فروغ فرخزاد: شاعرة كل العصور

فروغ فرخزاد: شاعرة كل العصور

فروغ فرخزاد- Farough Farrokhzad (٢٩ ديسمبر، ١٩٣٤- ١٣ فبراير، ١٩٦٧) كانت أول شاعرة إيرانية تنمي ثقافة المرأة عن طريق كتابة الشعر. حيث عبرت عن أفكارها بخصوص التمييز والمساواة. ووصفت فروغ المعاناة والآلام التي لا حصر لها التي تمر بها المرأة الإيرانية.

فكتبت فروغ فرخزاد في خطاب بتاريخ ٢ يناير،١٩٥٦: ما أتمناه للمرأة الإيرانية هو الحرية والمساواة مع الرجل. وأعي تمامًا أن أخواتي في هذا البلد تعانيْن من ظلم الرجال، ولذلك أستخدم جانب كبير من فني للتعبير عن هذا الأسى والألم.

حياة فروغ فرخزاد

ولدت فروغ فرخزاد وترعرعت في طهران عام ١٩٣٤. هي شاعرة إيرانية معاصرة مشهورة، ونشرت خمس مجموعات شعرية: «الأسيرة»، «والجدار»، «والتمرد»، «وميلاد آخر»، ومجموعتها الأخيرة «فلنؤمن بحلول موسم البرد.»

يرمز شعر فرخزاد إلى المرأة التي وقعت في أسر التقاليد القديمة وسعيها الدائم إلى نور الأمل. إن بصيرة وعمق التفكير لديها تجلى وصاغته على أكمل وجه في عملها الذي نشر عام ١٩٦٣ بعنوان «ميلاد آخر- Another Birth».

تناول ديوان «ميلاد آخر» الظروف الاجتماعية آنذاك، التي تضمنت أيضًا النظام الديكتاتوري الحاكم. وفي هذا العمل، وصفت فيه امرأة وحيدة تنتظر على أعتاب موسم البرد باحثة عن الشروق والدفء.

وها أنا
امرأة وحيدة
على أعتاب موسم البرد
أشهد ولادة بصيرتي
للوجود الملوث لهذه الدنيا
والتشاؤم البريء والشجي الذي يملأ السماء
وعجز هذه اليدين العنيدة القاسية.

الشعر لفروغ فرخزاد

لم يكن الشعر بالنسبة لفروغ فرخزاد وسيلة ترفيهية، بل كان وسيلة لتحقيق الوصول إلى هدف ما. ولقد وصفت الشعر قائلة أنه: مسئولية أشعر بها تجاه نفسي.

وكانت ترى أن تكون شاعرًا هو أن تكون إنسانًا على حد سواء، قائلة: يجب على المرء أن يكون شاعرًا في كل الأوقات، وليس فقط أثناء كتابة الشعر.

ولكن آمنت تمامًا أنها تحتاج إلى خلق وإدراك ماهيتها كاملة.

أحتاج إلى الشعر أكثر من الأكل والنوم، تمامًا مثل احتياجي للتنفس.

ينبع تألق فروغ في الشعر من المحتوى الإنساني في أعمالها. هذا وعقب الانقلاب العسكري للشاه ضد الزعيم الإيراني القومي دكتور محمد مصدق، حيث وصفت إيران بأكملها آنذاك أنها أصبحت كالسجن. حيث كانت تتطلع إلى مستقبل واعد يخلو من الظلم والظلام.

 

ثمة من سيأتي

ثمة من سيأتي لا محالة

إنسان ما يحملنا بقلبه

هو برفقتنا عندما يتنفس

صوته معنا

شخص ما مجيئه

لا يمكن منعه أو إيقافه

ولا تكبيله ولا الزج به في السجن…

تُرجِمت أعمال فرخزاد إلى عدة لغات منها اللغة الإنجليزية، والتركية، والعربية، والصينية، والفرنسية، والإسبانية، واليابانية، والألمانية، والعبرية.

السينما كوسيلة للتعبير

وبالإضافة إلى كتابة الشعر، ركزت فروغ فرخزاد على السينما. صنعت فرخزاد فيلم بعنوان البيت الأسود- The House Is Black في عام ١٩٦٢، الذي يصور حياة المصابين بالجذام وظروفهم المعيشية في المستعمرات.

لافتة إعلانية لفيلم البيت الأسود لفروغ فرخزاد
لافتة إعلانية لفيلم البيت الأسود لفروغ فرخزاد

وألقى هذا الفيلم الضوء على مشاعر فرخزاد المتأصلة عن المتضررين.

لافتة تشويقية لفيلم البيت الأسود لفروغ فرخزاد
لافتة تشويقية لفيلم البيت الأسود لفروغ فرخزاد

فاز الفيلم بجائزة أفضل فيلم وثائقي في مهرجان أوبرهازون للفيلم- Oberhausen Film Festiva الألماني في شتاء عام ١٩٦٣.

بالنسبة لي، السينما هي عبارة عن وسيلة للتعبير. إذا مارست كتابة الشعر طوال حياتي، هذا لا يعني أن الشعر هو وسيلتي الوحيدة للتعبير. فأنا أحب السينما. وسأعمل في أي مجال طالما أستطيع ذلك. إذا كنت لا أستطيع كتابة الشعر، سوف أمثل في المسرح. وإذا لم يكن بمقدوري التمثيل، سوف أصنع فيلم. المهم بالنسبة لي هو قدرتي على التعبير عن نفسي، بالطبع إذا كان لدي أي شيء لأعبر عنه.

أفضل شعراء الألفية

قال الشاعر المعاصر محمد رضا شافعي كداني: سوف تعرف فروغ عبر آلاف السنين من تاريخ الأدب أنها أفضل شاعرة على الإطلاق، فلا يوجد مفكر واحد حارب التقاليد أفضل منها.

يساوي أفضل الكُتَّاب قيمة فرخزاد الفنية بالشاعر الإيراني المتميز أحمد شاملو. فلا يستطيع أي مقال أو محادثة أن توفي أعمال فروغ حقها. فقد كانت أحد أفضل الشعراء الإيرانيين المعاصرين الذين تذكروا أن يحلقوا في سماء الشعر محققة الوحدة والأمل في قصائدها.

لم على أن أتوقف؟
أنا سليلة الأشجار
تنفس الهواء الخالي يصيبني بالكآبة؛
نصحني الطير الراحل أن أتذكر الرحلة؛
إن سعة مقاومة المدارك هي الالتحام
مع منبع الشمس الساطع
والتدفق نحوه لإدراك النور؛
فلم على أن أتوقف؟

عاشت فروغ لمدة ٣٢ سنة فقط وكانت نهايتها مفجعة حيث قُتلت في حادث سيارة في يوم ١٣ من فبراير، عام ١٩٦٧.

كانت فروغ تؤمن إيمانًا شديدًا أن الحب هو العلاج والمنجى الوحيد لهذه البشرية. قالت: أفعل الخير وأنساه، لأنه يومًا ما سوف ينمو ويعود إليك.

منع نظام الملالي المناهض للمرأه والثقافة عرض كتب فروغ فرخزاد في معرض الكتاب السنوي بطهران. ومنع أيضًا نظام الحكم الناشرين والمكتبات من عرض أعمالها.

وقد هُدم بيت فروغ فرخزاد الذي يقع في حي دروس بطهران في ٢ نوفمبر عام ٢٠١٦. ونقلًا عن وكالة الأنباء مهر التابعة للحكومة الإيرانية فقد بُنِي مبنى سكني جديد مكون من خمسة طوابق في مكانه.

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي