غبارُ القمرِ سامٌ جدًا لخلايا الإنسانِ

cc_footprint_16x9

||

كما يقولون، في الفضاء لا أحد يستطيع سماعك عندما تعطس؛ لكن رائد الفضاء أبولو 17 (هاريسون شميت-Harrison Schmitt) كان يقوم بالكثير من ذلك داخل وحدة قيادة (تشالنجر- Challenger) عندما زار القمر عام 1972.

ففي أحد الأيام, بعد سيره على القمر، وعن طريق الصدفة تنفس (شميتSchmitt- ) بعض غبار القمر الكثير والذي تعقبه هو وقائده إلى أماكن المعيشة في (تشالنجر-  Challenger). ولمدةٍ يومٍ كاملٍ، عانى شميت من نزول دموع من عينيه بغزارة، واهتزاز في حلقه، ودخوله في نوبة عطس، فيما أسماه شميت ب “حمى القش القمرية”. لا، لم يكن لدى شميت حساسية من القمر.

والآن، أدركت ناسا سبب حدوث ذلك، وهو أن قطع من غبار القمر -خاصة تلك الأصغر حجمًا والأكثر حدةً-  تُشكل مخاطر صحية على رواد الفضاء.

وتمَّ نشر دراسة جديدة في شهر أبريل من مجلة GeoHealth، والتي توضح خطورة هذا الغبار على المستوى الخلوي، وكانت النتائج لاتُبشر بالخير كجانب القمر المظلم. وفي العديد من اختبارات المعمل، تم إثبات أنَّ مغرفة واحدة من غبار القمر بها ما يكفي من السم لقتل حوالي 90٪ من خلايا الرئة والدماغ للشخص المعرض لها.

معضلة الغبار

الغبار على القمر يتصرف تصرفًا يختلف عن ذلك الغبار المعتاد الموجود على الأرض. بالنسبة للمبتدئين، فإنها حادة. ونظرًا لعدم وجود رياح على القمر، فالغبار لايتآكل أبدًا.

فبدلًا من ذلك، إنَّ حبيبات غبار القمر -والتي هي نتائج تأثير (الميكرو ميرايتايت-  micrometeorite)- تظل حادة وكاشفة ويمكن أن تتسلل بسهولة إلى خلايا رئة رائد الفضاء في حالة تنفسه لها بعمقٍ.

وفي مقدمة هذا، يمكن أن يطفو غبار القمر. مع عدم وجود غلاف جوي لحماية القمر من القصف المستمر من ناحية الشمس وتلك الشحنات التي تحملها، فمن الممكن أن تصبح تربة القمر مثل الملابس عندما تكون بها شحنة كهربائية.

وكتب الباحثون في الدراسة الجديدة :

« هذه الشحنة يمكن أن تكون قوية كفايةً لدرجة أنَّ جسيمات التربة ترتفع بالفعل فوق سطح القمر.»

ومن هناك، من السهل كفايةً للغبار أن يتشبث بالزوايا والشقوق لبدلة رائد الفضاء وتتبعه لهم عند عودتهم داخل المسكن، وهذه الجسيمات الرخوة من الممكن أن تسد المعدات الحساسة، والفرامل، والملابس الرثة وكما اكتشف شميت، أنه إذا تم ابتلاعها عن طريقِ الصدفةِ من قِبل روادِ الفضاءِ، فإنها ستعيثُ فسادًا في جسد الانسان.

صنع غبار القمر

أراد فريق من الباحثين في دراستهم الجديدة  من جامعة (ستوني بروك) في نيويورك اكتشافِ مدى خطورةِ غبار القمر على رئتي الانسان. ولأنه من الصعب الحصول على تربة قمرية حقيقية على الأرضِ، فإن الفريق استخدم خمس مصادر محاكاةً لتمثيل ذلك الغبارِ الموجود على أماكن كثيرةٍ من تضاريس القمر.

وتلك المحاكاة تضمنت رماد بركاني من أريزونا، وغبار منزوع من تدفق حمم كولورادو، ومسحوق زجاجي مختبري صممه المسح الجيولوجي الأمريكي لاستخدامه في دراسات التربة القمرية. فقام الفريق بقياس تأثيرات غبار القمر على الأعضاء البشرية، وذلك عن طريق مزجِ عينات من تلك التربة التي تم صنعها مباشرةً مع خلايا رئة فأرٍ مزروعة في المعمل.

وقام العلماءُ بتجميعِ كل عينة من تلك التربة إلى ثلاث درجات مختلفة من التحبب، الأكثر نعومة منها كانت على بُعد بضعة ميكرومترات (أصغر من عرض شعرة الإنسان) ويمكن بسهولة امتصاصها إلى رئتي الانسان.

وعندما أخذ الفريق مخزونا من تلك الخلايا بعد مرور 24 ساعة، وجدوا أن كل نوعٍ من التربة التي تم تجميعها قد سببت موتًا لخلايا الرئتين والدماغ  بدرجاتٍ مختلفةٍ. فالعينات الأكثر نعومةً منها وُجدت أنها أكثر فتكًا، قاتلةً 90% من الخلايا التي تعرضت إليها.

وكتب الباحثون أن الخلايا التي لم يتم القضاء عليها على الفورِ، أحدثت ضررًا في شريط الDNA والتي من المحتمل أن تكون السبب في الإصابة بالسرطانِ فيما بعد أو تُحدث أمراضًا خاصة بالجهاز العصبي إنْ لم يتم إصلاحها.

وأضاف الباحثون أيضًا:

« من الواضح أن تجنب استنشاقِ الغبارِ على القمرِ سيكون مهمًا للمستكشفين في المستقبل.»

ويقول الباحثون أنه مع استكشاف البشر للقمرِ في العقودِ المقبلةِ، ستكون فرصة تعرضهم لذلك الغبار صدفةً محتملةً. ولحسن الحظِ، فإنَّ (ناسا- NASA) تأخذ تلك المشكلةِ على محملِ الجدِ لفترةٍ طويلةٍ، وتقوم بتطويرِ العديدِ من طرقِ تخفيفِ هذا الغبار.

فخطتهم الواعدة هي تغطية الأسطح الحساسة وبشكلٍ أساسي باستخدام درع الغبار الكهرومغناطيسي، وهذا الدرع هو عبارة عن ألواحَ مشحونةَ كهربائياً تطلق تيارات عبر أسلاك رفيعة لإزالةِ الغبارِ بعيدًا.

فقد أظهرت الاختبارات المعملية المبكرة أن تلك الدروعِ تعمل بشكلٍ جيدٍ. ويُجرى حاليًا اختبار لبعض العينات للألواحِ على محطةِ الفضاءِ الدوليةِ لمعرفة ما إذا كان يمكن دمج الألواح في بدلات رواد الفضاء أم لا.

ترجمة: أريج أيمن

مراجعة: بيير عماد

المصدر: http://sc.egyres.com/rs5Oz

#الباحثون_المصريون

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي