هل الاعتمادية صفة أم اضطراب؟
كُلُّنا على علم ودراية بمن هو الشّخص الاعتماديّ، ولكن اضطراب الشّخصيّة الاعتماديّة، هو اضطراب لا أعتقد أن يكون قد سُمِعَ عنه الكثير، ولهذا سيتوجب عليك الانتباه عند بدأ الحديث عنه، لأهميّة التّعرف عليه وإدراك ماهيّته، حيثُ يُمكن أن يكون أنت من تعاني منه، أو أيّ شخص تحبه، حينها سيتوجب عليك طلب المساعدة فورًا.[3]
اضطراب الشّخصيّة الاعتماديّة، هو اضطراب يتميز بعدم قدرة الشَخص على البقاء بمفرده، والاعتماد على نصائح ودعم الآخرين دائمًا بشكل مرضيّ، حيث يُمكننا أن نشبّه اضطراب الشّخصيّة الاعتمادية بالطّفل الّذي يحتاج إلى رعاية أبويّة كاملة، ليستطيع أن ينجو وينمو.[1][3]
يحدث هذا الاضطراب بنسبة متساوية بين الرجال والنّساء، وعادًة ما يظهر في بداية سن البلوغ، أو بعد ذلك، عند البَدء في تكوين علاقات مع أشخاصٍ أكثر نُضجًا.[2]
أعراض اضطراب الشّخصيّة الاعتمادية
يتميز اضطراب الشّخصيّة الاعتماديّة بعدة أعراض منها:
- عدم القدرة على صنع القرارات، وحتى القرارات اليوميّة البسيطة، مثل: المأكل، والملبس بدون نصيحة من الآخرين.[2]
- الاحتياج المتكرِّر إلى الاطمئنان من الآخرين.[1]
- الحساسيّة المُفرِطة تجاه النّقد، والخوف الشّديد من مشاعر الرّفض، والتّأثُّر الشّديد بها عند حدوثها.[1]
- الاعتقاد الدّائم بأنهم عاجزين، وغير قادرين على الاعتناء بأنفسهم، ولذلك دائمًا ما يهربون من تحمُّل المسؤوليّة، وإظهار ردود أفعال سلبيّة تجاهها.[2]
- الاستعداد لتحمُّل المعاملة السّيّئة، والاستغلال من قبل الآخرين، حيث إنَّهم يضعون احتياجات الآخرين فوق احتياجاتهم، خوفًا من الهجر.[2]
- يتميز أيضًا الشّخص المُصاب باضطراب الشّخصيّة الاعتماديَة بالسّذاجة والأحلام الخياليّة.[3]
- القفز إلى علاقات جديدة سريعًا بعد الانفصال.[3]
أسباب اضطراب الشّخصيّة الاعتمادية
بالرغم من عدم وجود سبب معين لاضطراب الشّخصيّة الاعتماديّة، حيث تضمّ عددًا من العوامل البيولوجيّة، والنَفسيَة، والمِزاجيّة، ويعتقد الباحثون أنَّ أسلوب الأبوّة المتسلِّط، وأسلوب الحماية المفرِط في التّربية يُمكن أن يؤدّي إلى هذا الاضطراب، خاصّة إذا كانوا من الأشخاص أصحاب الحساسيّة المفرِطة سريعي التّأثُّر.[2]
تشخيص اضطراب الشّخصيّة الاعتماديّة
إذا كنت تعتقد أنَّك مصاب باضطراب الشّخصيّة الاعتماديَة، أو أيّ شخص تحبه، فعليك أن تزور الطّبيب، حيث إنَّه قادر على تحديد إذا ما كانت تلك الأعراض خاصَّة باضطراب الشّخصيّة الاعتماديّة، أو أنّها شيء آخر، فيمكن أن تتشارك أعراض اضطراب الشّخصيّة الاعتماديّة مع اضطراب آخر مثل الشّخصيّة الحَدّيّة، وهو ما يستطيع أن يحدّده الطّبيب، إذ يتميز اضطراب الشّخصيّة الحَدّيّة، باستجابة الشّخص لمخاوف الهجر ولكن مع الشّعور بالخواء، والغضب، أما في اضطراب الشّخصيّة الاعتماديّة، فإنَّه دائمًا ما يسعى إلى علاقة أخرى بعد الهجر للحفاظ على اعتماديّته.[3][2]
سيبدأ طبيبك في تسجيل تفاصيل حالتك، من حيث أعراضك وحالتك العقليّة وكيف كانت الأعراض وكيف أصبحت، ومن المؤكّد أنَّه سيسألك عن طفولتك، وحياتك الحاليّة، فلا تتردد أن تخبر طبيبك بكل ما تمر به وتختبره سواء كنت تعتقد أنَّ له علاقة مباشرة باضطراب الشّخصيّة الاعتماديّة الذي تمرّ به أم لا.[1]
علاج اضطراب الشّخصيّة الاعتماديّة
كعادة الأشخاص الذين يعانون من اضطراب الشّخصيّة الاعتماديّة، فإنَّهم لا يبحثون عن علاج للاضطراب نفسه بشكلٍ مباشر، ولكن ربّما يبحثون عن حل لمشكلة ما في حياتهم -وغالبًا ما تكون هذه المشكلة مرتبطة بسلوك خاصٍّ بهذا الاضطراب-، حيث إنَّ الأشخاص المصابين باضطراب الشّخصيّة الاعتماديّة، أكثر عرضة لتطوُّر الاكتئاب والقلق المرضيّ، وعادًة هذا ما يدفعهم للبحث عن مساعدة.[2]
العلاج النّفسيّ -الّذي هو نوع من الاستشارة-، هو الخطوة الأولى في رحلة التّعافي، فالعلاج يساعدك على فهم حالتك أكثر، وتحسين احترامك لذاتك، ويعلّمك طرق جديدة لبناء علاقات صحيّة مع الآخرين، ولكن يجب الأخذ في الاعتبار أنَّ العلاج النفسيّ في حالة اضطراب الشّخصيّة الاعتماديّة، يُستخدَم على المدى القصير، حيث يمكن أن يضع الشّخص المصاب به في خطورة الاعتماد على الطّبيب، ولذلك يجب أن يوازن الطّبيب بين طرق العلاج المختلفة، وغالبًا ما يكون من المفيد للطّبيب والمريض معًا الانتباه إلى دور الطّبيب أين يبدأ وأين ينتهي، حتى لا يُكوِّن نفس الاعتماديّة السّلبيّة في العلاقة بينه وبين الطّبيب.[2][1]
يمكن أيضًا استخدام العلاج الدّوائيّ، كعلاج لاضطراب الشّخصيّة الاعتماديّة، وذلك إذا كان مصاحبًا لمشاكل أخرى، مثل القلق المرضيّ والاكتئاب، ويجب أن تُأْخَذَ الأدوية بحذر، خوفًا من سوء الاستخدام من قبل المصابين باضطراب الشّخصيّة الاعتماديّة.[2]
وبالرغم من أنَّ منع حدوث اضطراب الشّخصيّة الاعتماديّة غير ممكن، إلَّا أنَّ علاج هذا الاضطراب يسمح للمصابين به تعلُّم طرق أكثر إنتاجيّة وإيجابيّة للتّعامل مع المواقف، ولذلك فإن الشّيء الأكثر أهميّة في العلاج، هو أن تكون منفتحًا وأمينًا مع طبيبك، لا تخشى أن تخبره ما تشعر به، وما تختبره في كل مرحلة من خطّة العلاج، سوف يساعدك هذا كثيرًا في أن تكون أقلّ اعتماديّة، ويجعلك قادرًا على صُنع قراراتك الخاصّة، وإنشاء علاقاتٍ صحيّة أكثر.[3]
4 Responses
مقاله ممتازه يا د مني ومنتظرين منك المزيد وبالتوفيق ?
مقال جميل وننتظر المزيد والمزيد?