مضاد الملاريا (الكلوروكين) كعلاج لفيروس كورونا المُستجد

مضاد الملاريا (الكلوروكين) كعلاج لفيروس كورونا

لماذا الكلوروكين (بالإنجليزيَّة: Chloroquine)؟!

بدأ استخدام وتوافر الكلوروكين في السوق كمضاد للملاريا منذ أكثر من قرن، ونظرًا لخصائصه المضادة للالتهابات، وسعره المناسب، وإظهاره ملفًّا جيدًا للسلامة، اسْتُخدِم في علاج الأمراض الروماتيزمية، وأُجرِيَت العديد من الأبحاث حول فعاليته في علاج العديد من الأمراض، مثل: السرطان، وأمراض العدوَى الفيروسية؛ بينما أظهر نظيره الأقل سُمّية (الهيدروكسي كلوروكين) نشاطًا مضادًّا لفيروس السارس (بالإنجليزيَّة: SARS-CoV) الذي تفشَّى سابقا. [1]

بدأ يتوجه اهتمام الباحثين نحو الكلوروكين، والهيدروكسي كلوروكين في أوائل شهر (فبراير) الماضي، بعد نشر تقارير تُظهر فعاليته مختبريًّا في علاج متلازمة الجهاز التنفسي الحادَّة التي يسببها فيروس كورونا المُستجد.

كما أعلن «مجلس الدولة الصيني» في المؤتمر الصحفي الذي عُقِد يوم (17 فبراير 2020) عن ثبات فعالية الكلوروكين في علاج الالتهاب الرئوي الناتج عن فيروس كورونا المُستجد؛ في مجموعة من التجارب السريرية، منها واحدة استمرت لمدة عشرة أيام؛ تلَـقَّى فيها عشرة أشخاص (200 مجم) من الهيدروكسي كلوروكين ثلاث مرات يوميًّا، بالإضافة إلى الأزيثرومايسن إذا لزم الأمر، لُوحِظَ بعد ستة أيام أن معدل الشفاء في المجموعة التي تلقَّت العلاج كان (70%)، مقابل (12.5%) في المجموعة التي لم تـتلقَّ العلاج. [2]

تُعَد الأدلة التي تَدْعَم فعالية الكلوروكين في علاج الأعراض التي يسببها فيروس كورونا المُستجد محدودة حتى الآن، إلا أن الطلب على هذا العقار قد ازداد بشكل كبير بسبب الضجة الإعلامية حوله، خاصةً بعد التغريدات التي نشرها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على حسابه بموقع (تويتر)، منها واحدة نُشرت بتاريخ (21 مارس 2020) ذكر فيها أن:

«استخدام الهيدروكسي كلوروكين مع الأزيثرومايسين سيكون نقلة في تاريخ الطب» [3]

واستجابةً لذلك؛ تعهدت شركات الأدوية بالتبرع عالميًّا بجَرْعَاتٍ تُعَد بالملايين من الهيدروكسي كلوروكين، كما تناقلت مصادر الأخبار المحلية بالجمهورية المصرية عن بَدء إنتاج مستحضر الكلوروكين فوسفات، وأنه سيتم توفير ما يصل إلى (200 ألف جرعة) خلال شهر (مايو) القادم. [4،5]

حتى الآن، اقتصرت موافقة «هيئة الغذاء والدواء» على استخدام الهيدروكسي كلوروكين بشكل محدود في علاج بعض الحالات الطارئة فقط، ويُختبر حاليًا في العديد من التجارب السريرية، تحت إشراف الوكالات الحكومية، والمؤسسات الأكاديمية؛ للحصول على مزيد من التوجيهات حول استخدامه. [6]

نظرة أقرب إلى الكلوروكين

مضاد الملاريا (الكلوروكين) كعلاج لفيروس كورونا
جزيئة الكلوروكين.

 

التصنيف الدوائي:

ينتمي الكلوروكين إلى فئة مضادات الملاريا، ومبيدات الأميبا، كما له عدّة تصنيفات أخرى. [7]

الوصف:

اُشتُقّ الكلوروكين من (الأمينو كينولون) لأول مرة في أربعينات القرن العشرين، وكان خط الدفاع الأول ضد الملاريا، حتى طُوِّرت أنواع جديدة من مضادات الملاريا، مثل: البيريميثامين (بالإنجليزيَّة: Pyrimethamine)، والأرتيميسينين (بالإنجليزيَّة: Artemisinin)، والميفلوكوين (بالإنجليزيَّة: Mefloquine).

ومنذ ذلك الحين؛ بدأ استخدام الكلوروكين في علاج حالات أخرى، مثل: فيروس نقص المناعة البشرية، والذئبة الحمامية الجهازية، والتهاب المفاصل الروماتويدي.

حصل الكلوروكين على موافقة (هيئة الغذاء والدواء الأمريكية) لأول مرة في (31 أكتوبر 1949). [7]

آلية العمل:

يثبط الكلوروكين  إنزيم (بالإنجليزيَّة: Heme polymerase) في الملاريا؛ مِمَّا يؤدِّي إلى تراكُم مادة (الهيم) السامة داخل طفيل (المُتَصَوِّرة) وقتله. [7]

الخصائص المضادة للفيروسات للكلوروكين:

يؤثر الكلوروكين، والهيدروكسي كلوروكين على تكاثر الفيروس داخل المُضيف بعدة طرق:

أولها: أن هذه الأدوية عبارة عن قواعد ضعيفة، وعندما تصل للجُسَيْمَات الداخلية (بالإنجليزيَّة: Endosomes) للخَلِيَّة فإنها تـتعرَّض لعملية البرتـنة (أي: إضافة بروتون للجزيء)؛ مما يؤدي إلى رفع درجة الحمضية (بالإنجليزيَّة: PH)، وإعاقة دخول الفيروس إلى الخلايا حيث يقوم بعملية التكاثر.

كما أن الكلوروكين يمنع نقل الجليكوزيل، مما يقف في طريق ارتباطه بمستقبلات (ACE2) التي يستخدمها الفيروس للوصول إلى داخل الخلايا؛ وبالتالي إعاقة دخول الفيروس إلى الخلايا. [1،7]

الأعراض الجانبية لاستخدام الكلوروكين في علاج فيروس كورونا المٌستجد:

بدأ الاستخدام الطبي لكل من الكلوروكين، والهيدروكسي كلوروركين منذ وقت طويل؛ لذلك فإنَّ ملف الأمان الخاص بهما مُثبت جيدًا، ومن الأعراض الجانبية التي أُبلِغ عنها، نجد:

  • اضطرابات الجهاز الهضمي.
  • تلف شبكية العين مع الاستخدام الطويل، أو استخدام جَرْعَاتٍ كبيرة.
  • اعتلال عضلة القلب.
  • اضطرابات ضربات القلب .
  • يُستقلب كُـلٍّ مِن الكلوروكوين، والهيدروكسي كلوروكين في الكبد، وتَخرُج هذه المستقلبات عن طريق الكُـلْـيَـتيْن، وبالتالي يجب وصفهما بعناية للأشخاص الذين يعانون من أمراض الكبد، أو الفشل الكُـلَوِي؛ مما أثار بعض المَخاوِف حول استخدامهما في مكافحة فيروس كورونا المُستجد الذي قد يكون له دور في إضعاف وظيفة كُلٍّ من الكَبِد، والكُـلْـيَـتَـيْن.
  • يجب تجنب استخدام الكلوروكين لمرضى البورفيريا (بالإنجليزيَّة: Porphyria) أو ما تُعرف بـ (متلازمة دراكولا). [8]

استخدام الكلوروكين في علاج تفَشِّي فيروس السارس(بالإنجليزيَّة: SARS-CoV) السابق:

أُبلِغ عن المتلازمة التَّـنـفُّسِيَّة الحادة لأول مرة في المقاطعة الصينية «قوانغدونغ» في أواخر عام (2002)، وانتشر المرض بسرعة كبيرة إلى (30 دولة)، مُصيبًا (8096) حالة، ومسببًا (774) حالة وفاة، وكان يُسبب أعراضًا شبيهة بفيروس كورونا الحالي، مثل: الحمى، والقشعريرة، والسعال، وضيق التنفس الذي يتطور في بعض الحالات إلى فشل الجهاز التنفسي؛ وأدت الجهود المُـنَسَّقة في جميع أنحاء العالم إلى تحديد العامل المُسبب للمرض، وهو فيروس السارس. 

ونظرًا لحِدَّة الفيروس، وسرعة انـتِشاره؛ قُيّيمت العديد من الأساليب العلاجية الجديدة في الدراسات المختبرية، والتي اشتملَت علَى الكلوروكين الذي أظهر خصائص مثبطة لفيروس السارس، عند استخدامه في علاج الخلايا؛ سواءً قبل أو بَعد التعرُّض للعدوَى، مما يُثبت أنه يتمتَّع بخصائص وقائية وعلاجية ضد الفيروس، عن طريق رفع درجة الحمضيّة، ومنع انتِـقَال الجليكوزيل؛ وبالتالي منع وصول الفيروس إلى داخل الخلايا. 

فعَاليَّة الكلوروكين ضد فيروس السارس كانت أحد أهم أسباب التوَجُّه إلى دراسة فعَالِيَّته ضد فيروس كورونا المُستجد؛ فَـفِي الوقت الحالي تحتوي المكتبة الطِّـبِّـيَّة التابعة للمعهد الوطني الأمريكي للصحة (NIH) على (143) تجربة مُسجلة على فيروس كورونا المُستجد منها (14) تجربة تدرس فعالية استخدام الأدوية المضادة للملاريا ضد فيروس كورونا المُستجد بالتحديد، وعلاوة على ذلك، يوجد (500) دراسة صينية مسجلة بخصوص فيروس كورونا المُستجد، منها (16) دراسة تناقش استخدام مضادات الملاريا في علاج الفيروس. [1،9]

المصادر:

المصدر الأول
المصدر الثاني
المصدر الثالث
المصدر الرابع
المصدر الخامس
المصدر السادس
المصدر السابع
المصدر الثامن
المصدر التاسع

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي