعام أو ماء.

في نوفمبر عام 1944، عشرون بالمئة من مدينة وارسو قد دُمرت بالكامل من قبل الألمان في محاولتهم للعثور على مساندي الثوار. كل من بقى في المدينة من المدنيين انتقلوا إلى مكان آخر، ولم يبق سوى سبيلمان و آلاف من الجنود الألمان. ظل ينتقل من مبنى إلى آخر و يختبئ من الألمان بحثًا عن الطعام والماء. في معظم الأحوال يختبئ في العلية، حيث المقصورات السرية فلا يكشفه أحد. في هذه الفترة عانى من شدة الجوع و نقص الماء. حتى التقى بالضابط الألماني أثناء محاولته للحصول على الطعام، فكُتبت له النجاة عندما ساعده هذا الضابط.
الضابط الألماني يُدعى Wilm Hosenfeld اُعتقل لدى السوفيت على أنه جاسوس بعد الحرب، و قضى نحبه في السجن عام 1952. قد علم سبيلمان باسمه من عازف قابله الضابط في المعتقل.
جُسدت هذه القصة فيلم The Pianist عام 2002.

المصادر:
http://sc.egyres.com/JJVKm

ترجمة: Ala’a Mahmoud
مراجعة: Sherif M.Qamar

تصميم : Wael Yassir

#الباحثون_المصريون

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي