هل تخاف ؟
حقَّ لك أن تخاف!
لا بد أن ندرك أن الخوف الذي طالما خجلنا منه كان من أقوى وسائلنا للبقاء والاستمرار، عن طرق توليد الاستجابات السلوكية المناسبة التي تدعم أماننا وأمننا، ولولاه ماكنت لأكتب أنا الآن وتقرأ أنت. لذلك سنحاول على مدار عدة مقالات أن نتعرف علي الخوف وخصائصه السيكولوجية والجسدية وسنتتبع عملية خلق الخوف وصولا إلي الاستجابة.
كان يوماً حافلاً بالعمل؛ لذلك قررتَ أن تكافئ نفسك وتبتعد عن ضغوطات العمل وتشاهد فيلمك المفضل الحافل بالمشاهد المرعبة، ولتهيئة المحيط الخاص بك؛ أطفأت الأنوار وجلست تستمتع حيث الأصوات حولك. وخلال مشاهدتك، قاطعك صوت قادم من ناحية الباب، لتبدأ أنفاسك تتصاعد، ودقات قلبك تتسارع فيما بينها، وعضلاتك تنقبض معتقداً أن هناك من يحاول اقتحام منزلك، ثم بعدها تدرك أن مصدر الصوت كان الهواء بالخارج فقط.
لجزء من الثانية كنت خائفاً تتفاعل كأن حياتك في خطر، وبدأ جسمك في الاستجابة الفورية سواء بالهرب أو المواجهة، الأمر الذي لابد منه لبقاء الكائنات الحية. ما الذي حدث؟ ولم ردة الفعل تلك؟ وماذا يعنى الخوف؟
نستطيع أن نقول أن الخوف: سلسلة من ردود الأفعال التي تبدأ بمحفزٍ وتنتهي بإطلاق موادٍ كيميائية، مسببة تسارع في دقات القلب، وزيادة في سرعة التنفس، واتساع في حدقة العين وما إلى ذلك مما يحدث عند شعورك بالخوف أو فيما يعرف باسم عملية الهروب أو المواجهةكنتيجة للخوف.
يمكن للمحفز المسبب لعملية الخوف أن يكون واحداً من ضمن عدة أمور، منها حيوان مفترس،أو سكين موجه إلي جسمك، أو وقوفك أمام حشد من الناس لإلقاء خطبة.
يحتوي الدماغ البشري على مليارات من الخلايا العصبية؛ شبكة معقدة من الوصلات التي هي قاعدة الإطلاق لكل شىء نشعر به أو نفكر بعمله، بعضها يؤدي إلى التفكير الواعي الإرادي والبعض نتيجة استجابات لا إرادية، والخوف عملية لاإرادية بالكامل، لا نفتعلها ولا نعرف ماذا يحدث حتى تأخذ العملية مجراها.
تشترك عدة مناطق في الدماغ لخلق عملية الخوف، وسنقتصر على أجزاء معينة تلعب دوراً مهماً في هذه العملية ومن خلالها يتم إرسال محفزات إلى باقي الجسم. سنتناولها بترتيب الأحداث:
• المهاد(Thalamus):
الجزء الأكبر من الدماغ البيني يقع على جانبي البطين الثالث، فوق منطقة الوطاء، ومهمته الأساسية في عملية الخوف تحديد المنطقة التي سيتم إرسال المعلومات الحسية القادمة منالجلد أو العين أو الأنف إليها.
• القشرة الحسية(Sensorycortex):
غالباً مايتم استخدامها للإشارة إلى القشرة الحسية الجسدية الأولية، أو تستخدم كمظلة للمناطق القشرية وفقاً لوظيفتها، مثل القشرة البصرية أو القشرة السمعية، وتقوم بترجمة المعلومات الحسية القادمة إليها.
• الحصين(Hippocampus):
يقع الحصين تحت القشرة الدماغية، ويعتبر عنصراً رئيسياً في أدمغة البشر، دوره مهم جداً فيما يخص ذاكرة الإنسان، تقوم مهمته في عملية الخوف على تخزين واسترجاع الذكريات الواعية ووضع المحفزات ضمن إطار معين.
• اللوزة(Amygdala):
تقع داخل الفص الصدغي من المخ أمام الحصين، وتلعب دورً هاماًفي إدراك وتقييم العواطف والاستجابات السلوكية المرتبطة بالخوف.
• الوطاء(Hypothalamus):
تكمن وظيفته في كونه حلقة وصل بين الجهاز العصبي والغدد الصماء، يلعب دوراً هاماً في عملية الخوف حيث ينشط الاستجابة للمحفز سواء بالهرب أو المواجهة
إذن المناطق السابق ذكرها من الدماغتعتبر المسؤولة بشكل كلي عن عملية خلق الخوف، التي تبدأ بمحفز أو منبه ما وتنتهى باستجابة إما بالمواجهة أو الهروب. لكن مابين البداية والنهاية يوجد مساران تسلكهما عملية خلق الخوف؛ الأول: مسار سريع فوضوي لايأخذ وقتا طويلا، بينما الثاني: مسار عقلاني يأخذ وقتا أكثر ويعطي تفسيرا دقيقا للمنبه أو المحفز.
تحدث العمليتان، أو السير في المساران، في آن واحد لتنتهي العملية بالاستجابة، فلِمَ الحاجة إلي الاثنين معاً؟
في المقال القادم سنتحدث عن المسارين وخصائصها، وسنتعرف علي عملية الاستجابة سواء بالمكافحة او الهروب.
_______________________________________________
إعداد: MUHAMMED MUMTAZ
مراجعة لغوية: علي أدهم
مراجعة علمية: ماريا عبد المسيح
تصميم: WaelYassir
المصادر:
http://sc.egyres.com/TmxKV
http://sc.egyres.com/GcUGe
http://sc.egyres.com/gCQ1V
http://sc.egyres.com/tVYIC
http://sc.egyres.com/Xse0d
http://sc.egyres.com/lmS4O
#الباحثون_المصريون