تعرَّف على (فيروس زيكا- Zika Virus)
(الجزء الأول)
فيروس الزيكا من التطورات التي فرضت نفسها على واقعنا الحالي، لذا فمن المهم أنْ نعرف أكثر عنه، ونتناول كل ما يخصه حتى نكون على درايةٍ كاملة بما نواجه.
على مدار مقالين متتاليين سنتناول كل ما يتعلّق بفيروس الزيكا من الألف للياء؛ سنستعرض في هذا المقال: مُقدمة حول الفيروس، وطرق انتقاله، ومُسبّبات المرض، وأعراضه ومضاعفاته، وأخيرًا وليس آخرًا العلاقة بين الأم الحامل والفيروس.
في المقال القادم سنتعرف على كيفية تشخيص مريض الزيكا، وكيفية علاج المُصابين بالفيروس، وكيفية الحدّ من الإصابة به والوقاية منها.
مُقدمة:
يُعد فيروس الزيكا من الفيروسات المُصفرّة (المُسبِّبة للحُمى الصفراء)، ويرتبط ارتباطًا وثيقًا بحُمى الضّنك.
يرجع تاريخ فيروس الزيكا إلى عام 1947م في أوغندا حينما تم التعرّف عليه من خلال رصد إصابة بعض القرود بالحُمى الصفراء. ومِن ثمّ انتقل هذا الفيروس إلى البشر في مطلع عام 1952م في أوغندا وجمهورية تنزانيا المتحدة، وقد تم تسجيل العديد من حالات الإصابة بهذا المرض، الذي استمر في الانتشار وصولًا إلى إفريقيا، وآسيا، والمُحيط الهادي والأمريكيتين خلال عقدين من الزمان (1960 – 1980م).
في عام 2007 عاد فيروس الزيكا مرةً أخرى إلى الظهور وأصاب أكثر من شخص بـ «جزيرة ياب-Yap Island» الواقعة في «اتحاد دول ميكرونيزيا-Federated States of Micronesia» ومِن ثمَ اختفى المرض لفترةٍ مؤقتة، ثم عاود الظهور في مطلع عام 2014م حينما ضرب العديد من المناطق المدارية في نصف الكرة الغربية وصولًا إلى المكسيك وبورتوريكو شمالًا. (1،2)
ونتيجةً لانتشار المرض الخطير في العالم في الآونة الأخيرة أعلنت وكالة الصحة العالمية (WHO) في فبراير من عام 2016 حالة الطوارئ العامة في جميع دول العالم، كما فرضت أيضًا إجراءاتٍ مُشددة وتحذيراتٍ للسفر إلى المناطق والبُلدان التي انتقل إليها فيروس الزيكا، وهذه الدول تشمل:
- أمريكا الوسطى والجنوبية: البرازيل، الأرجنتين، بوليفيا، كوبا، كولومبيا، فنزويلا … إلخ
- منطقة البحر الكاريبي: بربادوس، أنغيلا، هاييتي، جاميكا، بورتوريكو، سانت مارتن … إلخ
- منطقة الأوقيانوسيا: ميكرونيزيا، جُزر مارشال، ساموا، تونغا … إلخ
- أمريكا الشمالية: المكسيك
- إفريقيا: الرأس الأخضر (1)
ما هي مُسبِّبات فيروس الزيكا؟!
وُجد أنّ السبب الرئيسيّ في انتقال فيروس الزيكا هو البعوض (بالتحديد البعوض من النوع Aedes) الذي وُجد أنه السبب في انتقال أمراضٍ أخرى كحُمّى الضنك وفيروسات شيكونغونيا. (1)
ويُعد أبرز أنواع البعوض الناقل لفيروس الزيكا: «النمور الأسيوية-Aedes albopictus»، «الزاعجة المصرية-Aedes aegypti»، ووُجد أيضًا أنّ البعوض من النوع الزاعجة المصرية -على عكس البعوض الحامل للملاريا- يمكنه أن ينتشر خلال النهار، لذا فمن المُهم أن يتّخذ المسافرون إلى المناطق المتضررة بفيروس الزيكا الحذر والاحتياطات الوقائية لمنع لدغات البعوض طوال اليوم، وخاصةً أنّ الشبكات المُضادة للبعوض (الناموسيات) قد أثبتت فشلًا ذريعًا في معالجة هذا النوع؛ حيث يمكن لهذا النوع أنْ يظل على قيد الحياة في البيئة الداخلية والخارجية. (3)
ما هي أعراض فيروس الزيكا؟!
لقد ثَبُت بالتجارب والتحاليل أنّ مِن بين كل خمسة أشخاص مُصابين بالزيكا، تظهر الأعراض على واحدٍ فقط. وتُعد أعراض فيروس الزيكا طفيفةً جدًا وتستمر من 4 أيام حتى أسبوع. وإنْ لم تظهر الأعراض في غضون أسبوعٍ واحد، قد تستغرق هذه الأعراض مدة 12 يومًا للظهور (فترة الحضانة). وبسبب ضعف تلك الأعراض قد يظن البعض أنهم غير مصابين وأنّ ذلك لا يستلزم الكشف الطبي أو الذهاب إلى المستشفى.
وتّشمل هذه الأعراض:
- الحُمّى
- الآلام المفصلية؛ خاصةً المفاصل الصغيرة في اليدين والقدمين.
- آلام عضلية.
- صداع الرأس.
- التهاب مُلتحمة العين.
- احمرار العينين.
- طفح جلدي، وهو يُعد عرَضًا مُشتركًا بين الزيكا وغيره من الأمراض كحُمى الضنك، والحصبة. (4)
هل لفيروس الزيكا مضاعفات؟!
بعد استعراض العديد من الحالات والتقارير الطبية، وُجِد أنّ لفيروس الزيكا مضاعفاتٍ خطيرة كمتلازمة غيلان باريه (اضطراب المناعة الذاتية، الذي يؤثر بشدة على الجهاز العصبي)، ومرض صِغر الرأس. (2،4)
الأم الحامل وفيروس الزيكا:
هناك قلقٌ متزايد من وجود صلةٍ مباشرة بين انتقال الزيكا من الأمهات المُصابة بالفيروس إلى أجنّتهم، وذلك بعدما شهدت البرازيل على وجه الخصوص تصاعدًا حادًا في عدد المولودين صِغارَ الرأس منذ أكتوبر من عام 2015 حتى الآن، وهي الإحصائية الأعلى التي نشهدها منذ سبع سنواتٍ مضت. وقد أُجريت بعض التحليلات للرضّع – بعضها إيجابيٌّ والبعض الآخر سلبيّ- وقد أكّدت هذه التحليلات وجود فيروس الزيكا في اثنين من السوائل الموجودة حول الأجنة صِغار الرأس.
وبجانب البرازيل، توجد مناطق أخرى مثل: «بولينيزيا الفرنسية-French Polynesia» التي شهدت زيادةً في العيوب الخِلقية في الدماغ والعمود الفقري للأجنة والأطفال حديثي الولادة. وقد أكّدت السلطات الصحية بمدينة بولينيزيا أنّ عدوى فيروس الزيكا قد تترافق مع مِثل هذه التشوهات إذا كانت الأم مُصابةً بالفيروس خلال الأشهر الثلاثة الأولى أو الثانية من الحمل.(1،4،5)
وللحدّ مِن إصابة الأجنّة بفيروس الزيكا، صَدَر عن مركز الولايات المُتحدة للسيطرة على الأمراض والوقاية منها في بيانه الختامي ــ أنّ فيروس الزيكا هو السبب الرئيسي في الإصابة بصِغر الرأس، وأوصى المركز الأمهات اللاتي في طريقهن للسفر للأماكن المُصابة بفيروس الزيكا -إن لزم السفر- أنْ يتخذوا التدابير الوقائية المُختلفة للحدّ من لدغات البعوض في تلك الأماكن، وهي:
- ارتداء قمصان ذات أكمامٍ طويلة، وسراويل طويلة.
- استخدام المواد الطاردة للحشرات كتلك التي تحتوي على (البيكاردين، دي إي إي تي، وزيت الكافور، وزيت الليمون .. الخ)، وهي موادّ آمنة للحوامل والأطفال الأكبر سنًا من شهرين عند استخدامها بالصورة الصحيحة.
- ارتداء الملابس المُعالَجة بالبيرميثرين (الأحذية والسراويل والجوارب وأيضًا الخِيام).
- استخدام الناموسيّات عند الضرورة.
- البقاء والنوم في غُرفٍ مُكيفة.
- توخّي الحذر بشكلٍ خاص بعد شروق الشمس بساعتين، وقبل غروبها بساعتين أيضًا.
- استشارة الطبيب الفورية في حالة ظهور طفحٍ جلدي، واحمرار بالعينين، وآلام بالمفاصل، وحُمّى في غضون 14 يومًا من السفر إلى بلدٍ مُصابة بالزيكا.
إعداد وتصميم: علي صلاح
مراجعة علمية: Mohammad Gendy
تدقيق لغوي: عمر المختار
تحرير: Mohamed Gadallah