عندما يأتي ذِكر الديناصورات، يتبادر إلى الذهن كلمة انقراض، لكن ماذا لو علمت أن هناك أفراد من عائلة الديناصورات لا زالت على قيد الحياة؟
أدلّة انحدار الطيور من الديناصورات
في عام (1860) اكتشف العلماء أحفورة طائر (الأركيبوتريكس- Archaeopteryx) والذي امتلك أجنحةً وريشًا، لكنه بدا أيضًا مثل الديناصورات، فبدأ المدافعون عن التطور في ذلك الوقت مثل (توماس هيكسلي- Thomas Henry Huxley) في اقتراح أن الزواحف المنقرضة تشابه إلى حد ما الطيور(1).
لم تلاقي الفكرة استحسانًا إلا في السبعينات، عندما تم اكتشاف أحافير أخرى للديناصورات والتي ملأت الفراغات في عائلة الديناصورات(1).
استخدم العلماء ما يعرف بـ(Synapomorphy) وهي دراسة الخصائص المشتركة بين مجموعتين من الكائنات الحية، ومعرفة الأجداد المشتركين، لإيجاد علاقات فيما بينهم.
تشابه أيدي الدجاج مع الديناصورات
انبثقت منذ (250) مليون سنة مجموعة (دينوصوريا- Dinosauria) من المجموعة الأم (أركوصوريا- Archosauria) ومنذ ذلك الانقسام وحدث الكثير من التطور، ثم ظهرت مجموعة (صوريصشيان – Saurischian) والتي تتشابه في الأيدي مع الطيور(2).
لكن ماذا؟ أيدي للطيور؟ كيف ذلك؟
بالطبع للطيور أيدٍ ولكنها لم تعد تشبه الأيدي المتعارف عليها الآن، ويمكنك ملاحظة ذلك أثناء تناولك لدجاجة، حيث قم بفحص الجناح ستجده متكوَِن من ثلاثة أصابع مختلفة الأطوال لدرجة يمكن ألا تلاحظها، حيث الإصبع الثاني هو الأطول في الطيور والتي تتشابه فيها هذه الأصابع مع عائلة الصوريصشيان(2).
تشابه عظام صدر الدجاج مع الديناصورات
تطورت عائلة الصوريصشيان إلى مجموعة (ثيروبودا -Theropoda)، وهنا يظهر دليل مهم حيث وُجِدَ أن هذه المجموعة لها نفس عظمة الصدر الواحدة (Wishbone or Furcula) للطيور الموجودة حاليًا، والتي تربط بالدليل ما نتحدث عنه(2).
تشابه عظام فخذ الدجاج مع الديناصورات
بعد عدة انقسامات نصل لمجموعة الـ(مانيرابتور – Maniraptora)، والتي وجد أن عضم الفخذ لها تتجه للخلف مشابهةً بذلك عظم فخذ الطيور الحالية(2).
وتتوالى التطورات والانقسامات إلى أن نصل إلى مجموعة الـ(Avialae ومنها ال Aves) وهي الطيور الحديثة، والتي نلاحظ فيها تلاشي الذيل(2).
كيف تبني ديناصورًا من دجاجة؟ (مشروع الدجاج الديناصوري –
في فيلم الحديقة الجوراسية (Jurassic Park)، تعود الديناصورات من الانقراض عندما يتم العثور على حمضها النووي، مما يسمح للعلماء باستعادة الديناصورات في عالمنا الحديث.
وفي العالم الحقيقي كشف (جاك هورنر- Jack Horner) عالم حفريات أمريكي عمل كمستشار تقني لسلسة أفلام الحديقة الجوراسية؛ عن إمكانية تتبع التطور الوراثي من ديناصور إلى دجاجة، ومن ثم محاولة عكس المسار الوراثي للوراء حتى نحصل مرة أخرى على الديناصور، حيث تبقى جينات الأنواع القديمة خاملة في الحمض النووي للأنواع الجديدة في انتظار الوقت الذي يتم استدعاؤها(3).
استعادة ذيل الديناصور
أسفر مشروع هورنر بالفعل عن بعض الأبحاث الأولية في التطور الجيني للذيل، حيث تم الكشف عن الجين المسؤول عن تلاشي الذيل، ومن ثم يمكن إيقاف عمله والتخلص منه، وبالتالي الحصول على ذيل ديناصور(3).
وبحث العلماء في طريقة سير ديناصور T-Rex، فقاموا بوضع ذيل صناعي لدجاجة، والتي تحركت بدورها بنفس طريقة سير الديناصور(3).
استعادة أطراف الديناصور
استعادة ذراع الديناصور
يوجد مجموعة من الجينات المسؤولة عن نمو وحركة ذراع الديناصورات وأصابعه، ومن ثم تطور جين آخر لدمج بعض تلك العظام لتكوين جناح الطائر أثناء التطور الجيني، فتم دفع العديد من جينات الذراع والأصابع جانبًا وتهميشها، لذلك احتمالية وجود ذراع ديناصور لا يزال موجودًا، ويمكن الحصول عليه إذا تمكنت من تحديد الجين الأحدث الذي يسبب اندماج العظام ثم القيام بتعطيله، وبذلك فإن هذه الجينات المهمشة قد تعود، وبالتالي استعادة شكل الأصابع والذراع لما كانت عليه في السابق(3).
استعادة ساق الديناصور
نجح العلماء بشيلي من خلال الهندسة الوراثية العكسية من حث جينات الدجاج لتكوين ساق ديناصور(4).
استعادة أسنان الديناصور
يعتقد هورنر بأنه يمكن استعادة أسنان الديناصورات بالفعل، ولكن الطيور فقدت جين المينا والمسؤول عن تكوين الأسنان، لذلك سيتعين القيام بالتعديل الوراثي، ويعني القيام بأخذ جين المينا من كائن حي آخر وإدراجه في الطيور، ولكن هذا ليس أمرًا مهمًا جدًا لإنجازه(3).
استعادة شكل فم الديناصور
قام العالم «بارت أنجان بولر» بدراسة تشريح منقار الطيور لمعرفة ماهية تطوره، كما نجح في عام (2015) في عكس تكوين المناقير في أجنة الدجاج وتحويلها إلى شكل فم للديناصورات القديمة(5).
ومع أن هذه الأجنة لم يتسنَّ لها أن تفقس، لعدم وجود موافقة أخلاقية، إلا أن في الأساس كان الهدف هو فهم كيفية تطور منقار الطيور، ووجد الباحثون أن الطيور لديها مجموعة فريدة من الجينات المتعلقة بتطور الوجه، والتي تفتقر إليها الكائنات غير المنقارية، وعندما تم إخماد هذه الجينات؛ عادت بنية المنقار إلى حالة أسلافها(5).
ما وجه الاستفادة من هذه الأبحاث؟
يتفق العلماء على أن الأبحاث التي ينطوي عليها مشروع الدجاج الديناصوري يمكن أن يحقق أرباحًا علمية وطبية، وعلى سبيل المثال: البحث في العوامل التي تؤثر على نمو الذيل يمكن أن يؤدي إلى علاج جديد لاضطرابات العمود الفقري(3).
كما أن فهم المزيد عن التعديل الوراثي لنمو الأسنان قد يكون لها في نهاية المطاف تطبيقات في علاج الأورام والسرطانات (3)، وأخيرًا نجاح العلماء في استعادة ديناصور حي سيقلل من تكلفة المؤثرات الخاصة للأفلام القادمة الخاصة بالديناصورات.
إعداد: محمد خميس بركي
مراجعة علمية: أحمد فكري
مراجعة لغويّة: Matalgah Hamzeh
المصادر:
1. Archaeopteryx: Facts about the Transitional Fossil [Internet]. [cited 2018 Nov 23]. Available from: https://www.livescience.com/24745-archaeopteryx.html
2. The Classification of Dinosaurs | Scholastic [Internet]. [cited 2018 Nov 23]. Available from: https://www.scholastic.com/teachers/articles/teaching-content/dinosaur/
3. Paleontologist Jack Horner is hard at work trying to turn a chicken into a dinosaur – The Washington Post [Internet]. [cited 2018 Nov 23]. Available from: https://www.washingtonpost.com/national/health-science/paleontologist-jack-horner-is-hard-at-work-trying-to-turn-a-chicken-into-a-dinosaur/2014/11/10/cb35e46e-4e59-11e4-babe-e91da079cb8a_story.html?noredirect=on&utm_term=.2499ad7fd9b1
4. Molecular development of fibular reduction in birds and its evolution from dinosaurs – Botelho – 2016 – Evolution – Wiley Online Library [Internet]. [cited 2018 Nov 23]. Available from: https://onlinelibrary.wiley.com/doi/full/10.1111/evo.12882
5. Hogenboom M. Chicken grows face of dinosaur [Internet]. [cited 2018 Nov 23]. Available from: http://www.bbc.com/earth/story/20150512-bird-grows-face-of-dinosaur