استعرضنا في الحلقات السابقة عن ماهية نظرية الانفجار العظيم والأخطاء الشائعة عنها وظهورها للعلن وصراعها مع الكون الثابت كما ذكرنا أيضا أننا في خضم هذا الجزء من الخط الزمني للكون لدينا تفسيرنا الخاص للإجابة على سؤال كيف بدأ الكون؟ ولكن تفسيرنا هذا غير مبني على المعتقدات بل هو تفسير علمي. فلما كان الحديث عن العلم يجب ذكر الأدلة والمشاهدات العلمية وهذا ما سنحاول عرضه في هذه الحلقة.
نظرية الانفجار العظيم كأي نظرية أخرى إذا أردت إثبات صحتها لابد من وجود بعض التنبؤات التي تتنبأ بها فإن صحت تلك التنبؤات دل ذلك على صحة النظرية.
أحد تلك التنبؤات التي تتنبأ بها نظرية الانفجار العظيم هي الكون المتجانس. تتنبأ النظرية أن الكون لابد أن يكون متماثل من كل جوانبه من حيث توزيع الكتلة والطاقة. فإذا نظرنا إلى نظامنا الشمسي سنجد أنه عبارة عن نجم له كتلة معينة ويدور حوله عدد معين من الأجرام ولها كتلة معينة أيضا ماذا لو نظرنا إلى نظام نجمي آخر؟ لننتظر لحظة، يبدو هذا غير متجانس بالنسبة لك، ولا بالنسبة لي أيضا فإننا إذا نظرنا إلى نظام نجمي آخر سنجد انه ليس بالضرورة أن يكون للنجم نفس الكتلة ولا نفس عدد الكواكب التي تدور حوله إذا هناك اختلاف.
ماذا لو نظرنا أبعد من هذا قليلا مجرة درب التبانة سنجد أنها أيضا لا يوجد بها تجانس فليس كل المجرات لها نفس الشكل ولا الكتلة فسنجد أن حتى مجرة (سحابة ماجلان الصغرى) وهي أحد أقرب المجرات لنا لها كتلة صغيرة مقارنة بكتلة مجرتنا المحلية إذا لا يوجد تجانس أيضا. لكن إذا نظرنا على مستوي أكبر وأوسع يمتد نحو 100 مليون سنة ضوئية سنجد أن توزيع المادة إحصائيا متجانس. هذا معناه أنك إذا وقفت في أحد الأركان البعيدة من الكون ووجهت تليسكوبك نحو السماء سترى ما نراه نحن هنا من الأرض. إذا فهذا هو أول تنبؤ يدل على صحة النظرية.
التنبؤ الثاني قد أشرنا له في الحلقة الأولى وهو الضوء الأول الصادر منذ نشأة الكون، هذا الضوء هو بقايا الطاقة الكثيفة المنطلقة في بدايات الانفجار العظيم، كان له طاقة كبيرة ودرجة حرارة مرتفعة ولكن الآن هذه الإشعاعات لابد أنها بردت بشكل كبير وقد وصلت إلى درجة حرارة باردة جدا تصل إلى 2.725 درجة كلفينية. هذه الإشعاعات تعرف بـ (إشعاع الخلفية الكونية الميكروية). ويرجع اكتشاف هذه الأشعة إلي أربعينيات القرن الماضي حيث تم اكتشاف أشعة غريبة مجهولة لم يعرف ماهي حتى الستينات عندما توصل أيضا فريقان آخران يعمل كل منهما بشكل منفصل إلى نفس الإشعاعات الغريبة بمحض الصدفة ليتعرف العلماء بعد ذلك عليها حيث كانت الدليل الثاني والقاطع على نظرية الانفجار العظيم.
كما يوجد عدد من الأدلة الأخرى أيضا على الانفجار العظيم ،مثلا: كتوزيع العناصر في الكون فإذا رجعنا إلى الحلقة الأولى سنجد أن في بدايات تكون الكون فترة بسيطة بعد الانفجار العظيم لم يوجد من العناصر سوى الهيدروجين والهيليوم فكان الكون كله يتصرف كما لو كان قلب نجم أي مفاعل نووي لا ينتج سوى الهيدروجين والهيليوم بالتالي فإن النظرية تقترح بأن نسبة وجود الهيدروجين والهيليوم ستكون أكبر بكثير من باقي العناصر وهذا ما يجده الفلكيون الذين يتوجهون بأجهزتهم لتحليل العناصر الموجودة في الكون حيث ستجد وفرة كبيرة من عنصري الهيليوم والهيدروجين.
كما يوجد أيضا كثير من الأدلة على نظرية الانفجار العظيم فمثلا لن تجد نجم عمره أكبر من 13.8 مليار سنة. أيضا الطاقة المظلمة والمادة المظلمة وجودهما في حد ذاته دليل على نظرية الانفجار العظيم. نعم نحن قد لا نستطيع رؤيتهما أو معرفة ماهيتهما بشكل واضح ولكن قد تستدل على وجودهما عندما ترى انحناء الضوء بسبب الجاذبية الناتجة عنهما.
الآن نحن بعد نظرية الانفجار العظيم لدينا فكرة جيدة عما يحدث في الكون ولماذا يحدث وكيف يحدث حتى وإن كانت تلك النظرية ينقصها الكثير إلا أنها تظل أفضل تفسير مقبول علميًا لسير الخط الزمني للكون.
إعداد: El ako
مراجعة علمية: Ahmaad M. Hanafi
Sources
The early universe | CERN [Internet]. [cited 2016 Jan 23]. Available from: http://sc.egyres.com/ZU1uj
The Big Bang – NASA Science [Internet]. [cited 2016 Jan 23]. Available from: http://sc.egyres.com/sUVJf
Our Expanding Universe: Age, History & Other Facts [Internet]. [cited 2016 Jan 23]. Available from: http://sc.egyres.com/lnYWU
More on the Big Bang Story – How the Big Bang Theory Works | HowStuffWorks [Internet]. [cited 2016 Jan 23]. Available from: http://sc.egyres.com/lDg5c