يعتبر فهم كيفية تغير الأمواج أمر بالغ الأهمية لما له من آثار مرتبطة بالمناطق الساحلية، كالفيضانات الساحلية ونقل الرواسب، وتشكيل الخلجان والسواحل المفتوحة، وتحديد أين وكيف يتم بناء البنية التحتية الساحلية. دراسة جديدة تكشف عن وجود علاقة طردية بين ارتفاع درجة حرارة المحيطات وحجم الأمواج وشدتها، مما يوحي بأنه كلما ازدادت درجة الحرارة، أصبحت المحيطات أكثر تدميرًا.
تتكون الأمواج من تصافح غير مرئي بين الغلاف الجوي والمحيط ولذلك لا ينبغي أن يكون من المستغرب أن تتأثر هذه الأمواج بالتغيرات التي تطرأ على المناخ العالمي، لكن على الرغم من هذه العلاقة المعترف بها، لم تكن هناك في الواقع دراسة منهجية طويلة الأجل حول كيفية ربط تغير المناخ وسلوك الأمواج. وبينما نعرف أن سرعات الرياح وارتفاع الأمواج تتزايد في بعض أجزاء المحيط، إلا أن الأسباب المحلية لم يتم فحصها حتى الآن.
لأول مرة، تمكن الباحثون الآن من ربط كل هذه الظواهر. ولكي نكون واضحين، فإن هذه الدراسة أظهرت فقط علاقة ارتباط، لذلك لا يمكننا القول إن تغير المناخ يتسبب مباشرةً في زيادة حجم الموجات. لكن البيانات تظهر أن الاثنين مرتبطان ارتباطًا وثيقًا ويمكن استخدامهما لمراقبة بعضهما البعض.
طبقًا للباحث المشارك Inigo Losada، مهندس مدني في جامعة كانتابريا، حيث تم تطوير الدراسة، يقول:
«توضح هذه الدراسة أن قوة الموجة العالمية يمكن أن تكون مؤشرًا محتملًا للاحترار العالمي، مثل تركيز ثاني أكسيد الكربون، ارتفاع مستوى سطح البحر العالمي، أو حرارة الغلاف الجوي العالمية»
إذن ماذا يحصل؟
مع تسارع تغير المناخ فإنه يقوم تدريجيًّا بتسخين سطح محيطاتنا، ويبدو أنه يؤثر أيضًا في أنماط الرياح العالمية، وهذا بدوره يجعل موجات المحيطات أقوى، بعبارة أخرى، يبدو أن ارتفاع درجة حرارة محيطاتنا قد أدى إلى تفاقم قوة الرياح المحلية، مما سمح لها بإحداث مزيد من الموجات، أي نقل الطاقة المعروفة للعلماء باسم Global wave power.
باستخدام بيانات موجة الرياح التاريخية وبيانات حرارة سطح البحر بين عامي 1948 و2017 ، أظهر الباحثون زيادةً في طاقة الأمواج التي تتوافق مع درجات حرارة سطح البحر.
بين عامي 1948 و2008، كشفت النتائج أن قوة الأمواج قد ازدادت عالميا بنسبة 0.47 في المائة سنويًّا، وتسارعت إلى معدل سنوي 2.3 في المائة بعد 1994. وعلى الرغم من أن هذا قد لا يبدو كثيرًا، إلا أن التغييرات في بعض مناطق العالم تعتبر أكثر دراماتيكية، فعلى سبيل المثال، يتوقع أن يكون الاحترار السطحي في المحيط الهادي كبيرًا بشكل خاص، وزيادة في ارتفاعات الأمواج ومستويات طاقة الأمواج فوق أجزاء معينة من وسط المحيط الهادئ والمحيط الجنوبي، المحيط بأنتاركتيكا.
لن يكون تأثير الأمواج على المناطق الساحلية فحسب، بما في ذلك الفيضانات والتعريات المتفاقمة، فمن المرجح أن يؤثر أيضًا على النقل البحري، مثل صيد الأسماك ونقل البضائع.
مرة أخرى، لم تبحث هذه الدراسة فيما إذا كان تغير المناخ يزيد بشكل مباشر من حجم الموجة، ولكن مع ارتفاع درجة حرارة المحيطات بوتيرة أسرع مما كنا نعتقد من قبل، فإن اكتشاف ذلك سيكون أمرًا حاسمًا إذا أردنا التنبؤ بدقة والحد من تأثير تغير المناخ في المناطق الساحلية وحولها.
إعداد: عبدالرحمن البابلي
مراجعة علمية: أحمد فكرى
تحرير: سامح منصور
المصدر:
Reguero, B. Losada, I. & Méndez, F. (2019). A recent increase in global wave power as a consequence of oceanic warming. From: https://www.nature.com/articles/s41467-018-08066-0