كان حساب مدة اليوم الواحد على كوكب زحل لُغزًا أصاب علماء الفلك بالحيرة لسنين عدة، لكن تم حل هذا اللغز بشكل مبدئي على يد كريستوفر مانكوفيتش Christopher Mankovich، الطالب الذي تخرج من جامعة كاليفورنيا سانتا كروز. استخدم كريستوفر حلقات كوكب زحل لتحديد مدة اليوم الواحد على الكوكب، والتي كانت تقدر بعشر ساعات، و33 دقيقة، و38 ثانية.
كوكب زحل هو كوكب غازي عملاق، ليس لديه سطح صلب يُمكِّن تعقُّب مدة دوران الكوكب حول نفسه، ولذلك كان من الصعب اكتشاف متى يبدأ اليوم على الكوكب ومتي ينتهي. وكان العلماء قد استطاعوا حساب مدة اليوم الواحد على كوكب المشتري -وهو عملاق غازي آخر ضمن مجموعتنا الشمسية- عن طريق الانبعاثات الراديوية Radio Emissions الخاصة بالكوكب، ولكن الحقول المغناطيسية الغريبة الخاصة بكوكب زحل كانت سببًا لعدم نجاح نفس الطريقة لحساب طول مدة اليوم عليه.
حلقات زلزالية
كان الوقت الذي قدره كريستوفر مانكوفيتش (10ساعات، 33 دقيقة، 38 ثانية) أسرع من التقديرات التي أشارت إليها موجات الراديو النابعة من مركبة فوياجر Voyager الخاصة بناسا، والتي قدرت مدة اليوم على كوكب زحل (10 ساعات، 39 دقيقة، 23 ثانية).
من المرجح أنَّ هذا التعارض بسبب أن الحقول المغناطيسية الخاصة بزحل متزامنة بشكل كامل تقريبًا مع دوران الكوكب حول محوره، وهذا على عكس كوكب المشتري.
قال مانكوفيتش:
«لقد قمنا بسلوك نهج مختلف لحساب مدة اليوم على زحل، وهو عن طريق علم الزلازل – Seismology (علم دراسة اهتزاز الأشياء)».
قام مانكوفيتش بتحليل البيانات الملتقطة من مركبة كاسيني Cassini الخاصة بناسا، لدراسة خصائص الكوكب، واكتشف أنماطًا موجية بداخل حلقات زحل، التي هي نتيجة لكون جسيمات تلك الحلقات تحت تأثيرِ سحبٍ زائد بسبب مجال الجاذبية الخاص بالكوكب.
قال مانكوفيتش:
«إن قوة السحب الزائدة تلك قادمةٌ من ذبذبات الكوكب، فمثلما نعلم عن البنية التحتية الداخلية لكوكب الأرض، عن طريق دراسة خواص الزلازل، فإن الترددات الدقيقة الخاصة بالحلقات، الناتجة من ذبذبات الكوكب، هي مفتاح معرفة التكوين الداخلي لكوكب زحل، مما يتضمن فهم دوران الكوكب حول محوره».
دراسة النشاط الزلزالي الخاص بزحل وتعقبه، كانت شرارة البداية التي ساعدت مانكوفيتش في بحثه عن حل اللغز، حيث اكتشف أنَّ البنية الداخلية لكوكب زحل تقوم باهتزازات على أنماط مختلفة، والتي بدورها تسبب اهتزازات في مجال الجاذبية الخاص بالكوكب، ثم تقوم الجسيمات الخاصة بحلقات الكوكب بالتقاط تلك الاهتزازات.
تلك الاكتشافات سهلت على مانكوفيتش تطوير نماذج تحاكي البنية الداخلية لكوكب زحل، ومطابقة لأنماط الحلقات الخاصة به، وبمساعدة تلك النماذج، استطاع مانكوفيتش تعقب حركة الكوكب الداخلية، ثم معدل دوران الكوكب حول محوره، ومدة اليوم عليه، وكانت النتائج مذهلة إلى مانكوفيتش.
قال مانكوفيتش:
«السؤال المحير دائمًا لعلماء الفلك تجاه هذه الكواكب الكبيرة، هو ممَّ تتكون هذه الكواكب؟ وللإجابة عن هذه الأسئلة، يجب أن نعرف إذا كان كوكب زحل أو المشتري، كواكب ذات نواة كثيفة منفصلة، أم بنية داخلية معقدة؟». وأضاف قائلاً: «على مدار دراستنا لحلقات كوكب زحل، لم أكن أتوقع أن معظم الموجات التي بداخل الحلقات، ستوضح ما كنا نريد فهمه عن دوران الكوكب حول محوره، وستجيب عن قليل من الأسئلة المفتوحة عن البنية الداخلية الخاصة بالكوكب».