سلسلة مقالات اضطرابات الشخصية – المقال 6
ما هو اضطراب الشخصية الهستيرية؟
في المقالات السابقة، كنّا قد تكلمنا عن عدد من اضطرابات الشخصية، كالشيزوفرانيا والنرجسية. وفي هذا المقال سنقوم بإلقاء التركيز على اضطراب الشخصية التمثيلية أو ما يعرف بالشخصية الهستيرية.
تقدر الإحصائيات أن معدل انتشار اضطراب الشخصية الهستيرية يقارب اثنان (2%) في المئة من مجموع السكان، في الولايات المتحدة الأمريكية. هنا، من المفيد التذكير بواحد من التعاريف المبسطة لاضطراب الشخصية؛ هو نمط دائم من الخبرات الداخلية والسلوكيات المنحرفة بوضوح عن المنحى المتوقع للثقافة التي ينتمي إليها الشخص المصاب.
اضطراب الشخصية الهستيرية (التمثيلية)، يمتاز بنوع من العاطفة المفرطة واسترعاء الاهتمام. فلا يكون الشخص المصاب مرتاحًا حين لا يكون هو ذاته مركز الضوء، لذلك ولأجل لفت الانتباه فإنه يبادر لاستخدام مظهره الجسدي أو لإظهار عواطف مبالغ بها. تؤكد المشاهدات تماهي شخصيات بعض مشاهير الاستعراضات الفنية مع هذا الاضطراب.
أسباب الإصابة باضطراب الشخصية الهستيرية:
لم يتوصل الباحثون لسبب محدد لاضطراب الشخصية الهستيرية. ويميل الكثير من المختصين إلى “نموذج السببية الاجتماعي-النفسي”.biopsychosocial model of causation. الذي يرجح تأثير العوامل الوراثية مع الاجتماعية؛ كتفاعل الشخص خلال النمو المبكر مع عائلته وأصدقائه وغيره من الأطفال، والعوامل النفسية ؛ كشخصية الفرد ومزاجه المتشكلان وفق البيئة، مع المهارات المكتسبة للتعامل مع الضغوط. المؤكد إذن، أنه ما من ثمة عامل واحد مسؤول هنا؛ إنما هي مجموعة معقدة متشابكة من العوامل الثلاثة المهمة (وراثية، اجتماعية، نفسية). تشير البحوث إلى احتمال ارتفاع الخطر بنسبة طفيفة لانتقال الاضطراب من الوالدين المصابين إلى أطفالهم.
تشخيص اضطراب الشخصية الهستيرية:
ينوه الأطباء النفسيون، أن المصابين باضطرابات الشخصية قد لا يلاحظون وجود المشكلة لديهم. كما أنه قد يتزامن وجود أكثر من نوع من اضطرابات الشخصية لدى الشخص الواحد. تؤكد الإحصاءات أن نسبة (9%) من السكان في الولايات المتحدة مصابين بنوع واحد على الأقل من اضطرابات الشخصية.
تشخيص اضطراب في الشخصية يتطلب بحث المختصين في الصحة العقلية في الأنماط طويلة الأجل في كل من العمل والأعراض والفعاليات الوظيفية. أما تشخيص الفئة التي تقل أعمارهم عن الثامنة عشرة، فيلزمه تواجد الأعراض مدة سنة كاملة على الأقل.
علاج اضطراب الشخصية الهستيرية:
يرتكز العلاج النفسي على الطبيب الأخصائي المتمرس في هذا النوع من الاضطرابات، وذلك ضمن إطار زمني طويل الأجل. أما الأدوية، فقد يتم صرفها للسيطرة على بعض الأعراض المزعجة والمنهكة. جدير بالتنويه، أنه من المفيد تواصل أفراد العائلة مع مقدم الرعاية النفسية للحالة لمساعدة المصاب في تجاوز الصعاب.
رغم أنه لا توجد علاجات دوائية بعينها لعلاج اضطرابات الشخصية، إلا أن المشاهد أن مضادات الاكتئاب أو مثبتات المزاج تساعد في تلطيف بعض الأعراض. أما في بعض الحالات الصعبة فيقتضي العلاج تكاتف فريق كامل؛ يشمل طبيب رعاية أولية وطبيب نفسي وأخصائي نفسي وأخصائي خدمة اجتماعية بالإضافة لجهود أفراد العائلة.
ثبتت فعالية أنواع محددة من العلاج النفسي في علاجات اضطرابات الشخصية. حيث شوهد في فترة العلاج، اكتساب المصاب للرؤية مع المعرفة للاضطراب الذي يعاني منه والعوامل المساهمة في الأعراض، إضافة لإمكانية التحدث عن الأفكار والمشاعر والسلوك. هكذا يخلص المصاب إلى فهم تأثيرات تصرفاته على الآخرين وتعلم حدود إطاره، أو إلى التكيف مع الأعراض وخفض وتيرة السلوكيات المسببة للمشاكل في أداء المهام أو العلاقات. طبعًا، يتوقف نوع العلاج على نوع اضطراب الشخصية ودرجة حدته وظروف المصاب.
من أنواع العلاج النفسي الشائعة:
* التحليل النفسي / العلاج النفسي الديناميكي Psychoanalytic/psychodynamic therapy
* العلاج السلوكي الجدلي Dialectical behavior therapy
* العلاج السلوكي المعرفي Cognitive behavioral therapy
* العلاج الجماعي Group therapy
* التثقيف النفسي (تعليم أعضاء الفرد والأسرة حول هذا المرض والعلاج وسبل التعامل) Psychoeducation
ماذا أفعل؟
لو وجدت أنك مصاب بهذا الاضطراب؛ يتوجب عليك بذل الاهتمام بشخصك مع تعلم أساليب المواجهة وانخراطك بإيجابية في خطة العلاج.
من آليات المواجهة على سبيل المثال:
- ثقف نفسك عن الحالة. المعرفة والفهم، لهما أثر في التمكين والتحفيز.
- كن نشيطًا. النشاط البدني والتمارين، لهما دور في السيطرة على الأعراض مثل الاكتئاب والقلق والضغط العصبي.
- تجنب المخدرات والكحول. الكحول والأدوية غير القانونية، قد تزيد الأعراض سوءًا أو تتفاعل مع الأدوية.
- احصل على رعاية طبية دورية. لا تهمل الفحوصات أو العناية الروتينية من طبيب الأسرة.
- انضم إلى مجموعة دعم للآخرين. سجل اسمك مع بعض المصابين باضطرابات الشخصية.
- عبر عن عواطفك. قم بالكتابة في دفتر يومياتك.
- جرب الاسترخاء. استخدم تكنيك إدارة الضغط كاليوغا والتأمل.
- ابق متصلًا بالعائلة والأصدقاء، تجنب أن تصبح منفردًا.
المصادر:
goo.gl/Vpgu2l
goo.gl/Ca50TU
goo.gl/56sNgW
goo.gl/7qVWNQ
goo.gl/kciVR0
goo.gl/Tj8pIy
إعداد: ريما رباح
مراجعة علمية: ماريا عبد المسيح
تحرير: يُمنى أكرم
هذا المقال هو واحد من سلسلة مقالات اضطرابات الشخصية:
المقال 1: ما هو مرض الشيزوفرينيا؟ الجزء الأول (1/2)
https://goo.gl/3F8jjO
المقال 2: ما هو مرض الشيزوفرينيا؟ الجزء الثاني (2\2)
https://goo.gl/BpKPL4
المقال 3: ما هو اضطراب الشخصية النرجسية؟ 1-3
https://goo.gl/4HWR97
المقال 4: ما هو اضطراب الشخصية النرجسية؟ 2-3
https://goo.gl/onl2Cu
المقال 5: ما هو اضطراب الشخصية النرجسية؟ 3-3
https://goo.gl/x5nFs8
المقال 6: ما هو اضطراب الشخصية الهستيرية؟
goo.gl/b45RKO