كيف سيكون مستقبلنا لو توقفت الأرض عن الدوران؟

14483525_552119541643418_1261964217_n

||

هل تخيلت يومًا ما أن تستيقظ من نومك لتجد الأرض لا تدور؟ هل تخيلت كيف ستغدو الحياة حينها؟ بل هل من الممكن التفكير حيال هذا؟ وإذا توقفت عن الدوران، هل سنواجه كوارث بخلاف توقف تتابع شروق الشمس وغروبها؟ وما هو مصيرنا إذا حدث ذلك؟
الأرض، كوكب صخري بيضاوي الشكل، كرة شبه زرقاء طافية في هذا الكون وتتبع نجمًا متوسط الحجم يدعى الشمس، ويدور حول نفسه مرة كل 24 ساعة تقريبًا، ومن هنا سنبدأ مقالتنا، هل ستتوقف الأرض عن الدوران؟ ولكن قبل هذا علينا معرفة لماذا تدور الأرض من الأساس كي تتوقف؟

الأرض تدور حول نفسها
في البداية كي نفهم سبب دوران الأرض حول نفسها، سنعود بالزمن للوراء لخمسة مليار سنة تقريبًا، أي إلى نشأة المجموعة الشمسية، في ذلك الوقت لم يكن هناك سوى سحابة ضخمة من الغبار والغاز، ومع بعض من الجاذبية بدأت تلك السحابة في الانهيار والدوران لتكون قرصًا عملاقًا يدور حول مركزه، يزداد معدل الدوران ويصبح أسرع وأسرع بفعل الجاذبية، تولد الشمس في مركز القرص الدوّار، أم باقي أجزاء السحابة فتولد فيها الكواكب والأقمار والكويكبات والمذنبات، ولذلك نجد أن أغلب الأجسام التي تدور حول الشمس، تدور في مستوى على شكل قرص تقريبًا حول الشمس.
في ذلك الحين كانت المجموعة الشمسية تعيش حالة من الفوضى العنيفة، كتل من المواد بجميع الأحجام، منها من تتصادم فيما بينها، وأخرى تدور حول بعضها، وذلك من قانون الكتل الكبيرة تجذب الصغيرة لتدور حولها.
يعتقد العلماء أن جسمًا كبيرًا بحجم كوكب المريخ قد صدم كوكبنا الصغير آن ذاك، مطلقًا كمية كبيرة من الشظايا، حيث تشكل قمرنا الصغير منها، هذا التصادم جعل كوكبنا يدور حول نفسه بمعدل كبير، حيث قدّر العلماء أن يوم الأرض في تلك الفترة كان يعادل ست ساعات.

123
كان القمر آن ذاك قريبًا من الأرض، وكما تدور الأرض فإن القمر كان يسبب حركات المد والجزر، أي ارتفاع وانخفاض مستوى البحار والمحيطات، وقوة الاحتكاك الصغيرة بين حركة المد والجزر ودوران الأرض تسببت في إبطاء معدل دورانها لما هي عليها اليوم، وبسبب إبطاء معدل دوران كوكبنا، فإن ذاك أتاح للقمر أن يزحف بعيدًا عنا لما هو عليه الآن.

الأرض لا تدور
بعد الحديث عن سبب دوران الأرض، هل يمكن لقوة أن توقف تلك الرقصة اليومية الجميلة للأرض حول نفسها؟
أولًا علينا أن ندرك حقيقة مهمة، وهي أن احتمالية توقف الأرض عن الدوران في المليار سنة القادمة تكاد تكون صفرًا، لكن ماذا لو توقفت الأرض فجأةً بدون سابق إنذار، هل سينتهي مصيرنا؟
إن أول شيء عليك التفكير به هو زخم الحركة «Momentum» لكل الأجسام الموجودة على سطح الأرض، إن الأرض تدور حول محورها بسرعة 1100 ميل في الساعة عند خط الإستواء، لكننا لا نشعر بحركة دوران الأرض بسبب زخم الحركة، حيث أننا نتحرك مع الأرض بنفس سرعتها، الأمر مشابه أثناء ركوبك لسيارة فأنت لا تشعر بسرعتها، ولكن تشعر بتأثيراتها حينما تتوقف السرعة أو تبطأ من سرعتها. الأمر مماثل لما سيحدث لو توقفت الأرض عن الدوران، ستستمر الأجسام على سطحها بما فيها الغلاف الجوي للأرض بالحركة بنفس سرعة دورانها، ولكن لن تقذف الأجسام خارجًا في الفضاء، فسرعة الهروب من جاذبية الأرض 40,000 كم في الساعة، وهي كبيرة جدًا بالنسبة لسرعة دوران الأرض.
إذًا لو توقفت الأرض عن الدوران فإنها كل شيء على سطحها سيستمر في الحركة محافظًا على طاقة حركته، وبنفس سرعة دورانه حول محور الأرض، بالكاد سيسبب ذلك دمارًا كبيرًا، خاصة عندما تتخيل حركة الميحطات بهذه السرعة الكبيرة، لكن من الممكن أن تجد مكان آمن قليلًا، كلما اتجهت إلى القطبين تقل سرعة الدوران، مما يقلل من النتائج الكارثية لتوقف الأرض، حتى تصل إلى القطيبن فقد لا تجد أن سرعة للدوران.

لا ليل ولا نهار
لن يتوقف الأمر على زخم الحركة، فمن المتوقع خلال المليار سنة القادمة أن يتباطئ معدل دوران الأرض حيث أن تأثير دوران الشمس والقمر على الأرض قد يوصلنا إلى هذا الاستنتاج، تخيل أن تصل معدل دوران الأرض إلى دورة واحدة كل 365 يوم، أي بالتزامن مع معدل دوران الأرض حول الشمس، فتصبح كل بقعة على الكوكب إما معرضة لنهار دائم أو ليل دائم لا يزول، لكن هذه الحالة ليست حالة “لتوقف” الأرض عن الدوران، ولكنه الأقرب لتوقع قوانين الفيزياء.
لكن لو توقفت الأرض تمامًا عن الدوران، سيصبح النهار نصف سنة والليل هو النصف الآخر. في أثناء توقيت النهار الممتد لستة أشهر، فإن درجة حرارة السطح ستعتمد على موقع خط العرض، ستصبح المناطق الواقعة عند خط الإستواء أشد حرارة مما هي عليه الآن، وأشد حرارة من القطبين، حيث ستكون أشعة الشمس مائلة عندهما وبالتالي تقل كفاءة التدفئة عن خط الاستواء.
إن التدرج الطويل للنهار سيعمل على تغير نمط اتجاه رياح الغلاف الجوي، فتصبح حركة الرياح من منطقة خط الإستواء إلى القطبين بدلُا من حركتها الحالية أي موازية لخط الاستواء.
أما بالنسبة للتغيّر السنويّ في موضع الشمس في السماء، فستصبح حركة الشمس حركةً موسمية صعودًا ونزولًا نحو القطب الجنوبي للأرض، وذلك بسبب مدار الأرض حول الشمس والميل محورها.

اضمحلال المجال المغناطيسيّ للأرض
من المعروف أن المجال المغناطيسيّ للأرض ناتج من التأثير الديناميكيّ المرتبط بدوران الأرض. لكن ماذا لو توقفت الأرض، هل سيبقى لدينا مجال مغناطيسيّ؟
إذا توقفت الأرض فلن يتولد المجال المغناطيسيّ، وسيقل إلى مستويات منخفضة جدًا، تلك النسبة القليلة الباقية من المجال المغناطيسيّ سببها القلب الأيونيّ الذي يحتوي على صخور غنيةً بعنصر الحديد.
لن يكون هناك المزيد من “الأضواء الشمالية” أو الشفق القطبي وستتلاشى أحزمة أشعة فان ألن، وبالتالي لن يكون لدينا ما يحمينا من الأشعة الكونية أو من الجسيمات عالية الطاقة، وسيُتاح لها أن تهاجمنا دون أدنى مقاومة.
ستصبح الأرض كرويةً تمامًا
قد تبدو تلك المشكلة بسيطةً مقارنة بسابقتها، ولكن دعونا نتابع ما الذي سيجعل الأرض كرويةً تمامًا. نحن نعرف أن الأرض تكمل دورة واحدةً كل 24 ساعة تقريبًا، وسرعة الدوران هذه تجعل الأرض تنتفخ أكثر عند خط الإستواء، مما يجعلها تبدو بيضاوية الشكل، ولولا سرعة الدوران هذه فإن الجاذبية ستعمل على جعل شكل الأرض شكلًا كرويًا جميلًا، قد يبدو لك الأمر جميلًا ولا مشكلة فيه وربما ستستمتع بشكل جديد للأرض، إلا أن هناك كارثةً كبرى ستحدث لو انفردت الجاذبية في السيطرة على حركة الأرض.
إن المحيطات متركزة بشكل كبير عند خط الاستواء وممسوكة بمقدار 8 كيلومترات في تلك المنطقة، إن توقف دوران الأرض سيعيد تشكيل سطحها أو بمعنى أدق سيعيد توزيع المسطحات المائية على سطحها، فستتجه المسطحات المائية بما فيها من بحار ومحيطات نحو القطبين، مغرقة كل ما في طريقها ومسببةً لفيضانات كبيرة وموجات مد بحريّ ضخمة، في نهاية المطاف لن يتبقى سوى قارة واحدة في منتصف الكوكب، محاطة بالمياه عند قطبي الأرض.

18mrjjlvu1jbxjpg

تلك هي أبرز الآثار الناجمة عن توقف دوران الأرض، تلك الرقصة الدورانية لكوكبنا تساعدنا وتعمل على حمايتنا، ولو توقفت فلن ينجو أحد من الكوارث المترتبة على ذلك، فمن ينجو من تأثير زخم الحركة فلن ينجو من هجوم الجسيمات الشمسية عالية الطاقة، ولن ينجو من موجات المد البحريّ المتوقعة، ولو نجى فلن يتحمل تغيرات الحرارة نتيجة تغير تتابع الليل والنهار أو اتجاه الرياح، إن توقف الأرض عن الدوران هو ضربة قوية للحياة على الأرض ولكن ليست حتمية، فربما تولد كائنات تتكيف مع تلك التغيرات الجديدة للكوكب، من يدري!.

إعداد: Mohammed Abkareno
المصادر:
http://sc.egyres.com/XrlBl
http://sc.egyres.com/lnNff
http://sc.egyres.com/4Bwtg
http://sc.egyres.com/ZtquZ

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي