مقدمة سريعة عن الخلايا الجذعية

خلايا-جذعية

|||

مقدمة في التطور السريع للعلوم الطبية والتكنولوجيا، ظهرت موجة أبحاث جديدة تهدف لعلاج الأمراض المستعصية التي لا يعالجها الدواء أو الجراحة. فالجلطة في الشريان التاجي تتسبب في موت خلايا عضلة القلب بلا رجعة، وهذا-في الوقت نفسه، يضعف عضلة القلب لدرجة تودي إلى فشل في وظائف القلب مما يترتب عليه حدوث الوفاة. كذلك فإن الإصابة بالجلطة في الجهاز العصبي تسبب تلفًا بلا رجعة للخلايا العصبية خاصة في المخ. وينتج عن ذلك شلل واضطراب في الوظائف العقلية.  نطبق ذلك أيضاً على مرضى السكري. حيث في نوعه الأول-١  -(Diabetes Mellitus Type 1)، يفرز الجسم أجسامًا مناعية تستنزف من البنكرياس الخلايا المصدرة للأنسولين، مما يؤدي لانخفاض نسبة هرمون الأنسولين في الجسم.

توسل علماء الأبحاث إلى تقنية يمكنها حل تلك المعضلات في المستقبل القريب. وهي استبدال الخلايا التالفة بخلايا جديدة قادرة علي التجدد.

  • ما هي تلك الخلايا؟
  • ما هي خصائصها؟
  • ما هي أنواعها؟
  • ما تاريخ تلك التقنية؟

هذا ما سنعرفه في هذه المقالة.

ما هي الخلايا الجذعية؟

الخلايا الجذعية هي خلايا بدائية غير مخصصة في جسم الإنسان والحيوانات والنباتات أيضاً. يميز تلك الخلايا أنها غير مخصصة، أي أنها لا تقوم بعمل معين مثل الأعصاب أو العضلات أو كرات الدم الحمراء أو بقية الخلايا. لكنها مؤهلة للتحول إلى أي نوع من أنواع خلايا الجسم، للقيام بوظيفة معينة.. فمثلًا حين الحاجة، تستطيع هذه الخلايا التحول إلى كرات دم بيضاء لتقوم بالوظيفة المعتادة لكرات الدم البيضاء.

كما تتميز بأنها قادرة على التجدد المستمر، لتستبدل الخلايا التي تموت بصورة يومية في جسم الإنسان. خاصة في الجهاز الهضمي ونخاع العظم حيث توجد تلك الخلايا بعدد كبير في جسم الإنسان البالغ. وتتغير خصائص تلك الخلايا حسب المراحل العمرية كما سنوضح فيما بعد في تلك المقالة. [I] [II]

ما هي خصائص الخلايا الجذعية؟

تتميز هذه الخلايا بثلاثة صفات أساسية:

وهي أنها قادرة على التجدد والانقسام لمدة طويلة، وأنها غير مخصصة ولا تقوم بأي عمل مميز، وأنها قادرة على التحول إلى أي نوع من أنواع خلايا الجسم.

فتلك الخلايا برغم كونها غير مخصصة إلا أنها قادرة علي المرور في مرحلة تسمي “التمييز” Differentiation حيث تبدأ تلك الخلايا في مراحل متتابعة بالتحول تدريجياً للخلايا المخصصة مثل خلايا العضلات أو الأعصاب أو الأنسجة الطلائية.

بدأ العلماء في دراسة الإشارات الداخلية والخارجية التي تشجع تلك الخلايا للمرور إلي أن تتميز لخلية معينة وليس نوع أخر، فوجدوا نوعين من الإشارات:

1   إشارات داخلية (Internal signals): وهي الجينات في الحمض النووي، فالخلايا تخضع للمعلومات الورادة في حمضها النووي في التشكل لخلايا معينة.

2   إشارات خارجية (External signals): مثلًا اختلاط الخلايا بخلايا أخرى معينة يجعلها تتحول إلى نوع الأخيرة، أو أن صدور مواد كيماوية في محيط هذه الخلايا يجبرها على التحول إلى نوع معين.

أما الخلايا الجذعية في الإنسان البالغ فهي تتحور حسب مكانها. على سبيل المثال، الخلايا الجذعية في النخاع الشوكي تتبدل إلى خلايا الدم، بينما تتحول الخلايا الجذعية في كل القلب والكبد والجهاز الهضمي والجهاز التنفسي فإنها إلى الخلايا المجاورة لها.[iii]

ما هي أنواع الخلايا الجزعية المختلفة؟

يمكننا تقسيم الخلايا الجزعية حسب المرحلة العمرية إلي:

(الخلايا الجزعية الجنينية – Embryonic Stem Cells) (الخلايا الجزعية بالغة – Adult Stem Cells)
تخرج من خلايا المرحلة الجنينية المسماة بالحويصلة الجزعية أو Blastocyst توجد في معظم أعضاء الجسم مثل المخ والكبد ونخاع العظم و الجهاز الهضمي و التنفسي و التناسلي
نوعها (الخلايا وافرة القدرة – Pleuripotent stem cells) نوعها (خلايا متعددة القدرات – Multipotent stem cells)
قادرة علي التحول لكل أنواع الخلايا عدا المشيما و الحبل السري تتحول فقط حسب مكانها لنوع الخلايا المجاورة لها
سهل الزرع في المزرعة و التكاثر و التحول صعبة الزرع و التكاثر و التحول
ممكن أن نحصل عليها من المشيما أو الأجنة المجهضة أو السائل الأمنيوسي ممكن أن نحصل عليها من الشخص نفسه أو متبرع آخر

[VI] [v] [IV]

أنواع أخري:

١)- الخلايا الجذعية الوسيطة (Mesenchymal stem cells)

هي خلايا تتواجد في نخاع العظام لدى الإنسان، وهي قادرة علي التحول إلى خلايا العظام والغضاريف والخلايا الدهنية.

٢)- الخلية الجذعية المستحثة وافرة القدرة (Induced Pleuripotent stem cells)

هي خلايا مصنعة في المعمل. حيث استطاع العلماء استخلاص خلايا الجلد أو الدم لتحويلها إلى خلايا مشابهة للخلايا الجذعية وافرة القدرة (و سنتكلم عن هذا في مقالة قادمة بالتفصيل).

٣)- الخلية الجذعية مكتملة القدرة Totipotent

هي خلية قادرة على التحول إلى كل أنواع الخلايا في الجنين، حتى خلايا المشيمة والحبل السري

(Extraembryonic Tissue)، لكنها تختفي بعد المرحلة الجنينية. [IX]

كيف نزرع الخلايا الجذعية في المعمل؟

نستخرج الجنين قبل غرسه في باطن الرحم. ونستخلص الخلايا الجذعية في مزرعة تسمي بـ “المزرعة المستنبتة”

(Culture medium). حيث يطلق الوعاء بخلايا جذعية لفئران تسمى ب”الخلايا المغذية” (Feeder cells)، وهي تجعل الخلايا الجذعية البشرية تلتصق عليها ثم تمد الخلايا البشرية بالمواد الغذائية اللازمة لنموها.

في أغلب الاحوال، تموت تلك الخلايا قبل أن تنمو و تتكاثر. لكن في حال التكاثر، فإن الخلايا ستتوزع على مزارع أخرى. ومن الممكن تصدير ملايين الخلايا لمعامل أخرى.

يتم كشف على هوية الخلايا الجذعية عن طريق إيجاد العلامات الآتية:

1- الخلايا المنقسمة لمدة طويلة في المزرعة، يرجح أن تكون خلايا جذعية.

2- إيجاد عوامل النسخ  في الخلايا: (Nanog and Oct4).

3- إيجاد علامات تميز سطح الخلايا الجذعية: (Surface Markers).

4- الكشف على الخلايا عن طريق الميكروسكوب، للكشف عن الكروموسومات التي تميز الخلايا الجذعية.

5- زرع الخلايا في الفئران، فإن كانت خلايا جذعية سيتشكل ورم يسمى (teratoma)، فيه أنواع مختلفة من الخلايا المخصصة وشبه المخصصة. [x]

ما هي خطوات تحويل الخلايا الجذعية لخلايا معينة و زرعها في جسم الإنسان؟

إذا رغب العلماء في تحويل الخلايا الجذعية لخلايا معينة لعلاج تلف في عضو معين، فإنهم يحاولون توجيه عملية “التمييز” في اتجاه خلايا معينة. سواء أكانت خلايا عصبية أو ألياف عضلية أو خلايا في الدم أو أي أنواع خلايا الأعضاء البشرية. عن طريق وضع مواد كيماوية معينة وجينات تسهل تحول الخلية إلى الخلايا المرادة، ثم يبدأ زرع الخلايا المرادة في العضو التالف. [XI]

ما هي  العمليات الناجحة التي إستطعنا فيها أن نستخدم الخلايا الجذعية؟

توجد عمليات محدودة استطعنا عبرها تعويض الخلايا التالفة بالخلايا الجذعية. من أكثرها نجاحاً، عمليات نقل الخلايا الجذعية إلى نخاع العظم خاصة للمصابين بالأورام السرطانية، مثل سرطان الدم Leukemia.

كما تم زرع مناطق تالفة في الجلد والعظم، بأنسجة صحية فيها خلايا جذعية.. عدا ذلك ما زالت الخلايا الجذعية تحت التجربة والدراسة العلمية. [XII]

ما هي معوقات و مخاطر عملية زرع الخلايا الجذعية؟

من مخاطر زراعة الخلايا الجذعية أنها قد تتسبب في نمو مطرد للخلايا لدرجة التحول إلى ورم، إذا لم يتم تحضيرها جيداً. كذلك ممكن عملية زرع الخلايا حتي إن كانت من نفس خلايا المريض أن تتعرض العملية للتلوث بالبكتريا و الفيروسات. كما بوجد خطر رفض الجهاز المناعي لها.. أيضًا، توجد مشاكل أخلاقية في استخدام الأجنة. [XIII] [XIV]

ما هو مستقبل الخلايا الجذعية؟

بدأ العلماء في التخطيط لزراعة أنسجة للقلب بسبب شيوع أمراض القلب. وبدؤوا في التخطيط لزراعة الأعضاء لكل من الكلى والكبد. كما نجح العلماء في زراعة خلايا جذعية عصبية (Neural stem cells) في النخاع الشوكي للفئران، مما أدى لإصلاح تلف الأعصاب فيه.

استطاع العلماء استبدال جينات فئران معتلة بأمراض جينية مثل الأنيميا المنجلية (Sickle Cell Anemia) بجينات طبيعية، عن طريق زرع الجينات الصحية في الخلايا الجذعية وافرة القدرة. لا نزال في انتظار الأبحاث التي تمكن من نقل الجينات للبشر.

جدير بالتنويه، أن الخلايا الجذعية تساعد على دراسة الأورام واستخدام الأدوية المقاومة لنمو الأورام. [XV]


المصادر:

[I] http://www.closerlookatstemcells.org/learn-about-stem-cells/stem-cell-basics

[II] http://stemcells.nih.gov/info/basics/pages/basics1.aspx

[III] http://stemcells.nih.gov/info/basics/pages/basics2.aspx

[IV] http://stemcell.childrenshospital.org/about-stem-cells/adult-somatic-stem-cells-101/where-do-we-get-adult-stem-cells/

[V] http://stemcells.nih.gov/info/basics/pages/basics5.aspx

[VI]http://biomed.brown.edu/Courses/BI108/BI108_2002_Groups/pancstems/stemcell/adultvsembryonicsc.htm

[VII] http://www.closerlookatstemcells.org/learn-about-stem-cells/types-of-stem-cells

[VIII] https://www.stemcell.ucla.edu/induced-pluripotent-stem-cells

[IX] http://stemcell.ny.gov/faqs/what-difference-between-totipotent-pluripotent-and-multipotent

[X] http://stemcells.nih.gov/info/basics/pages/basics3.aspx

[XI] http://stemcells.nih.gov/info/basics/pages/basics3.aspx

[XII] http://www.closerlookatstemcells.org/stem-cells-and-medicine/nine-things-to-know-about-stem-cell-treatments

[XIII] http://web.stanford.edu/group/hopes/cgi-bin/hopes_test/stem-cells/#what-are-the-advantages-and-disadvantages-of-using-embryonic-stem-cells-embryonic-germ-cells-and-adult-stem-cells-for-research

[XIV] http://www.nature.com/stemcells/2007/0706/070614/full/stemcells.2007.26.html

[XV] http://learn.genetics.utah.edu/content/stemcells/scfuture/


إعداد: فادي سمير
تدقيق: ريما رباح

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي