كيف تستطيع الروبوتات المساعدة في التصدي لجائحة كورونا العالمية؟

كيف تستطيع الروبوتات المساعدة في التصدي لجائحة كورونا العالمية؟

مع تفشي مرض فيروس كورونا المستجد (COVID-19)، وإعلان منظمة الصحة العالمية في الحادي عشر من مارس (2020) عن تحوله إلى جائحة أو وباء عالمي [1]، ومع حالة الاستنفار القصوى التي تعيشها المنظومات الصحية في الكثير من دول العالم بهدف السيطرة على معدلات انتشار العدوى وتقديم الخدمات الطبية للمصابين بكفاءة عالية، باتت الأدوار المحتملة التي يمكن للروبوتات لعبها للمساعدة في الحرب ضد الجائحة مطلوبة بشكل متزايد؛ حيث لا يزال مقدمو الرعاية الصحية حول العالم في الخطوط الأمامية معرضين للعدوى عن طريق الاتصال المباشر بالمرضى حتى مع استخدام معدات وقائية.

خلال تفشي فيروس إيبولا في عام (2015) حددت ورش العمل التي نظمها مكتب البيت الأبيض لسياسات العلوم والتكنولوجيا والمؤسسة الوطنية للعلوم ثلاثة مجالات واسعة يمكن للروبوتات أن تُحدث فيها فارقًا ملموسًا وهي:

  • الرعاية السريرية (مثل التطبيب عن بعد، وعمليات التطهير، وإزالة المواد الملوثة).
  • الخدمات اللوجيستية (توصيل الاحتياجات المختلفة من الأدوات الطبية والغذاء، ومعالجة النفايات الملوثة والتخلص منها).
  • الاستطلاع (مثل مراقبة مدى التزام الأفراد بالحجر الصحي الطوعي).

لقد أثرت جائحة (COVID-19) على التصنيع والاقتصاد في جميع أنحاء العالم؛ مما أضاف مجالًا رابعًا إلى المجالات السابقة يتمثل في استمرارية العمل والحفاظ على الوظائف الاجتماعية والاقتصادية، وهذا يسلط الضوء على الحاجة إلى مزيد من البحث في سبل استخدام تقنيات التشغيل عن بعد على نطاق واسع، وفي العديد من التطبيقات التي تتطلب معالجة ذكية من التصنيع إلى محطات التشغيل عن بعد، أو محطات معالجة النفايات.

  • التطهير والتخلص من النفايات

لا تنتقل عدوى فيروس كورونا المستجد من شخص لآخر فقط عن طريق انتقال قطيرات الجهاز التنفسي عبر مسافات متقاربة، بل تنتقل أيضًا عن طريق ملامسة الأسطح الملوثة، ومن الممكن أن تبقى الفيروسات التاجية على الأسطح الصلبة -بما في ذلك المعدن، أو الزجاج، أو البلاستيك- لأيام، وقد ثبت أنَّ أجهزة الأشعة فوق البنفسجية -مثل PX-UV- فعالة في الحد من تلوث الأسطح المعرضة للمس في المستشفيات؛ لذا يمكن استخدام الروبوتات التي تعمل بشكلٍ مستقل، أو يتم التحكم فيها عن بعد للقيام بعمليات التطهير بفاعلية أكبر وتكلفة أقل، بدلًا من التطهير اليدوي الذي يتطلب الكثير من القوى العاملة البشرية، بالإضافة إلى تعرض العاملين المختصين بالنظافة والتطهير لخطر العدوى.

روبوت يتنقل ويقوم بتطهير الشوارع في مدينة ووهان الصينية حيث بدأ تفشي المرض. مصدر الصورة: https://www.businessinsider.com/robots-fighting-coronavirus-in-china-us-and-europe-2020-3#volunteers-refilled-the-robot-with-disinfectant-on-march-3-2
  • التشخيص

تمثل الروبوتات المتنقلة لقياس درجة حرارة الأشخاص في الأماكن العامة ومنافذ الدخول استخدامًا عمليًا لتقنيات مكتملة النمو؛ حيث تُستخدم أنظمة الكاميرا الآلية بشكلٍ شائع لفحص العديد من الأشخاص في آن واحد وعلى نطاقات واسعة، ويمكن أن يؤدي دمج هذه المستشعرات الحرارية مع خوارزميات الرؤية في الروبوتات ذاتية التشغيل، أو التي يتم التحكم فيها عن بُعد إلى زيادة كفاءة الفحص واتساع مجاله.

ويمكن أيضًا استخدام هذه الروبوتات المتنقلة لمراقبة درجات حرارة المرضى بشكلٍ متكرر في مناطق مختلفة من المستشفيات مع ربط بياناتهم بأنظمة معلومات المستشفى، كما يمكن من خلال أنظمة الأمان الموجودة ببرنامج التعرف على الوجه تتبع الأشخاص الذين خالطوا المصابين وقد يكونون عرضة لخطر الإصابة كي يتم تنبيههم، ولكن من المهم أيضًا إدخال قواعد ملائمة لاحترام الخصوصية.

وتوصي معظم البلدان بجمع واختبار مسحات البلعوم والبلعوم الأنفي لإجراء الاختبارات التشخيصية المبدئية لكوفيد-19. يتضمن هذا جمع العينات، ومعالجتها، ونقلها، واختبارها. ويتمثل التحدي الرئيسي خلال هذه الجائحة في قلة أعداد الموظفين المؤهلين لأخذ المسحات من المرضى ومعالجة عينات الاختبار، وبالتالي فمن الممكن أن يساعد استخدام الروبوتات في إجراء عمليات المسح البلعومي والبلعومي الأنفي على زيادة سرعة عملية المسح، والتقليل من خطر إصابة العاملين بالعدوى، وتوفير العناصر البشرية للقيام بمهام أخرى.

ولا يعاني بعض الأشخاص المصابين بالعدوى من أي أعراضٍ ظاهرة، مما يجعل إجراء اختبارات الدم للتقصي عن وجود الأجسام المضادة خطوة بالغة الأهمية في الكشف عن ما يعرف بالعدوى الصامتة، يمكن أيضًا أتمتة عملية سحب عينات الدم لإجراء الاختبارات المعملية، وهذا سيعفي الطواقم الطبية من أداء مهمة قد تعرضهم للخطر.

يدرس الباحثون أنظمة روبوتية تعتمد على التصوير بالموجات فوق الصوتية لأوردة الساعد الطرفية لتساعد على إجراء بزل الوريد بشكلٍ آلي. ستسمح الفحوصات المؤتمتة المرسلة في الوقت الحقيقي بالكشف النوعي السريع، والتمييز بين مسببات الأمراض في المختبر.

  • الخدمات اللوجيستية

ويمكن استخدام الطائرات بدون طيار، أو المركبات الأرضية ذاتية القيادة لنقل العينات، أو لتوصيل الأدوية للمرضى المصابين في أوقات تعذر حركة الطاقم الطبي.

  • الروبوتات الاجتماعية

قد يمثل تطبيق الحجر الصحي للمرضى على نطاق واسع وقتًا طويلًا من العزلة للأفراد، والحرمان من التفاعل الاجتماعي، مما قد يكون له تأثير سلبي على صحتهم العقلية، ولمعالجة هذه المشكلة يمكن نشر الروبوتات الاجتماعية لتوفير التفاعلات الاجتماعية المستمرة، مع الالتزام بأنظمة العلاج دون خوف من انتشار المرض. يُعد هذا مجالًا صعب التطوير لأنَّ التفاعلات الاجتماعية تتطلب بناء وصيانة نماذج معقدة من البشر تتضمن معارفهم، ومعتقداتهم، وعواطفهم، بالإضافة إلى سياق التفاعل وبيئته. [2]

الروبوتات تساهم في مكافحة الجائحة في العديد من دول العالم

  • في الصين

طوَّر المهندسون روبوتًا يمكنه القيام برعاية واختبار مرضى (COVID-19) ويسمح للعاملين في مجال الرعاية الصحية بالبقاء على مسافة آمنة من الفيروس شديد العدوى.

يمكن للآلة ذات العجلات التي يتم التحكم بها عن بُعد أخذ مسحات الفم، وإجراء المسح بالموجات فوق الصوتية، والفحص السريري للمرضى باستخدام سماعة الطبيب الروبوتية.

ويمكن للطاقم الطبي تشغيل الروبوتات من مسافة آمنة باستخدام الكاميرات الطائرة المخصصة لمراقبة المريض. [3]

تُجري الصين حاليًا استقصاء عن مدى الفائدة التي يمكن أن تحققها الروبوتات في محاربة الوباء، وإن كانت لا تزال تطبقها في مناطق محدودة حتى الآن.

  • في تايلاند

قام طلاب الهندسة في جامعة شولالونجكورن (Chulalongkorn) في بانكوك بتعديل «روبوتات النينجا الطبية» المصممة لمرضى السكتة الدماغية لجعلها مفيدة مع المرضى الذين يعانون من (COVID-19)، بحيث يمكنها قياس درجات حرارة المرضى وحماية سلامة العاملين في مجال الرعاية الصحية من خلال تقليل التفاعلات مع المرضى، كما تم تزويدها بشاشات تسمح بتواصل الأطباء مع المرضى عبر مكالمات الفيديو.

روبوت النينجا – مصدر الصورة: جيتي ايميجز، تصوير ليليان سوانرومفا / وكالة الصحافة الفرنسية. https://www.businessinsider.com/robots-fighting-coronavirus-in-china-us-and-europe-2020-3#workers-on-scooters-control-the-robot-3
  • في لوس أنجلوس

تعد مدينة لوس أنجلوس واحدة من المدن الأمريكية التي طبقت الغلق التام لجميع المحال التجارية، ولا يسمح فيها للمطاعم بفتح أبوابها للجمهور إلا لخدمات بيع الوجبات السريعة، أو توصيلها للمنازل، ويقوم روبوت أطلق عليه اسم (postmates) بتوصيل الطعام والأغذية للمنازل أو أماكن العمل.

روبوت postmates – مصدر الصورة:   https://www.businessinsider.com/robots-fighting-coronavirus-in-china-us-and-europe-2020-3#workers-on-scooters-control-the-robot-3
  • في جنوب أفريقيا

تستعين مستشفى مدينة جوهانسبيرج بروبوتات تستخدم الأشعة فوق البنفسجية لعمليات تطهير المنشآت، ويتيح التطهير باستخدام الأشعة فوق البنفسجية -بدلًا من بيروكسيد الهيدروجين- تقليل وقت التطهير من عدة ساعات إلى خمس أو عشر دقائق فقط، كما يقلل من تعرض العاملين لخطر العدوى.

روبوت التطهير – مصدر الصورة: جيتي ايميجز، تصوير/ ميشيل سباتاري. https://www.businessinsider.com/robots-fighting-coronavirus-in-china-us-and-europe-2020-3#belgian-company-zorabots-made-a-robot-designed-for-elderly-people-to-communicate-with-loved-ones-from-the-safety-of-their-own-homes-34
  • في الهند

تم تصميم روبوتات لتوعية الأفراد وإمدادهم بالمعلومات اللازمة عن كيفية التعامل مع الجائحة وطرق الوقاية الموصى بها، كما تقدم لهم أقنعة الوجه وسوائل التعقيم.

روبوت يقوم بتوزيع أقنعة الوجه وسوائل التعقيم – مصدر الصورة: رويترز، تصوير سيفارام في  REUTERS/Sivaram V https://www.businessinsider.com/robots-fighting-coronavirus-in-china-us-and-europe-2020-3#a-tunisian-police-robot-is-remotely-operated-and-equipped-with-infrared-and-thermal-imaging-cameras-plus-an-alarm-system-38
  • في بريطانيا

تستخدم المركبات ذاتية القيادة لنقل وتوصيل المواد والأغذية للمنازل دون حدوث الاحتكاك البشري المباشر.

روبوت التوصيل – مصدر الصورة: رويترز، تصوير / أندريو بويرز REUTERS/Andrew Boyers https://www.businessinsider.com/robots-fighting-coronavirus-in-china-us-and-europe-2020-3#the-robot-patrols-the-streets-to-enforce-the-lockdown-39
  • في بلجيكا

قامت شركة زورا بوتس (ZoraBots) البلجيكية بصنع روبوت مصمم لكبار السن والأشخاص المنعزلين، يسمح لهم بالتواصل عبر الفيديو والتفاعل الاجتماعي مع أحبائهم من منازلهم بأمان.

روبوت يتيح الاتصال بالفيديو – تصوير إيف هيرمان – رويترز https://www.businessinsider.com/robots-fighting-coronavirus-in-china-us-and-europe-2020-3#the-robot-patrols-the-streets-to-enforce-the-lockdown-39
  • في ألمانيا

تحتوي سلسلة متاجر إديكا (Edeka) على روبوت يسمى (Prepper) ويتولى التعاملات النقدية مع الزبائن، كما يُعرِّف الأفراد بالتدابير الوقائية الواجب عليهم اتخاذها، ويطلب منهم الحفاظ على المسافات الآمنة الفاصلة بين بعضهم البعض.

روبوت prepper – مصدر الصورة: https://www.businessinsider.com/robots-fighting-coronavirus-in-china-us-and-europe-2020-3#the-robot-patrols-the-streets-to-enforce-the-lockdown-39
  • في تونس

استخدمت الشرطة التونسية روبوتات يتم تشغيلها عن بعد، ومزودة بكاميرات التصوير الحراري والأشعة تحت الحمراء، بالإضافة إلى نظام للإنذار، تجوب الشوارع للتأكد من التزام الأفراد بالحجر الصحي المنزلي. [4]

روبوت الشرطة التونسية – تصوير/ فتحي بلعيد عبر جيتتي إيميجز https://www.businessinsider.com/robots-fighting-coronavirus-in-china-us-and-europe-2020-3#the-robot-patrols-the-streets-to-enforce-the-lockdown-39

تاريخيًّا، تم تطوير الروبوتات لتتولى القيام بوظائف مملة وقذرة وخطيرة، وكان أول انتشار واسع النطاق لها في التطبيقات الصناعية، وبالمثل تنطوي مكافحة الأمراض المعدية على بيئة غير آمنة للعمال البشريين، ولكنها قد تكون مناسبة للروبوتات.

مع تفشي فيروس إيبولا حدّدت التجارب مجموعة واسعة من مجالات الاستخدام لهذه الروبوتات، ولكن لا يزال تمويل الأبحاث متعددة التخصصات بالشراكة مع الوكالات والصناعة لمواجهة مجالات الاستخدام هذه محدودًا. الآن يمكن أن تكون جائحة (COVID-19) حافزًا لدفع المزيد من الأبحاث في مجال الروبوتات لمعالجة مخاطر الأمراض المعدية، ولكن بدون جهود بحثية مستدامة، وبدون تعزيز اندماج المتخصصين في مجالات الهندسة والأمراض المعدية، وتمويل هذه الأبحاث، لن تكون الروبوتات جاهزة مجددًا للتعامل مع الحادث التالي.

 

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي