كيف يمكن أن يتسبب جهاز تحديد المواقع-GPS الخاص بك بإضرارك؟

دعاية_دعم-7

في هذا المقال المترجم سنستعرض اضرار الاعتماد كلياً على الـGPS من حيث الحوادث التي يُمكن ان تحدث بسببه وأيضاً على الصحة.

منذ أن كنت صبيًا صغيرًا وأنا أستخدم البوصلة والخريطة في انتقالي من مكان لآخر، ولا زلت أجد طريقي حتى الآن باستخدام تلك الطريقة البدائية عوضًا عن استخدام جهاز تحديد المواقع GPS في هاتفي النقال لسبب غاية في البساطة: أنني أستمتع بذلك فعلًا ..

ولكن في الأسبوع الماضي، أثناء رحلة إلى غرب ولاية بنسلفانيا-Pennsylvania ، تحداني ابني -كما يفعل معظم المراهقين-  وادعى أنه بإمكاننا الانتقال إلى نيويورك باستخدام هاتفه الذكي-smartphone بطريقة أسهل وأسرع مما كنا نفعل باستخدام الخريطة والاتجاهات الخطيّة.

لذلك انتقلنا بعد استشارة الجهاز، أولًا صعدنا في طريق صغير كيفما أراد لنا الجهاز أن نتجه، وبدلًا من أن يقترح علينا التراجع خمسين قدمًا، فقد وجهنا مسافة خمسة أميال كاملة، لنجد أننا قد تحركنا فى دائرة وعدنا من حيث بدأنا، لنقوم بمحاولة أخرى، بعد ذلك وجهنا الجهاز حتى تلال أليجنى-Allegheny  شديدة الانحدار، حيث تحول الطريق إلى مسار من الحصى الغليظ والذي يستحيل عبوره فى حالات الطقس السيئ.

لحسن الحظ كان الطقس على ما يرام، وبعد ما يقرب من الساعة أوصلنا البرنامج إلى بوابة بنسلفانيا-Pennsylvania من خلال متاهة من الطرق الخلفية، بالرغم أنها لم تنقص الوقت – الذى عادةً ما نستغرقه فى السفر – فإنها سمحت لنا بعبور المدينة بأكملها والتي لم نكن لنشاهدها في ظروف أخرى، وعليه فأنا ممتن حقًا لابنى ولجوجل  لأجل ذلك.

وتبقى الحقيقة بالرغم من ذلك، فبالرغم من أن (نظام تحديد المواقع العالمى باستخدام الأقمار الصناعية- GPS—the Global Positioning [Satellite] System) نظام مفيد جدًا ولا غنى عنه فى ظل اقتصاد متنامي موجه بالتكنولوجيا، فإنه مثل كل الأجهزة القوية قد تكون خطيرة أيضًا.

الخطر الأول يأتى من الإفراط في الاعتماد على التكنولوجيا لدرجة ألا نصبح قادرين على التعامل عندما يفشل النظام التكنولوجى والأمثلة على ذلك وفيرة.

  • أم تقود سياراتها -وأطفالها معها بالسيارة- متتبعة توجيهات الجهاز فتجد نفسها على مسارات قطارات الضواحي فى برايتون، ماساشوستس-Brighton, Mass ، وبالكاد تنجح فى إخراج أطفالها قبل أن يسحق قطار الركاب السيارة ويحولها لــورق ألمونيوم Tinfoil.
  • رجل اتبع إرشادات الجهاز أيضًا ليجد نفسه يقود سيارته عبر مطار في فيربانكس، ألاسكا Fairbanks, Alaska .
  • أيضًا فى ألاسكا، نظام تحديد المواقع قاد رجلًا ليجد نفسه قبَّالة حوض الأمير ويليام.
  • طفل يموت بسبب توجيه جهاز تحديد المواقع لأمه بشكل خاطئ إلى وادى الموت، بكاليفورنيا.
  • أيضًا فى إحدى المرات، أجرت الحكومة البريطانية اختبارًا على إحدى السفن لمعرفة ما يحدث عندما يتم التشويش عليها، و كانت النتائج كارثية …

وقد ورد في نتيجة الاختبار النهائية المسائل التى أثيرت: قدرة طاقم السفينة للعودة بسرعة إلى الوسائل التقليدية لتحديد الاتجاه وأيضًا إلى أي مدى هم قادرون على الانتقال للتعامل مع هذه الوسائل، و نظرًا لزيادة الاعتماد على تحديد الاتجاهات عبر الأقمار الصناعية، لم يتم استخدام هذه المهارات اليومية والتي لم تعد مهارات طبيعية.

بسبب نظام تحديد المواقع،  فإن هناك عدد متزايد من الناس ينسى مهارات تحديد الاتجاه الشخصية، أذكر أنه قد سألني أحد السياح خارج أحد حانات نيويورك عن كيفية الوصول إلى ساحة واشنطن، و قد قال أن النادلة -وهي امرأة شابة- لم تستطع إخباره عن مكانها، و ذلك لأنها تعتمد على هاتفها الذكي في تحديد الاتجاهات وقد كانت بطارية الهاتف ضعيفة، في الواقع كان الميدان مرئيًا لنا من مكاننا هذا، على بعد مبنيين تقريبًا!!
وقد أصبح هذا النوع من العجز عن تحديد الاتجاهات متوطنًا خاصةً بين جيل الألفية.

أما الخطر الثانى -والذي يُعتَقَد أنه أشدّ- فهو أن الاعتماد المفرط على نظام تحديد المواقع والتكنولوجيات ذات الصلة يصاحبه توقف في وظائف الدماغ، والتي كنا نعتمد عليها من قبل لتحديد اتجاهاتنا، بعبارة أخرى: هى تُضِر صحتنا بشكل مباشر.

وقد أثبتت فيرونيك بوبت-Véronique Bohbot  بجامعة ماكجيل/مونتريال McGill University in Montreal، وتوم هارتلي-Tom Hartley بكلية لندن الجامعية-UCL،
و دينيس-Denise رئيس جامعة واشنطن في سانت لويس -Washington University in St. Louis، في سلسلة من التجارب السريرية الشاملة أن الأشخاص الذين يتعاملون مع نظام الملاحة بشكل مستمر مما يؤدي إلى تغيير سلوكهم واستجابتهم طبقًا له، يعانون من ضمور بالمادة الرمادية فى الحصين [1] ، مقارنة بأولئك الذين لا يعتمدون على تلك النظم، هذا الضمور قد يؤدي للأسف إلى العديد من الأمراض العصبية مثل الزهايمر- alzheimer’s والخرف- dementia.

وقد قالت بوبت- Bohbot في مقابلة أُجريت معها مؤخرًا عن دور الحصين «استخدِمه، أو اخسره»

وأما الخطر الثالث فيكمن في التخلِّى بشكل كلِّي عن مهارات تحديد الاتجاه الطبيعية لدينا لصالح نظم تحديد المواقع، هذا الأمر ليس خطرًا في حد ذاته ولكنه حقيقي بما فيه الكفاية.

إن التنقل باستخدام قدراتنا الخاصة وبمساعدة الرسوم البيانية والبوصلة والإحساس بالاتجاه، يمكِّننا من أن نكون في هذا العالم مزودين بنوعٍ من الطاقة والعاطفة، التي لن تتواجد إلا عندما نعتمد على المهارات الطبيعية الخاصة بنا للعثور على اتجاهنا مع استمرار وجود حافز الخطر بفقدان الطريق إذا لم نفعل.

إن التفاعل بهذه الطريقة يسمح لنا باستيعاب الكيفية التي يسير بها العالم، وأيضًا يساعدنا في فهم مدى تعقيده و جماله، ذاك التعقيد والجمال الذي من الممكن أن يتضح ببساطة إذا نظرنا بداخلنا عن الجزء الذي يقوم بجميع تلك المهام بشكل أنيق.

[1]  قرن آمون أو الحصين: هو عضو صغير يقع في الفص الصدغي من الدماغ، ويشكل جزءً هامًا من الجهاز الحوفي (يطلق عليه أيضًا الجهاز النطاقي أو الطرفي) والمنطقة التي تنظم العواطف. ويرتبط الحصين أساسًا مع الذاكرة، وبخاصةٍ الذاكرة طويلة الأمد. كما يلعب الجهاز دورًا هامًا في تحديد المكان.

ترجمة: Mohannad M. Abd ElFattah

مراجعة: Sherif M.Qamar

تصميم: Abdallah Taha

المصادر: http://sc.egyres.com/qpMpy

http://sc.egyres.com/uCo31

#الباحثون_المصريون

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي