كيف حققت أزمة كورونا أرباح لهذه الشركات؟

mick-haupt-pOEY_iRFg60-unsplash (1)

يقول المتنبي مصائب قوم عند قوم فوائد، ففي الوقت الذي تتحمل فيه الكثير من الشركات في مجالات مثل السياحة والطيران والخدمات وغيرها الكثير من الخسائر، ووسط المخاوف حول حدوث أزمة اقتصادية عالمية جديدة جرًاء انتشار فيروس كورونا المُستجد عالميًا، هناك أيضًا نوع آخر من الشركات التي كانت تأثير هذه الأزمة عليها إيجابيًا، فقد حققت الشركات في مجالات مثل الرعاية الصحية ، وصناعة الأدوية والتكنولوجيا والترفيه، والأغذية أرباحًا طائلة بل وشعبية واسعة، حتى أصبح من الممكن أيضًا أن يتجه إليها أذواق المستهلكين لفترة ما بعد فيروس كورونا المستجد.

مجال الرعاية الصحية وصناعة الأدوية

فتزامنًا مع انتشار فيروس كورونا وإصدار الهيئات الصحية قائمة بالمنتجات التي تساعد في الوقاية من الفيروس، تزاحم الناس في الصيدليات والمتاجر لشراء هذه المنتجات; كالمطهرات الكحولية، ومعقمات للأيدي، والمناديل الورقية وغيرها، ونتج عن ارتفاع الطلب على هذه المنتجات أن حققت تلك الشركات المنتجة أرباحًا طائلة ومن هذه الشركات:

كلوركس – Clorox

وهي شركة رائدة في مجال أدوات التنظيف والرعاية الصحية، وقد شهدت ارتفاعًا ملحوظًا في أسهمها تزامنًا مع ارتفاع الطلب على  مناديل اليد أو المطهرات أو مواد التبييض أو غيرها، والذي يتم تداوله بسعر يقارب 180 دولار أمريكي للسهم الواحد، حيث حقق ارتفاعا بنسبة 4% خلال الشهر الماضي.

غيلياد ساينسز – Gilead Sciences

وهي شركة تقوم بالبحوث لاكتشاف وتطوير وتسويق العقاقير. ركزت الشركة منذ تأسيسها على مضادات الفيروسات لعلاج المصابين بـ الإيدز والتهاب الكبد B والإنفلونزا، وهي واحدة من أولى الشركات التي بدأت في علاج  للفيروس والذي كان في الأصل من أجل إيبولا ولكن أظهر نتائج أولية واعدة في مكافحة  فيروس كورونا المستجد (COVID-19)، وقد ارتفعت قيمة السهم فيها بنسبة 3% فأصبحت قيمة السهم الواحد ما يقارب 70 دولار أمريكي.

تيلادوك – Teladoc

وهي شركة رائدة في تقديم الخدمات الصحية عن بعد كالآراء والاستشارات الطبية والذكاء الاصطناعي والتحليلات وغيرها، فهي تسهل زيارات المرضى للأطباء، وشهدت زيادة تصل إلى 50% في عدد الزائرين المرضى خلال بداية شهر مارس.

مجال التكنولوجيا والترفيه

مع ضرورة التزام المنازل كأسلوب وقاية من انتشار الفيروس في هذه الفترة فقد لجأت الكثير من الشركات إلى تحويل أعمال موظفيها إلى أن تكون على الانترنت فأصبح العمل من المنزل هو الرائج هذه الأيام وانتشرت التطبيقات والمواقع التي تيسر هذه العملية ومن هذه الشركات:

زووم لاتصالات الفيديو- Zoom video Communication

وهي شركة توفر خدمات بث الاتصال عن بعد فتيسر من قبام مؤتمرات الفيديو والاجتماعات عبر الإنترنت، وقد ارتفعت أسهم الشركة  بنسبة 12٪ تقريبًا خلال الأسابيع الأربعة الماضية حيث وصل سعر السهم الواحد إلى ما يقارب 110 دولارًا للسهم.

سلاك – Slack

هو أحد أشهر تطبيقات الاتصال عن بعد وشهدت الشركة أضافة 7000 عميل جديد مدفوع الأجر منذ بداية فبراير، كما سجلت بالفعل معدل نمو 49٪ مقارنة بالعام الماضي. 

وأيضًا التزام المنازل والحجر الصحي المنزلي وعدم الخروج إلا للضرورة زاد من أهمية أدوات وقنوات الترفيه والمنصات الخاصة بالأفلام والمسلسلات فقد حققت هذه الشركات أيضًا أرباحًا طائلة مثل:

نتفليكس – Netflix

شركة ترفيهية أمريكية تتخصص في تزويد خدمة البثّ الحي والفيديو  وإنتاج الأفلام والبرامج التلفزيونية، وتوزيع الفيديو عبر الإنترنت، ارتفعت أسهمها بنسبة 0.8٪.

بالإضافة إلى Netflix، فإن شركات التكنولوجيا الأخرى التي تخدم المستهلكين المتصلين بالإنترنت في المنزل والتي يمكن أن تستفيد من هذا الوضع الراهن تشمل(تيك توك -Tiktok)، (أمازون-Amazon)، (فيسبوك-Facebook)، وغيرها

وعلى سبيل الوقاية أيضًا اختار المزيد من الناس أو هم مجبرون على تناول الطعام في المنزل، فارتفع الطلب على المواد الغذائية وخاصة المُعلبة منها. وفقًا ل(Nielsen – نيلسن) – شركة  لقياس البيانات والمعلومات – ارتفعت مبيعات هذه المنتجات بشكل كبير في الأسبوع المنتهي في 7 مارس – ارتفعت مبيعات الفاصوليا المجففة بنسبة 63٪ ، والأرز بنسبة 58٪، ومنتجات الألبان المسحوقة بنسبة 126٪ ، والمياه بنسبة 42٪ ، واللحوم المعلبة بنسبة 58٪.

مما سبق يمكن لأي أحد أن يلاحظ هذه التغييرات في اختيارات المستهلكين وذلك نتيجة لاستمرار انتشار الفيروس إلى الآن واعتماد المستهلكين سبل الوقاية منه، والتي ترتب عليها زيادة الطلب على منتجات معينة مما حقق الأرباح لمنتجي هذه الأشياء.

إلى متى سيستمر هذا التغير في أذواق المستهلكين؟ 

هل يمكن أن يكون فيروس كورونا نقطة تحول لوضع جديد طبيعي للمستهلكين؟  تقول إيريكا كارانزا (Erica Carranza) -نائب رئيس علم نفس المستهلك في شركة أبحاث السوق- :«الاستهلاك مدفوع بدوافع قوية جدًا، مثل العاطفة والهوية والتواصل الاجتماعي. هذه الدوافع لن تذهب إلى أي مكان، لكن القيم والعادات والمعايير التي تشكل ما نستهلكه وكيف نستهلكه يمكن أن تتغير بشكل كبير.»

فمع انتشار الفيروس وزيادة عدد الوفيات جعل هذا الناس في حالة من القلق والشعور بانعدام السيطرة فعلى المدى القصير، يشكل عدم اليقين هذا حاجزًا أمام التسوق بناءًا على سلطة ورغبة المستهلكين بشكل عام.

أما على المدى الطويل، قد يؤهل هذا الناس لاتخاذ خيارات مبنية على شعورهم بذاتهم وسلطتهم. لذا على سبيل المثال، قد يكون الأشخاص أكثر ميلًا لاختيار العلامات التجارية الواعية بالبيئة في المستقبل، وقد يؤهلهم للانغماس في المزيد من المشتريات الفاخرة التي تعتبر مهمة لاسترجاع تقديرهم لذاتهم وسلطتهم.

ويقول جورج بارازا (Jorge Barraza)  – أستاذ في علم سلوك المستهلك في جامعة كاليفورنيا-  أنه «في أوقات الأزمات ، يظهر البحث أن الناس سوف ينخرطون في سلوك أكثر راحة.» مثل هذه الحالة التي شهدناها جميعًا لاكتناز السلع الأساسية المنزلية وتزاحم مراكز التسوق.هذا مثال على تغيير قصير المدى ناتج عن الشعور الحالي بالتهديد، لكن على المدى الطويل، يتوقع كارانزا أن عادات الاستهلاك المكتسبة  خلال الأزمة قد تمتد إلى المستقبل.

وتقول كارانزا: «من الصعب تعطيل العادات.» وتستمر قائلة:«لكن مشكلة بهذا الحجم، تتسبب في مشاعر سلبية كبيرة والتي يمكن أن تعطل العادات الاستهلاكية للأشخاص وسينقل المستهلكون لتقييم الأشياء من منظور مختلف.»
فنحن نشهد تغيرًا كبيرًا في عادات الاستهلاك الناشئة عن هذه الأزمة. وذلك سوف يدفع المستهلكين نحو خيارات أكثر صحة ومراعية بالبيئة. وهو مكسب للذين يبيعون الأطعمة الصحية والمنتجات المستدامة.
ومع وجود المزيد من الوقت في المنزل أيضًا، من المرجح أن يشعر الناس ببعض العيوب في منازلهم. وعلى المدى القصير ، قد يؤدي ذلك إلى المزيد من المشتريات المنزلية، مثل سجادة جديدة أو كرسي أو وسادة. وعلى المدى الطويل، قد يؤدي المستهلك إلى التفكير في الاهتمام بشكل المنزل وإعادة تزيينه.

فيمكننا أن نلخص سلوك المستهلكين في ظل هذه الظروف الآن أنها ناتجة عن حالة من الخوف عاطفية وغير عقلانية، فهم يبحثون عن اختيارت مريحة تجلب لهم إحساسًا بالسيطرة والذي بدوره سيجعلهم أكثر أمانًا في ظل كل هذا التوتر العالمي فراحة شراء الأشياء، والشعور بالسلطة التي تأتي من اتخاذ خيارات الاستهلاك، هي إحدى الطرق التي يمكنهم من خلالها استعادة شعورهم بالسيطرة والأمان. لذا فإنهم يخزنون الأدوات المنزلية،  ليس لأن هناك أي دليل على أنهم سيحتاجون إليها، ولكن مجرد شرائها يمنحهم الراحة لأنهم يفعلون شيئًا.

المصادر

1. Klebnikov, Sergei. “Here Are 20 Stocks To Buy In The ‘Coronavirus Economy,’ According To Market Experts.” Forbes. Accessed April 2, 2020. https://bit.ly/2JFTCve

2. Garver, Krista. “How Is Coronavirus Impacting the Food Industry? (Updated 3/23/2020).” Food Industry Executive, March 23, 2020. https://bit.ly/2UK3PNA

3. Danziger, Pamela N. “After Panic Buying Subsides, Will Coronavirus Make Lasting Changes To Consumer Psychology?” Forbes. Accessed April 2, 2020. https://bit.ly/39HenRC

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي