لمحة تعريفية عن الأونكتاد «UNCTAD»: مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية
أُسِّس مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية أو ما يسمى الأونكتاد (UNCTAD) عام ١٩٦٤ كهيئة حكومية دوليّة دائمة في الجمعية العامة في الأمم المتحدة وعضو رئيسي فيها، تختص بأمور التجارة والاستثمار وقضايا التنمية في جميع الدول، هدفها الأساسي مساعدة الدول النامية على الاندماج بالاقتصاد العالميّ والتغلب على التحدّيات الناتجة عن العولمة، وتقليل أضرارها على الدول النامية.
يضم المؤتمر حاليًا ١٩٥ دولة عضو، ويقع مقرُه الرئيسيّ في چنيف بسويسرا، ولديها مكاتب في نيويورك وأديس أبابا. كما يعمل فيه ٤٠٠ موظف، وتبلغ قيمة ميزانيّته السنويّة حوالي ٥٠ مليون دولار، بالإضافة إلى امتلاكِه لصناديق مساعدات فنيّة تبلغ قيمتها ٢٥ مليون دولار تُستخدم لتقديم معونات للدول النامية. وهو أيضًا عضو في مجموعة التنميّة التابعة للأمم المتحدة. وتعتبر الأونكتاد مركز التنسيق الرئيسيّ في الأمم المتحدة الخاص بتنظيم المعاملات المتكاملة للتجارة والتنمية والقضايا المشتركة بين الدول، وبالتحديد في مجالات تنظيم التمويل والتكنولوجيا والاستثمار والتنمية المستدامة.
وتعتبر الأونكتاد جزءًا من الأمانة العامة للأمم المتحدة، وتقدم تقاريرًا إلى الجمعيّةٍ العامةٍ للأمم المتحدة والمجلس الاقتصاديّ والاجتماعيّ، وهي أيضًا جزء من مجموعة الأمم المتحدة الإنمائية.
أهداف الأونكتاد
تتمثل الأهداف الرئيسيّة للأونكتاد في تحقيق أقصى ما يمكن تحقيقه من الزيادة في فرص التجارة والتنمية المتاحة للبلدان النامية ومساعدتها في الاندماج في الاقتصاد العالميّ وتقليل الفجوة بين الدول. بالإضافة إلى مساعدة هذه الدول على مواجهة التحديات الناشئة عن العولمة وما يترتب على الاندماج في الاقتصاد العالميّ على أساس أكثر إنصافًا.
ويعمل الأونكتاد على بلوغ هذه الاهداف عن طريق الاضطلاع بالأبحاث وإجراء تحليلات السياسة العامة وتنظيم المداولات الحكومية الدولية وأنشطة التعاون التقني.
ويهدف الأونكتاد دعم الدول النامية في الحصول على فوائد الاقتصاد المُعولَم بشكل أكثر عدالة وفعاليّة. من خلال تجهيزهم للتعامل مع الصعوبات المحتملة للتكامل الاقتصاديّ العالميّ المُوسّع. عبر تقديم خدماتها في التحليل الاقتصاديّ وتوافق الآراء بين حكومات جميع الدول وتقديم المساعدة الفنيّة والخبرات اللازمة لتحقيق هذا الهدف. بالإضافة إلى مساعدتهم في استخدام التجارة والاستثمار والتمويل والتكنولوجيا كأدوات للتنمية الشاملة والمستدامة.(1)
وظائف الأونكتاد
وتقوم الأونكتاد في أداء وظائفها عن طريق العمل مع الحكومات الأعضاء والتفاعل مع مؤسسات منظومة الأمم المتحدة واللجان الإقليمية التابعة لها، وكذلك من خلال المؤسسات الحكوميّة والمنظمات غير الحكوميّة والقطاع الخاص وما يتعلق به من مؤسسات تجاريّة وصناعيّة ومعاهد البحوث والجامعات في جميع أنحاء العالم. وهناك ثلاث وظائف رئيسيّة لها هي:
- منتدى للمداولات الحكومية الدوليّة يقوم فيه الخبراء الدوليين بمناقشة قضايا التجارة الدولية والتنمية وتبادل الخبرات، ويهدف إلى تحقيق توافق الآراء ووضع الخطط الاستراتيجية والحلول لها.
- تقوم بإجراء البحوث التنمويّة وتحليل السياسات وجمع البيانات الخاصة بالتجارة والتنمية ومن ثم نقلها إلى ممثليّ الحكومات والخبراء الدوليين لمساعدتهم في رسم سياسات دولهم ووضع حلول جذرية للمشاكل بما يحقق عدالة التجارة الدوليّة وتقليل الفجوة بين الدول المتقدمة والدول الناميّة.
- تقديم المساعدة التقنية للدول النامية بناء على احتياجاتها، مع إعطاء أولوية خاصة للدول الأقل نموًا والاقتصادات التي تمر بمرحلة انتقالية، لمساعدتها في تحسين أوضاعها الاقتصاديّة مع ضمان استمرارية التعاون بين الأونكتاد والمنظمات الدوليّة والدول المانحة في تقديم المساعدة التقنية لهذه الدول.
كما تهدف لمساعدة جميع الدول على التغلب على تحديات العولمة، وما يرتبط بها من توسعٍ هائلٍ في حجم التجارة الدوليّة، وانتشال ملايين السكان من براثن الفقر في مختلف دول العالم.(2)
آلية عمل الأونكتاد
حتى تستطيع الأونكتاد القيام بوظائفها وتحقيق أهدافها فإنها تعمل على عدة مستويات؛ على المستوى الوطنيّ للدول، وعلى المستوى الإقليميّ لمصلحة مجموعة من الدول، وأخيرًا فإنها تعمل على المستوى العالميّ الذي يتطلع لخدمة كافة الدول. حيث تساعد جهودها متعددة المستويات الدول على الوصول إلى الغايات التالية:
- فهم خيارات مواجهة تحديات التنمية الدوليّة.
- تحقيق الاندماج العادل في نظام التجارة الدوليّ.
- تنويع الإنتاج الاقتصاديّ وتقليل اعتماده على السلع.
- تحقيق استقرار اقتصاديّ والحد من التقلبات الماليّة ومشكلات المديونيّة.
- إيجاد بيئة اقتصاديّة جاذبة للاستثمار الأجنبيّ وتوفير الظروف الملائمة للتنمية.
- زيادة قدرة الدول على الوصول إلى التقنيات الرقميّة.
- تعزيز روح المبادرة والابتكار.
- مساعدة الشركات المحليّة على الارتقاء بسلاسل القيمة.
- تسريع التجارة الدوليّة وزيادة حجم تدفق البضائع بين الدول.
- حماية المستهلكين من الغش أو الاستغلال.
- محاربة القوانين التي تحد من المنافسة.
- مساعدة الدول في التكيف مع تغير المناخ واستخدام الموارد الطبيعية بفعالية.
وتتعاون الأونكتاد مع بقية وكالات الأمم المتحدة الأخرى في قياس مدى تقدم الدول في تحقيق أهداف التنمية المستدامة فيها حسب برنامج العمل التي وضعته تلك الدول في رؤيتها للعام ٢٠٣٠.
كما تركز الأونكتاد على دعم تنفيذ توصيات «مؤتمر أديس أبابا» لعام ٢٠١٥ الذي يُعنَى بتمويل التنمية حسب الرؤية الدوليّة التي اتفقت عليها الدول، حيث تتعاون الأونكتاد مع البنك الدوليّ وصندوق النقد الدوليّ ومنظمة التجارة العالميّة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي وهم المؤسسات الدوليّة الأربعة الراعيّة لاستقرار النظام التجاريّ العالميّ.
وتعمل الأونكتاد بشكل أساسي مع الحكومات بهدف مساعدتها في تحقيق أهداف التنمية المستدامة بفعاليّة، كما تركز على إنشاء شراكات مع القطاع الخاص والمجتمع المدني لتحقيق هذه الأهداف.(3)
مؤتمرات الأونكتاد
يقوم الأونكتاد بعقد مؤتمرات كل أربع سنوات، يتمكن فيها من مناقشة آخر التطورات الدولية التي تُعنى بأمر التجارة الدوليّة والتنمية والعولمة، كان آخرها مؤتمر الدورة الخامسة عشرة للأونكتاد الوزاري (UNCTAD15) – وهو أعلى هيئة في المؤتمر- الذي عُقد بين باربادوس وجنيف في الفترة من 3 إلى 7 أكتوبر ٢٠٢١، سبقها تنظيم فعاليات تنظيمية لما قبل المؤتمر بدأت من أبريل، جرى تنفيذها عبر الإنترنت على مدار العام نظرًا لتفشي وباء كوفيد 19.
تخدم هذه المؤتمرات وظيفة سياسية هامة تتمثل في بناء توافق حكومي دوليّ لحالة الاقتصاد العالميّ وبناء سياسات التنمية على مستوى الدول كما أن لها دورًا رئيسيًا في تحديد أدوار كل من الأمم المتحدة والأونكتاد في معالجة مشاكل التنمية والاقتصاد الدوليين، بما يحقق العدالة بين جميع الدول.
وهناك مؤتمرات أخرى تُعقد كل خمس سنوات هي:
1- مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية.
2- مؤتمر مجلس التجارة والتنمية.
3- مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية.
4- مؤتمر المفوضيات الأربعة التابعة للمؤتمر وحزب العمل الموحد.
5- مؤتمرات الخبراء.
بعض هذه المؤتمرات تُعقد ثلاث مرات سنويًا، وبعضها الآخر يُعقد كل خمس سنوات.
ويعتبر مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية أعلى هيئة لصنع القرار في الأونكتاد، حيث تقوم الدول الأعضاء بتقييم قضايا التجارة والتنمية الحاليّة بهدف صياغة استجابات سياسيّة عالميةّ، وفيه يتم تحديد أولويات عمل المنظمة في السنوات الأربعة القادمة.
مؤتمر الدورة الخامسة عشرة للأونكتاد «UNCTAD15»
تحت شعار «من عدم المساواة والضعف إلى الازدهار للجميع» عُقِد المؤتمر الوزاري الخامس عشر للأونكتاد في الفترة من 3 إلى 7 أكتوبر ٢٠٢١، وجاء في وقت كانت فيه حاجة ملحّة لإعادة إحياء روح العمل والتعاون الدوليّ، في ظل وجود تحدٍّ مزدوج من عدم المساواة والضعف بين الدول، بالإضافة إلى ضمان ازدهار التجارة وكونها المحرك الرئيسي للتنمية.
وركزت جهود المؤتمر على الدفاع عن عالم تتحقق فيه العدالة في التبادل والتجارة بين جميع الدول -خصوصًا الدول النامية- ، عالم تسود فيه فرص متساوية للجميع، تستخدم فيه فوائد ومزايا التجارة الدوليّة العادلة في تحقيق غايات إنمائيّة حقيقية. كما اعتُبِر المؤتمر فرصة جديدة لإعادة صياغة الأوضاع ورسم الخطط التنمويّة لبناء تضامن عالميّ جديد يراعي حقوق جميع الدول، ويقدم حلولاً جذريّة للعديد من القضايا المتعلقة بالتجارة تمكّنها من الاستجابة للتحديات العالمية الجديدة التي قد تؤثر على آمال الدول النامية في سبيل تحقيقها لأهداف التنمية المستدامة.
كما كان هذه المؤتمر مُكمِلًا لمؤتمر الأونكتاد 14، الذي شدّد على ضرورة الانتقال من القرار إلى العمل. وعلى جدول الأعمال العالميّ، حمل في طياته دعوة واضحة للعمل على إصلاح التصدعات في جميع أنحاء العالم لبناء الازدهار للجميع.(4)
تقارير الأونكتاد
استكمالًا لدور الأونكتاد في تحسين التجارة والتنمية المستدامة في العالم، يصدر المؤتمر عددًا من التقارير الموضوعية التي تلخّص أهم سياساته وبرامجه حتى تستطيع الدول الأعضاء من الاستفادة منها وتطبيقها في برامجها التنمويّة، ومن أهم هذه التقارير:
1- تقرير التجارة والتنمية.
2- تقرير التجارة والبيئة.
3- تقرير الاستثمار العالميّ.
4- تقرير التنمية الاقتصادية في أفريقيا.
5- تقرير الدول النامية.
6- إحصائيات مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية.
7- تقرير اقتصاد المعلومات.
8- التقرير البحريّ.
9- التقرير السنويّ لهيئة المحاسبة الدوليّة.
تشتمل هذه التقارير على معلومات قيّمة عن واقع التجارة والتنمية على مستوى العالم، وبرامج وخطط تساعد الدول النامية على التغلب على مشاكلها للحاق بركب العولمة والاندماج فيها.(5)
خاتمة
يهدف الأونكتاد إلى مساعدة الدول النامية في تحسين أوضاعها الاقتصاديّة بما يضمن تحقيق تبادل تجاريّ عادل، من خلال تنفيذ برامج تنمويّة فعالة تضمن استقرار اقتصادها وإيجاد بيئة اقتصاديّة جاذبة، كما يصدر عنه تقارير تعطي فكرة على أوضاع تلك الدول، ومن أبرز الموضوعات التي ساهمت في دعم الاقتصاد المِصْرِيّ في فترة كوفيد 19 كان احتلال مصر المركز الأول في إفريقيا كأكبر متلقي للاستثمارات الأجنبية في إفريقيا، مركز احتلته مصر في تقرير الأونكتاد الأخير الذي أسهم في دعم مركزها وعمل كأداة ترويجيّة لها كدولة استثماريّة واعدة في المستقبل.(6)