نهاية كوكب الأرض مغناطيسيًّا (الجزء الأول)

4

نهاية كوكب الأرض مغناطيسيًا(الجزء الأول)|نهاية كوكب الأرض مغناطيسيًا(الجزءالأول)|نهاية كوكب الأرض مغناطيسيًا(الجزء الأول)|نهاية كوكب الأرض مغناطيسيًا(الجزء الأول)|نهاية كوكب الأرض مغناطيسيًا(الجزء الأول)

يُعرِّف العلماء المغناطيسية على أنها أحد القوى الأربعة الأساسية في الكون، كما أنها مفتاح لفهم الكثير من الفيزياء ابتداءً من المستوى الذري إلى تأثيرها في المجرات، كما وصف العلماء الأرض بأنها مغناطيس كبير ينبعث منه مجال مغناطيسي، ولكن كيف نشأ وما أهميته؟ وماذا يحدث في حال عدم وجوده؟ هذا ما سنستعرضه في هذا المقال.

من أين تأتي مغناطيسية الأرض؟

نظرية(الجيودينامو – Geodynamo)

نهاية كوكب الأرض مغناطيسيًا(الجزءالأول)
دوران نواة الأرض الخارجية حول النواة الداخلية الصلبة مكونةً مجال مغناطيسي (المصدر: www.nasa.gov)

غاصت المواد الأكثر كثافة «الحديد» إلى داخل كوكبنا في بداية تكوَنه، فترتبت الطبقات التي نعرفها اليوم: نواة (Core)، وشاح (Mantle)، وقشرة (Crust). يوجد في باطن الأرض نواة داخلية صلبة وتتكون أساسًا من الحديد عند 5700 درجة مئوية، يحيط بها نواة سائلة خارجية من الحديد والنيكل بطول 2000 كم(1).

تؤدي الاختلافات في درجة الحرارة والضغط داخل النواة الخارجية، بالإضافة إلى وجود قوة ناتجة عن دوران الأرض إلى نشأة دوامات من الحديد السائل تسمى (تيارات الحمل الحراري  – Convection Currents)، والتي تُولد تيارات كهربائية، ومن ثمّ تنتج حقول مغناطيسية(1).

تستمر المعادن المشحونة التي تمر عبر هذه الحقول في خلق التيارات الكهربائية الخاصة بها، وبالتالي تستمر الدورة، وتعرف هذه الحلقة باسم الجيودينامو، ويؤدي محصلة تأثيرها إلى إضافة حقل مغناطيسي شاسع واحد يكتنف الكوكب بأكمله(1).

طريقة محاكاة نواة الأرض في المعمل

نهاية كوكب الأرض مغناطيسيًا(الجزء الأول)
توضح الصورة آلية عمل فكرة سندان الألماس لمحاكاة ظروف باطن الكوكب (المصدر: Stewart McWilliams)

انشغل العلماء في العقود الماضية في طرح أسئلة من نوعية ماذا يحدث في الضغوط العالية جدًا في الأماكن التي لا يمكن زيارتها مثل باطن الأرض حتى يتم تجميع العمليات التي تطور بها كوكبنا بصفة عامة(2). لكن من الواضح أن هذه المواد موجودة في ظل ظروف بالغة القسوة، سواء درجات حرارة عالية أو ضغوط شديدة للغاية، وهذا يعني أن سلوكهم لن يكون هو نفسه كما هو على السطح(2).

اكتشف العلماء طريقة تمكنهم من محاكاة ذلك في المختبر باستخدام  أداة تسمى (سندان الألماس – The Diamond Anvil Cell)، وهو عبارة عن بلورتين من الألماس «الأكثر صلادة بالإضافة إلى إنه شفاف» (6)، كما تعتمد الطريقة على قانون الضغط (P=F/A)/ حيث يمكننا زيادة الضغط بزيادة القوة وتقليل المساحة(2) .

يتم وضع عينة صغيرة من المادة بين بلورات الألماس ذو المساحات الصغيرة جدًا، كما يتم تسخين العينة إلى درجات الحرارة اللازمة عن طريق تمرير شعاع ليزر من أعلى البلورة، ويساعدنا في ذلك شفافية بلورات الألماس، مما يخلق الضغوط الشديدة والحرارة العالية المحاكية لنواة الأرض داخل المختبر(2). وبتطبيق هذه الآلية على عينة من الحديد، تمكن الباحثون من دراسة الطاقة اللازمة للحفاظ على الجيودينامو(2).

«المغناطيسية» الدرع الواقي للأرض وظاهرة «الشفق القطبي»

نهاية كوكب الأرض مغناطيسيًا(الجزء الأول)
توضح الصورة درع الأرض المغناطيسي  وآلية عمله أمام العواصف الشمسية (المصدر: www.nasa.gov)

من المعروف أن خطوط المجال المغناطيسي لا تتقاطعK فهى مثل الطريق السريع ذو الاتجاهين >> لكن ماذا إذا تقاطعا؟

يوجد للشمس مجال مغناطيسي ينظم بها المجموعة الشمسية، وتم تمييز خطوط مجال مغناطيسى من البلازما الشمسية على سطح الشمس، وعندما تتقاطع هذه الخطوط عند مناطق (البقع الشمسية – Solar Spots)، تتولد طاقة هائلة من الجسيمات المشحونة كهربائيًا التي تنطلق في الفضاء نحو كوكبنا، وتسمى بـ (المقذوفات الأكليلية – Coronal Mass Ejection) أو تُختصر (CME) مكوَنة العاصفة الشمسية(3).

يخلق الحقل المغناطيسي للأرض بِنَية تسمى (الغلاف المغناطيسي – Magnetosphere) والذي يحيط بكوكبنا، فعندما يتأثر الغلاف المغناطيسي بجزيئات مشحونة من الفضاء مثل المقذوفات الإكليلية، فإنه يقوم بتحريف هذه الجسيمات بعيدًا عن سطح الأرض، وهذا يحمينا من مخاطر التعرض للكثير من هذه الجسيمات(4).

نهاية كوكب الأرض مغناطيسيًا(الجزء الأول)
الشفق القطبي أو الأنوار القطبية (المصدر:www.nasa.gov)

عند اصطدام  المقذوفات الشمسية بالغلاف المغناطيسي للأرض تؤدي إلى انضغاطه بدرجة معينة، فيُرغِم  هذه الجسيمات أن تسير مع خطوط الحقل المغناطيسي الأرضي باتجاه القطبين الشمالي والجنوبي، فيعلق جزء منها عند قطبى الكوكب، كما ينتقل جزء من طاقتها إلى الغلاف الجوي؛ مما يؤدي إلى اكتساب الإلكترونات طاقة؛ فتصعد إلى مستويات طاقة أعلى، وعند عودتها إلى مستويات طاقتها الأصلية تطلق إشعاعًا يظهر في المناطق القطبية الشمالية والجنوبية مقدمةً عروضًا لونيةً زاهية في السماء والمعروفة باسم الشفق القطبي(5).

يحدث الشفق القطبي أيضًا على كواكب أخرى في نظامنا الشمسي، ولكل من عمالقة نظامنا الشمسي (كوكب المشتري، زحل، أورانوس ونبتون) غلاف جوي سميك ومجالات مغناطيسية قوية، فتنشأ كلٌ منها شفقها الخاص، على الرغم من أن هذه الشُفق تختلف قليلًا عن الأرض، نظرًا لأنها تتشكل في ظل ظروف مختلفة(5).

 

إعداد: محمد خميس بركي
مراجعة: أحمد فكري
تدقيق: Wael Yassir

 

المصادر:

1.What causes the Earth’s magnetic field?| Explore | physics.org [Internet]. [cited 2018 Nov 10]. Available from: http://www.physics.org/article-questions.asp?id=64

2.Just what sustains Earth’s magnetic field anyway? — ScienceDaily [Internet]. [cited 2018 Nov 10]. Available from: https://www.sciencedaily.com/releases/2016/06/160601141512.htm

3.What is a Coronal Mass Ejection (CME)? | Help [Internet]. SpaceWeatherLive.com. [cited 2018 Nov 10]. Available from: https://spaceweatherlive.com/en/help/what-is-a-coronal-mass-ejection-cme

4.Fleming N. Earth’s magnetic field now flips more often than ever [Internet]. [cited 2018 Nov 10]. Available from: http://www.bbc.com/earth/story/20141110-earths-magnetic-field-flips-more

5.October 11 S com S|, ET 2017 05:47pm. Aurora Borealis: What Causes the Northern Lights & Where to See Them [Internet]. Space.com. [cited 2018 Nov 10]. Available from: https://www.space.com/15139-northern-lights-auroras-earth-facts-sdcmp.html

 6.Diamond – Gem and Industrial Uses – Mineral Properties [Internet]. [cited 2018 Nov 23]. Available from: https://geology.com/minerals/diamond.shtml

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي