لماذا نستمر في العلاقات الفاشلة؟
يتخذ بعض الناس قرارًا للبقاء معًا رغم التصريح التام لأنفسهم بكونهم غير راضيين عن علاقاتهم مع شركائهم سواء كانوا متزوجين، أو تجمعهم علاقة سنوات طويلة، لينتهي الأمر في النهاية بالفشل لمعظهم. إذن، مالذي يدفع الناس للبقاء في علاقة غير مرضية مع شركائهم؟.
يوجد العديد من التفسيرات المحتملة التي تسلط الضوء على تلك الظاهرة؛ فالبعض خصوصًا ممن يعانون صعوبات قائمة على التعلق بالشريك والانفصال عنه لا يمكنهم تحمل إنهاء علاقة حتى لو كان القرار ضروريًا؛ لذلك ستجد العديد من المبررات التقليدية لذلك السؤال الملح: لماذا لا تنهي تلك العلاقة الغير مرضية؟ مثل (سأختار أهون الشرين)، أو (أعتقد أن هذا أفضل من الوحدة( إلى آخره من الأجوبة التقليدية.
سنعرض بعض التفسيرات التي وقع البعض ضحية لها؛ لكي نتجنب ما ستؤول إليه الأمور عند استمرارنا في علاقة غير مرضية أوعلاقة تسبب لنا أيَّ نوع من المشاكل:
1. الطلاق مُكلف ماليًا:
يفكر البعض مليًا في الطلاق أو الانفصال، وغالبًا لا يتخذون قرارًا قبل القيام بالعديد من العمليات الحسابية، فبدلًا من التفكير في الطلاق ينصب التفكير على المال، ليجد نفسه/ها بين خيارين؛ إن كان الطلاق لن يكلف الكثير من المال فالخيار سيكون الطلاق بالتأكيد! وإن لم يكن كذلك يلجأ الأغلبية إلى البقاء والاستمرار في العلاقة.
يكون العائل الأساسي غالبًا هو الأكثر ميلًا للبقاء في العلاقة، فالمخاوف المالية تثنيه عن اتخاذ القرار، لذلك فالأمر بسيط، البقاء أرخص وبالتالي هو الاختيار المفضل! أما الشريك الآخر هو أيضًا ليس ببعيد عن التخوف المالي، فعلى الرغم من حاجته الماسة للابتعاد والانفصال إلّا أن مشكلة المال تقف في طريقه أيضًا.
يكلف الانفصال القانوني الكثير من الأموال بغض النظر عن رغبة أحدهما أو كلاهما في الانفصال، لذلك يتجه العديد ممن يعتقدوا أنهم لن يطيقوا تكاليف الانفصال إلى بعض المعالجين، وبالتالي يفكرون بطريقة مختلفة تجاه معالجة مشاكلهم من خلال استخدام مخاوفهم من العوائق المالية، مما جعلهم يفكرون بعدم الذهاب إلى محامي، واختيار الذهاب إلى معالج نفسي الذي ربما يتمكن في النهاية من إنقاذ هذه العلاقة المضطربة.
2. سنبقى معًا من أجل الأطفال:
يعتبر ذلك السبب مصدر قلق مفهوم بقدر كبير، ومع ذلك فمن غير الواضح ما إذا كان من مصلحة الأطفال أن يعيشوا مع شريكين يتصرفان ظاهريًا بأنهم في تراض تام؛ الأمر الذي ربما لا خيار غيره.
يعيش الزوجان في صراع دائم مما يخلق محيطًا مدمرًا للأطفال على المستوى النفسي وربما الجسدي، فالأطفال معرضون دائمًا إلى الصراعات اللفظية وأحيانًا الجسدية، وبالتالي لا يخرجون من هذا المحيط إلا وهم متضررون.
يستخدم أيضًا العديد من الأزواج هذه الجملة (سنبقى معًا من أجل الأطفال) لكي يتجنبوا الانفصال، بينما يخفون العوامل الحقيقية في اختيارهم للبقاء التي ربما تكون مخاوف مالية.
3. علاقتنا جيدة كفاية، أو ليست سيئة بما يكفي:
يتخيل الكثير من الناس الانفصال كعمل متطرف ينبغي تجنبه بأي ثمن، وبالتالي فإن الأسباب التي تؤدي إلى الانفصال قد تكون أمرًا لا يطاق بما يكفي للتسبب بمعاناة نفسية وجسدية، وإذا حدث ذلك فإن الابتعاد هو الحل الوحيد المتاح للتمكن من المعافاة والسير قدمًا.
يظهر سبب استمرارهم في البقاء من خلال تقييمهم للعلاقة، فإذا كان الوصف المتبع (علاقة جيدة كفاية) هو الأساس لتحسين الأمور وجعلها أفضل، فالبقاء معًا ربما يشكل معنى في علاقتهم.
4. الأمر محرج، وأخشى أن أعترف بالفشل:
عادة ما يُقال هذا السبب كثيرًا، فالعار المرتبط بما يسمى عادة (علاقة فاشة) هو أمر غير مقبول عند البعض، خاصة الأشخاص المحاصرين من قِبل العائلة والأصدقاء الذين يبدوا أنهم في علاقات عاطفية ناجحة.
5. لا توجد علاقة ناجحة:
قد يكون ذلك السبب مرتبط بالأفكار التي تم تبنيها في حياة مبكرة، أي من خلال أفعال العائلة، أو مرتبط بالصعوبة في معرفة كيفية إصلاح الصراعات الحتمية التي تحدث في العلاقات.
يتحدث البعض عن ضرورة البقاء في العلاقة حتى لو كانت حياتهما بائسة، حتى لو سكنوا شقة صغيرة مما يُصعب مهمة إيجاد شريك جيد في الحياة.
لا يعلم أحيانًا الناس أن استمرارهم مجرد تحيز أعمى لقراراتهم السابقة مما يجعلهم ضحية لمغالطة شهيرة تسمى التكلفة الغارقة؛ فالبعض منا يشعر بصعوبة بالغة في التخلي عن شريكه بسبب ما بذله من جهد لإقامة تلك العلاقة في البداية، لكن علينا أن نعلم أن الاستمرار ربما يكون استثمار فاشل لن يجدي نفعًا.
كانت تلك التفسيرات بعضًا من الأسباب التي تجعل اثنين يستمران في علاقة رغم عدم الرضى عن علاقاتهما والرغبة في الابتعاد؛ لذلك نأمل أن يتجه معظم الأزوج إلى معالجين مختصين قبل أن تصبح علاقتهم ضعيفة بما يكفى للبدء في هاوية الانفصال التي ربما لا يقدرون على تحملها، أو قبل أن يصل بهم الأمر للعيش والاستمرار على مضض وتبني أيًا من الأسباب السابقة كمبرر لاستمرار علاقتهم.
ترجمة: Muhammed Mumtaz
تدقيق: Mohammad Marashdeh
تحرير: يُمنى أكرم
المصادر: http://sc.egyres.com/yAIAc
#الباحثون_المصريون