من الممكن أن تعيش كهولوجرام على سطح ثقب أسود

87

شاهدنا في فيلم «Interstellar» البطل كوبر يهرب من ثقب أسود في الوقت المناسب ليرى ابنته في أواخر عمرها. الفيلم علمي جدًا لدرجة مطالبة البعض بتدريسه في المدارس.
في الواقع يعتقد العديد من العلماء أن أي شيء يتم إرساله إلى الثقب الأسود سيتم تدميره، ولكن دراسة جديدة تقترح أن هذا ليس كل شيء.
تقول الدراسة أنه عند اقترابك من الثقب الأسود بدلًا من أن يتم ابتلاعك بواسطة الثقب الأسود ستتحول إلى هولوجرام بدون حتى أن تلاحظ. هذه الورقة تنافس ورقة بحثية أخرى تقول أن أي شخص يسقط في ثقب أسود سيصطدم بجدار ناري «firewall» وسيتدمر فورًا حتى قبل أن يعبر أفق الحدث.

 

ما هو الجدار الناري؟
الجدار الناري هو فرضية اقترحها أربعة علماء أشهرهم دونالد مارولف «Donald Marolf» تقول أن أي جسم يقترب من أفق الحدث للثقب الأسود يحترق بفعل الإشعاعات المركزة حول أفق الثقب. وقد تم رفض هذه النظرية لأنها أتت بخصائص مختلفة عن خصائص النسبية العامة فيما يتعلق بالثقوب السوداء.

 

ثقوب هوكينج السوداء
قبل 40 عامًا صدم ستيفين هوكينج الأوساط العلمية باكتشافه أن الثقوب السوداء ليست سوداء تمامًا. حيث تفترض الفيزياء الكلاسيكية أن أي شيء يسقط إلى أفق حدث الثقب الأسود لا يمكن أن يهرب. ولكن عند أخذ الحسابات الكمية في الاعتبار، افترض هوكينج أن الثقوب السوداء تُواصل إصدار إشعاعات (سُميَت فيما بعد بإشعاع هوكينج). ولسوء الحظ حرارة هذه الإشعاعات أقل من درجة حرارة إشعاع الخلفية الميكروني الكوني، لذلك لا يمكن رصدها بالتكنولوجيا الحالية.
وكانت نظرية هوكينج محيرة جدًا لأنه لو استمر الثقب الأسود في إصدار إشعاعات فإنه سيفقد كتلته مع الوقت ويتبخر. وأدرك هوكينج أن ذلك سيمثل مغالطة حيث أنه لو تبخر الثقب الأسود فهذا معناه أن المعلومات التي بداخله ستضيع إلى الأبد. وهذه يتعارض مع أهم قوانين ميكانيكا الكم التي توضح أن المعلومات لا يمكن أن تضيع او تنشأ

 

ولكن معرفة كيف يبدو الثقب الأسود حسب نظرية الكم يبدو أمرًا صعبًا، لذلك في عام 2003 اقترح «Sameer Mathur» أن الثقوب السوداء في الواقع هي مثل كرة الفرو «Fuzzballs». بمعنى أنه ليس هناك أفق محدد والتقلبات الكمية حول أفق الحدث ترصد المعلومات عن تاريخ الثقب واقتراح ماثور يحل معضلة ضياع المعلومات. ولكن الفكرة تم رفضها من قبل العلماء (مثلها مثل نظرية الجدار الناري) لأن فكرة سقوط شخص بداخل كرة فرو مختلفة تمامًا عن فكرة سقوط شخص بداخل ثقب أسود تم وصفه بواسطة نظرية أينشتاين.

حيث أنه وفقًا لنظرية النسبية، عندما تذهب لسطح ثقب أسود وتعبر افق الحدث يمكنك أن تذهب أعمق وأعمق وعندها ينحني الزمكان حتى تصل لنقطة التفرد «singularity». وفي هذه النقطة لا يمكن الخروج من الثقب الأسود حتى الضوء نفسه لا يمكنه الإفلات منها حيث أنها تتطلب سرعة إفلات أكبر من سرعة الضوء لذلك فهذه النقطة تتوقف عندها قوانين الفيزياء المعروفة ولا تستطيع أن تخبرنا ماذا يحدث بعد ذلك.
ويعتقد ماثور أنه وفقًا لشخص مراقب من بعيد سيبدو السقوط في كرة الفرو مثل السقوط في ثقوب أينشتاين وبالرغم من ذلك ستختلف التجربة لكل منهما.

 

الحل إذًا في نظرية الأوتار
لقد أخذ الأمر من العلماء عقدين من الزمان ليأتوا بحل، لقد اقترحوا أن المعلومات المخزنة في الثقب الأسود متناسبة مع مساحة سطحه أي ثنائية الأبعاد بدلا من أن تكون متناسبة مع حجمه أي ثلاثية الأبعاد. هذه يمكن أن تُفسر بواسطة الجاذبية الكمية. حيث أن الأبعاد الثلاثة للفضاء من الممكن أن يتم إنشاءها من عالم ثنائي الأبعاد بدون الجاذبية مثل الهولوجرام. وهذا ما تقترحه نظريّة الأوتار «String theory».

وباستخدام المبدأ الهولوجرافي يمكننا وصف تبخر الثقوب السوداء في عالم ثنائي الأبعاد بدون جاذبية وبتطبيق قوانين الكم.
والمعروف عن نظرية الأوتار أنها نظرية تهدف إلى التوحيد بين نظرية الكم التي تفسر القوة النووية الضعيفة والقوة النووية القوية والقوة الكهرومغناطيسية وبين نظرية النسبية التي تفسر قوة الجاذبية وتخبرنا هذه النظرية أن الكون هو عالم ذو عشرة أو أحد عشر بُعدًا إضافيًا على الأبعاد الأساسية.
يبدو أن الجدال بشأن ما يحدث بداخل الثقب الأسود سيستمر لوقت غير معلوم. ولكن المعلوم أن نظرية الأوتار والمبدأ الهولوجرافي هي الأقرب للصواب لأنها تَلقى بعض القبول لدى الأوساط العلمية. وقد قام ستيفين هوكينج بتأييد النظرية مؤخراً في مؤتمر “إشعاع هوكينج” الذي يقام في المعهد الملكي للتكنولوجيا.

 

إعداد: Ahmaad M. Hanafi
مراجعة: Mohamed Sayed Elgohary
تصميم: Mohamed Qamar-Eddine

 

المصادر:
1

2

3

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي