ما هي الديناميكا الحرارية؟

boiling-water

الديناميكا الحرارية فرع من الفيزياء يهتم بالعلاقة بين الحرارة والأشكال الأخرى للطاقة، ويشرح كيفية تحول الطاقة الحرارية من وإلى أشكال أخرى من الطاقة، وكيفية تأثيرها على المادة.

الطاقة الحرارية هي طاقة المادة أو النظام الناجمة عن درجة حرارته، أي أنها طاقة حركة أو اهتزاز الجزيئات. الديناميكا الحرارية تنطوي على قياس هذه الطاقة، والتي يمكن أن تكون «معقدة للغاية»، وفقًا لديفيد ماكي، أستاذ الفيزياء في جامعة ولاية ميسوري الجنوبية. «النظم التي ندرسها في الديناميكا الحرارية … تتكون من أعداد كبيرة جدًا من الذرات أو الجزيئات التي تتفاعل بطرق معقدة. ولكن، إذا كانت هذه الأنظمة تستوفي المعايير الصحيحة التي نسميها التوازن، فيمكن وصفها بعدد قليل جدًا من القياسات أو الأرقام. وغالبًا يمكن وصف ذلك بمثالية على أنه كتلة النظام، ضغط النظام، وحجم النظام، أو مجموعة أخرى متكافئة من الأرقام. فهنالك ثلاثة أرقام تصف ما بين 1026 إلى 1030 متغيرا مستقلا ضئيلا»

الحرارة

الديناميكا الحرارية تهتم بالعديد من خصائص المادة، وفي مقدمتها الحرارة. والحرارة هي الطاقة المنقولة بين المواد أو النظم بسبب الفرق في درجة الحرارة بينهما. ولأنها شكل من أشكال الطاقة، فإنها تتبع قانون بقاء الطاقة، أي أنها لا تستحدث من العدم أو تختفي، رغم إمكانية نقلها من مكان إلى آخر. ويمكن أيضًا تحويل الحرارة من وإلى أشكال أخرى من الطاقة. فعلى سبيل المثال، يمكن للتوربينات البخارية تحويل الحرارة إلى طاقة حركية لتشغيل مولد يحول الطاقة الحركية إلى طاقة كهربائية. وبإمكان لمبة ضوء أن تحول هذه الطاقة الكهربائية إلى إشعاع كهرومغناطيسي (الضوء)، والتي عندما يمتصها سطح، تتحول مرة أخرى إلى حرارة.

درجة الحرارة

كمية الحرارة التي تنقلها مادة تعتمد على سرعة وعدد من الذرات أو الجزيئات المتحركة. وكلما تحركت الذرات أو الجزيئات بشكل أسرع، كلما ارتفعت درجة الحرارة، وبزيادة الذرات أو الجزيئات التي تكون في حالة حركة،تزداد كمية الحرارة المنتقلة.

درجة الحرارة هي «مقياس لمتوسط ​​الطاقة الحركية للجسيمات في عينة من المادة، معبرًا عنها بوحدات أو درجات محددة على نحو قياسي». مقياس درجة الحرارة الأكثر شيوعًا هو الدرجة المئوية، والتي أساسها درجتي تجمد وغليان الماء، وقيمة كل منهما على التوالي 0 درجة مئوية و 100 درجة مئوية. ويستند مقياس فهرنهايت أيضًا على درجتي تجمد وغليان الماء المياه، وقيمة كل منهما 32F و 212F، على التوالي.

ومع ذلك يستخدام العلماء في جميع أنحاء العالم مقياس الكلفن (K مع عدم وجود علامة درجة)، الذي تمت تسميته على اسم وليام طومسون (البارون كلفن)، لأنها تعمل في العمليات الحسابية. ولهذا المقياس نفس معدل تغير المقياس المئوي، أي أن تغيرًا بقيمة 1 كلفن يساوي 1 مئوي. ومن ناحية أخرى، فإن مقياس كلفن يبدأ من الصفر المطلق، وهي درجة الحرارة التي تنعدم عندها الطاقة الحرارية، وكافة أنواع الحركة الجزيئية. درجة حرارة 0K تساوي سالب 459.67F أو سالب 273.15C.

الحرارة النوعية

كمية الحرارة المطلوبة لزيادة درجة حرارة كتلة معينة من مادة بمقدار معين تسمى الحرارة النوعية، أو قدرة الحرارة النوعية. الوحدة التقليدية لهذه الحرارة النوعية هي السعرات الحرارية لكل غرام لكل كلفن. يتم تعريف السعرات الحرارية على أنها كمية من الطاقة الحرارية اللازمة لرفع درجة حرارة غرام من الماء حرارته 4C درجة واحدة.

الحرارة النوعية للمعادن تعتمد كليًا تقريبًا على عدد الذرات في العينة، وليس كتلتها. فعلى سبيل المثال، كيلوغرام من الألمونيوم يمكن أن يمتص حرارة أكثر بمقدار سبعة أضعاف من الحرارة من كيلوغرام من الرصاص. ومع ذلك، فإن كتلة معينة من المياه يمكن أن تمتص ما يقرب من خمسة أضعاف حرارة كتلة متساوية من الألمونيوم. الحرارة النوعية للغاز أكثر تعقيدًا وتعتمد على ما إذا تم قياسها عند ضغط أو حجم ثابتين.

الموصلية الحرارية

الموصلية الحرارية (K) هي «المعدل الذي تمر به الحرارة عبر مادة محددة، ويعبر عنها بأنها مقدار الحرارة التي تتدفق لكل وحدة زمنية من خلال وحدة مساحة مع تدرج في درجة الحرارة بقيمة درجة واحدة لكل وحدة مسافة». وحدة الموصلية الحرارية هي واط (W) لكل متر (m) لكل كلفن (K). قيم الموصلية الحرارية للمعادن مثل النحاس والفضة مرتفعة نسبيًا في 401 و 428 واط/متر.كلفن، على التوالي. هذه الخاصية تجعل هذه المواد مفيدة لمبردات ذاتية الحركة وألواح تبريد لرقائق الكمبيوتر، وذلك لقدرتها على التخلص من الحرارة بسرعة ومبادلتها مع البيئة. وأعلى قيمة من الموصلية الحرارية لأي مادة طبيعية هي 2،200 واط/متر.كلفن.

بعض المواد الأخرى مفيدة لضعف موصليتها الحرارية، ويشار إلى هذه الخاصية باسم المقاومة الحرارية، أو القيمة R، التي تصف المعدل الذي تنتقل به الحرارة خلال المواد. وتستخدم هذه المواد، مثل الصوف الصخري والستايروفوم، للعزل الخارجي في جدران المباني والمعاطف الشتوية وأكواب القهوة الحرارية. وتقاس القيمة R بوحدات قدم مربع ضرب درجة فهرنهايتية ضرب ساعة لكل وحدة حرارة بريطانية للوح بسمك واحد بوصة.

قانون نيوتن للتبريد

في عام 1701، أعلن السير إسحاق نيوتن لأول مرة قانونه للتبريد في مقال قصير بعنوان «مقياس درجات الحرارة» في المعاملات الفلسفية للجمعية الملكية. ويُترجم بيان نيوتن للقانون من اللغة اللاتينية الأصلية إلى «فائض درجات الحرارة … كانت متتالية هندسية عندما كانت الأزمنة متتالية حسابية» ويعطي معهد Worcester Polytechnic نسخة أكثر حداثة من القانون باسم «معدل التغير في درجة الحرارة يتناسب مع الفرق بين درجة حرارة الجسم والبيئة المحيطة».

وهذا يؤدي إلى اضمحلال أُسي في الفرق في درجة الحرارة. على سبيل المثال، إذا تم وضع جسم دافئ في حمام بارد، في غضون فترة معينة من الزمن، فإن الفرق في درجات الحرارة الخاصة بهما تنخفض بمقدار النصف. ثم في نفس طول الفترة الزمنية، فإن الفرق المتبقي مرة أخرى ينخفض بمقدار النصف. وسيستمر هذا الانخفاض المتكرر في خفض درجة الحرارة إلى فترات زمنية متساوية حتى يصبح عصيًا على القياس.

النقل الحراري

يمكن نقل الحرارة من جسم إلى آخر أو بين الجسم والبيئة من خلال ثلاث وسائل مختلفة: التوصيل، الحمل الحراري، والإشعاع.

التوصيل هو نقل الطاقة خلال مادة صلبة. يحدث التوصيل بين الأجسام عندما تكون على اتصال مباشر، والجزيئات تنقل طاقتها عبر الحد الفاصل.

الحمل الحراري هو نقل الحرارة من وإلى وسط مائع. والجزيئات الموجودة في غاز أو سائل ملامس لجسم صلب تنقل الحرارة من وإلى ذلك الجسم، ومن ثم تبتعد لكي تسمح لجزيئات أخرى بتكرار العملية مرات أخرى. يمكن تحسين الكفاءة عن طريق زيادة مساحة السطح المراد تسخينها أو تبريدها، كما هو الحال مع المشعاع، أو إجبار المائع على التحرك على السطح، كما هو الحال مع المروحة.

الإشعاع هو انبعاث الطاقة الكهرومغناطيسية، وخاصة فوتونات الأشعة تحت الحمراء التي تحمل الطاقة الحرارية. وتبعث كل المواد أو تمتص مقدارا من الإشعاع الكهرومغناطيسي وتحدد القيمة المنتظمة منه ما إذا كان يحدث فقد أو اكتساب حرارة.

دورة كارنو

في عام 1824، اقترح نيكولاس ليونارد سادي كارنو نموذجًا لمحرك حراري مبنيًا على ما أصبح يعرف باسم دورة كارنو. تستغل الدورة العلاقات بين ضغط وحجم ودرجة حرارة الغازات، وكيف أن مدخل طاقة يمكنه أن يغير الشكل ويبذل شغلا النظام.

عند زيادة ضغط الغاز، تزداد درجة الحرارة بحيث يصبح أكثر سخونة من محيطه. ويمكن بعد ذلك إزالة الحرارة من الغاز الساخن باستخدام مبادل حراري. وعند السماح للغاز بالتمدد، تزداد برودته. وهذا هو المبدأ الأساسي وراء مضخات الحرارة المستخدمة في التدفئة وتكييف الهواء والتبريد.

والعكس بالعكس، فتسخين الغاز يزيد من الضغط، مما يتسبب في تمدده. ويمكن بعد ذلك استخدام ضغط التمدد لدفع مكبس، وبالتالي تحويل الطاقة الحرارية إلى طاقة حركية. وهذا هو المبدأ الأساسي وراء المحركات الحرارية.

الإنتروبيا

جميع النظم الحرارية تولّد هدرًا حراريًأ. ويؤدي هذا الهدر إلى زيادة في الإنتروبيا، والتي تعرف على أنها «مقياس كمي لمقدار الطاقة الحرارية غير المتاحة لبذل شغل» لنظام مغلق. الإنتروبيا في أي نظام مغلق تزداد دائمًا، ولا تقل أبدًا. بالإضافة إلى ذلك، فالأجزاء المتحركة تسبب فقدًا حراريًا بسبب الاحتكاك، والحرارة الإشعاعية تتسرب حتمًا من النظام.

وهذا يجعل ما يسمى آلات الحركة الدائمة مستحيلة. ويوضح سيبال ميترا، أستاذ الفيزياء في جامعة ولاية ميسوري: «لا يمكنك بناء محرك بكفاءة 100%، مما يعني أنه لا يمكنك بناء آلة حركة دائمة، إلا أن هناك أشخاص لا يزالون يحاولون بناء آلات الحركة الدائمة ».

وتعرف الإنتروبيا أيضًا بأنها «مقياس للاضطراب أو العشوائية في نظام مغلق»، وهو ما يزيد أيضًا بشكل متصاعد. يمكنك خلط الماء الساخن والبارد، ولكن لأن كوبًا كبيرًا من الماء الدافئ هو أكثر عشوائية من كوبين أصغر يحتويان على الماء الساخن والبارد، فلا يمكنك فصله مرة أخرى إلى ماء ساخن وبارد دون إضافة طاقة إلى النظام. وبطريقة أخرى، لا يمكنك استرجاع بيضة أو إزالة كريم من القهوة الخاصة بك. وبينما توجد الكثير من العمليات التي تبدو أنها قابلة للانعكاس، إلا أن لا شيء منها كذلك في الواقع. ومن هنا، تعطينا الإنتروبيا سهمًا للزمن: إلى الأمام هو اتجاه زيادة الإنتروبيا.

القوانين الأربعة للديناميكا الحرارية

وقد تم التعبير عن المبادئ الأساسية للديناميكا الحرارية في ثلاث قوانين. ولاحقا، تبين أن قانوناً أساسيا قد أهمل لأنه كان يبدو واضحاً بحيث لا يحتاج إلى وصف صريح. ولتشكيل مجموعة كاملة من القواعد، قرر العلماء أن هذا القانون الأساسي كان بحاجة إلى إدراجه. ولكن المشكلة هي أن القوانين الثلاثة الأولى قد أنشئت بالفعل وكانت معروفة جيدًا بالترتيب المحدد لها. وعندما واجه الفيزيائي البريطاني رالف هـ. فاولر احتمال إعادة ترقيم القوانين القائمة، الأمر الذي من شأنه أن يسبب ارتباكًا كبيرًا، أو وضع القانون البارز في نهاية القائمة، والذي لن يكون أمرا منطقيا، فقد أوجد الحل البديل للمعضلة، حيث أطلق على القانون الجديد مسمى «القانون الصفري».

وباختصار، هذه القوانين هي:

ينص القانون الصفري على أنه إذا كان جسمان في حالة توازن حراري مع جسم الثالث، فإنهما أيضا في حالة توازن مع بعضهما البعض. وهذا يحدد درجة الحرارة كخاصية أساسية للمادة وقابلة للقياس.

وينص القانون الأول على أن الزيادة الكلية في طاقة النظام تساوي الزيادة في الطاقة الحرارية بالإضافة إلى الشغل المبذول على النظام. وينص هذا على أن الحرارة هي شكل من أشكال الطاقة ولذلك فهي تخضع لقانون بقاء الطاقة.

وينص القانون الثاني على أنه لا يمكن نقل الطاقة الحرارية من جسم ذي درجة حرارة أقل إلى جسم ذي درجة حرارة أعلى دون إضافة طاقة. ولذلك يكلف تشغيل مكلف الهواء مالًا.

وينص القانون الثالث على أن قيمة الإنتروبيا الخاصة ببلورة نقية، عند الصفر المطلق، صفر. وكما هو موضح أعلاه، يطلق على الإنتروبيا أحيانا «طاقة هدر»، أي الطاقة غير القادرة على بذل شغل، ونظرًا لعدم وجود طاقة حرارية على الإطلاق في الصفر المطلق، فلا يمكن أن تكون هناك طاقة هدر. الإنتروبيا هي أيضًا مقياس للاضطراب في النظام، وبينما البلورة المثالية معرفة على أنها مُرتبة تمامًا بدقة، فإن أي قيمة موجبة لدرجة الحرارة تعني أن هناك حركة داخل البلورة، والتي بدورها تسبب الاضطراب. لهذه الأسباب، لا يمكن أن يكون هناك نظام فيزيائي بإنتروبيا قليلة، لذلك فللإنتروبيا دائمًا قيمة موجبة.

وقد تم تطوير علم الديناميكا الحرارية على مر القرون، ومبادئها تنطبق تقريبًا على كل جهاز اخُترع في أي وقت مضى. ولا يمكن المبالغة في أهميته في التكنولوجيا الحديثة.

إعداد: أمين صبري
مراجعة: أحمد رضا

المصدر:

https://www.livescience.com/50776-thermodynamics.html

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي