يُعاصر العالم في هذه الفترة مرضًا يزداد سوءًا، وهو مرض الخرف الذي يؤثر على 40 مليونَ شخصٍ، بالإضافة لتأثيره على الملايين من مُقدّمي الرعاية للمرضى، ويتوقَع أن يزيد هذا العدد لثلاثة أضعافه بحلول عام 2050.
والخرف هو مرض مرتبط بالتقدم في العمر وهو تلف متفاقِم في وظائف المخ، ويعتبر من أكثر أسبابه شيوعًا، مرض ألزهايمر والخرف الوعائي.
كيف ترتبط صحة القلب بالصحة العقلية؟
الأمراض التي تسد شرايين القلب تسد باقي شرايين الجسم بما فيها المخ، فهي تدمّر الأوعية الدموية الحيويّة لنقل الدم والأكسجين لأعضاء الجسم ومن ثَم تؤدي إلى أمراض القلب، والنوبات القلبية، والجلطات الدماغية، والخرف الوعائي ومرض الأوعية الدموية المحيطة (Peripheral vascular disease).
على الرغم من أنّ مرض ألزهايمر يُعتبر عملية مختلفة، فهو ناتج عن تراكم بروتينات أسطوانية الشكل معقدة (Neurofibrillary tangles)، إلا أن مرض ألزهايمر رُبِط بنفس العوامل المسبّبة لأمراض القلب، والجلطات الدماغية، والخرف الدماغي ومرض الأوعية الدموية المحيطة وهي: السمنة، ارتفاع ضغط الدم، ارتفاع نسبة الكوليسترول ومرض السكري.
والدليل على ذلك واضح جدًا؛ فقد أثبتت الدراسات أنّ الأشخاص الذين يعانون من هذه العوامل أكثر احتمالية للإصابة بألزهايمر، كما أظهرت بأنّ مرضى ألزهايمر يعانون من نقص تدفّق الدم للمخ بالإضافة إلى أنّ الدراسات التشريحيّة أثبتت بأنّ الأدمغة المصابة بألزهايمر تعاني من تدمُّر الأوعية الدموية بشكل واضح.
يتساءل العلماء عن سبب هذا الرابط، ويبدو بأنّ تدفق الدم بشكل سليم للمخ يعمل على التخلص من البروتينات المُسبّبِة لمرض ألزهايمر، وبالتالي فإنّ أي عامل يقلل من تدفق الدم للمخ فإنه يرفع خطر الإصابة بألزهايمر، والعكس صحيح.
العادات الصحية السليمة بإمكانها تقليل خطر الإصابة بالخرف
بإمكان التمارين الرياضية تقليل خطر الإصابة بالخرف بل حتى ألزهايمر، فقد أثبتت الدراسات أنّ الأشخاص المنتظمة على أداء التمارين أقل عرضة للإصابة بمرض الخرف بأنواعه وهذا ينطبق حتى على البالغين بمشاكل عقليّة، كما يوجد أيضًا دليل بحثي قوي يظهر بأنّ حميّة البحر المتوسط، والتي تتضمن نسبة عالية من الفاكهة، والخضروات، والحبوب، والدهون الصحية والمأكولات البحرية، ترتبط بنسبة كبيرة بتقليل خطر الإصابة بالخرف.
الرسالة المرجوَّة من هذا المقال إثبات أنه حتى إن كان هنالك شخص يمتلك تاريخ أسري من الخرف أو ألزهايمر، وحتى لو كان يمتلك خلل عقلي طفيف كالنسيان أو الارتباك والتشوش فبإمكانه تقليل خطر الإصابة بالخرف باعتماد نظام صحي يرتكز على الصحة القلبية. فبإمكانه اتّباع حمية البحر المتوسط بالاعتماد على 4 إلى 5 أنواع من الفواكه والخضروات يوميًا و150 دقيقةَ من التمارين أسبوعيًا.
العوامل التي تقلل التوتر والقلق بإمكانها المساعدة أيضًا وتتضمّن: ساعات كافية من النوم الجيد، والعلاقات الاجتماعية الجيدة والترابط الاجتماعي، فلها تأثير وقائي للصحة العقلية.
ترجمة: مي عبدالباسط.
مراجعة علميّة: نسمة محمود.
تدقيق لغوي: رنا السعدني.
تحرير: هدير جابر.