ما العلاقة بين لقاح الدرَن (السُل) والوقاية من فيروس كورونا المُستجد؟

ما العلاقة بين لقاح الدرَن (السُل) والوقاية من فيروس كورونا؟

يُعطى لقاح الدرَن المعروف باسم (Bacillus Calmette Guerin) ويٌختصر (BCG) نسبةً إلى كلا العالمين اللذين اكتشفاه ألبرت كالميت (بالإنجليزيَّة: Albert Calmette) وكاميل جيران (بالإنجليزيَّة: Camille Guerin) لجميع حديثي الولادة لمقاومة الدرَن الذي يُنتج عن الإصابة ببكتيريا المُتفطرة السُليّة (بالإنجليزيَّة: Mycobacterium Tuberculosis).

يُصنّع لقاح الدرَن من البكتيريا المُتفطرة البقرية (بالإنجليزيَّة: Mycobacterium Bovis) والتي أُضعِفت بشكلٍ لا يكفى لأن يُسبب المرض، ولكن بشكلٍ يكفي لتكوين رد فعلٍ مناعي ضد البكتيريا المُتفطرة السُلية فلا يُعتبر الإصابة بها تهديدًا لجسم الإنسان، وهذا النوع يُعتبر من أنواع اللقاحات الحية التي تم إضعافها (بالإنجليزيَّة: Live attenuated vaccines).

تُشير إحدى الدراسات في بريطانيا أن فعاليَة لقاح الدرن تتراوح ما بين 60% و 80% في الوقاية من مرض الدرَن لمُدة 15 عامًا، ومع ذلك يختلف تأثيره الوقائيّ بإختلاف الموقع الجغرافي والمُختبر الذي صُنِع اللقاح فيه. [2]

بالإضافة لفعاليته لمُقاومة الدرَن، يعمل أيضًا ضد إلتهاب السحايا (بالإنجليزيَّة: Meningitis) في الأطفال، كما أنّ لهٌ دور في علاج سرطان المثانة. [3]

من أشهر الأثار الجانبية للقاح الدرَن تكوين قرحة عند موضع الحقن والتي تُشكل ندبًا فيما بعد ذلك، من المهم أيضًا ذكر أنه لا يُعد آمنًا للإستخدام خلال الحمل.

ما العلاقة بين لقاح الدرَن (السُل) والوقاية من فيروس كورونا المُستجد؟
تُظهر الصورة أعلاه شكل القُرحة التي تنتج عن لقاح الدرَن. [5]

اللقاح وجهاز المناعة

يقول الباحثون أنه من المُحتمل أن يكون له دور في مُقاومة فيروس كوفيد-19 (COVID-19) بسبب قدرته على تقوية جهاز المناعة بشكلٍ واسع، تسُاعد اللقاحات الجسم في تكوين مناعة فعالة ضد الأمراض المُختلفة من غير معالجتها.

في إحدى الدرسات التي تدرس تأثير لقاح الدرَن على جهاز المناعة بخلاف دورهِ في الوقاية من العدوى البكتيرية بالدرَن، له أيضًا دور في تحسين الاستجابة المناعيّة ضد العدوى الفيروسيّة عن طريق تعزيز ذاكرة المناعة الفطريّة (بالإنجليزيَّة: Innate Immunity) وتنشيط الخلايا الليمفاوية مما يؤدي إلى زيادة نشاط السيتوكينات (بالإنجليزيَّة: Cytokines) والخلايا البَلعمية الأكولة (بالإنجليزيَّة: Macrophages) واستجابة الخلايا التائيّة (بالإنجليزيَّة: T-Cells) مما يُساهم في تحسين استجابة الجهاز المناعي، يؤدي ذلك إلى تقليل الأمراض والوفيّات بشكل عام. يُساعد فهم ودراسة الاستجابة المناعية للقاحات المُختلفة المُساهمة في تطويرها واستخدامها بشكلٍ فعال لاحقًا والذي من الممكن أنّ يؤدي إلى تقليل مُعدل الوفيات المُرتبطة بالعدوى الفيروسيّة. [4]

لا توجد حتى الآن أي دراسة تُؤكد أن الأشخاص اللذين تلقوا لقاح الدرَن في السابق لديهم مقاومة ضد فيروس كوفيد-19 بالتحديد، لكن ظهرت أدلة على أن لقاح (BCG) المُعطى لمكافحة السل قد يوفر حماية ضد كوفيد-19 ويقلل بشكلٍ كبير من معدلات الوفيات في البلدان ذات المستويات العالية من التطعيم، حيث أظهرت دراسة أجريت على 178 دولة من قِبّل مستشار طبّي إيرلندي يعمل مع علماء الأوبئة في جامعة تكساس في هيوستن، أن البلدان التي لديها برامج تطعيم -بما في ذلك أيرلندا- لديها حالات أقل بكثير من حالات كوفيد-19 بنسبة 90% مقارنةً بالمكان الذي لم تُعَدّ فيه برامج (BCG) منتشرة. يؤدى هذا الفارق إلى مُعدلات وفاةٍ أقل بنسبة تصل إلى 95 %. جدير بالذكر أن هذه دراسة إحصائيّة وقد تكون نتائجها بها بعض الأخطاء.

لقاح الدرَن تحت التجربة لمواجهة كوفيد-19

تبدأ استراليا بتجربة لِقاح الدرَن او السُل على أربعة ألآف شخص من العاملين في القطاع الصحي لمعرفة ما إذا كان لقاح السُل المُكتشف منذ قرنٍ سابق يُشكل دورًا في مُقاومة فيروس كوفيد-19، تمتد تلك الدراسة من استراليا لتشمل بُلدانًا أخرى حول العالم. [1]

طبقًا لمعهد مردوخ لأبحاث الأطفال (بالإنجليزيَّة: Murdoch Children’s Research Institute) في ملبورن، يُشارك في تلك الدراسة أربعة ألآف شخص من العاملين في القطاع الصحيّ التي ستبدأ في الأسبوع المقُبل مع انتظار النتائج في خلال ستةِ أشهر.

قُسِم الأشخاص في الدراسة إلى مجموعتين بحيث يحصل نِصف المُشاركون على اللقاح الذي له آثار جانبية ضئيلة، والنصف الآخر يحصل على دواء وهمي (بالإنجليزيَّة: Placebo) ويتم التواصل بين المُشاركين وتتبع حالتهم الصحية من خلال تطبيق على الهاتف.

تُشارك العديد من الدول الأخرى في الدراسة مثل الولايات المُتحدة وهولندا.

وقال نايجل كيرتس (بالإنجليزيَّة: Nigel Curtis) رئيس مجموعة الأمراض المُعدية في معهد MCRI أن الأمر يُعد بمثابة إستخدام لقاحٍ قديم لغرضٍ جديد وأنها تُعد المرة الأولى من نوعها لاستخدام لقاحٍ بتلك الطريقة.

وأضاف أيضًا بأن التجربة الاسترالية سوف تكون مُفيدة بشكلٍ خاص لإنها ستُجري في فصل الشتاء في نصف الكرة الجنوبي وهو موسم الإنفلونزا المُعتاد والذي من المتوقع ان تزداد أعداد الإصابة بالمرض. [1]

جدير بالذكر أن إعداد لقاحٍ مُتخصص لمواجهة كوفيد-19 قد يستغرق من 12 الى 18 شهرًا بالمتوسط، لذلك تجربة لقاح قديم وآمن قد يكون حلاً غير تقليديًا وفعالاً.

المصادر:

المصدر الأول 
المصدر الثاني
المصدر الثالث 
المصدر الرابع
المصدر الخامس

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي