في عام 2000، عَرَّف البنك الدولي الفقر بأنه «الحرمان الواضح من الرفاهية». من اللمحة الأولى لهذا التعريف يتبادر إلى أذهاننا سؤالٌ حول مفهوم الرفاهيَّة.
هناك نهجان لتعريف الرفاهية:
النهج الأول يُعرِّف الرفاهية بأنها «السيطرة على السلع بشكل عام»، بحيث تكون الأسر أو الأفراد قادرين على شراء كافة الموارد اللازمة لتلبية احتياجاتهم، فكلما زادت قدرتهم على شراء السلع زادت رفاهيتهم. ووفقًا لهذا النهج يُقاس الفقر من خلال مقارنة دخل أو إنفاق الأسر بخط الفقر الذى يفصل بين الفقراء (من يقع أسفل خط الفقر) وغير الفقراء. حيث يعرف خط الفقر بأنه الحد الأدنى من الدخل أو الإنفاق الاستهلاكي اللازم لتلبية الاحتياجات الأساسية (الغذاء والكساء والمسكن والملبس والتعليم والصحة…). وهذا هو النهج التقليديّ الماديّ (النقديّ) للفقر، والذي تبدأ منه معظم دراسات وتحليلات الفقر.
النهج الثاني للرفاهية (وبالتالي الفقر) هو التساؤل عَمّا إذا كانت الأسر أو الأفراد قادرين على الحصول على نوع معين من السلع الاستهلاكية: هل لديهم ما يكفي من الطعام؟ أو مأوى؟ أو الرعاية الصحيّة؟ أو التعليم؟ ومِن هذا النهج يذهب المُحَلِل إلى ما هو أبعد من المقياس المادي التقليدي للفقر. حيث يمكن قياس فقر التغذية من خلال فحص ما إذا كان الأطفال يعانون من التقزم أو الهدر؛ ويمكن قياس فقر التعليم عن طريق السؤال عما إذا كان الأفراد يعرفون القراءة والكتابة أو مقدار التعليم النظامي الذي يتلقونه.
يستنفذ قياس الفقر الكثير من الوقت والجهد والمال، لأنه يتطلب جمع البيانات مباشرةً من الأسر حتى يمكن قياسه بشكلٍ صحيح ودقيق معبر عن الواقع. فلماذا إذن نتكبد عناء قياس مشكلة الفقر؟ هناك على الأقل أربعة أسبابٍ وجيهةٍ تدفعنا لقياس مشكلة الفقر وهى:
- الحفاظ على وضع الفقراء ضمن جدول أعمال الحكومات والمنظمات الدوليّة المُهتَمّة بقضيّة الفقرِ: حيث أوضح رافاليون (Ravallion) عام 1998 أن قياس الفقر سوف يكون أداةً قويّةً لدفع تركيز انتباه واضعي السياسات على الأحوال المعيشيّة للفقراء. فإذا لم تكن هناك إحصائيّة مرئيّة للفقراء، سوف يسهل تجاهلهم؛ وبالتالي ضرورة وجود قياس للفقر ليظهر ضمن جدول الأعمال الاقتصاديّ والسياسيّ.
- تحديد أهداف السياسات الإصلاحيّة المحليّة والعالميّة: حيث إنه لا يمكن مساعدة الفقراء دون معرفة من هم وأين يقعون؟ وبالتالى بقياس الفقرِ يمكن توجيه موارد التنمية لدعم المناطق الأكثر فقرًا.
- مراقبة وتقييم المشاريع والإصلاحات السياسيّة: بقياس الفقر يمكن تقييم البرامج والسياسات الرامية إلى مساعدة الفقراء، وبالإضافة إلى القدرة على فهم الكثير من سياسات الحكومات المختلفة من خلال التطور الحادث فى الوضع الاقتصاديّ للأسر الفقيرة.
- تقييم فاعليّة المؤسسات: يساهم قياس الفقر فى تقييم الحكومات، حيث إنه لا يمكن معرفة إذا كانت الحكومة تقوم بعمل جيد لمواجهة ومكافحة الفقر إذا لم تكن هناك معلومات حقيقيّة مؤكَّدة عن مستوى الفقر للمقارنة بين الوضع الاقتصاديّ للفقراء قبل وبعد تفعيل السياسات الإصلاحيّة.
المصدر
للتوضيح من صفحه (2-5) بالمصدر المرفق
ترجمة: دعاء عبده حسن محمد
مراجعة : صموئيل الصائغ
تَدقيقٌ لُغَوِيّ: محمود خليفة
تحرير: نسمة محمود