(متلازمة ما قبل الطمث/ الحيض – premenstrual syndrome)
متلازمة ما قبل الطمث/ الحيض هي مجموعة من السمات الجسدية والنفسية والسلوكية التي تحدث بشكلٍ دوريٍّ تزامنًا مع الفترة السابقة لحدوث الدورة الشهرية، وتختلف الأعراض في شِدتها من حالة إلى أُخرى، وتختفي في غضون بضعة أيام من الطمث. وتحدث للإناث بنسبة 30 : 40 ٪ تقريبًا في سن الإنجاب؛ وقد تتطور لدى بعض الحالات بنسبة تقريبًا 3 : 8٪ إلى (اضطراب ما قبل الطمث – PMDD) وهو حالة شديدة يمكن أن تؤثر على العلاقات الشخصية للمرأة وقد تُعيقها عن ممارسة أنشطتها اليومية. وعلى الرغم من أن مسببات تلك المتلازمة غير واضحة؛ فإن العديد من النظريات تربط بينها وبين زيادة الحساسية للتغيرات الهرمونية الطبيعية والتغيرات العصبية، ويمكن تشخيص الحالة عن طريق متابعة الأعراض الظاهرة وشدتها وفيما يلي عرض مختصر لـ (متلازمة ما قبل الطمث – PMS) من وجهة نظر فسيولوجية ونفسية: [1]
تشخيص متلازمة ما قبل الطمث
تنقسم أعراض متلازمة ما قبل الطمث إلى قسمين:
أعراض جسدية
تتمثل في انتفاخ البطن، تورم وألم في الثدي، صداع، ألم بالمفاصل والعضلات، تورم بالأطراف، زيادة في الوزن.
أعراض نفسية
تتمثل في الارتباك، حدّة الطباع، الاكتئاب، التوتر، القلق، الانعزال الاجتماعي، الأرق أو زيادة عدد ساعات النوم.
وتُشخص الأعراض على أنها متلازمة ما قبل الطمث في حالة وجود واحدة على الأقل من هذه الأعراض والتي تبدأ قبل بداية الدورة الشهرية بخمسة أيامٍ. وعلى الرغم من تعميم معايير التشخيص في تصنيفات الطب النفسي الدولية، فإن متلازمة ما قبل الطمث لا تزال معقدة.
وقد اعتُبِرَت متلازمة ما قبل الطمث مرضًا جسديًّا لفترة طويلة، ولكن الآن أصبحت الأعراض النفسية هي ما يستدعي الرعاية الطبية في معظم الأحيان. [2]
العلاقة بين متلازمة ما قبل الحيض والأمراض النفسيَّة
وجدت معظم الدراسات علاقة إيجابية بين أعراض ما قبل الطمث والتشخيص باضطراب الاكتئاب مدى الحياة، ولكن الدراسات الحديثة لم تثبت أن وجود المتلازمة يكون عَرَضًا للإصابة بالاكتئاب. من ناحية أخرى أظهرت بعض الدراسات أن فترة ما قبل الطمث هي فترة خطر لحدوث مضاعفات الاضطرابات النفسية المرتبطة بها مثل اضطراب الوسواس القهري، وزيادة الرغبة في تعاطي الكحوليات في حالة إدمان الكحول، أو زيادة أعراض مرضى الفصام، أو ارتفاع معدلات محاولات الانتحار.
ويعتبر عدم انتظام السيروتونين هو الفرضية الأكثر انتشارًا التي يتم تناولها على نطاق واسع ويتم إلقاء اللوم عليها بشكل متكرر. خاصةً أن السيروتونين يُزيد من حدة الطباع والغضب، ويتسبب أيضًا في حدوث أعراض الاكتئاب والرغبة الشديدة في تناول الطعام وهي من الأعراض التي توجد بالضبط في اضطراب ما قبل الطمث. [2]
علاج متلازمة ما قبل الطمث
على الجانب الآخر، كان البروجسترون هو العلاج الأكثر استخدامًا حيث يستهدف الأعراض الفسيولوجية، ولكن فيما بعد أثبتت الدراسات -التي أُجريت مؤخرًا- عدم كفائته في علاج متلازمة ما قبل الطمث.
بعد ذلك أوضحت الدراسات التي أُجريت في تسعينيات القرن الماضي مدى فعالية مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين والـ(بنزوديازيبينات – benzodiazepines) ومضادات الاكتئاب مثل (كلوميبرامين – clomipramine)، و(فلوكستين- fluoxetine) وغيرهم في علاج الأعراض السيكولوجية لمتلازمة ما قبل الطمث. فاستخدام جرعات منخفضة من (كلوميبرامين- clomipramine-10) تصل إلى 50 ملغ في اليوم كافية، ولكن يفضل استخدامها على فترات متقطعة لتجنب حدوث تعوّد الجسم عليها وفقدان تأثير الدواء فيما بعد، وأظهر استخدام جرعات يومية من 0.25 إلى 4 ملغ خلال الأيام الستة التي سبقت الحيض من (ألبروزلام – Alprazolam) أحد مركبات البنزوديازيبينات نتائج إيجابية في علاج متلازمة ما قبل الطمث، فسببت تحسنًا في تقليل بعض الأعراض كالقلق وسرعة الانفعال والمزاج الاكتئابي. [2]
ولقد قارنت الدراسات فعالية أحد مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين مثل الـ(مابروتيلين- maprotiline) مع أحد مضادات الاكتئاب مثل الـ(سيرترالين – sertraline) من حيث تأثيرهما على السيرتونين؛ فأظهرت الدراسات أن مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين هي الأكفأ والأكثر فعالية في علاج جميع أعراض متلازمة ما قبل الطمث؛ مما جعلها الأكثر استخدامًا في الفترة الحالية بالإضافة إلى البنزوديازيبينات.
ويوجد نوع آخر من العلاج وهو العلاجات الهرمونية كنظائر هرمون إفراز الجوناد وتروبين (GnRH) التي تُوصف لمساعدة بعض النساء أثناء الدورة الشهرية ولكنها لا تُستَخدَم على المدى الطويل (أكثر من ستة أشهر)؛ لتأثيرها السلبي على كثافة العظام مما يزيد من احتمالية حدوث هشاشة العظام في بعض الحالات. ولكن استخدام مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين على فترات متقطعة هو العلاج الأكثر فعالية ولم يَعُد يُستخدَم العلاج الهرموني في علاج أعراض المتلازمة. [2،3]
ومن العلاجات الدوائية المستخدمة أيضًا لتخفيف أعراض متلازمة ما قبل الطمث (مُدِرَّات البول) وهي الأدوية التي تزيد من معدل إنتاج البول وبالتالي القضاء على السوائل الزائدة في الجسم؛ والعديد من الأدوية لتخفيف أعراض الحيض مثل (Diurex PMS وLurline PMS وMidol PMS) وغيرها حيث تحتوي هذه المواد على مُدِرَّات البول، بالإضافة إلى ( Spironolactone – Aldactone) وهو مُدِرّ أيضًا للبول وقد استُخدِم على نطاق واسع لعلاج تورم ما قبل الحيض في اليدين والقدمين والوجه ولكنه لم يكن فعالًا في جميع الحالات.
وكذلك المُسَكِّنات [3] وعادة ما توصَف لتقلصات الدورة الشهرية، والصداع، ويبدو أن المجموعة الأكثر فعالية من المسكنات هي العقاقير المضادة للالتهاب غير الستيرويدية (NSAIDs). وتشمل الإيبوبروفين (Ibuprofen)، نابروكسين (Naproxen)، وحمض الميفيناميك Mefenamic acid.
وعادة ما يقوم الطبيب بتقديم الدعم النفسي خاصة في حالة الأعراض الخفيفة التي تكون دون مضاعفات، ويجب العمل على التخفيف من حدة الأذى النفسي؛ وفترة ما قبل الحيض هي فترة خاصة مرتبطة بتغيرات نفسية وعاطفية فلا يمكن الاستناد إليها كدليل لإثبات الاضطراب النفسي أو اضطراب العلاقات. [2]
وللتخفيف من حدة الأعراض فإن العلاجات غير الدوائية تشتمل على الالتزام بنمط حياة صحي بما في ذلك:
ممارسة الرياضة، الدعم العاطفي خلال فترة ما قبل الحيض، تقليل استخدام الملح قبل فترة الحيض، وتخفيض كمية الكافيين، والإقلاع عن التدخين، والحد من تناول الكحول، والحد من تناول السكر المكرر؛ وتشير بعض الدراسات إلى أن مكملات الكالسيوم والمغنيسيوم قد توفر بعض الفائدة ولكن من المهم دائمًا الالتزام بالإرشادات الدوائية عند تناول مكملات الفيتامينات لأن تناول بعضها دون استشارة الطبيب قد يكون ضارًّا. [3]
إعداد : Basma Eltohamy
مراجعة علمية: نسمة المحمدي
تدقيق لغوي: شروق محيي الدين
تحرير: سامح منصور
المصادر:
(1)
Ryu, Aeli, and Tae-Hee Kim. “Premenstrual syndrome: a mini review.” Maturitas 82.4 (2015): 436-440.
(2)
Limosin, F., and J. Ades. “Psychiatric and psychological aspects of premenstrual syndrome.” L’Encephale 27.6 (2001): 501-508.
(3)
Stöppler, M. “Premenstrual Syndrome (PMS)”. Retrieved from https://www.medicinenet.com/#premenstrual_syndrome_pms_definition_and_facts